الآية 70

قوله تعالى: ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾

القراءة:

القراء كلهم على تخفيف الشين مفتوحة الهاء. وقرأ الحسن: بتشديد الشين، وضم الهاء، وقرأ الأعمش إن البقر متشابه. وكذا هو في مصحف ابن مسعود والمعمول على ما عليه القراء وما هو في المصحف المعروف. تقدير الكلام، قال قوم موسى لما أمروا بذبح البقرة لموسى. وترك ذكر موسى، لدلالة الكلام عليه.

اللغة:

وأهل الحجاز يؤنثون البقر. فيقولون: هذه بقر وكذلك النخل. وكل جمع كان واحده بالهاء، وجمعه بطرح الهاء، فإنهم يؤنثون ذلك وربما ذكروا ذلك قال الله تعالى " كأنهم اعجاز نخل خاوية " (1) - بالتأنيث - وفي موضع آخر: " كأنهم اعجاز نخل منقعر " (2) والأغلب عليهم التأنيث. وأهل نجد يذكرون وربما انثوا. والتذكير الغالب.

فمن ذكر نصب الهاء من " تشابه " يعني التبس واشتبه. ومن أنث رفع الهاء لأنه يريد يتشابه علينا. والبقر، والباقر، والجامل، والجمال بمعنى واحد. وقرأ بعضهم إن الباقر تشابه علينا. وهو شاذ.

قال الشاعر:

وما ذنبه ان عافت الماء باقر * وما ان تعاف الماء الا لتضربا (3)

وقال آخر:

مالي رأيتك بعد أهلك موحشا * خلقا كحوض الباقر المتهدم

وقال آخر:

لهم جامل لا يهدأ الليل سامره (4) يريد الجمال.

والذي ذهب إليه ابن جريج، وقتادة ورووه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله انهم أمروا بأدنى بقرة، لكنهم لما شددوا على أنفسهم، شدد الله عليهم: وأيم الله، لو أنهم لم يستثنوا ما تبينت لهم إلى آخر الدهر يعني انهم لو لم يقولوا وانا إن شاء الله لمهتدون بتعريف الله إيانا، وبما شاء له الله من اللطف والزيادة في البيان.

وكل من اختار تأخير بيان المجمل عن حال الخطاب استدل بهذه الآية على جواز ذلك. وسنبين ذلك فيما بعد إن شاء الله.


1- سورة الحاقة آية 7.

2- سورة القمر آية 20.

3- ميمون بن قيس - الأعشى الكبير - اللسان: " ثور ".

4- اللسان: (جمل) قائله الحطيئة. وصدر البيت: فان تك ذا مال كثير فإنهم.