سورة الشعراء
مكية كلها (1) إلا قوله: ﴿والشعراء يتبعهم الغاوون﴾ إلى آخرها، مائتان وسبع وعشرون آية كوفي، ست في غيرهم، ﴿طسم﴾ كوفي، ﴿فلسوف تعلمون﴾ (2) غيرهم، ﴿أين ما كنتم تعبدون من دون الله﴾ (3) غير البصري.
في حديث أبي: " من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر بعدد من صدق بنوح وكذب به، وهود وشعيب وصالح وإبراهيم، وبعدد من كذب بعيسى، وصدق بمحمد (صلى الله عليه وآله) " (4).
وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأ الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، وأعطي في الآخرة من الجنة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مائة حوراء من حور العين " (5).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿طسم (1) تلك آيات الكتاب المبين (2) لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين (3) إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين (4) وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين (5) فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون (6) أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم (7) إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين (8) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (9)﴾ " طاء وياء وحاء " من ﴿طسم﴾ و ﴿يس﴾ و ﴿حم﴾: قرئ بالإمالة (6) والتفخيم (7)، وقرئ نون " سين " بالإظهار (8) والإدغام (9).
﴿الكتاب المبين﴾ هو اللوح المحفوظ يتبين للناظرين في كل ما هو كائن، أو: القرآن يبين ما أودع من الحكم والشرائع وأنواع العلوم، أو: هو الظاهر إعجازه وصحة أنه من عند الله.
والبخع: الإهلاك، و ﴿لعلك﴾ للإشفاق، أي: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك ﴿ألا يكونوا مؤمنين﴾ أي: خيفة أن لا يؤمنوا، أو: لأن لا يؤمنوا.
﴿إن نشأ ننزل... آية﴾ ملجئة إلى الإيمان، كما نتق الجبل على بني إسرائيل ﴿فظلت﴾ معطوف على ﴿ننزل﴾، والأصل: فظلوا ﴿لها خاضعين﴾ فأقحمت " الأعناق " لبيان موضع الخضوع، وترك الكلام على أصله.
ويجوز أن يكون " الأعناق " لما وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء قيل: ﴿خاضعين﴾ كقوله: ﴿لي ساجدين﴾ (10)، وقيل: المراد بالأعناق الرؤساء والمقدمون (11)، شبهوا بالأعناق كما قيل لهم: الرؤوس والصدور والنواصي، قال: في محفل من نواصي الناس مشهود (12) وقيل: ﴿أعناقهم﴾ جماعاتهم (13).
يقال: جاء عنق من الناس أي: جماعة.
وما يجدد الله بوحيه موعظة وتذكيرا إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به.
وصف " الزوج " وهو الصنف من النبات بالكرم والكريم صفة لكل ما يرضى ويحمد في بابه، يقال: وجه كريم مرضي في حسنه وبهائه، وكتاب كريم مرضي في معانيه، فالنبات الكريم هو المرضي في المنافع المتعلقة به.
﴿إن في﴾ إنبات تلك الأصناف ﴿لآية﴾ على أن منبتها قادر على إحياء الأموات، وقد علم الله أن ﴿أكثرهم﴾ لا يؤمنون.
﴿وإن ربك لهو العزيز﴾ في انتقامه منهم ﴿الرحيم﴾ بمن يؤمن.
﴿وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين (10) قوم فرعون ألا يتقون (11) قال رب إني أخاف أن يكذبون (12) ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون (13) ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون (14) قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون (15) فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العلمين (16) أن أرسل معنا بني إسرائيل (17) قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين (18) وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين (19) قال فعلتها إذا وأنا من الضالين (20) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربى حكما وجعلني من المرسلين (21) وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بني إسرائيل (22)﴾ ﴿قوم فرعون﴾ عطف بيان ﴿ألا يتقون﴾ كلام مستأنف، أي: أما آن لهم أن يتقوا الله ويحذروا من أيامه.
﴿ويضيق صدري ولا ينطلق لساني﴾ بالرفع لأنهما معطوفان على خبر ﴿أن﴾، وقرئا بالنصب (14) عطفا على صلة ﴿أن﴾، والرفع يفيد أن فيه ثلاث علل: خوف التكذيب، وضيق الصدر، وامتناع انطلاق اللسان.
والنصب يفيد أن خوفه يتعلق بهذه الثلاثة.
﴿فأرسل﴾ جبرائيل ﴿إلى هارون﴾ واجعله نبيا، وأزرني به واشدد به ظهري.
﴿ولهم على ذنب﴾ هو قتله القبطي، أي: ولهم علي تبعة ذنب، وهي قود ذلك القتل ﴿فأخاف أن يقتلون?﴾ - ي به، فحذف المضاف، أو: سمى تبعة الذنب ذنبا، كما سمى جزاء السيئة سيئة.
﴿قال﴾ الله تعالى: ﴿كلا﴾ يعني: ارتدع يا موسى عما تظن، لأنهم لن يقتلوك به، فإني لا أسلطهم عليك، فاذهب أنت وهارون.
وقوله: ﴿إنا معكم مستمعون﴾ من مجاز الكلام لأنه تعالى لا يوصف بالاستماع على الحقيقة، فإن الاستماع جار مجرى الإصغاء، وإنما يوصف بأنه سميع وسامع، والمراد: إنا لكما كالظهير المعين إذا حضر واستمع ما يجري بينكما وبينه، فأظهركما عليه وأكسر شوكته عنكما.
ويجوز أن يكونا خبرين ل? " أن "، وأن يكون ﴿مستمعون﴾ مستقرا، و ﴿معكم﴾ لغوا.
﴿إنا رسول رب العالمين﴾ جعل " رسول " هنا بمعنى الرسالة، فلم يثن كما ثنى في قوله: ﴿إنا رسولا ربك﴾ (15)، كما يفعل في الصفة بالمصادر نحو: صوم وزور.
ويجوز أن يوحد لأن حكمهما واحد بالاتفاق والأخوة، فكأنهما رسول واحد.
﴿أن أرسل﴾ بمعنى: أي أرسل لتضمن الرسول معنى الإرسال، وفي الإرسال معنى القول، كما في المناداة ونحوها.
ومعنى هذه الارسال التخلية والإطلاق، كما يقال: أرسل البازي، والمراد: خل بني إسرائيل يذهبوا معنا إلى فلسطين، وكانت مسكنهما.
وفي الكلام حذف تقديره: فذهبا إلى فرعون وبلغا الرسالة على ما أمرا به، فعند ذلك ﴿قال﴾ فرعون لموسى: ﴿ألم نربك﴾ وهذا النوع من الاختصار كثير في التنزيل.
الوليد: الصبي لقرب عهده بالولادة ﴿سنين﴾ قيل: لبث عندهم ثماني عشرة سنة (16)، وقيل: ثلاثين سنة (17)، وقال الكلبي: أربعين سنة (18).
