الآية 46

قوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾

أمر الله تعالى هؤلاء المؤمنين الذين ذكرهم بأن يطيعوا الله ورسوله، ولا يختلفوا فيضعفوا عن الحرب. والعامل في " فتفشلوا " الفاء التي هي بدل من (أن) على معنى جواب النهي كقولك لا تأت زيدا فيهينك، ولذلك عطف بالنصب في قوله " وتذهب ريحكم " عليه. وقوله " وتذهب ريحكم " معناه كالمثل أي ان لكم ريحا تنصرون بها يقال ذهب ريح فلان اي كان يجري في امره على السعادة بريح تحمله إليها، فلما ذهبت وقف امره، فهذه بلاغة حسنة. وقيل: المعنى ريح النصرة التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله، في قول قتادة وابن زيد. وقيل: تذهب دولتكم، من قولهم ذهب ريحه، أي ذهبت دولته. في قول أبي عبيدة وأبي علي. وقال عبيد ابن الأبرص:

كما حميناك يوم النعف من شطب * والفضل للقوم من ريح ومن عدد (1)

اي من ريح عز ومن عدد. وقال أبو جعفر عليه السلام: هذه الآية نزلت حين أشار خباب بن المنذر على النبي صلى الله عليه وآله ان ينتقل من مكانه حتى ينزلوا على الماء ويجيؤهم من خلفهم، فقال بعضهم لا تنغفر معصاتك يا رسول الله. فتنازعوا، فنزلت الآية وعمل النبي صلى الله عليه وآله على قول خباب.


1- ديوانه: 49 والطبري 13 / 575 واعجاز القرآن للباقلاني: 131 و (النعف) ما انحدر من حزونة الجبل و (شطب) اسم جبل.