الآية 49

قوله تعالى: ﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾

العامل في " إذ " يحتمل أن يكون شيئين:

أحدهما: الابتداء والتقدير ذاك " إذ يقول "

والاخر: بتقدير اذكر " إذ يقول المنافقون " وهم الذين يبطنون الكفر ويظهرون الايمان " والذين في قلوبهم مرض " الشاكين في الاسلام مع اظهارهم كلمة الايمان، وهم بمكة جماعة خرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا هذا القول، وهم قيس بن الوليد بن المغيرة (1) والحارث بن زمعة وعلي بن أمية والعاص بن المنبه بن الحجاج، هذا قول مجاهد، والشعبي وقال الحسن: المرض الشرك " والذين في قلوبهم مرض " المشركون. وقال أبو علي فصلوا في الذكر لان المنافقين كانوا يضمرون عداوة النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين، وكانوا هؤلاء مرتبتين وكلهم في معنى المنافقين، لأن الشك في الاسلام كفر. وقوله " غر هؤلاء دينهم " معناه ان المسلمين اغتروا بالاسلام. والغرور: اظهار النصح مع إبطان الغش تقول: غره يغره غرورا واغتر به اغترارا ومنه الغرر، لأنه عمل بما لا يؤمن معه الغرور. وقوله " ومن يتوكل على الله " معناه ومن يسلم لامر الله ويثق به ويرضى بفعله، لان التوكل على الله هو التسليم لامره مع الثقة والرضا به، تقول: وكل امره إلى الله، يكل واتكل عليه يتكل اتكالا وتوكل توكلا وتواكل القوم تواكلا إذا اتكل بعضهم على بعض، ووكل توكيلا. وقوله " فان الله عزيز حكيم " معناه انه قادر لا يغالب واضع للأشياء مواضعها.


1- في بعض النسخ (أبو قيس بن الفاكهة بن المغيرة).