الآية 127

قوله تعالى: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ﴾

المعنى:

قوله: " ليقطع طرفا من الذين كفروا " يحتمل أن يتصل بثلاثة أشياء:

أحدها: " وما النصر إلا من عند الله ليقطع طرفا من الذين ".

الثاني: بقوله ولقد نصركم الله ببدر ليقطع طرفا.

الثالث: ذلك التدبير ليقطع طرفا. واليوم الذي قطع فيه الطرف من الذين كفروا: هو يوم بدر بقتل صناديدهم ورؤسائهم وقادتهم إلى الكفر في قول الحسن، والربيع، وقتادة. وقال السدي: هو يوم أحد قتل منهم ثمانية عشر رجلا. وإنما قال: " ليقطع طرفا " منهم ولم يقل ليقطع وسطا منهم، لأنه لا يوصل إلى الوسط منهم إلا بعد قطع الطرف ومثله " قاتلوا الذين يلونكم " (1) والمراد بالآية ليقطع قطعة منهم.

اللغة:

وقوله: " أو يكبتهم " فالكبت الخزي. ومعناه أو يخزيهم في قول الربيع، وقتادة. وقال الخليل: الكبت صرع الشئ على وجهه كبتهم الله فانكبتوا. وحقيقة الكبت شدة وهن يقع في القلب فربما صرع الانسان لوجهه للخور الذي يدخله. وقوله: " فينقلبوا " أي فيرجعوا " خائبين " الخائب المنقطع عما أمل، ولا تكون الخيبة إلا بعد الامل، لأنها امتناع نيل ما أمل. واليأس قد يكون قبل الامل ويكون بعده. واليأس والرجاء نقيضان يتعاقبان كتعاقب الخيبة والظفر، يقال: خاب يخيب خيبة وخيبه الله تخييبا. والخيبة حرمان المراد.


1- سورة التوبة آية: 124.