الآية 123

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾

النزول واللغة:

هذه الآية نزلت في وصف ما من الله تعالى على المؤمنين من النصر والامداد بالملائكة وظفر المؤمنين بالمشركين مع قلة المؤمنين وقوة المشركين. فإنه روي عن ابن عباس (ره) أنه قال كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجلا والأنصار مئتين وستة وثلاثين رجلا الجميع ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وكان المشركون نحوا من ألف رجل. وبدر ما بين مكة والمدينة وقال الشعبي سمي بدرا لان؟ك ماء لرجل يسمى بدرا، فسمي الموضع باسم صاحبه. وقال الواقدي عن شيوخه إنما هو اسم للموضع كما يسمى كل بلد باسم يخصه من غير أن ينقل إليه اسم صاحبه. وقوله: (وأنتم أذلة) جملة في موضع الحال. والذلة الضعف عن المقاومة، وضدها العزة، وهي القوة على الغلبة، ويقال للجمل المنقاد من غير صعوبة: ذلول لانقياده انقياد الضعيف، فأما الذليل فإنما ينقاد على مشقة. ومنه تذليل الطريق، ونحوه، وهو توطئة الأصل. وفيه الضعف عن المقاومة. وقوله: " أذلة " جمع ذليل وفعيل قياسه أن يجمع على فعلاء إذا كان صفة، مثل ظريف وظرفاء، وكريم وكرماء، وعليم وعلماء، وشريك وشركاء، فجمع على أفعلة كراهية التضعيف، فعدل إلى جمع الأسماء نحو؟وأقفزة، فقيل ذليل وأذلة وعزيز وأعزة.

المعنى:

ووصفهم الله بأنهم أذلة لأنهم كانوا ضعفاء قليلي العدد قليلي العدة. وروي عن بعض السلف الصالح أنه قرأ " وأنتم ضعفاء " قال ولا يجوز وصفهم بأنهم أذلة، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله. وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر أمير المؤمنين علي بن طالب (ع). وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة. وقوله " فاتقوا الله " معناه اتقوا معاصيه واعملوا بطاعته. ويجوز أن يكون المراد اتقوا عقاب الله بترك المعاصي، والعمل بطاعته، لان أصل الاتقاء هو الحجز بين الشيئين بما يمنع من وصول أحدهما إلى الاخر كما تقول اتقاه بالترس أو غيره، ووجه ادخال هذه الآية وهي متعلقة بقصة بدر بين قصة أحد أن الله تعالى وعد المؤمنين النصر يوم أحد إن صبروا وثبتوا أن يمدهم بالملائكة كما نصرهم يوم بدر، وأمدهم بالملائكة فلما لم يصبروا وتركوا مراكزهم أصاب العدو منهم ما هو معروف.