﴿فعلت فعلتك﴾ يعني: قتلت القبطي، أي: ﴿وأنت﴾ لذلك ﴿من الكافرين﴾ لنعمتي وحق تربيتي.
وأجابه موسى بأن تلك الفعلة إنما فرطت منه وهو ﴿من الضالين﴾ أي: الذاهبين عن الصواب أو الناسين من قوله: ﴿أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى﴾ (19).
كذب فرعون ودفع الوصف بالكفر من نفسه بأن وضع " الضالين " موضع " الكافرين " رياء بمحل من رشح للنبوة عن تلك الصفة، ثم أبطل امتنانه عليه بالتربية، وأبى أن يسمي نعمته نعمة بأن بين أن حقيقة إنعامه عليه تعبيد بني إسرائيل، لأن تعبيدهم وقصدهم بذبح أبنائهم هو السبب في حصوله عنده وتربيته، فكأنه من عليه بتعبيد قومه، وتعبيدهم: اتخاذهم عبيدا وتذليلهم.
﴿وتلك﴾ إشارة إلى خصلة منكرة لا ندري إلا بتفسيرها، ومحل ﴿أن عبدت﴾ الرفع بأنه عطف بيان ل? ﴿- تلك﴾، ونظيره ﴿وقضينا إليه ذا لك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع﴾ (20)، والمعنى: تعبيدك بني إسرائيل نعمة ﴿تمنها على﴾ ؟! ويجوز أن يكون في محل نصب، والمعنى: إنما صارت نعمة علي لأن عبدت بني إسرائيل، أي: لو لم تفعل ذلك لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم.
﴿قال فرعون وما رب العلمين (23) قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين (24) قال لمن حوله ألا تستمعون (25) قال ربكم ورب آبائكم الأولين (26) قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون (27) قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون (28) قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين (29) قال أولو جئتك بشئ مبين (30) قال فأت به إن كنت من الصدقين (31) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين (32) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين (33) قال للملا حوله إن هذا لسحر عليم (34) يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون (35) قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حشرين (36) يأتوك بكل سحار عليم (37) فجمع السحرة لميقات يوم معلوم (38) وقيل للناس هل أنتم مجتمعون (39) لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين (40) فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين (41) قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين (42)﴾
﴿وما رب العلمين﴾ يريد: وأي شئ هو من الأشياء المشاهدة؟فأجابه موسى بما يستدل عليه من أفعاله ليعرفه أنه ليس بشئ يمكن أن يشاهد من الأجسام والأعراض، وإنما هو شئ مخالف لجميع الأشياء، ليس كمثله شئ، منشئ ﴿السماوات والأرض﴾ ومبدعهما ﴿وما بينهما إن كنتم موقنين﴾ بأن هذه الأشياء محدثة منشأة وليست من فعلكم، والمحدث لابد له من محدث.
فلما أجاب موسى بما أجاب عجب فرعون قومه من جوابه حيث نسب الربوبية إلى غيره.
فلما ثنى موسى (عليه السلام) بتقرير قوله نسبه فرعون إلى الجنون وأضافه إلى قومه حيث سماه " رسولهم " طنزا به (21).
فلما ثلث (عليه السلام) بتقرير آخر غضب وقال: ﴿لئن اتخذت إلها غيري﴾ وعارض موسى (عليه السلام) قوله: ﴿إن رسولكم... لمجنون﴾ بقوله: ﴿إن كنتم تعقلون﴾.
﴿أولو جئتك﴾ الواو للحال، دخلت عليها همزة الاستفهام، والمعنى: أتفعل ذلك بي ولو جئتك ﴿بشئ مبين﴾ أي: جائيا بالمعجز الظاهر.
وفي قوله: ﴿إن كنت من الصدقين﴾ أن المعجز لا يأتي به إلا الصادق في دعواه، لأنه يجري مجرى التصديق من الله تعالى، فلابد من يدل على الصادق، وتقديره: إن كنت من الصادقين في دعواك إئت به، فحذف الجزاء لأن الأمر بالإتيان به يدل عليه.
﴿ثعبان مبين﴾ ظاهر الثعبانية، لا شئ يشبه الثعبان.
﴿بيضاء للناظرين﴾ فيه دلالة على أن بياضها كان شيئا تجتمع النظارة على النظر إليه لخروجه عن العادة، فكان بياضا نورانيا له شعاع يغشى الأبصار ويسد الأفق.
وقوله: ﴿حوله﴾ منصوب اللفظ على الظرف، ومنصوب المحل على الحال.
﴿فماذا تأمرون﴾ من المؤامرة وهي المشاورة، أو: من الأمر الذي هو ضد النهي، جعل العبيد آمرين وربهم مأمورا، لما دهاه من الدهش والحيرة حين أبصر الآيتين، واعترف لهم بما توقعه وأحس به من جهة موسى (عليه السلام) وغلبته على ملكه وأرضه.
و ﴿ماذا﴾ منصوب: إما لكونه في معنى المصدر، وإما لأنه مفعول به من قولهم: أمرتك الخير.
وقرئ: " أرجئه " وقد مر بيانه (22).
﴿يوم معلوم﴾ وهو يوم الزينة، وميقاته وقت الضحى لأنه الوقت الذي وقته لهم موسى (عليه السلام) من يوم الزينة.
﴿هل أنتم مجتمعون﴾ استبطاء لهم في الاجتماع، والمراد منه: استعجالهم، ومنه قول تأبط شرا: هل أنت باعث دينار لحاجتنا؟(23) يريد: إبعثه إلينا سريعا ولا تبطئ (24).
﴿لعلنا نتبع السحرة﴾ في دينهم إن غلبوا موسى، ولا نتبع موسى في دينه.
﴿قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون (43) فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون (44) فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون (45) فألقى السحرة ساجدين (46) قالوا آمنا برب العلمين (47) رب موسى وهارون (48) قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلف ولأصلبنكم أجمعين (49) قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون (50) إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطينا أن كنا أول المؤمنين (51) وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون (52) فأرسل فرعون في المدائن حشرين (53) إن هؤلاء لشرذمة قليلون (54) وإنهم لنا لغائظون (55) وإنا لجميع حذرون (56) فأخرجناهم من جنات وعيون (57) وكنوز ومقام كريم (58) كذلك وأورثناها بني إسرائيل (59) فأتبعوهم مشرقين (60) فلما تراءا الجمعان قال أصحب موسى إنا لمدركون (61) قال كلا إن معي ربى سيهدين (62) فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (63) وأزلفنا ثم الآخرين (64) وأنجينا موسى ومن معه أجمعين (65) ثم أغرقنا الآخرين (66) إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين (67) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (68)﴾ أقسموا ﴿بعزة فرعون﴾ وهي من أقسام الجاهلية، وفي الإسلام لا يصح الحلف إلا بالله تعالى أو ببعض أسمائه وصفاته، وفي الحديث: " لا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون " (25).
