الآية 66

قوله تعالى: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾

القراءة:

قرأ أهل الكوفة " إن يكن.. مئة. وان يكن.. الف " بالياء فيهما وافقهم أهل البصرة في الأولى. وقرأ أهل الكوفة الا الكسائي " ضعفا " بفتح الضاد الباقون بضمها، ولكنهم سكنوا العين الا أبا جعفر، فإنه فتحها ومد وهمز على وزن " فعلاء " على الجمع. ومن قرأ " ان يكن " بالياء فلان المراد به المذكر بدلالة قوله " يغلبوا " وكذلك ما وصف به المئة بقوله " صابرة " لأنهم رجال: حملا على المعنى كما حمل على المعنى في قوله " فله عشر أمثالها " (1) فأنث لما كانت في المعنى حسنات. ومن قرأ بالتاء فلان اللفظ التأنيث. ومن قرأ الأول بالتاء والثاني بالياء فلان القراءة بالتاء في الأولى أشد مشاكلة لقوله " مئة صابرة " وليس كذلك في الأخرى، لأنه اخبر عنهم بقوله " يغلبوا ". وقال سيبويه يقال: ضعف ضعفا فهو ضعيف. قال وقالوا الفقر كما قالوا الضعف، فعل ذلك انهما لغتان. هذه الآية نسخت حكم ما تقدمها، لان في الأولى كان وجوب ثبات الواحد للعشرة والعشرة للمئة، فلما علم الله تعالى ان ذلك يشق عليهم وتغيرت المصلحة في ذلك نقلهم إلى ثبات الواحد للاثنين والمئة للمئتين، فخفف ذلك عنهم، وهو قول ابن عباس والحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد والسدي وعطا والبلخي والجبائي والرماني، وجميع المفسرين. والتخفيف رفع المشقة بالخفة. والخفة نقيض الثقل والخفة والسهولة بمعنى واحد. والضعف نقصان القوة، وهو من الضعف لأنه ذهاب بعض القوة وقوله " بإذن الله " فالاذن الاطلاق في الفعل، لأنه يسمع بالاذن، ومنه الاذان والايذان والاستئذان، وقوله " الان " مبني مع الألف واللام لأنه خرج عن التمكن بشبه الحرف، لأنه ينكر تارة ويعرف أخرى، فاستبهم استبهام الحروف بأنه للفصل بين الزمانين على انتقال معناه إلى الذي يليه من الوقت كما ينتقل أمس، فالأمس والغد والآن نظائر واحكامها مختلفة لعلل لزمتها. وقوله تعالى " والله مع الصابرين " معناه انه معهم بالمعونة لهم. والمعنى ان معونة الله مع الصابرين وحقيقة " مع " أن تكون للمصاحبة للجهة بالمعونة وذلك لا يجوز عليه تعالى. وقيل هذه الآية نزلت بعد الأولى بمدة.


1- سورة 6 الانعام آية 160.