الآيات 7-10
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا، أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا، انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا، تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا﴾
القراءة:
قرأ حمزة والكسائي (نأكل) بالنون. الباقون بالياء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم (ويجعل لك قصورا) بالرفع. الباقون بالجزم. من قرأ (يأكل) بالياء أراد النبي صلى الله عليه وآله فإنهم كرهوا أن يكون نبي من قبل الله يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، وقالوا: هلا كان معه ملك؟فيكون معه معينا مخوفا لعباده (وداعيا) لهم. ومن قرأ بالنون أراد: نأكل نحن، فيكون له بذلك مزية علينا في الفضل بأكلنا من جنته. ومن جزم (ويجعل) عطفه على موضع (جعل) لان موضع (جعل) جزم، لأنه جزاء الشرط، فعطف (ويجعل) على الموضع كما قرأ من قرأ قوله (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) (1) بالجزم ومن رفع استأنفه وقطعه عن الأول، كمن قرأ (ويذرهم) بالرفع. حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار الذين وصفهم أنهم قالوا أي شئ " لهذا الرسول يأكل الطعام " كما نأكل " ويمشي في الأسواق " في طلب المعاش، كما نمشي " لولا انزل إليه " ومعناه هلا أنزل الله عليه ملكا إن كان صادقا، فيكون معينا له على الانذار والتخويف. وإن لم ينزل إليه ملك، هلا " يلقى إليه كنز " يستغني به ويكون عونا له على دنياه وما يريده " أو تكون له جنة " اي بستان " يأكل منها " هو نفسه. ومن قرأ - بالنون - أراد نأكل نحن معه، ونتبعه. ثم حكي: ان الظالمين نفوسهم بارتكاب المعاصي والكفر، قالوا لاتباعهم ومن سمع منهم (إن تتبعون) اي ليس تتبعون إن تبعتموه (الا رجلا مسحورا) وقيل إنما يخاطبون بذلك المؤمنين المقرين بنبوته، ليصرفوهم عنه. ومعنى (مسحورا) انه قد سحر. والسحر ما خفي سببه حتى يظن أنه معجز. فقال الله لنبيه صلى الله عليه وآله (انظر كيف ضربوا لك الأمثال) يعني الأشباه، لأنهم قالوا تارة: هو مسحور. وتارة مثلوه بالمحتاج المتروك، حتى تمنوا له الكنز. وتارة بأنه ناقص عن القيام بالأمور، وكل ذلك جهل منهم وذهاب عن وجه الصواب. فقال الله تعالى (فضلوا) بضرب هذه الأمثال عن طريق الحق (فلا يستطيعون سبيلا) معناه لا يستطيعون طريقا إلى الحق، مع تمسكهم بطريق الجهل وعدولهم عن الداعي إلى الرشد. وقيل معناه (لا يستطيعون سبيلا) إلى ابطال امرك. ثم قال تعالى (تبارك الذي) أي تقدس وتعاظم الله الذي (ان شاء جعل لك خيرا من ذلك) يعني مما قالوه - في قول مجاهد - ثم فسر (ذلك) فقال الذي هو خير مما قالوه (جنات تجري من تحتها الأنهار. ويجعل لك قصورا) وهو جمع قصر، وهو البيت المشيد المبني - في قول مجاهد - وسمي القصر قصرا، لأنه يقصر من فيه عن أن يوصل إليه. ومن جزم " يجعل " عطفا على موضع (جعل)، لأنه جواب الشرط. ومن رفع استأنف. وكان يجوز النصب على الظرف (2).
1- سورة 80 عبس آية 22.
2- سورة 7 الأعراف آية 185.