الآيات 76-80
قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ، وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ، لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ، أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾
لما بين الله تعالى ما يفعله بالفساق والمجرمين من أنواع العذاب بين انه لم يظلمهم بذلك لأنه تعالى غني عن ظلمهم عالم بقبح الظلم، ومن كان كذلك لا يفعل القبيح، والظلم قبيح. وبين انهم هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكابهم المعاصي وفعل القبائح. ثم حكى تعالى ما ينادي به هؤلاء العصاة في حال العذاب، فإنهم ينادون مالكا خازن النار فيقولون (يا مالك ليقض علينا ربك) أي ليميتنا حتى نتخلص من العذاب، فيقول مالك مجيبا لهم (إنكم ماكثون) أي لابثون فيها. وقال ابن عباس والسدي: إنما يجيبهم مالك خازن جهنم بذلك بعد الف سنة، وقال عبد الله بن عمر: بعد أربعين سنة. وقال نوف: بعد مئة عام. ثم اخبر تعالى إنه جاء الخلق بالحق في ما أخبر به من حال أهل الجنة وأهل النار. ولكن أكثركم معاشر الخلق كارهون للحق. وإنما لا يكره ذلك المؤمنون منكم. ثم قال (أم ابرموا أمرا فانا مبرمون) أي اجمعوا على التكذيب أي عزموا عليه فانا مجمعون على الجزاء لهم بالتعذيب - وهو قول قتادة - ويكون ذلك على وجه الازدواج، لان العزم لا يجوز عليه تعالى، ومثله (وجزاء سيئة سيئة مثلها) (1) وقيل: معناه أم احكموا أمرا في المخالفة، فانا محكمون أمرا في المجازاة. ثم قال (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) أي يظن هؤلاء الكفار انا لا نسمع سرهم ونجواهم أي ما يخفونه بينهم وما يعلنونه. ثم قال تعالى (بلى) نسمع ذلك وندركه ومع ذلك (رسلنا لديهم يكتبون) قال السدي وقتادة: معناه إن رسلنا الذين هم الحفظة لديهم يكتبون ما يفعلونه ويقولونه. وقد روي إن سبب نزول هذه الآية ما هو معروف في الكتب لا نطول بذكره.1- سورة 42 الشورى آية 40.