الآية 99
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ﴾
المعنى:
معنى الآيات يحتمل أمرين: أحدهما - ذكره البلخي وجماعة من أهل العلم يعني سائر الآيات المعجزات التي أعطاها الله النبي صلى الله عليه وآله من الآيات: القرآن، وما فيه، وغير ذلك من الدلالات وقال بعضهم: هو الاخبار عما غمض مما في كتب الله السالفة من التوراة، والإنجيل، وغيرهما.
وقال ابن عباس: ان ابن صوريا القطراني قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد ما جئتنا بشئ نعرفه، وما انزل عليك من اية بينة فنتبعك لها.
فأنزل الله في ذلك " ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون " فان قال بعض اليهود: أنتم مقرون بآياتنا ونحن نجحد بآياتكم، فحجتنا لازمة لكم لأنها مردودة إلى ما تعرفونه (1)؟قيل لهم فيجب على هذا ألا يكون لكم حجة على الدهرية والبراهمة والثنوية، لأنهم لا يعترفون بآياتكم.
وإنما قال: " وما يكفر بها الا الفاسقون " ولم يقل الكافرون وإن كان الكفر أعظم من الفسق، لاحد أمرين:
الأول: انه عنى الخارجين عن أديانهم، وان أظهروا انهم يتمسكون بها، لان اليهود قد خرجت بالكفر بالنبي صلى الله عليه وآله من شريعة موسى. الفسق هو الخروج عن امر الله إلى ما يعظم من معصيته.
والثاني: انه أراد الفاسقين المتمردين في كفرهم، لان الفسق لا يكون الا أعظم الكبائر فإن كان في الكفر، فهو أعظم الكفر، وإن كان فيما دون الكفر، فهو أعظم المعاصي.
هذا يجيئ على مذهب الحسن، لأنه ذكر ان الفاسقين: عني به جميع من كفر بها، وقد يدخل في هذا الكلام أحد أمرين:
أحدهما: لقوم يتوقعون الخبر أو لقرب (2) الماضي من الحال.
تقول: قد ركب الأمير، وجاء زيد، وقد عزم على الخروج، إي عازما عليه، وهي هاهنا مع لام القسم على هذا تقديره قوم يتوقعون الخبر، لان الكلام إذا أخرج ذلك المخرج كان أوكد وأبلغ، والآية هي العلامة التي فيها عبرة. وقيل العلامة هي الحجة. والبينة الدلالة الفاصلة بين القضية الصادقة والكاذبة مأخوذة من ابانه أحد الشيئين عن الاخر فيزول التباسه به.
1- في المطبوعة (تعرفون).
2- في المطبوعة " الخبر وليقرب ".