الآية 116

قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ﴾

القراءة:

قرأ ابن عامر وحده: " قالوا " بلا واو.

المعنى:

والمعنى بهذه الآية النصارى وقال قوم: النصارى، ومشركوا العرب معا، من حيث قالوا: الملائكة بنات الله، وقالت النصارى: المسيح بن الله - هذا قول الزجاج- وفي هذه الآية دلالة على أنه لا يجوز الولد على وجه من الوجوه، لأنه إذا كان جميع ما في السماوات والأرض ملكا له، فالمسيح عبد مربوب، وكذلك الملائكة المقربون، لان الولد لا يكون إلا من جنس الوالد، ولا يكون المفعول إلا من جنس الفاعل، وكل جسم فعل لله فلا مثل له ولا نظير على وجه من الوجوه (تعالى الله) عن صفات (1) المخلوقين. وقوله: " كل له قانتون ". الأصل في القنوت الدوام. وينقسم أربعة أقسام: الطاعة، كقوله: " كل له قانتون " أي مطيعون والقنوت الصلاة كقوله: " يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي " (2). والقنوت: طول القيام.

وروي عن جابر بن عبد الله قال: سئل النبي صلى الله عليه وآله أي الصلاة أفضل فقال: طول القنوات. ويكون القنوت السكوت، كما قال زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت " وقوموا لله قانتين " (3) فأمسكنا عن الكلام.

وقيل في " قانتون " هاهنا ثلاثة أقوال:

الأول: قال مجاهد: معناه مطيعون، وطاعة الكافر في سجود ظله. وقال ابن عباس: مطيعون.

الثاني: قال السدي: كل له مطيعون يوم القيامة.وقال الربيع: كل له قائم يوم القيامة.

الثالث: قال الحسن: كل قائم له بالشهادة عبدة.

وقالت فرقة رابعة: وهو الأقوى: كل دائم على حالة واحدة بالشهادة بما فيه من آثار الصنيعة، والدلالة على الربوبية. وزعم الفراء: انها خاصة لأهل الطاعة، بدلالة انا نجد كثيرا من الخلق غير طائعين. وعلى ما اخترناه لا يحتاج إلى التخصيص.

اللغة:

وأما القنوت في اللغة فقد يكون بمعنى الطاعة. تقول: قنت يقنت قنوتا، فهو قانت: إذا أطاع وقال صاحب العين: القنوت في الصلاة دعاء (4) بعد القراءة في آخر الوتر، يدعو قائما. ومنه قوله: " امن هو قانت إناء الليل ساجدا أو قائما " (5). والقنوت، والدعاء: قيام في هذا الموضع. وقيل في قوله: " وقوموا لله قانتين " (6) أي خاشعين. وقال ابن دريد: القنوت: الطاعة.

وقال أبو عبيدة: القانتات: الطائعات، والقنوت في الصلاة: طول القيام - على ما قاله المفسرون - في قوله: " وقوموا لله قانتين ". واصل الباب: المداومة على الشئ.


1- سورة البقرة: آية 238.

2- في المطبوعة " دعة ".

3- سورة الزمر: آية 9.

4- سورة البقرة: آية 238.

5- في تفسير الطبري - دار المعارف المصرية - 2: 541 " ابتدعها فخلقها ولم يخلق شئ فيتمثل به " ومثله في الدار الثمين 1: 11 وفي مطبوعة بولاق من التفسير المذكور كما أثبتنا.

6- الركي، جمع ركية: البئر تحفر.