وعبر عن الخرور بالإلقاء على طريق المشاكلة إذ جرى ذكر الإلقاء، يعني: أنهم إذا رأوا ما رأوا رموا بنفوسهم إلى الأرض ﴿ساجدين﴾ كأنهم أخذوا وطرحوا وألقوا.
الضير: الضر، أرادوا: لا ضرر علينا في ذلك بل لنا فيه أعظم النفع لما يحصل لنا في الصبر عليه من الثواب العظيم، أو: ﴿لا ضير﴾ لنا في القتل إذ لابد لنا من الانقلاب إلى ربنا بسبب من أسباب الموت، والقتل أهون أسبابه وأرضاها، لأننا ننقلب إلى ربنا انقلاب من يطمع في مغفرته ورحمته لما رزقنا من السبق إلى الإيمان ﴿أن كنا﴾ معناه: لأن كنا.
وعلل الأمر بالإسراء بقوله: ﴿إنكم متبعون﴾ على معنى: أن التدبير في أمرهم أن يتقدموا ويتبعهم فرعون وجنوده ويسلكوا مسالكهم في البحر فيهلكهم الله بإطباق البحر عليهم.
﴿إن هؤلاء﴾ محكي بعد قول مضمر، والشرذمة: الطائفة القليلة، ذكرهم بهذا الاسم الدال على القلة ثم وصفهم بالقلة.
ويجوز أن يريد بالقلة المذلة والغمارة (26)، فلا يريد قلة العدد، يعني: أنهم لقلتهم لا يبالي بهم.
﴿وإنهم﴾ يفعلون أفعالا تغيظنا، ونحن قوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور، فإذا خرج علينا خارج بادرنا إلى حسم مادة فساده، وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به ما يكسر من سلطانه.
وقرئ: " حذرون " (27) و ﴿حذرون﴾، فالحذر: المتيقظ، والحاذر: المستعد.
﴿ومقام كريم﴾ منازل حسنة، وقيل: مجالس الأمراء التي تحتف (28) بها الأتباع (29).
﴿كذلك﴾ الكاف رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك، أو نصب أي: أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفناه.
﴿فأتبعوهم﴾ فلحقوهم ﴿مشرقين﴾ داخلين في وقت الشروق.
﴿سيهدين?﴾ - ي طريق النجاة من إدراكهم.
أي: فضرب فانفلق البحر وظهر فيه اثنا عشر طريقا، والفرق: الجزء المتفرق فيه، والطود: الجبل العظيم.
﴿وأزلفنا ثم﴾ أي: حيث انفلق البحر ﴿الآخرين﴾ يعني: قوم فرعون قربناهم من بني إسرائيل، وأدنينا بعضهم من بعض، وجمعناهم حتى لا ينجو منهم أحد.
﴿إن في ذلك لآية﴾ لا توصف، قد عاينها الناس وما انتبه عليها ﴿أكثرهم﴾.
﴿واتل عليهم نبأ إبراهيم (69) إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون (70) قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين (71) قال هل يسمعونكم إذ تدعون (72) أو ينفعونكم أو يضرون (73) قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون (74) قال أفرءيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون (76) فإنهم عدو لي إلا رب العلمين (77) الذي خلقني فهو يهدين (78) والذي هو يطعمني ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين (80) والذي يميتني ثم يحيين (81) والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (82) رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين (83) واجعل لي لسان صدق في الآخرين (84) واجعلني من ورثة جنة النعيم (85) واغفر لأبي إنه كان من الضالين (86) ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89) وأزلفت الجنة للمتقين (90) وبرزت الجحيم للغاوين (91) وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون (92) من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون (93) فكبكبوا فيها هم والغاوون (94) وجنود إبليس أجمعون (95) قالوا وهم فيها يختصمون (96) تالله إن كنا لفي ضلل مبين (97) إذ نسويكم برب العلمين (98) وما أضلنا إلا المجرمون (99) فما لنا من شافعين (100) ولا صديق حميم (101) فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين (102) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (103) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (104)﴾ سألهم إبراهيم (عليه السلام) وإن كان يعلم عبادتهم الأصنام ليريهم أن ما يعبدونه بعيد عن استحقاق العبادة.
ولابد في ﴿يسمعونكم﴾ من تقدير حذف المضاف، معناه: هل يسمعون دعاءكم، وهل يقدرون على ذلك؟وجاء مضارعا مع إيقاعه على ﴿إذ﴾ لأنه حكاية حال ماضية.
وإنما قال: ﴿عدو لي﴾ على معنى: أني فكرت في أمري فرأيت عبادتي لها عبادة للعدو الذي هو الشيطان فاجتنبتها، وآثرت عبادة من الخير كله منه، وأراهم بهذا القول أنه نصيحة نصح بها نفسه، لينظروا فيقولوا: ما نصحنا إبراهيم إلا بما نصح به نفسه، ويكونوا إلى القبول أقرب، ولو قال: ﴿فإنهم عدو﴾ لكم لم يكن بهذه المثابة.
والعدو والصديق يكونان بمعنى الواحد والجمع، قال: وقوم علي ذوي مئرة * أراهم عدوا وكانوا صديقا ﴿إلا رب العلمين﴾ استثناء منقطع، كأنه قال: لكن رب العالمين.
وقال: ﴿إذا مرضت﴾ ولم يقل: أمرضني لأن كثيرا من أسباب المرض يحدث بتفريط من الإنسان في طعامه وشرابه وغير ذلك.
وإنما قال: ﴿أطمع أن يغفر لي خطيئتي﴾ على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى، أو أراد: أطمع أن يغفر لأجلي خطيئة من يشفعني فيه، فإن الأنبياء (عليهم السلام) منزهون عن الخطايا (30) والآثام، فاستغفارهم محمول على تواضعهم لربهم وهضمهم لأنفسهم، ويدل على ذلك قوله: ﴿أطمع﴾ ولم يجزم القول بالمغفرة، وفيه تعليم لأممهم.
﴿هب لي حكما﴾ أي: حكمة أو حكما بين الناس بالحق، وقيل: الحكم: النبوة (31)، لأن النبي ذو حكم بين الناس وذو الحكمة والعلم ﴿وألحقني بالصالحين﴾ إجمع بيني وبينهم في الجنة.
﴿ولا تخزني يوم يبعثون﴾ من الخزي الذي هو الهوان، أو: من الخزاية التي هي الحياء، وهذا أيضا من نحو استغفارهم مع عصمتهم وبعدهم عما يوجب الاستغفار، وفي ﴿يبعثون﴾ ضمير للعباد لأنه معلوم.
﴿إلا﴾ حال من ﴿أتى الله بقلب سليم﴾ وهو من قولهم: تحية بينهم ضرب وجيع (32).
وبيانه أن يقال لك: هل لزيد مال وبنون؟فتقول: ماله وبنوه سلامة قلبه، تريد نفي المال والبنين عنه، وإثبات سلامة القلب له بدلا من ذلك.
