الآية 5

قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

القراءة:

أولئك بهمزتين وفيهم من يخففهما وحمزة يمد أولئك وأولئك اسم مبهم يصلح لكل حاضر تعرفه الإشارة كقولك ذاك في الواحد وأولاء جمع ذاك في المعنى ومن قصر قال أولا وأولالك وإذا أمددته لم يجز زيادة اللام لئلا يجتمع ثقل الهمزة وثقل الزيادة وتقول: أولاء للقريب وها أولئك للبعيد وأولئك للمتوسط وأضيف الهدى إلى الله لاحد الامرين:

أحدهما: لما فعل بهم من الدلالة على الهدى والايضاح له والدعاء إليه.

الثاني: لأنه يثيب عليه فعلى هذا يضاف الايمان بأنه هداية من الله (وهدى) في موضع خفض بعلى ومعنى (على هدى): أي على حق وخير بهداية الله إياهم ودعائه إلى ما قالوا به ومن قال: هم على نور واستقامة أو بيان ورشد فهو داخل تحت ما قلنا والأولى أن يكون ذلك عاما فيمن تقدم ذكره في الآيتين ومن خص ذلك فقد ترك الظاهر لان فيهم من خصها بالمعنيين في الآية الأولى وفيهم من خصها بالمذكورين في الآية الثانية وقد بينا أن الجمع محمول على العموم وحملها على العموم في الفريقين محكي عن ابن عباس وابن مسعود (والمفلحون) هم المنجحون الذين أدركوا ما طلبوا من عند الله بأعمالهم وإيمانهم والفلاح: النجاح قال الشاعر:

اعقلي إن كنت لما تعقلي * ولقد أفلح من كان عقل

يعني من ظفر بحاجته وأصاب خيرا وتقول أفلح يفلح إفلاحا وتقول فلح يفلح فلاحا وفلاحا والفلاح البقاء أيضا قال:

لبيد نحل بلادا كلها حل قبلنا * ونرجو فلاحا (1) بعد عاد وحمير

يعني البقاء وأصل الفلح القطع فكأنه قطع لهم بالخير ومنه قيل للاكار فلاحا لأنه يشق الأرض والفلاح المكاري لأنه يقطع الأرض قال الشاعر: إن الحديد بالحديد يفلح وفى أولئك لغات: فلغة أهل الحجاز: أوليك بالياء وأهل نجد وقيس وربيعة وأسد يقولون: أولئك بهمز وبعض بني سعيد من بني تميم يقولون: الاك مشددة وبعضهم يقول: الالك قال الشاعر:

ألا لك قوم لم يكونوا أشابة (2) * وهل يعظ الضليل إلا ألالكا

وهم دخلت للفصل.


1- وفي نسخة (الفلاح).

2- الاشابة من الناس الاخلاط.