الآيات 1-8

مكية بلا خلاف وهي تسع وأربعون آية في الكوفي، وثمان في البصري، وسبع في المدنيين.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ، وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ، فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ، وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ، مَا لَهُ مِن دَافِعٍ﴾

سبع آيات حجازي وثمان في ما عداه، عد الكوفيون والشاميون (والطور) ولم يعده الحجازيون. الوجه في القسم بالطور هو ما قدمناه في قوله (والذاريات) وغير ذلك، وهو أن الله تعالى له أن يقسم بما يشاء من خلقه، وليس للعباد ان يقسموا إلا به. وقيل: الطور هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى. وقال مجاهد: الطور جبل. وقال المبرد: يقال لكل جبل طور. فإذا أدخلت عليه الألف واللام كان معرفة لشئ بعينه. ومنه قوله (ورفعنا فوقهم الطور) (1) وقيل: إنه سرياني (وكتاب مسطور) أي مكتوب - في قول قتادة والضحاك - قال رؤية: إني واسطار سطرن سطرا (2) وقيل: الكتاب المسطور: هو الذي كتبه الله على خلقه من الملائكة في السماء يقرؤن فيه ما كان ويكون. وقيل: هو القرآن مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ، وهو الرق المنشور. وقال الفراء: الكتاب المسطور صحائف الاعمال فمن أخذ كتابه بيمينه، ومن أخذ كتابه بشماله. والسطر ترتيب الحروف. والمسطور المرتب الحروف على وجه مخصوص، سطرته أسطره سطرا، فأنا ساطر وذلك مسطور (في رق منشور) فالرق جلد رقيق يصلح للكتابة. وقال أبو عبيدة: الرق هو الورق. وقيل: إنما ذكر الرق، لأنه من أحسن ما يكتب عليه، فذكر لهذه العلة، فإذا كتبت الحكمة في ما هو على هذه الصفة كان أبهى وأولى. والمنشور المبسوط. وإنما قيل: منشور، لأنه أبهى في العيون. وقوله (والبيت المعمور) قيل: هو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة، تعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة. وروي ذلك عن علي عليه السلام وابن عباس ومجاهد. قال علي عليه السلام يدخل كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون فيه. وقال الحسن البيت المعمور: البيت الحرام. وقال أمير المؤمنين عليه السلام ومجاهد وقتادة وابن زيد (السقف المرفوع) هو السماء. وقوله (والبحر المسجور) فالبحر المجري الواسع العظيم من مجاري الماء، واصله الاتساع. والبحيرة الناقة التي يوسع شق أذنها وتخلى في المرع. وتبحر فلان في العلم إذا اتسع فيه، والمسجور المملوء. ومنه سجرت التنور إذا ملأته نارا. وعين سجرا ممتلئة فيها حمرة كأنها احمرت مما هو لها كسجار التنور. وقال مجاهد وابن زيد: البحر المسجور الموقد. وقال قتادة: هو المملوء قال لبيد:

فتوسطا عرض السري وصدعا * مسجورة متجاوز أقدامها (3)

وروي في الحديث ان البحر يسجر، فيكون نارا في جهنم. وقوله (إن عذاب ربك لواقع) جواب القسم، أقسم الله تعالى بالأشياء التي تقدم ذكرها ليتحقق عند العباد أن عذابه واقع لا محالة لمن وافى على الصفة التي يستحق بها العقوبة، وأن لا يطمع أن ينفعه سؤال حميم أو قريب منه قال النمر ابن تولب العكلي: شاهدا في المسجور:

إذا شاء طالع مسجورة * ترى حولها النبع والسما سما (4)

وإنما هي بقعة مملوة شجرا.


1- سورة 2 البقرة آية 63، 93.

2- مر في 4 / 110.

3- مر في 7 / 118.

4- تفسير القرطبي 17 / 61 ومجاز القرآن 2 / 230.