سورة النور
مدنية (1)، أربع وستون آية.
في حديث أبي: " من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وما بقي " (2).
الصادق (عليه السلام): " حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور، وحصنوا بها نساءكم، فإن من أدمن قراءتها في كل يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد من أهل بيته أبدا حتى يموت، فإذا هو مات شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك كلهم يدعون ويستغفرون الله له حتى يدخل في قبره " (3) صدق ولي الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينت لعلكم تذكرون (1) الزانية والزاني فاجلدوا كل وا حد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (2) الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين (3)﴾
﴿سورة﴾ خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ موصوف ب? ﴿أنزلناها﴾ والخبر محذوف أي: فيما يتلى عليكم ﴿سورة أنزلناها﴾، وقرئ في الشواذ: " سورة أنزلناها " بالنصب (4) على: زيدا ضربته، و ﴿أنزلناها﴾ تفسير للفعل المضمر، أو على: اقرأ سورة و ﴿أنزلناها﴾ صفة ﴿وفرضناها﴾ وفرضنا أحكامها التي فيها، أي (5): جعلناها واجبة مقطوعا بها، وأصل الفرض القطع، وقرئ: " فرضناها " بالتشديد (6) وهو للتوكيد وللمبالغة في الإيجاب، أو: لأن فيها فرائض شتى، تقول: فرضت الفريضة وفرضت الفرائض، وقرئ: ﴿تذكرون﴾ بتشديد الذال (7) وتخفيفها.
﴿الزانية والزاني﴾ رفعهما على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: فيما فرض عليكم الزانية والزاني أي: جلدهما، ويجوز أن يكون الخبر ﴿فاجلدوا﴾ لأن الألف واللام بمعنى " الذي " و " التي "، والتقدير: الذي زنى والتي زنت فاجلدوهما، كما تقول: من زنى فاجلدوه.
والجلد: ضرب الجلد، تقول: جلده كما تقول: ظهره وبطنه وركبه، وهذا حكم من ليس بمحصن من الزناة الأحرار البالغين، فأما المحصن فحكمه الرجم.
وقرئ: " رأفة " بفتح الهمزة (8)، والمعنى: أن الواجب على المؤمنين أن يستعملوا الجد في دين الله، ولا يأخذهم اللين والهوادة في استيفاء حدوده، وقوله: ﴿إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ من باب التهييج وإلهاب الغضب لله ولدينه، وقيل: معناه: ﴿لا تأخذكم بهما﴾ رحمة تمنعكم عن إقامة الحد عليهما فتعطلوا الحدود (9)، أو: من الضرب الشديد، بل أوجعوهما ضربا ولا تخففوا كما يخفف في حد الشارب.
والرجل يجلد قائما على حالته التي وجد عليها ضربا وسطا مفرقا على الأعضاء كلها، لا يستثنى منها إلا ثلاثة: الوجه والرأس والفرج، وفي لفظ: " الجلد " إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم.
والمرأة تجلد قاعدة عليها ثيابها قد ربطت عليها حتى لا تبدو عورتها.
وفي تسميته " عذابا " دليل على أنه عقوبة، ويجوز أن يسمى " عذابا " لأنه يمنع من المعاودة كما يسمى " نكالا ".
والطائفة: الفرقة الحافة حول الشئ، وهم ثلاثة فصاعدا، وهي صفة غالبة، وعن الباقر (عليه السلام) وابن عباس (رضي الله عنه) والحسن وغيرهم: " أن أقلها رجل واحد " (10).
وينبغي أن لا يشهد إلا خيار الناس.
الفاسق: الذي من شأنه الزنا، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء اللاتي على خلاف صفته، وإنما يرغب في زانية مثله أو مشركة، وكذلك الزانية المسافحة المشهورة بذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها.
وإنما قرن سبحانه بين الزاني والمشرك تفخيما لأمر الزنا واستعظاما له، ومعنى الجملة الأولى: وصف الزاني بكونه غير راغب في العفائف لكن في الزواني، ومعنى الجملة الثانية: وصف الزانية بكونها غير مرغوب فيها للاعفاء ولكن للزناة، وبينهما فرق، وإنما قدمت الزانية على الزاني في الأولى لأن الآية مسوقة لعقوبتهما على جنايتهما، والمرأة منها منشأ الجناية، وهي الأصل والمادة في ذلك، ثم قدم الزاني عليها في الثانية (11) لأن الآية مسوقة لذكر النكاح، والرجل هو الأصل فيه والخاطب، ومنه مبدأ الطلب.
وحرم الزنا (12) ﴿وحرم﴾ نكاح المشهورات بالزنا على المؤمنين.
﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة ولا تقبلوا لهم شهدة أبدا وأولئك هم الفاسقون (4) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (5)﴾ ذكر سبحانه حد الزنا، ثم ذكر حد القذف بالزنا، أي: يقذفون العفائف من النساء بالزنا والفجور ﴿ثم لم يأتوا بأربعة﴾ عدول يشهدون بأنهم شاهدوهن يفعلن ذلك ﴿فاجلدوهم﴾ والواجب أن يحضروا في مجلس واحد، فإن جاءوا متفرقين كانوا قذفة.
