الآيات 57-61

قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ، وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ، وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾

يقول الله تعالى (إن الذين هم من خشية ربهم) اي خوفا من عقابه (مشفقون) والخشية ظن لحوق المضرة. ومثلها المخافة، ونقيضها الامنة، فالخشية انزعاج النفس بتوهم المضرة، والظن كذلك يزعج النفس، فيسمى باسمه على طريق البلاغة، والخشية من الله خشية من عقابه وسخطه على معاصيه، (والذين هم بآيات ربهم يؤمنون) وبحججه من القرآن وغيره يصدقون (والذين هم بربهم لا يشركون) أي لا يشركون بعبادة الله غيره، من الأصنام والأوثان، لان خصال الايمان لا تتم إلا بترك الاشراك دون ما يقول أهل الجاهلية إنا نؤمن بالله. وقوله (والذين يؤتون ما آتوا) اي يعطون ما أعطوا، من الزكاة والصدقة، وينفقونه في طاعة الله (وقلوبهم وجلة) أي خائفة من عقاب الله لتفريط يقع منهم. قال الحسن: المؤمن جمع إحسانا وشفقة. وقال ابن عمر: ما آتوا من الزكاة (وقلوبهم وجلة) أي خائفة (انهم إلى ربهم راجعون) اي يخافون من رجوعهم إلى الله يوم القيامة، والى مجازاته اي يخافون ذلك، لأنهم لا يأمنون التفريط. ثم أخبر عمن جمع هذه الصفات وكملت فيه، فقال (أولئك يسارعون في الخيرات) أي يبادرون إلى الطاعات، ويسارعون إليها: من الايمان بالله، ويجتهدون في السبق إليها رغبة فيها ولعلمهم بما لهم بها من حسن الجزاء. وقوله (وهم لها سابقون) قيل في معناه ثلاثة أقوال:

أحدها: قال ابن عباس انهم: سبقت لهم السعاة.

الثاني: وهم من اجل تلك الخيرات سابقون إلى الجنة.

الثالث: وهم إلى الخيرات سابقون.