ويجوز حمل الكلام على المعنى بأن يجعل المال والبنين في معنى " الغنى "، إلا غنى من أتى الله بقلب سليم، لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه، كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه.
ويجوز أن يكون مفعولا ل? ﴿ينفع﴾ أي: لا ينفع مال ولا بنون إلا رجلا سلم قلبه مع ماله حيث أنفقه في طاعة الله، ومع بنيه حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع.
وقيل: القلب السليم الذي أسلم وسالم واستسلم (33).
وعن الصادق (عليه السلام): " هو القلب الذي سلم من حب الدنيا ".
﴿وأزلفت الجنة للمتقين﴾ أي: قربت من موقفهم ينظرون إليها ويغتبطون بمكانهم منها.
﴿وبرزت الجحيم﴾ كشفت للأشقياء يتحسرون على أنهم المسوقون إليها، قال: ﴿فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا﴾ (34) يجمع عليهم الغموم، فتجعل النار بمرأى منهم ويقال لهم: أين آلهتكم هل ينفعونكم بنصرتهم لكم؟أو: هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لأنهم وما كانوا يعبدونهم وقود النار، وهو قوله: ﴿فكبكبوا فيها هم والغاوون﴾ أي: الآلهة، والغاوون أي: عبدتهم، والكبكبة: تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى، كأنه إذا ألقي في النار يكب مرة بعد مرة حتى يستقر في قعر جهنم، اللهم أعذنا منها.
وكبكب معهم ﴿جنود إبليس﴾ أي: أتباعه وشياطينه.
﴿يختصمون﴾ أي: يخاصم بعضهم بعضا.
و " إن " هي المخففة من الثقيلة، أي: إنا كنا في ﴿ضلل مبين إذ﴾ سويناكم بالله في توجيه العبادة إليكم.
والمراد بالمجرمين الذين أضلوهم: رؤساؤهم وكبراؤهم والذين اقتدوا بهم ﴿ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا﴾ (35)، ﴿فما لنا من شافعين﴾ يشفعون لنا، ويسألون في أمرنا، كما نرى المؤمنين لهم شفعاء من النبيين والأوصياء، ولا صديق كما نرى لهم أصدقاء.
الصادق (عليه السلام): " والله لنشفعن في شيعتنا، قالها ثلاثا، حتى يقول عدونا: ﴿فما لنا من شافعين﴾ إلى قوله: ﴿من المؤمنين﴾ " (36).
وعن جابر بن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله): " إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان، وصديقه في الجحيم؟فيقول الله سبحانه: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي في النار: ﴿فما لنا من شافعين ولا صديق حميم﴾ " (37).
والحميم من الاحتمام، وهو الاهتمام، وهو الذي يهمه ما يهمك، أو من " الحامة " بمعنى الخاصة، وهو الصديق الخاص.
وإنما جمع " الشفعاء " ووحد " الصديق " لكثرة الشفعاء وقلة الصديق الصادق في الوداد.
ويجوز أن يكون المراد بالصديق الجمع.
والكرة: الرجعة إلى الدنيا، و " لو " هنا في معنى التمني، المعنى: فليت لنا كرة.
ويمكن أن يكون " لو " على أصل معناه، ويكون محذوف الجواب والتقدير: لفعلنا كذا.
﴿كذبت قوم نوح المرسلين (105) إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون (106) إني لكم رسول أمين (107) فاتقوا الله وأطيعون (108) وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العلمين (109) فاتقوا الله وأطيعون (110) قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون (111) قال وما علمي بما كانوا يعملون (112) إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون (113) وما أنا بطارد المؤمنين (114) إن أنا إلا نذير مبين (115) قالوا لئن لم تنته ينوح لتكونن من المرجومين (116) قال رب إن قومي كاذبون (117) فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين (118) فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون (119) ثم أغرقنا بعد الباقين (120) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (121) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (122)﴾ " القوم " مؤنث، وتصغيره " قويمة ".
﴿أخوهم﴾ مثل قول العرب: يا أخا بني أسد، يريدون: يا واحدا منهم، ومنه بيت الحماسة: لا يسألون أخاهم حين يندبهم * في النائبات على ما قال برهانا (38) ﴿رسول أمين﴾ على الرسالة، أو كان مشهورا فيهم بالأمانة كمحمد (صلى الله عليه وآله) في قريش.
﴿وأطيعون﴾ فيما أدعوكم إليه من الإيمان والتوحيد.
﴿وما أسئلكم﴾ على هذا الأمر ﴿من أجر﴾ يعني على دعائه ونصحه.
﴿فاتقوا الله﴾ في طاعتي، وكرر ذلك ليقرره في نفوسهم مع أن كل واحد منهما قد تعلق بعلة: جعل علة الأول كونه أمينا فيما بينهم، وعلة الثاني حسم طمعه عنهم.
وقرئ: " وأتباعك " (39) جمع تابع كشاهد وأشهاد، أو جمع تبع كبطل وأبطال.
والواو للحال، والتقدير: وقد اتبعك، فأضمر " قد "، والرذالة والنذالة: الخسة والدناءة، وإنما استرذلوهم لاتضاع نسبهم وقلة نصيبهم من الدنيا، وقيل: كانوا من أهل الصناعات الدنيئة كالحياكة ونحوها (40).
﴿وما علمي﴾ وأي شئ علمي؟والمراد: انتفاء علمه بسر أمرهم وباطنه، وإنما قال هذا لأنهم قد طعنوا مع استرذالهم في إيمانهم، وادعوا أنهم لم يؤمنوا على بصيرة وإنما آمنوا هوى وبديهة، كما حكى الله عنهم قولهم: ﴿الذين هم أراذلنا بادي الرأي﴾ (41).
ويجوز أن يكون قد فسر نوح قولهم: ﴿الأرذلون﴾ بما هو الرذالة عنده من سوء الأعمال وفساد العقيدة، ثم بنى جوابه على ذلك فقال: ما علي إلا اعتبار الظواهر دون الفحص عن الضمائر، فإن كانوا على ما وصفتم فالله محاسبهم ومجازيهم ﴿وما... أنا إلا نذير﴾ لا محاسب ولا مجاز، وليس من شأني أن أطرد ﴿المؤمنين﴾ طمعا في إيمانكم.
﴿قالوا لئن لم تنته﴾ أي: لئن لم ترجع عما تقول ﴿لتكونن من المرجومين﴾ بالحجارة أو بالشتم.
﴿قال رب﴾ إنهم ﴿كذبون?﴾ - ي في وحيك ورسالتك فاحكم بيني وبينهم.
والفتاح: الحاكم، والفتاحة: الحكومة.
و ﴿الفلك﴾ السفينة، وهو واحد هنا، وجمع في قوله: ﴿وترى الفلك فيه مواخر﴾ (42) فالواحد كقفل، والجمع كأسد، جمعوا فعلاء (43) على " فعل " كما جمعوا " فعلى " على " فعل " لأنهما أخوان في قولك: العرب والعرب، والعجم والعجم، والرشد والرشد، و ﴿المشحون﴾ المملوء.