ويقتضي نظم الآية أن تكون هذه الجمل الثلاث بأجمعها جزاء للشرط، فيكون التقدير: من قذف المحصنات فاجلدوهم وردوا شهادتهم وفسقوهم، أي: فاجمعوا لهم الجلد ورد الشهادة والتفسيق ﴿إلا الذين تابوا﴾ عن القذف ﴿وأصلحوا فإن الله﴾ يغفر لهم، فلا يجلدون ولا ترد شهادتهم ولا يفسقون.
والأبد: اسم لزمان طويل انتهى أو لم ينته، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته، سواء حد أو لم يحد، عن أئمة الهدى (عليهم السلام) وابن عباس (رضي الله عنه) (13)، وهو مذهب الشافعي (14).
ومن شرط توبة القاذف أن يكذب نفسه، فإن لم يفعل ذلك لم تقبل شهادته.
﴿والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهدا ت بالله إنه لمن الصدقين (6) والخمسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكذبين (7) ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهدا ت بالله إنه لمن الكذبين (8) والخمسة أن غضب الله عليها إن كان من الصدقين (9) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم (10)﴾ روي: أنه لما نزلت آية القذف قام عاصم بن عدي الأنصاري فقال: يا رسول الله، إن رأى رجل منا مع امرأته رجلا فأخبر بما رأى جلد ثمانين! وإلى أن يجئ بأربعة شهداء فقد قضى الرجل حاجته ومضى، قال: كذلك أنزلت يا عاصم، فخرج فلم يصل إلى منزله حتى استقبله هلال بن أمية يسترجع، فقال: ما وراءك؟قال: شر، وجدت على بطن امرأتي خولة شريك بن سمحاء، فقال: هذا والله سؤالي، فرجعا، فأخبر عاصم رسول الله، فبعث إليها فقال: ما يقول زوجك؟فقالت: لا أدري، الغيرة أدركته أم بخلا على الطعام، وكان شريك نزيلهم، فنزلت الآيات ولا عن بينهما (15).
وقرئ: " أربع شهادات " بالنصب (16) لأنه في حكم المصدر الذي هو ﴿فشهادة أحدهم﴾ وهي مبتدأ محذوف الخبر، فيكون التقدير: فواجب أن يشهد أحدهم أربع شهادات، ويكون ﴿بالله﴾ من صلة ﴿شهدا ت﴾، وفي الرفع يكون ﴿أربع شهدا ت﴾ خبرا.
وقرئ: " أن لعنة الله " و " أن غضب الله " على تخفيف ﴿أن﴾ ورفع ما بعدهما (17).
وقرئ بنصب ﴿الخمسة﴾ الثانية (18) على معنى: وتشهد الخامسة.
وصفة اللعان: أن يوقف الرجل بين يدي الحاكم والمرأة عن يمينه، فيقول الرجل أربع مرات: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما ذكرته من الفجور عنها، ثم يقول في المرة الخامسة: لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به.
ويدرأ (19) عن المرأة العذاب - وهو حد الزنا - أن تقول: أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما قذفني به، أربع مرات، مرة بعد أخرى، وتقول في الخامسة: غضب الله علي إن كان من الصادقين فيما قذفني به، ثم يفرق الحاكم بينهما، ولا تحل له أبدا، وكان عليها العدة من وقت اللعان.
وإن نكل الرجل عن اللعان قبل استكمال الشهادات وجب عليه حد القذف.
وجواب ﴿لولا﴾ متروك، وتركه دال على أمر عظيم لا يكتنه.
﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرى منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12) لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون (13) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم (15) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم (16) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (17) ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (18) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (19) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم (20)﴾ " الإفك ": أبلغ الكذب، وأصله من " الإفك " وهو القلب، لأنه قول مأفوك عن وجهه، والمراد: ما أفك به على عائشة وصفوان بن المعطل.
والعصبة: الجماعة من العشرة إلى أربعين، وكذلك العصابة، واعصوصبوا: اجتمعوا، وهم: عبد الله بن أبي وهو الذي ﴿تولى كبره﴾ أي: إثمه، ومسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم.
﴿لكل امرئ﴾ من تلك العصبة نصيبه ﴿من الإثم﴾ على مقدار خوضه في الإفك، والعذاب العظيم لابن أبي، لأن معظم الشر كان منه، يشيع ذلك في الناس ويقول: امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها، والله ما نجت منه ولا نجا منها.
والخطاب في قوله: ﴿هو خير لكم﴾ لعائشة وصفوان لأنهما المقصودان بالإفك، ولمن ساءه ذلك من المؤمنين ولكل من رمي بسب، ومعنى كونه خيرا لهم: أن الله تعالى يعوضهم بصبرهم.
وكان سبب الإفك: أن عائشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق، وكانت قد خرجت لقضاء حاجة، فرجعت طالبة له، وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم أنها فيه، فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا، وكان صفوان من وراء الجيش، فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة.
