الآية 51
قوله تعالى: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾
امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لهؤلاء المنافقين الذين يفرحون بمصيبات المؤمنين وسلامتهم منها " لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " وقيل في معناه قولان:
أحدهما: ان كل ما يصيبنا من خير أو شر فهو مما كتبه الله في اللوح المحفوظ من أمرنا، وليس على ما تظنون وتتوهمون من اهمالنا من غير أن نرجع في أمرنا إلى تدبير ربنا، هذا قول الحسن.
الثاني: قال الجبائي والزجاج: يحتمل أن يكون معناه لن يصيبنا في عاقبة أمرنا إلا ما كتب الله لنا في القرآن من النصر الذي وعدنا. وقال البلخي: يجوز أن يكون (كتب) بمعنى علم ويجوز أن يكون بمعنى حكم، والأولان أقوى. فان قيل: ما الفائدة في كتب ما يكون من افعال العباد قبل كونها؟قلنا في ذلك مصلحة للملائكة ما يقابلون به فيجدونه متفقا في الصحة، مع أن تصور كثرته أهول في النفس وأملا للصدر. وقوله: " هو مولانا " يحتمل معنيين:
أحدهما: انه مالكنا ونحن عبيده.
الثاني: فان الله يتولى حياطتنا ودفع الضرر عنا. وقوله " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " امر منه تعالى للمؤمنين ان يتوكلوا عليه تعالى دون غيره. والتوكل تفويض الامر إلى الله والرضا بتدبيره والثقة بحسن اختياره. كما قال " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (1) وحرف الجر الذي في معنى الظرف متعلق بالامر في قوله " فليتوكل " وتقديره فليتوكل على الله المؤمنون وإنما جاز تقديمه لأنه لا يلبس، ولا يجوز تقديمه على حرف الجزاء لأنه يلبس بالجزاء في الجواب.
1- سورة 63 الطلاق آية 3.