الآية 122

قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾

هذا خطاب من الله لبني إسرائيل الذين كانوا في عهد رسول الله " ص " أمرهم الله ان يذكروا نعمته التي أنعم بها عليهم.

اللغة:

والنعمة: النفع يستحق به الشكر. والانعام والاحسان والافضال نظائر. ونقيض النعمة: النقمة: وهو الضرر المستحق.

المعنى:

ومعنى قوله: " واني فضلتكم على العالمين " يعني عالمي زمانهم. وتفضيله إياهم بان جعل فيهم النبوة والحكم وهذه الآية قد تقدم ذكر مثلها في رأس نيف وأربعين.

وقيل في سبب تكريرها ثلاثة أقوال:

أحدها: ان نعم الله لما كانت الأصل الذي به يجب شكره، وعبادته ذكر بها، ليقبلوا إلى طاعته واتباع امره، وليكون مبالغة في استدعائهم إلى ما يلزمهم لربهم التظاهر بالنعم عليهم.

والثاني: انه لما ذكر الكتاب وعنى به التوراة، وكان فيه الدلالة على شأن عيسى ومحمد " ص " في النبوة والبشارة المتقدمة، ذكرهم عز وجل بما أنعم عليهم من ذلك، وفضلهم كما جاء " فبأي آلاء ربكما تكذبان " (1) بعد نعم ذكرهم بها، ثم عدد نعما اخر، وقال فيها " فبأي آلاء ربكما تكذبان (2) أي فبأي هذه تكذبان وكل تقريع جاء، فإنما هو موصول بتذكير نعمه غير الأول. والثالث غير الثاني. وهكذا إلى آخر السورة.

وكذلك الوعيد - في سورة المرسلات - بقوله: " ويل يومئذ للمكذبين " (3) إنما هو بعد الدلالة على اعمال يعظم التكذيب بما تدعو إليه الأدلة.

الثالث: انه مقدمة لما بعده، لأنه تعالى أراد وعظهم ذكرهم قبل ذلك بالنعم عليهم، لأنه استدعاء إلى قبول الوعظ لهم (4).

وقيل: فيه وجه رابع: وهو انه لما تباعد بين الكلامين حسن التنبيه والتذكير. وموضع " التي " نصب بالعطف على نعمتي.


1- سورة الرحمان من آية 13 إلى 77.

2- سورة الطور اية 11، وسورة المرسلات من اية 15 إلى 49، وسورة المطففين اية 10.

3- في المخطوطة " لهم فيه ".

4- في المطبوعة " فلق " وهو تحريف.