كذا رواه الزهري عن عائشة (20).
وقرئ: " كبره " بضم الكاف (21)، أي: عظمه ﴿بأنفسهم﴾ أي: الذين هم كأنفسهم، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة.
ونحوه: ﴿ولا تلمزوا أنفسكم﴾ (22) و ﴿فسلموا على أنفسكم﴾ (23)، وقيل: معناه: هلا ظننتم ما تظنونه بأنفسكم لو خلوتم بها (24)، ولم يقل: ظننتم بأنفسكم خيرا، عدولا عن المضمر إلى المظهر، وعن الخطاب إلى الغيبة، ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات.
ويدل على أن الاشتراك في الإيمان مقتض أن لا يصدق مؤمن على أخيه قول غائب، وموجب أن يصرح ببراءة ساحته وتكذيب قاذفه.
﴿لولا﴾ الأولى والثانية للتحضيض، وهذه لامتناع الشئ لوجود غيره، والمعنى: ولولا أني حكمت بأن أتفضل عليكم في الدنيا والآخرة لعاجلتكم بالعقاب فيما خضتم فيه.
يقال: أفاض في الحديث واندفع وخاض.
﴿إذ﴾ ظرف ﴿لمسكم﴾ أو ل? ﴿أفضتم﴾، ﴿تلقونه﴾ يأخذه بعضكم من بعض، يقال: تلقى القول وتلقنه وتلقفه بمعنى، والأصل تتلقونه، وصفهم بارتكاب آثام ثلاثة، وعلق مس العذاب العظيم بها، وهو: التحدث منهم به حتى انتشر وشاع، وقولهم بأفواههم ما لا علم لهم به، واستحقارهم لذلك.
وفصل بين ﴿لولا﴾ و ﴿قلتم﴾ بالظرف لفائدة، وهي بيان أنه كان يجب عليهم أول ما سمعوا أن يتفادوا عن التكلم به، فكان ذكر الوقت أهم، فوجب تقديمه ﴿سبحانك﴾ فيه تعجب من عظم الأمر، أو تنزيه الله من أن تكون زوجة نبيه فاجرة.
﴿يعظكم الله﴾ في ﴿أن تعودوا﴾ من قولك: وعظت فلانا في كذا فتركه، أو كراهة أن تعودوا أبدا، أي: ما دمتم أحياء مكلفين، و ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ تهييج (25) لهم، أو (26) تذكير بما يوجب ترك العود، وهو اتصافهم بالإيمان الصارف عن القبيح.
﴿تشيع الفاحشة﴾ أي: تشيعونها عن قصد إلى الإشاعة ومحبة لها، وعذاب الدنيا: الحد ﴿والله يعلم﴾ ما في القلوب من الأسرار.
﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوا ت الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكى من يشاء والله سميع عليم (21) ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمسكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (22) إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم (23) يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (24) يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين (25)﴾
﴿ما زكى منكم﴾ أي: ما طهر أحد منكم من وسوسة الشيطان، لكنه سبحانه يطهر بلطفه من يشاء، وهو من له لطف يفعله به ليزكو عنده ويصلح به.
﴿ولا يأتل﴾ أي: لا يحلف، وهو افتعال من الألية، وقرئ: " ولا يتأل " (27)، وعن الزجاج: يريد أن لا يؤتوا فحذف " لا "، والمعنى: لا يحلفوا على أن لا يحسنوا إلى من يستحق الإحسان (28) ﴿أولوا الفضل﴾ أولو الغنى ﴿منكم والسعة﴾ في المال، وقيل: معناه: لا يقصروا في أن يحسنوا إليهم وإن كانت بينهم وبينهم إحنة لجناية اقترفوها (29)، من قولهم: ما ألوت جهدا، إذا لم تدخر منه شيئا، نزلت في شأن مسطح، وكان ابن خالة أبي بكر، وكان فقيرا، وكان أبو بكر ينفق عليه، فلما خاض في الإفك حلف أن لا ينفق عليه.
وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة حلفوا أن لا يتصدقوا على من تكلم بشئ من الإفك ولا يواسوهم (30).
﴿الغافلات﴾ عن الفواحش.
وقرئ: ﴿يوم تشهد﴾ بالتاء والياء (31).
والدين: الجزاء، و ﴿الحق﴾ صفة للدين، أي: يوفيهم الجزاء الحق الذي هم أهله ﴿أن الله هو الحق المبين﴾ أي: العادل، الظاهر العدل الذي لا ظلم في حكمه.
﴿الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم (26) يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذا لكم خير لكم لعلكم تذكرون (27) فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم (28) ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (29)﴾
﴿الخبيثات﴾ من الكلم تقال أو تعد للخبيثين من الرجال والنساء ﴿والخبيثون﴾ منهم يتعرضون للخبيثات من القول، وكذلك ﴿الطيبات... والطيبون﴾، و ﴿أولئك﴾ إشارة إلى الطيبين، وأنهم ﴿مبرؤون﴾ مما يقول الخبيثون من خبيثات الكلم.
