الآية 22
قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾
اخبر الله تعالى " إن شر الدواب عند الله الصم " والشر إظهار السوء الذي يبلغ من صاحبه وهو نقيض الخير. وقيل الشر الضر القبيح، والخير النفع الحسن. وقيل الشر الضر الشديد. والخير النفع الكثير، واصل الشر الاظهار من قول الشاعر: كما أشرت بالأكف المصاحف (1) اي أظهرت، وشر الرجل يشر شرا وشروت الثوب إذا بسطته في الشمس وشرر النار ما تطاير منه لظهوره بانتشاره وتفرقه، ومنه الشر وهو ما يظهر من الضرر كشرر النار. والدواب جمع دابة وهي ما دب على وجه الأرض إلا أنه تخصص في العرف بالخيل دب يدب دبيبا. فبين ان هؤلاء الكفار شر ما دب على الأرض من الحيوان. ثم شبههم بالصم البكم الذين لا يعقلون من حيث لم ينتفعوا بما كانوا يسمعون من وعظ الله ولا يتكلمون بكلمة الحق، والصم آفة في الاذن تمنع السمع، ثم يصم صمما وهو أصم. وصمم على الامر إذا حقق العزم عليه وتصام عن القول إذا تغافل عنه. وعود أصم خلاف المجوف وأصله المطابقة من غير خلل. والبكم الخرس: الذي يولد به صاحبه لأنه قد يكون لآفة عارضة، وقد يكون لآفة لازمة. وقال أبو جعفر عليه السلام نزلت الآية في بني عبد الدار لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير وحليف لهم يقال له سويبط. وقيل: نزلت الآية في النضر ابن الحارث بن كلدة من بني عبد الدار بن قصي.
1- نسب إلى كعب بن جعيل. وقيل هولا بن الحمام المري. وقيل لابن جهمة الأسدي راجع: وقعة صفين: 336، 411، واللسان " شرر " وروايته: فما برحوا حتى رأى الله صبرهم * وحتى أشرت بالأكف المصاحف وأشرت - بتشديد الراء المفتوحة، مبني للمفعول - اي أظهرت بكثرة.