الآية 27

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين ينهاهم ان يخونوا الله والرسول. والخيانة منع الحق الذي قد ضمن التأدية فيه. وهي ضد الأمانة. وأصل الخيانة ان تنقص من ائتمنك أمانته، قال زهير:

بارزة الفقاوة لم تخنها * قطاف في الركاب ولاخلاء (1)

أي لم تنقص من فراهتها. والمعنى لا تخونوا مال الله الذي جعله لعباده فلا يخن بعضكم بعضا فيما ائتمنه عليه في قول ابن عباس. وقال الحسن، والسدي: لا تخونوه كما صنع المنافقون. وقال الجبائي: نهاهم ان يخونوا الغنائم. وقال ابن زيد: الأمانة ههنا الدين، نزلت في بعض المنافقين. والأمانة مأخوذة من الامن من منع الحق وهي حال يؤمن معها منع الحق الذي تجب فيه التأدية وقوله " وأنتم تعلمون " قيل في معناه قولان:

أحدهما: وأنتم تعلمون انها أمانة من غير شبهة.

الثاني: وأنتم تعلمون ما في الخيانة من الذم والعقاب بخلاف الجهال بتلك المنزلة. وقوله: " وتخونوا " موضعه الجزم بتقدير، ولا تخونوا في قول ابن عباس وقال السدي: هو نصب على الظرف (2) أي إنكم إذا خنتم الرسول فقد خنتم أماناتكم. قال الفراء، ومثله قول الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأت مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم (3)

وحكى الفراء في بعض القراءات: " ولا تخونوا أمانتكم " وقال جابر بن عبد الله: نزلت الآية في بعض المنافقين حين انذر أبا سفيان بخروج النبي لاخذ العير. وقال الزهري: نزلت في أبي لبابة في قصة بني قريظة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).


1- مقاييس اللغة 1 / 79.

2- المقصود من الظرف كونه بعد الواو التي بمعنى (مع).

3- قطر الندى 77 الشاهد 23 وقد مر في أماكن كثيرة من هذا الكتاب.