ويجوز أن يكون المراد بالخبيثات والطيبات النساء، أي: الخبائث يتزوجن الخباث، والخباث الخبائث، فكذلك أهل الطيب.
﴿حتى تستأنسوا﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه من الاستئناس، خلاف الاستيحاش، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا، فهو كالمستوحش لخفاء الحال عليه، فإذا أذن له استأنس، فالمعنى: حتى يؤذن لكم، فهو كقوله: ﴿لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم﴾ (32) فوضع الاستئناس موضع الإذن، لأن الاستئناس يرادف الإذن.
والثاني: أنه استفعال من أنس الشئ: إذا أبصره مكشوفا، والمعنى: حتى تستعلموا وتستكشفوا الحال هل يراد دخولكم أم لا؟ومنه قولهم: استأنست فلم أر أحدا، أي: استعلمت وتعرفت، ومنه قول النابغة: على مستأنس وحد (33) وعن أبي أيوب الأنصاري: قلنا: يا رسول الله، ما الاستئناس؟قال: " يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح، يؤذن أهل البيت، والتسليم: أن يقول: السلام عليكم، أأدخل، ثلاث مرات.
فإن أذن له وإلا رجع " (34).
﴿ذا لكم﴾ الاستئذان والتسليم ﴿خير لكم﴾ من تحية الجاهلية وهو قولهم: حييتم صباحا أو مساء، أو من الدخول بغير إذن ﴿لعلكم تذكرون﴾ أي: أنزل عليكم هذا إرادة أن تتعظوا وتعملوا بما أمرتم به في باب الاستئذان.
﴿فإن لم تجدوا فيها أحدا﴾ من الآذنين ﴿فلا تدخلوها﴾ واصبروا حتى تجدوا من يأذن لكم، أو: إن لم تجدوا فيها أحدا من أهلها فلا تدخلوها إلا بإذن أهلها لأنه تصرف في ملك غيرك، فلابد أن يكون برضاه ﴿فارجعوا﴾ ولا تقفوا على الأبواب منتظرين، ولا تلحوا (35) في تسهيل الحجاب ﴿هو أزكى لكم﴾ الرجوع أطهر لكم، لما فيه من السلامة والبعد عن الريبة لكم، وأنفع لكم وأنمى خيرا، ثم أوعد المخاطبين بأنه ﴿عليم﴾ بما يأتون وما يذرون، فيجازي بحسب ذلك.
ثم استثنى من البيوت التي لا يجب على داخلها الاستئذان: ما ليس بمسكون منها نحو: الفنادق وهي الخانات والربط وحوانيت الباعة والأرحية والحمامات، والمتاع: المنفعة والارتفاق والبيع والشراء، وقيل: هي الخربات المعطلة يتبرز فيها، والمتاع: التبرز (36).
﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصرهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخوا تهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورا ت النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون (31)﴾
﴿من﴾ للتبعيض، والمراد: غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل.
ويجوز عند الأخفش أن يكون " من " مزيدة (37)، ولم يجزه سيبويه (38).
الصادق (عليه السلام): " حفظ الفروج عبارة عن التحفظ من الزنا في جميع القرآن، إلا هنا فإن المراد به الستر حتى لا ينظر إليها أحد، ولا يحل للرجل أن ينظر إلى فرج أخيه، ولا للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها " (39).
ثم أخبر أنه ﴿خبير﴾ بأحوالهم وأفعالهم، ويعلم كيف ﴿يصنعون﴾، فعليهم أن يكونوا على حذر واتقاء في كل حركة وسكون.
وأمر النساء أيضا بغض الأبصار وحفظ الفروج كما أمر الرجال.
وعن أم سلمة قالت: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال: احتجبا، فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا؟فقال: أفعمياوان أنتما؟ألستما تبصرانه (40)؟الزينة: ما تزينت المرأة من حلي أو كحل أو خضاب، وهي ظاهرة وباطنة، فالظاهر لا يجب سترها وهي الثياب، وقيل: الكحل والخاتم والخضاب في الكف (41)، وقيل: الوجه والكفان (42)، وعنهم (عليهم السلام): الكفان والأصابع، والباطنة كالخلخال والسوار والقلادة والقرط، فلا تبديه إلا لهؤلاء المذكورين (43).
وسئل الشعبي: لم لم يذكر الله الأعمام والأخوال؟فقال: لئلا يصفها العم عند ابنه، وكذلك الخال (44).
وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في الأمر بالتستر، لأن هذه الزين واقعة على مواضع من الجسد، لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء، وأما الظاهرة فسومح فيها لهن، لأن المرأة لا تجد بدا من ذلك، خصوصا في الشهادة والمحاكمة.
والخمر: المقانع، جمع خمار، أمرن بإلقائها على جيوبهن لأنها لو كانت واسعة تبدو منها نحورهن، وكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى مكشوفة، فأمرن بسدلها من قدامهن حتى تغطيها.