﴿كذبت عاد المرسلين (123) إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون (124) إني لكم رسول أمين (125) فاتقوا الله وأطيعون (126) وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العلمين (127) أتبنون بكل ريع آية تعبثون (128) وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون (129) وإذا بطشتم بطشتم جبارين (130) فاتقوا الله وأطيعون (131) واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون (132) أمدكم بأنعم وبنين (133) وجنت وعيون (134) إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (135) قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين (136) إن هذا إلا خلق الأولين (137) وما نحن بمعذبين (138) فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (139) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (140)﴾ الريع: المكان المرتفع، والآية: العلم، قيل: كانوا يهتدون بالنجوم في أسفارهم، فاتخذوا في طرقهم أعلاما طوالا فعبثوا بذلك، لأنهم كانوا مستغنين عنها بالنجوم (44)، وقيل: كانوا يبنون أبنية لا يحتاجون إليها لسكناهم، فجعل بناء ما يستغنون عنه عبثا منهم (45).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مالابد منه " (46).
وقيل: كانوا يبنون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة فيعبثوا بهم (47).
والمصانع: مآخذ الماء، وقيل: القصور المشيدة والحصون (48) ﴿لعلكم تخلدون﴾ أي: ترجون الخلود في الدنيا، أو: يشبه حالكم حال من يخلد.
﴿وإذا بطشتم﴾ بسوط أو سيف ﴿بطشتم﴾ ظالمين عالين، وقيل: الجبار: الذي يقتل ويضرب على الغضب (49)، وعن الحسن: مبادرين تعجيل العذاب لا يتفكرون في العواقب (50).
ثم نبههم على نعم الله تعالى عليهم، فأجملها بقوله: ﴿أمدكم بما تعلمون﴾، ثم فصلها وعددها عليهم، وعرفهم المنعم النعم بتعديدها، أي: ﴿سواء علينا أوعظت أم لم تكن﴾ من أهل الوعظ.
وقرئ: " خلق الأولين " بالفتح (51)، ومعناه: إن ما جئت به ليس إلا اختلاق الأولين وكذبهم، أو: ما خلقنا هذا إلا خلق القرون الماضية، نحيا كما حيوا، ونموت كما ماتوا ولا بعث ولا حساب.
وقرئ: " خلق الأولين " بالضم (52)، أي: ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت إلا عادة لم يزل عليها الناس في قديم الدهر، أو: ما هذا الذي جئت به من الكذب إلا عادة الأولين كانوا يلفقون مثله.
﴿كذبت ثمود المرسلين (141) إذ قال لهم أخوهم صلح ألا تتقون (142) إني لكم رسول أمين (143) فاتقوا الله وأطيعون (144) وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العلمين (145) أتتركون في ما ههنا آمنين (146) في جنات وعيون (147) وزروع ونخل طلعها هضيم (148) وتنحتون من الجبال بيوتا فرهين (149) فاتقوا الله وأطيعون (150) ولا تطيعوا أمر المسرفين (151) الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون (152) قالوا إنما أنت من المسحرين (153) ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصدقين (154) قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم (155) ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم (156) فعقروها فأصبحوا نادمين (157) فأخذهم العذاب إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين (158) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (159)﴾
﴿في ما ههنا﴾ أي: في الذي استقر في هذا المكان من النعيم.
ثم فسر ذلك بقوله: ﴿في جنات وعيون﴾ والمعنى: ﴿أتتركون﴾ فيما أنتم فيه من نعيم الدنيا لا تزالون عنه.
وخص " النخل " بأفرادها من جملة الجنات لفضله، أو: لأنه أراد بالجنات غير النخل من الشجر ثم عطفها عليها، والطلع: الكفرى (53) لأنه يطلع من النخل، والهضيم: اللطيف الضامر من قولهم: كشح هضيم، وفي طلع إناث النخل لطف ليس ذلك في طلع فحالها، وقيل: الهضيم: اللين النضيج (54).
وقرئ: " فرهين " (55) و ﴿فرهين﴾، والفاره: الكيس الحاذق، أي: حاذقين بنحتها، والفره: الأشر البطر.
أي: ﴿أطيعون?﴾ - ي فيما آمركم به.
﴿ولا تطيعوا﴾ رؤساءكم المفسدين، ولا تمتثلوا (56) أو أمرهم.
والمسحر الذي سحر كثيرا حتى غلب على عقله، أي: سحرت مرة بعد أخرى فصرت لا تدري ما تقول، وقيل: معناه: أنت من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب مثلنا، فلم صرت أولى بالنبوة منا ؟! (57).
والشرب: النصيب من الماء إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله، ولهم ﴿شرب يوم﴾ لا تشرب فيه الماء، وإنما عظم اليوم لحلول العذاب العظيم فيه.
﴿كذبت قوم لوط المرسلين (160) إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون (161) إني لكم رسول أمين (162) فاتقوا الله وأطيعون (163) وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العلمين (164) أتأتون الذكران من العلمين (165) وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون (166) قالوا لئن لم تنته يلوط لتكونن من المخرجين (167) قال إني لعملكم من القالين (168) رب نجنى وأهلي مما يعملون (169) فنجيناه وأهله أجمعين (170) إلا عجوزا في الغابرين (171) ثم دمرنا الآخرين (172) وأمطرنا عليهم مطرا فسآء مطر المنذرين (173) إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين (174) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (175)﴾ أي: أتأتون من بين أولاد آدم ذكرانهم كأن الإناث قد أعوزتكم؟والمراد ب? ﴿- العلمين﴾ الناس، أو: أتأتون أنتم من بين ما عداكم من العالمين الذكران؟بمعنى: أنكم يا قوم لوط وحدكم مختصون بهذه الفاحشة.
والمراد بالعالمين: كل ما ينكح من الحيوان.
في ﴿من أزواجكم﴾ تبيين لما خلق ﴿عادون﴾ معتدون في الظلم، متجاوزون فيه الحد.
﴿لئن لم تنته﴾ عن نهينا، ولم تمتنع عن تقبيح أفعالنا ﴿لتكونن﴾ من جملة من أخرجناه من بين أظهرنا، وطردناه من بلدنا.
﴿من القالين﴾ أبلغ من أن يقول: ﴿إني لعملكم﴾ قال، كما يقول: فلان من العلماء، أي: معدود في جملتهم معروف بالعلم فيهم، ويجوز أن يكون المراد: إني من الكاملين في قلاكم، والقلى: البغض الشديد، كأنه بغض يقلي الفؤاد والكبد مما يعلمون من عقوبة عملهم.
﴿إلا عجوزا في الغابرين﴾ أي: مقدرا غبورها في العذاب والهلاك، قيل: إنها هلكت مع من خرج من القرية بما أمطر عليهم من الحجارة (58).
