الآية 57

قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾

المعنى:

معنى " تثقفن " تصادفن وتلقين. واصله الادراك بسرعة تقول ثقف الكلمة فهو ثقف، وثقفه إذا قومه وثاقفة مثاقفة إذا تدارك كل واحد منهما امر صاحبه بسرعة ودخلت نون التأكيد لما دخلت " ما " ولو لم تدخله لما حسن دخول النون، لان دخول " ما " كدخول القسم في أنه علامة تؤذن أنه من مواضع التأكيد المطلوب من التصديق، لان النون تدخل لتأكيد المطلوب فيما يدل على المطلب، وهي في ستة مواضع: الامر، والنهي، والاستفهام، والعرض، والقسم، والجزاء مع " ما " وقوله " فشرد بهم من خلفهم " يحتمل معنيين:

أحدهما: إذا أسرتهم فنكل بهم تنكيلا يشرد غيرهم من ناقضي العهد خوفا منك، وهو قول الحسن وقتادة وسعيد بن جبير والسدي وابن زيد.

الثاني: افعل بهم من القتل ما يفرق من خلفهم، في قول الزجاج. والتشريد التفريق على اضطراب، شرد يشرد شرودا وشرده تشريدا وتشرد تشردا. ودابة شرود. والتشريد والتطريد والتبديد والتفريق نظائر. وقوله " لعلهم يذكرون " معناه لكي يفكروا فيتعظوا وينزجروا عن الكفر والمعاصي. وروي في الشواذ " من خلفهم " والمعنى نكل بهم أنت يا محمد من ورائهم والأول أجود. وعليه القراء.