ويجوز أن يكون المراد بالجيوب الصدور تسمية بما يليها، كما قيل: ناصح الجيب، وضربها بالخمار على الجيب وضعها عليه، كقولك: ضربت بيدي على الحائط.
وقرئ: " جيوبهن " بكسر الجيم (45) لأجل الياء، و " بيوتا غير بيوتكم " (46) بكسر الباء (47).
﴿أو نسائهن﴾ يعني: النساء المؤمنات، لأنه ليس للمؤمنة أن تتجرد بين يدي مشركة أو كتابية، وعن ابن عباس: والظاهر أنه عنى بنسائهن و ﴿ما ملكت أيمانهن﴾ من في صحبتهن وخدمتهن من الحرائر والإماء (48).
وقيل: ﴿ما ملكت أيمانهن﴾ هم الذكور والإناث جميعا (49).
والتابع: هو الذي يتبعك لينال من طعامك، ولا حاجة له في النساء، وهو الأبله الذي لا يعرف شيئا من أمر النساء، وقرئ ﴿غير﴾ بالنصب (50) على الاستثناء أو الحال، وبالجر على الوصفية، و ﴿الإربة﴾ الحاجة ﴿أو الطفل﴾ وضع الواحد موضع الجمع لأنه يفيد الجنس، و ﴿لم يظهروا﴾ هو إما من ظهر على الشئ: إذا اطلع عليه، أي: لا يعرفون ما العورة، ولا يميزون بينها وبين غيرها، وإما من ظهر على فلان: إذا قوي عليه، أي: لم يبلغوا وقت القدرة على الوطء لعدم شهوتهم.
وكانت المرأة تضرب الأرض برجلها ليتقعقع خلخالها، وقيل: كانت تضرب بإحدى رجليها الأخرى ﴿ليعلم﴾ أنها ذات خلخالين (51)، وإذا نهين عن إظهار صوت الحلي بعدما نهين عن إظهار الحلي علم أن النهي عن إظهار مواضع الحلي أبلغ.
وقرئ: " أيه المؤمنون " بضم الهاء (52)، والوجه فيه: أن الألف لما سقطت من " أيها " لالتقاء الساكنين اتبعت حركتها حركة ما قبلها.
﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله وا سع عليم (32) وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم (33) ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين (34)﴾ الأيامى واليتامى أصلهما " أياييم " و " تيايم " فقلبا، والأيم للرجل والمرأة، وتأيما إذا لم يتزوجا بكرين كانا أو ثيبين.
وفي الحديث: " اللهم إنا نعوذ بك من العيمة والأيمة والغيمة " (53).
أي: ﴿أنكحوا﴾ من يأتم منكم من الأحرار والحرائر، ومن كان فيه صلاح من غلمانكم وجواريكم، وهذا أمر ندب واستحباب.
وعنه (عليه السلام): " من أحب فطرتي فليستن بسنتي، وهي النكاح " (54).
وعنه (عليه السلام): " من كان له ما يتزوج به فلم يتزوج فليس منا " (55).
وعنه (عليه السلام): " التمسوا الرزق بالنكاح " (56).
الصادق (عليه السلام): " من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بربه، لقوله تعالى: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ " (57).
﴿لا يجدون نكاحا﴾ أي: استطاعة تزوج، ويجوز أن يراد بالنكاح ما ينكح به من المال ﴿والذين يبتغون﴾ مرفوع بالابتداء، أو منصوب بفعل مضمر يفسره ﴿فكاتبوهم﴾ كقولك: زيدا فاضربه، ودخلت الفاء لتضمن معنى الشرط.
والمكاتبة والكتاب أن يقول الرجل لمملوكه: كاتبتك على كذا، ومعناه: كتبت لك على نفسي أن تعتق مني إذا وفيت بالمال وكتبت لي على نفسك أن تفي بذلك، أو: كتبت عليك الوفاء بالمال وكتبت علي العتق ﴿إن علمتم فيهم خيرا﴾ أي: صلاحا ورشدا، وقيل: قدرة على أداء مال الكتابة (58).
﴿وآتوهم﴾ أمر بإعانتهم وإعطائهم سهمهم الذي جعله الله لهم في قوله: ﴿وفي الرقاب﴾ (59)، أو: حظهم من المال الذي عليهم وهو استحباب.
﴿ولا تكرهوا﴾ إماءكم على الزنا، وكانت إماء أهل الجاهلية يساعين على مواليهن، وكانت لعبد الله بن أبي ست جوار يكرههن على البغاء، وضرب عليهن ضرائب، فشكت اثنتان منهن إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنزلت (60).
ويكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة.
وفي الحديث: " ليقل أحدكم: فتاي وفتاتي، ولا يقل: عبدي وأمتي " (61).
و ﴿البغاء﴾ مصدر البغي، وإنما شرط إرادة التحصن لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن، وهو التعفف.
وكلمة ﴿إن﴾ وإيثارها على " إذا " تؤذن بأنهن كن يفعلن ذلك برغبة وطوع، ومن يجبرهن ﴿فإن الله من بعد إكراههن غفور﴾ وللمكرهات لا للمكره ﴿رحيم﴾ بهن، وعن الصادق (عليه السلام): " لهن غفور رحيم ".