قال قتادة: أمطر الله على شذاذ القوم حجارة من السماء فأهلكهم (59)، وعن ابن زيد: لم يرض بالائتفاك (60) حتى أتبعه مطرا من حجارة (61)، والتقدير: ﴿فسآء مطر المنذرين﴾ مطرهم فحذف، ولم يرد بالمنذرين قوما بأعيانهم إنما هو للجنس.
﴿كذب أصحب ليكة المرسلين (176) إذ قال لهم شعيب ألا تتقون (177) إني لكم رسول أمين (178) فاتقوا الله وأطيعون (179) وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العلمين (180) أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين (181) وزنوا بالقسطاس المستقيم (182) ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (183) واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين (184) قالوا إنما أنت من المسحرين (185) وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكذبين (186) فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصدقين (187) قال ربى أعلم بما تعملون (188) فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم (189) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (190) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (191)﴾ قرئ: ﴿أصحب ليكة﴾ بالهمزة وبتخفيفه وبالجر على الإضافة، وقرئ بالفتح (62) على أن " أيكة " اسم بلد، وروي: أن أصحاب الأيكة كانوا أصحاب شجر ملتف، وكان شجرهم الدوم (63).
ولم يقل: أخوهم شعيب كما في المواضع المتقدمة، لأن شعيبا لم يكن من أصحاب الأيكة، وفي الحديث: " أن شعيبا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة " (64).
بخسه حقه بمعنى: نقصه إياه ﴿ولا تبخسوا﴾ أي: لا تنقصوا الناس حقوقهم، وهو عام في أن لا يهضم حق لأحد، ولا يغصب ملك ولا يتصرف فيه إلا بإذن مالكه، وعثا في الأرض يعثو، وعثا يعثي، وعاث يعيث بمعنى، وذلك نحو: قطع الطريق وإهلاك الزرع.
﴿والجبلة﴾ الخليقة، أي: ذوي الجبلة، وهو كقولك: والخلق الأولين.
﴿وما أنت إلا بشر مثلنا﴾ دخلت الواو هنا لمعنى، وهو أنهم قصدوا أن البشرية والتسخير كليهما مناف للرسالة عندهم ﴿إن﴾ المخففة من الثقيلة، وهي ولامها تفرقتا على فعل " الظن " وثاني مفعوليه، لأنهما في الأصل يتفرقان على المبتدأ والخبر، فلما كان باب " كان " وباب " ظننت " من جنس باب المبتدأ والخبر، قالوا أيضا في البابين: إن كان زيد لقائما ﴿وإن نظنك لمن الكذبين﴾.
وقرئ: ﴿كسفا﴾ بسكون السين (65) وفتحها، وكلاهما جمع كسفة، أي: إن كنت صادقا فادع الله أن يسقط علينا كسفا من السماء.
﴿قال ربى أعلم بما تعملون﴾ أي: بأعمالكم وبما تستوجبون عليها من العقاب، فإن أراد أن يعاقبكم بإسقاط كسف من السماء فعل، وإن أراد عقابا آخر فعل، فأخذهم الله بمثل ما اقترحوه من عذاب ﴿الظلة﴾، يروى: أنه حبس عنهم الريح سبعا، وسلط عليهم الومد (66) فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا إلى البرية فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردا ونسيما، فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا (67).
﴿وإنه لتنزيل رب العلمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين (195) وإنه لفي زبر الأولين (196) أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل (197) ولو نزلناه على بعض الأعجمين (198) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (199) كذلك سلكنه في قلوب المجرمين (200) لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم (201) فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون (202) فيقولوا هل نحن منظرون (203) أفبعذابنا يستعجلون (204) أفرأيت إن متعناهم سنين (205) ثم جاءهم ما كانوا يوعدون (206) ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون (207) وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون (208) ذكرى وما كنا ظالمين (209) وما تنزلت به الشيطين (210) وما ينبغي لهم وما يستطيعون (211) إنهم عن السمع لمعزولون (212)﴾
﴿وإنه﴾ الضمير للقرآن، والمراد بالتنزيل: المنزل.
وقرئ: ﴿نزل به الروح الأمين﴾، و " نزل به الروح " (68)، والباء في كلتا القراءتين للتعدية، أي: جعل الله الروح الأمين نازلا به.
﴿على قلبك﴾ أي: حفظك وفهمك إياه وأثبته في قلبك إثبات ما لا ينسى، كقوله: ﴿سنقرئك فلا تنسى﴾ (69).
﴿بلسان﴾ الباء يتعلق ب? ﴿المنذرين﴾ أي: لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان وهم خمسة: هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، أو يتعلق ب? ﴿- نزل﴾ فيكون المعنى: نزله باللسان العربي لتنذر به، لأنه لو نزله باللسان الأعجمي وقالوا: ما نصنع بما لا نفهمه؟فيتعذر الإنذار.
وفي هذا الوجه أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك لأنك تفهمه وتفهمه قومك، ولو كان أعجميا لكان نازلا على سمعك دون قلبك، فكنت تسمع أجراس حروف ولا تفهم معانيها ولا تعيها.
﴿وإنه﴾ يعني القرآن ﴿لفي زبر الأولين﴾ يعني: ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية على وجه البشارة به وبمحمد (صلى الله عليه وآله)، وقيل: إن معانيه من الدعاء إلى التوحيد وغيره فيها (70).
وقرئ: ﴿أولم يكن﴾ بالتذكير و ﴿آية﴾ بالنصب على أنها خبره و ﴿أن يعلمه﴾ هو الاسم، وقرئ: " تكن " بالتأنيث و " آية " بالرفع (71) على أن في " تكن " ضمير القصة و " آية " خبر المبتدأ الذي هو ﴿أن يعلمه﴾، والجملة خبر " كان "، والمعنى: ألم يكن علم علماء بني إسرائيل بمجيئه دلالة لهم على صحة نبوته، وهم عبد الله بن سلام وغيره، كما قال سبحانه: ﴿وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين﴾ (72).
والأعجم الذي لا يفصح، يقال: في لسانه عجمة واستعجام.
﴿كذلك سلكنه﴾ أي: كما أنزلنا القرآن عربيا مبينا أدخلناه وأوقعناه ﴿في قلوب﴾ الكافرين بأن قرأه رسولنا عليهم.
ثم أسند ترك الإيمان إليهم بقوله: ﴿لا يؤمنون به﴾ ولا يزالون على التكذيب والجحود به حتى يعاينوا الوعيد ويروا العذاب، فيلحق بهم ﴿بغتة﴾ أي: مفاجأة ﴿وهم لا يشعرون﴾ بمجيئه.
﴿أفبعذابنا يستعجلون﴾ تبكيت لهم وتوبيخ.
ثم قال: هب أن الأمر كما يظنون من التمتيع والتعمير، فإذا أتاهم العذاب ما ينفعهم حينئذ ما مضى من طول أعمارهم وطيب عيشهم؟﴿لها منذرون﴾ أي: رسل ينذرونهم.
