الآيات 16-20
قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾
يقول الله تعالى للمؤمنين: وهلا حين سمعتم من هؤلاء العصبة ما قالوا من الافك " قلتم " في جوابهم " ما يكون لنا ان نتكلم بهذا " أي ليس لنا ذلك بل هو محرم علينا، وقلتم " سبحانك " يا ربنا " هذا " الذي قالوه " بهتان عظيم " أي كذب وزور عظيم عقابه في الظاهر. فالبهتان الكذب الذي فيه مكابرة تحير، يقال: بهته يبهته بهتا وبهتانا إذا حيره بالكذب عليه. ثم قال تعالى " يعظكم الله ان تعودوا " أي كراهة أن تعودوا " لمثله " أو لئلا تعودوا إلى مثله من الافك " أبدا " أي طول أعماركم، لا ترجعوا إلى مثل هذا القول " إن كنتم مؤمنين " مصدقين بالله ونبيه، قابلين وعظ الله. وقال ابن زيد: الوعظ يمنع ان يقول القائل أنا سمعته، ولم أختلقه. " ويبين الله لكم الآيات " يعني الدلالات والحجج " والله عليم حكيم " أي عالم بما يكون منكم، حكيم فيما يفعله، ولا يضع الشئ إلا في موضعه. ثم اخبر تعالى " ان الذين يحبون " ويؤثرون " ان تشيع الفاحشة " أي تظهر الافعال القبيحة " في الذين آمنوا لهم عذاب اليم " أي موجع جزاء على ذلك " في الدنيا " بإقامة الحد عليهم، وفي " الآخرة " بعذاب النار " والله يعلم " ذلك وغيره " وأنتم لا تعلمون " ان الله تعالى يعلم ذلك. ثم قال " ولولا فضل الله عليكم ورحمته وان الله رؤوف رحيم " لأهلككم وعاجلكم بالعقوبة، وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه. وفي الآية على أن العزم على الفسق فسق، لأنه إذا ألزمه الوعيد على محبة شياع الفاحشة من غيره، فإذا أحبها من نفسه وأرادها كان أعظم.