و ﴿مبينات﴾ أي: واضحات ظاهرات في معاني الأحكام والحدود، و " مبينات " بالفتح: موضحات مفصلات ﴿ومثلا﴾ من أمثال ﴿من قبلكم﴾ وشبها من حالهم بحالكم.
﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثل للناس والله بكل شئ عليم (35) في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصر (37) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب (38)﴾ قال: ﴿نور السماوات﴾، ثم قال: ﴿مثل نوره﴾ و ﴿يهدي الله لنوره﴾، كما يقال: فلان كرم وجود، ثم يقول: ينعش الناس بكرمه ويشملهم جوده.
ومعناه: ذو نور السماوات وصاحب نور السماوات، وإضافة النور إلى السماوات والأرض لأحد معنيين: إما لأن المراد أهل السماوات والأرض وأنهم يستضيئون بنوره، وإما للدلالة على عموم إضاءته وشيوع إشراقه.
ورووا عن علي (عليه السلام): ﴿الله نور السماوات والأرض﴾ والمعنى: نشر فيها الحق فأضاءت بنوره، أو نور قلوب أهلها به (62).
﴿مثل نوره﴾ أي: صفة نوره العجيبة الشأن في الإضاءة والإشراق ﴿كمشكاة﴾ أي: كصفة مشكاة، وهي الكوة في الجدار غير النافذة ﴿فيها مصباح﴾ أي: سراج ثاقب ﴿المصباح في زجاجة﴾ زهراء هي مشبهة في ظهورها (63) ب? ﴿كوكب درى﴾ من الكواكب المشهورة بمزيد الضوء والظهور (64) كالمشتري والزهرة ونحوهما، وهو منسوب إلى الدر، أي: أبيض متلألئ.
وقرئ: " درئ " بالهمزة (65) على زنة " سكيت "، كأنه يدرأ الظلام أي: يدفعه بضيائه، و " دري " (66) كمريق، وهو العصفر ﴿يوقد﴾ هذا المصباح ﴿من شجرة﴾ أي: مبدأ ثقوبه من شجرة الزيتون، يعني: رويت ذبالته بزيتها، ومن قرأ " توقد " بالتاء (67) فالفعل للزجاجة، والتقدير: مصباحه الزجاجة، فحذف المضاف، وقرئ: ﴿يوقد﴾ بالياء أيضا ﴿مباركة﴾ كثيرة البركة والمنفعة، لأنه يسرج بدهنها، ويؤتدم بها، ويوقد بحطبه وثفله، ويغسل الإبريسم برماده، وهي أول شجرة نبتت بعد الطوفان في الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، وقيل: لأن سبعين نبيا باركوا فيها منهم إبراهيم (عليه السلام) (68) ﴿لا شرقية ولا غربية﴾ لأن منبتها الشام، وهي بين المشرق والمغرب، وأجود الزيتون زيتون الشام، وقيل: لا يفئ عليها ظل شرق ولا غرب، بل هي ضاحية للشمس لا يظلها شجر ولا جبل، فزيتها يكون أصفى (69)، وقيل: ليست في مقنأة (70) لا تصيبها الشمس، ولا في مضحى لا يصيبها الظل، لكن الشمس والظل يتعاقبان عليها (71).
وعن الحسن: ليست من شجرة الدنيا فتكون شرقية أو غربية (72) ﴿يكاد زيتها يضئ﴾ من صفائه وفرط تلألئه وضيائه من غير نار، و ﴿نور على نور﴾ أي: هو نور متضاعف، قد تظاهر فيه نور الزيت ونور المصباح ونور الزجاجة، فلم يبق مما يقوي النور ويزيد في إضاءته بقية.
واختلف في هذا النور الذي أضافه سبحانه إلى نفسه وما شبهه به، فذهب الأكثر من المفسرين إلى أنه نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، فكأنه قال: مثل محمد (صلى الله عليه وآله) رسول الله وهو المشكاة، والمصباح قلبه، والزجاجة صدره، شبهه بالكوكب الدري، ثم رجع إلى قلبه المشبه بالمصباح فقال: يوقد هذا المصباح من شجرة مباركة يعني: إبراهيم (عليه السلام)، لأن أكثر الأنبياء من صلبه، أو: شجرة الوحي لا شرقية ولا غربية: لا نصرانية ولا يهودية، لأن النصارى تصلي إلى المشرق واليهود إلى المغرب ﴿يكاد﴾ أعلام النبوة تشهد له قبل أن يدعو إليها، أو: يكاد صدقه في نبوته يتبين ويتميز وإن لم ير شئ من معجزاته، كما قال عبد الله بن رواحة: لو لم تكن فيه آيات مبينة * كانت بديهته تنبئك بالخير (73) وعن الباقر (عليه السلام): " إن قوله: ﴿كمشكاة﴾ عليها مصباح هو نور العلم في صدر النبي (صلى الله عليه وآله)، والزجاجة صدر علي (عليه السلام)، علمه النبي (صلى الله عليه وآله) علمه فصار إلى صدره ﴿يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار﴾ يكاد العالم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) يتكلم بالعلم قبل أن يسأل ﴿نور على نور﴾ أي: إمام يؤيد بنوره العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وذلك من لدن آدم إلى قيام الساعة، هم خلفاء الله في أرضه، وحججه على خلقه، لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم " (74).