﴿ذكرى﴾ منصوبة بمعنى " تذكرة "، إما لأن " أنذر " و " ذكر " متقاربان، فكأنه قال: مذكرون تذكرة، وإما لأنها حال من الضمير في ﴿منذرون﴾ أي: ينذرونهم ذوي تذكرة، وإما لأنها مفعول له بمعنى: أنهم ينذرونهم لأجل التذكرة.
ويجوز أن يكون ﴿ذكرى﴾ متعلقة ب? ﴿أهلكنا﴾ مفعولا له، والمعنى: وما أهلكنا من أهل قرية ظالمة إلا بعدما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم ﴿وما كنا ظالمين﴾ فنهلك قوما غير ظالمين.
كانوا يقولون: إنما يتنزل على محمد (صلى الله عليه وآله) من جنس ما ينزل به الشياطين على الكهنة، فكذبهم الله بأن ذلك مما لا يتسهل للشياطين ولا يقدرون عليه، لأنهم مرجومون بالشهب ﴿معزولون﴾ عن استماع كلام أهل السماء.
﴿فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين (213) وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين (215) فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون (216) وتوكل على العزيز الرحيم (217) الذي يربك حين تقوم (218) وتقلبك في الساجدين (219) إنه هو السميع العليم (220) هل أنبئكم على من تنزل الشيطين (221) تنزل على كل أفاك أثيم (222) يلقون السمع وأكثرهم كاذبون (223) والشعراء يتبعهم الغاوون (224) ألم تر أنهم في كل واد يهيمون (225) وأنهم يقولون مالا يفعلون (226) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (227)﴾ علم عز اسمه أن ذلك لا يكون، لكنه أراد أن يحرك منه لازدياد الإخلاص والتقوى، وهي (73) لطف للمكلفين كما قال: ﴿ولو تقول علينا بعض الأقاويل﴾ (74).
﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ أمر صلوات الله وسلامه عليه بإنذار الأقرب فالأقرب من قومه، وأن يقدم إنذارهم على إنذار غيرهم.
وروي: أنه جمع بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل الجذعة ويشرب العس (75) على رجل شاة وقعب من لبن، فأكلوا وشربوا حتى صدروا، ثم أنذرهم فقال: " يا بني عبد المطلب، إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا "، ثم قال: " من يؤاخيني ويؤازرني فيكون وليي ووصيي بعدي، وخليفتي في أهل بيتي "؟فسكت القوم، وأعادها ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي (عليه السلام): أنا، وقال في المرة الثالثة: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك (76).
و " خفض الجناح " مثل في التواضع ولين الجانب.
﴿فإن عصوك﴾ فتبرأ منهم ومن أعمالهم.
﴿وتوكل على﴾ الله يكفك شر من يعصيك، وفوض أمرك إلى من يقدر على نفعك وضرك، وقرئ " فتوكل " بالفاء (77) ويكون عطفا على: ﴿فقل﴾ أو ﴿فلا تدع﴾.
﴿الذي يربك﴾ ويطلع عليك ﴿حين تقوم﴾ للتهجد، والمراد ب? ﴿- الساجدين﴾ المصلون، وتقلبه فيهم: تصرفه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده وقعوده إذا أمهم، وقيل: معناه: وتقلبك في أصلاب الموحدين حتى أخرجك نبيا (78)، وهو المروي عن أئمة الهدى (عليهم السلام) (79).
ثم ذكر سبحانه من ﴿تنزل﴾ عليه الشياطين ﴿كل أفاك أثيم﴾ هم الكهنة: كشق وسطيح، والمتنبئة: كمسيلمة الكذاب وطليحة.
﴿يلقون السمع﴾ هم الشياطين كانوا قبل أن يحجبوا بالرجم يستمعون إلى الملا الأعلى، فيختطفون بعض ما يتكلمون به مما اطلعوا عليه من الغيوب، ثم ﴿يلقون﴾ ما يسمعونه أي: يوحون به إليهم.
وقوله: ﴿وإنه لتنزيل رب العلمين﴾
﴿وما تنزلت به الشيطين﴾
﴿هل أنبئكم على من تنزل الشيطين﴾ (80) أخوان، فرق سبحانه بينهن بآيات ليست في معناهن لتطرئة ذكر ما فيهن كرة بعد كرة، فيدل بذلك على أن المعنى الذي نزل فيه من المعاني التي اشتدت كراهة الله لخلافها.
﴿والشعراء﴾ مبتدأ و ﴿يتبعهم الغاوون﴾ خبره، أي: لا يتبعهم على كذبهم وباطلهم وفضول قولهم، وما هم عليه من الهجاء وتمزيق الأعراض ومدح من لا يستحق المدح، ولا يستحسن ذلك منهم إلا الغاوون السفهاء (81)، وقيل: الغاوون: الراوون (82)، وقيل: الشياطين (83)، وقيل: هم شعراء المشركين: عبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وأبو غرة، وأمية بن أبي الصلت وغيرهم، قالوا: نحن نقول مثل ما قال محمد (صلى الله عليه وآله) وكانوا يهجونه، ويجتمع إليهم الأعراب من قومهم يستمعون أشعارهم وأهاجيهم (84).
وقوله: ﴿في كل واد يهيمون﴾ مثل لذهابهم في كل شعب من القول، وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق ومجاوزة حد القصد فيه، وقذف التقي وبهت البرئ.
﴿إلا الذين آمنوا﴾ استثنى الشعراء المؤمنين الذين يكثرون ذكر الله وتلاوة القرآن، وكان ذلك أغلب عليهم من الشعر، وإذا قالوا شعرا قالوه في توحيد الله والحكمة والموعظة والآداب الحسنة ومدح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصلحاء المؤمنين، وكان هجاؤهم على سبيل الانتصار والرد على من هجا المسلمين، وهم: عبد الله بن رواحة، والكعبان - كعب بن مالك وكعب بن زهير - وحسان بن ثابت.
قال (عليه السلام) لكعب بن مالك: " اهجهم، فوالذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من النبل " (85).
وقال لحسان: " قل وروح القدس معك " (86).
﴿وسيعلم الذين ظلموا﴾ وعيد بليغ وتهديد شديد ﴿أي منقلب ينقلبون﴾ أي منصرف ينصرفون، أي: سيعلمون أن ليس لهم وجه من وجوه الانقلاب وهو النجاة.
وقرأ الصادق (عليه السلام): " وسيعلم الذين ظلموا آل محمد (صلى الله عليه وآله) حقهم " (87) ويشبه أن تكون قراءة على سبيل التأويل.1- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 8 ص 4: قال قتادة: هي مكية، وقيل: أربع آيات منها مدنية من قوله: * (والشعراء...) * إلى آخرها، وهي مائتان وسبع وعشرون آية في الكوفي والمدني الأول، وست في البصري والمدني الآخر. وفي تفسير الآلوسي: ج 19 ص 58 ما لفظه: وفي تفسير الإمام مالك تسميتها بسورة الجامعة، وقد جاء في رواية عن ابن عباس وابن الزبير اطلاق القول بمكيتها.
