الآية 148

قوله تعالى: ﴿فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾

المعنى واللغة:

قوله: " فآتاهم الله " يعني من تقدم ذكره من الربيين الذين وصفهم. وقال الجبائي: يعني به المسلمين الذين صفتهم ما تقدم ذكره أي أعطاهم الله ثواب الدنيا قال قتادة، والربيع: هو نصرهم على عدوهم حتى ظفروا بهم، وقهروهم. " وثواب الآخرة ": الجنة. وزاد ابن جريج الغنيمة، ويجوز أن يكون ما آتاهم الله في الدنيا من الظفر والنصر وأخذ الغنيمة ثوابا مستحقا لهم على طاعاتهم، لان في ذلك تعظيما لهم وتبجيلا، ولذلك تقول: إن المدح على أفعال الطاعة والتسمية بالأسماء الشريفة بعض الثواب، ويجوز أن يكون الله تعالى أعطاهم ذلك تفضلا منه تعالى، أو لما لهم فيه من اللطف، فتكون تسميته بأنه ثواب مجازا، وحد الثواب هو النفع الخالص المستحق الذي يقارنه تعظيم وتبجيل، والعوض هو النفع المستحق الخالي من التعظيم والتبجيل، والتفضل هو النفع الذي ليس بمستحق ولا معه تعظيم وتبجيل. وإنما جاز تأخير الثواب المستحق مع ثبوت الاستحقاق له عقيب الطاعة الامرين:

أحدهما: قال أبو علي: لأنه يوفر عليه ما يفوته في زمان التكليف إلى خير الثواب: وقال الرماني: لأنه إذا أخر عظم ما يستحقه بالتأخر على ما كان لو قدم، لأنه إذا استحق مثلا مائة جزء عاجلا، فإذا أخر استحق مائة وعشرة أو مائة وجزء، وقيل في وجه حسن تأخيره أنه لو كان عقيب الطاعة لأدى إلى أن يكون المكلف ملجأ إلى فعل الطاعة، لان المنافع الكثيرة تلجئ إلى الفعل كما أن دفع المضار العظيمة تلجئ إلى مثله، وذلك ينافي التكليف، وقوله: " والله يحب المحسنين " أي يريد ثوابهم وتعظيمهم وتبجيلهم والفرق بين الاحسان والانعام أن الاحسان قد يكون إنعاما بأن يكون نفعا للمنتفعين به، وقد يكون احسانا بأن يكون فعلا حسا، ومن القسم الأخير يقال هو تعالى محسن بفعل العقاب، ولا يقال محسن من القسم الأول، ويقال هو محسن بفعل الثواب على الوجهين معا (1).

1- في المخطوطة باسقاط (معا).