وهذا يقتضي أن تكون الشجرة المباركة هي هذه الشجرة التي أشرقت الأرض بنورها من عهد آدم إلى منقرض العالم.
وقيل: إن نور الله هو الحق (75)، كما في قوله: ﴿يخرجهم من الظلمات إلى النور﴾ (76) أي: من الباطل إلى الحق، وعن أبي بن كعب: أنه قرأ " مثل نور من آمن به " (77) يهدي الله بهذا النور الثاقب من يشاء من عباده، بأن يفعل به لطفا إذا علم أنه يصلح له، ويوفقه لاتباع دلائله.
﴿في بيوت﴾ يتعلق بما قبله، أي: كمشكاة في بعض بيوت الله، وهي المساجد، أو بما بعده وهو ﴿يسبح له... رجال﴾ في بيوت.
وقوله: ﴿فيها﴾ هو تكرير كما يقال: زيد في الدار جالس فيها، والمراد بالإذن: الأمر ﴿أن ترفع﴾ أي: تبنى، كقوله: بناها: رفع سمكها ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت﴾ (78)، أو: تعظم وترفع من قدرها، وقيل: هي بيوت الأنبياء (79)، وروي ذلك مرفوعا، وهو: أنه (عليه السلام) لما قرأ هذه الآية سئل: أي بيوت هذه؟قال: بيوت الأنبياء، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها، وأشار إلى بيت علي (عليه السلام) وفاطمة (عليهما السلام)؟فقال: نعم، من أفاضلها (80).
﴿ويذكر فيها اسمه﴾ أي: يتلى فيها كتابه، ويذكر أسماؤه الحسنى، وقرئ: " يسبح له " على البناء للمفعول (81)، وإسناده إلى أحد الظروف الثلاثة وهي: ﴿له فيها بالغدو والآصال﴾.
ويرتفع ﴿رجال﴾ بما دل عليه ﴿يسبح﴾ أي: يسبح رجال، والآصال: جمع أصل وهو العشي، والمعنى: بأوقات الغدو أي: بالغدوات، والتجارة: صناعة التاجر، أي: لا يشغلهم عن الذكر والصلاة، فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وقاموا إليها ﴿وإقام الصلاة﴾ أي: إقامتها، فإن التاء في " إقامة " عوض من العين الساقطة، إذ الأصل " إقوام " فلما أضيفت أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض فأسقطت، ونحوه: وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا (82) وتقلب القلوب والأبصار: أن تضطرب من الهول والفزع، و " تشخص " أي: تتقلب أحوالها فتفقه القلوب وتبصر الأبصار بعد أن كانت لا تفقه ولا تبصر، أي: يسبحون ليجزيهم جزاء أعمالهم مضاعفا، ويزيدهم على الثواب تفضلا، والتفضل يكون ﴿بغير حساب﴾.
﴿والذين كفروا أعملهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفه حسابه والله سريع الحساب (39) أو كظلمات في بحر لجي يغشه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمت بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يربها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور (40) ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صفت كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون (41) ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير (42)﴾ والسراب: ما يرى في الفلاة يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري، والقيعة: بمعنى القاع أو جمع القاع، وهو المستوي من الأرض، شبه ما يعمله الكفار من الأعمال التي يحسبها نافعة عند الله بسراب، يراه من غلبه العطش فيحسبه ماء، فيأتيه فلا يجد ما يرتجيه ﴿ووجد الله﴾ عند عمله فجازاه على كفره، أو: وجد الله عنده بالمرصاد فأتم له جزاءه، وهذا في الظاهر خبر عن ﴿الظمآن﴾ وفي المعنى خبر عن الكفار، وفي معناه: ﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا﴾ (83) ﴿عاملة ناصبة﴾ (84) ﴿يحسبون أنهم يحسنون صنعا﴾ (85).
والبحر اللجي: الكثير الماء، منسوب إلى اللج وهو معظم ماء البحر ﴿يغشه﴾ أي: يعلو ذلك البحر ﴿موج﴾ من فوق ذلك الموج ﴿موج من﴾ فوق الموج ﴿سحاب... ظلمات﴾ ظلمة البحر وظلمة الموج وظلمة السحاب ﴿إذا أخرج﴾ الواقع فيها ﴿يده لم يكد يربها﴾ مبالغة في: لم يرها، أي: لم يقرب أن يراها، وهذا تشبيه ثان لأعمالهم في خلوها عن نور الحق وظلمتها لبطلانها بظلمات متراكمة ﴿ومن لم يجعل الله له نورا﴾ بتوفيقه ولطفه فهو في ظلمة الباطل لا نور له.
