الآية 19

قوله تعالى: ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾

القراءة:

قرأ نافع وابن عامر وحفص " وان الله " بفتح الألف. الباقون بالكسر، من فتح الهمزة فوجهه " ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت " ولان الله مع المؤمنين اي لذلك لا تغني عنكم فئتكم شيئا. ومن كسر قطعه عما قبله واستأنفه، وقوي ذلك لما روي أن في قراءة ابن مسعود " والله مع المؤمنين ". والكسر اختيار الفراء، ومن نصب فعلى ان موضعه نصب بحذف حرف الجر، ويجوز أن يكون عطفا على قوله " وأن الله موهن ". والاستفتاح طلب النصرة التي بها يفتح بلاد العدو كأنه قال إن تستنصروا على أعدائكم فقد جاءكم النصر بالنبي صلى الله عليه وآله. وقال الزجاج: يجوز أن يكون المراد استحكموا لان الاستفتاح الاستقضاء. ويقال للقاضي: الفتاح، والمعنى فقد جاءكم الحكم من عند الله، وهو قول الضحاك وعكرمة ومجاهد والزهري، والأول قول ابن عباس وغيره، والمعنيان متقاربان. وقيل في معنى الآية قولان:

أحدهما: قال الحسن ومجاهد والزهري والضحاك والسدي والفراء: انه خطاب للمشركين لأنهم استنصروا بان قالوا: اللهم اقطعنا للرحم، واظلمنا لصاحبه فانصرنا عليه روي أن أبا جهل قال ذلك.

الثاني: قال أبو علي: هو خطاب للمؤمنين والمعنى وان تعودوا إلى مثل ما كان منكم يوم بدر في الأشر والبطر بالنعمة بعد الانكار عليكم. وقال الحسن وان تعودوا لقتال محمد صلى الله عليه وآله نعد عليكم بالقتل والأسر يا معشر قريش وجماعة الكفار وان تنتهوا عن الكفر بالله العظيم ورسوله وعن قتال نبيه فهو خير لكم وانفع لكم وأقرب إلى مرضاة الله. والانتهاء ترك الفعل لأجل النهي عنه، تقول نهيته عن كذا فانتهى، وأمرته فأتمر، على فعل المطاوع وقد يطاوع بأن يقال: كسرته فانكسر، وقد يكون الانتهاء بمعنى بلوغ الغاية. وقوله تعالى " ولن تغني عنكم فئتكم شيئا " معناه انه لن يغني عنكم جمعكم في الدفاع عنكم والنصرة - وان كانوا كثيرين - وإن الله مع المؤمنين بالنصرة لهم والمعونة.