الآية 51
قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾
قوله " ذلك " إشارة من الملائكة للكفار إلى ما تقدم ذكره من قولهم " ذوقوا عذاب الحريق " قالوا ذلك العذاب " بما قدمت أيديكم " وموضع " بما قدمت أيديكم " يحتمل وجهين من الاعراب:
أحدهما: الرفع بأنه خبر ذلك.
الثاني: النصب بأنه متصل بمحذوف، وتقديره ذلك جزاؤكم " بما قدمت أيديكم " وإنما قيل بما قدمت أيديكم مع أن اليد لا تعمل شيئا لتبين أنه بمنزلة ما يعمل باليد في الجناية، ولذلك لم يذكر القلوب، وإن كان بها معتمد العصيان، لأنه قصد إظهار ما يقع به الجنايات في غالب الامر وتعارف الناس. والتقديم ترتيب الشئ أولاء قبل غيره: قدمه تقديما وتقدم تقدما واستقدم استقداما وتقادم عهده تقادما واقدم على الامر إقداما. وقوله: " ان الله ليس بظلام للعبيد " العامل في " ان " يحتمل شيئين:
أحدهما: أن يكون موضعه نصبا بتقدير وبأن الله أو خفضا على الخلاف فيه.
الثاني: أن يكون رفعا بمعنى وذلك أن الله كما تقول ذلك هذا. وإنما نفى المبالغة في الظلم عنه تعالى دون نفي الظلم رأسا، لأنه جاء على جواب من أضاف إليه فعل جميع الظلم، ولان ما ينزل بالكفار لو لم يكن باستحقاق لكان ظلما عظيما، ولكان فاعله ظلاما.