2- الآية: 49.
3- الآية: 92 - 93.
4- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 346 مرسلا.
5- ثواب الأعمال للصدوق: ص 136.
6- ممن قرأهن بالإمالة: حمزة والكسائي وخلف ويحيى والعليمي والأعمش والمفضل وأبو بكر عن عاصم. راجع التبيان: ج 8 ص 3، وتفسير القرطبي: ج 13 ص 88.
7- وممن قرأهن بالتفخيم: ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 470.
8- ممن أظهر النون: حمزة وأبو جعفر والأعمش وما روى الكسائي عن إسماعيل عن نافع. راجع التبيان: ج 8 ص 3، وكتاب السبعة في القراءات: ص 470.
9- وممن أدغم النون: المدنيون وأبو عمرو وعاصم والكسائي على ما حكاه النحاس في إعراب القرآن: ج 3 ص 173.
10- قاله ابن عيسى كما في التبيان: ج 8 ص 6. والآية من سورة يوسف: 4.
11- قاله ابن شجرة وقطرب. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 165.
12- لام قيس الضبية، وصدره: ومشهد قد كفيت الغائبين به وقد تقدم ذكر البيت وشرحه في ص في سورة هود: 103.
13- قاله ابن عباس ومجاهد وأبو زيد والأخفش والنقاش. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 165، وتفسير القرطبي: ج 13 ص 89.
14- قرأه يعقوب. راجع التبيان: ج 8 ص 8.
15- طه: 47.
16- قاله ابن عباس كما في مجمع البيان: ج 7 ص 186.
17- قاله ابن عباس ومقاتل. راجع مجمع البيان السابق.
18- حكاه عنه الآلوسي في تفسيره: ج 19 ص 68.
19- البقرة: 282.
20- الحجر: 66.
21- طنز طنزا به: سخر منه. (لسان العرب: مادة طنز).
22- في ج 1 ص 686 من سورة الأعراف: 111 فراجع.
23- وعجزه: أو عبد رب أخا عون بن مخراق. انظر خزانة الأدب للبغدادي: ج 8 ص 215.
24- في نسخة زيادة: " به ".
25- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 312 مرسلا.
26- في بعض النسخ: " والقماءة ".
27- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 471.
28- في نسخة: " تحفها ".
29- قاله ابن عيسى. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 172.
30- في نسخة: " الخطاء ".
31- قاله السدي والكلبي. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 176، وتفسير البغوي: ج 3 ص 390.
32- وصدره: وخيل قد دلفت لها بخيل. وهو منسوب لعمرو بن معد يكرب، قد تقدم شرح البيت في ج 1 ص 73 فراجع.
33- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 321.
34- الملك: 27.
35- الأحزاب: 67.
36- رواه في تأويل الآيات: ص 386 نقلا عن البرقي.
37- رواه القرطبي في تفسيره: ج 13 ص 118.
38- البيت منسوب لقريط بن انيف العنبري، وهو أول أبيات ثمانية نظمها عندما أغار عليه ناس من بني شيبان فأخذوا له ثلاثين بعيرا، فاستنجد قومه فلم ينجدوه، فأتى مازن تميم فركب معه نفر فأطردوا لبني شيبان مائة بعير فدفعوها إليه. انظر خزانة الأدب: ج 7 ص 441.
39- قرأه عبد الله وابن عباس والأعمش وأبو حياة والضحاك وابن السميقع وسعيد بن أبي سعيد الأنصاري وطلحة ويعقوب. راجع التبيان: ج 8 ص 41، وتفسير الآلوسي: ج 19 ص 107.
40- قاله عكرمة ومجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 179، وتفسير البغوي: ج 3 ص 392.
41- هود: 27.
42- فاطر: 12.
43- في بعض النسخ " فعلا ".
44- قاله عكرمة ومجاهد. راجع تفسير القرطبي: ج 13 ص 123.
45- قاله عطية والكلبي. راجع المصدر السابق.
46- أخرجه أبو داود في سننه: ج 4 ص 361 ح 5237 وليس فيه لفظة " يبنى ".
47- قاله الضحاك والكلبي. راجع تفسير الآلوسي: ج 19 ص 110.
48- وهو قول مجاهد والكلبي. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 181، وتفسير البغوي: ج 3 ص 393.
49- قاله الحسن والكلبي. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 182، وتفسير القرطبي: ج 13 ص 124.
50- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 326.
51- قرأه ابن كثير وأبو عمرو والكسائي وأبو جعفر. راجع التبيان: ج 8 ص 46.
52- وهي قراءة أبي قلابة والأصمعي عن نافع. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 109، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 7 ص 34.
.
53- قال ابن الأثير: كفرى بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها مقصور: هو وعاء الطلع وقشره الأعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو الطلع حين ينشق (النهاية: مادة كفر).
54- قاله ابن عباس وعكرمة. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 182.
55- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. راجع التبيان: ج 8 ص 48.
56- في نسخة: " تقبلوا ".
57- قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج 8 ص 48.
58- حكاه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 8 ص 55.
59- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 331.
60- في نسخة " بالانقلاب ". قال الجوهري: ائتفكت البلدة بأهلها أي: انقلبت، والمؤتفكات: المدن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط (عليه السلام). راجع الصحاح: مادة " أفك ".
61- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 331.
62- قرأه الحرميان وابن عامر. راجع التبيان: ج 8 ص 57.
63- رواه القرطبي في تفسيره: ج 13 ص 135 عن قتادة.
64- رواه الرازي في تفسيره: ج 24 ص 163.
65- وهي قراءة الجمهور إلا حفصا فإنه قرأ بفتح السين. راجع التذكرة في القراءات: ج 2 ص 581.
66- الومد: شدة حر الليل. (الصحاح: مادة ومد).
67- رواه السيوطي في الدر المنثور: ج 6 ص 320 عن ابن عباس.
68- قرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 473.
69- الأعلى: 6.
70- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 335.
71- وهي قراءة ابن عامر. راجع التبيان: ج 8 ص 61.
72- القصص: 53.
73- في نسخة " فيه ".
74- الحاقة: 44.
75- العس: القدح العظيم، والرفد أكبر منه، وجمعه: عساس. (الصحاح: مادة عس).
76- رواه الطبري في تفسيره: ج 9 ص 483 عن ابن عباس.
77- قرأه نافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 473.
78- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 315.
79- تفسير القمي علي بن إبراهيم: ج 2 ص 125 وفيه: " النبيين " بدل " الموحدين ".
80- الآيات حسب الترتيب: 192، 210، 221.
81- في نسخة: " والسفهاء ".
82- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 315.
83- قاله مجاهد وقتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 189.
84- قاله ابن عباس كما في تفسير الآلوسي: ج 19 ص 146.
85- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 345.
86- رواه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 404 عن البراء.
87- تفسير القمي علي بن إبراهيم: ج 2 ص 125.