الآية 123
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
روى المفضل عن عاصم (غلظة) بفتح الغين. الباقون بكسرها، قال أبو الحسن قراءة الناس بالكسر، وهي العربية، قال وبه أقرأ ولا أعلم الفتح لغة. وقال غيره: هي لغة. وذكر الزجاج أن فيه ثلاث لغات الفتح والضم والكسر، والكسر أفصحها والكسر لغة أهل الحجاز والضم لغة تميم. امر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار الذين يلونهم يعني الأقرب فالأقرب وذلك يدل على أنه يجب على أهل كل ثغر أن يقاتلوا دفاعا عن أنفسهم إذا خافوا على بيضة الاسلام إذا لم يكن هناك إمام عادل، وإنما جاز من الله تعالى ان يأمر بالقتال ليدعوهم إلى الحق، ولم يجز ان يمنعهم من الكفر، لان المنع ينافي التكليف. ومن قاتل الابعد من الكفار وترك الأقرب فالأقرب فإن كان باذن الامام كان مصيبا وإن كان بغير أمره كان مخطئا، ولو قال: قاتلوا الأقرب فالأقرب لصح لأنه يمكن ذلك. ولو قال: قاتلوا الا بعد فالأبعد لم يصح لأنه لاحد للأبعد يبتدأ منه كما للأقرب. وقوله " وليجدوا فيكم غلظة " معناه وليخشوا منكم بالغلظة، والغلظة ضد اللين وخلاف الرقة، وهي الشدة في احلال النقمة، ومخرج الكلام على الامر بالوجود، وإنما معناه يجدون ذلك، ويجوز أن يكون المراد وليعلموا منكم الغلظة. وقوله " واعلموا ان الله مع المتقين " امر من الله للمؤمنين ان يتيقنوا أن الله مع الذين يتقون معصيته، بالنصرة لهم، ومن كان الله ناصره في الحرب لم يغلبه أحد. فأما إذا نصره بالحجة في غير الحرب فإنه يجوز أن يغلب بالحرب لضرب من المحنة وشدة والتكليف.