وقرئ: " سحاب ظلمات " على الإضافة (86)، و " سحاب " بالرفع والتنوين " ظلمات " بالجر (87) بدلا من ﴿ظلمات﴾ الأولى.
﴿صفت﴾ يصففن أجنحتهن في الهواء، والضمير في ﴿علم﴾ ل? ﴿كل﴾ أو ل? ﴿الله﴾، وكذلك في ﴿صلاته وتسبيحه﴾ كما ألهمها سائر العلوم الدقيقة التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها.
﴿ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالابصار (43) يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار (44) والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شئ قدير (45) لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (46)﴾
﴿يزجى﴾ يسوق، ومنه: البضاعة المزجاة، يزجيها كل أحد لا يرضاها، والسحاب قد يكون واحدا كالغماء وجمعا كالرباب ﴿ثم يؤلف بينه﴾ أي: بين أجزائه بأن يضم بعضها إلى بعض، ولذلك جاز " بينه " وهو واحد، كما قيل في قوله: بين الدخول فحومل (88) والركام: المتراكم، والودق: المطر ﴿من خلله﴾ من فتوقه ومخارج القطر منه جمع خلل، وقرئ في الشواذ: " من خلله " (89).
ذكر من جملة الدلائل على ربوبيته: تسبيح من في السماوات والأرض وكل ما يطير، ثم ذكر سبحانه: تسخير السحاب، وإنزال المطر منه، وما يحدث فيه من الأفعال على ما تقتضيه الحكمة.
و ﴿من﴾ الأولى لابتداء الغاية والثانية للتبعيض والثالثة للتبيين، أو: الأولتان للابتداء، والآخرة للتبعيض، على معنى: ينزل البرد من السماء ﴿من جبال فيها﴾، وعلى الأول يكون ﴿من جبال﴾ مفعول ﴿ينزل﴾ وقرئ: ﴿يذهب بالأبصار﴾ على أن يكون الباء مزيدة كما في قوله: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ (90) أي: يكاد ضوء برقه يخطف البصر لشدة لمعانه.
﴿يقلب الله الليل والنهار﴾ أي: يصرفهما ويخالف بينهما بالطول والقصر.
ولما كان اسم " الدابة " يقع على المميز وغير المميز غلب حكم المميز بأن قال: ﴿فمنهم من يمشى﴾ في الماشي على بطنه، والماشي على ﴿أربع﴾ قوائم، ولم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع، لأنه كما يمشي على أربع في مرأى العين.
وعن الباقر (عليه السلام): " ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك " (91).
وإنما نكر قوله: ﴿من ماء﴾ لأن المعنى: أنه خلق كل دابة من نوع من الماء مختص بتلك الدابة، فمنها ناس، ومنها بهائم، ومنها هوام، ومن نحوه قوله: ﴿يسقى بماء وا حد﴾ (92).
وسمى الزحف على البطن مشيا على طريق الاستعارة، كما قالوا: مشى هذا الأمر، أو: على طريق المشاكلة لأنه ذكرها مع الماشين.
وقرئ: " خالق " (93).
﴿ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (47) وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون (48) وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين (49) أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون (50) إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون (51) ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون (52)﴾ يعني بقوله: ﴿إلى الله ورسوله﴾ إلى رسول الله بدلالة قوله: ﴿ليحكم بينهم﴾، كما قيل: أعجبني زيد وكرمه، والمراد: كرم زيد.
وروي: أن رجلا كانت بينه وبين علي (عليه السلام) خصومة في ماء وأرض، فقال الرجل: لا أحاكم إلى محمد (صلى الله عليه وآله) فإني أخاف أن يحكم له علي (94).
وذكر أبو القاسم البلخي: أنها كانت بين علي (عليه السلام) وبين عثمان، وكان قد اشترى أرضا من علي (عليه السلام)، فخرجت فيها أحجار، فأراد ردها بالعيب، فقال: بيني وبينك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال الحكم بن أبي العاص: إن حاكمته إلى ابن عمه حكم له، فنزلت (95).
﴿مذعنين﴾ مسرعين منقادين، و ﴿إليه﴾ صلته أو صلة ﴿يأتوا﴾، والمعنى: أنهم ينحرفون عن المحاكمة إليك إذا كان الحق عليهم لعلمهم بأنك لا تحكم إلا بالحق المر والعدل البحت، وإن ثبت لهم حق على خصم أسرعوا إليك ولم يرضوا إلا بحكومتك، لتأخذ لهم ما ثبت لهم في ذمة الخصم.
﴿بل أولئك هم الظالمون﴾ أي: لا يخافون أن يحيف عليهم لمعرفتهم بحاله، وإنما هم ظالمون يريدون ظلم من له الحق عليهم.
وقرئ: ﴿يتقه﴾ بكسر القاف والهاء مع الوصل (96) وبغير وصل (97)، وبسكون الهاء (98)، وبسكون القاف وكسر الهاء.
شبه " تقه " بكتف فخفف، كقول الشاعر: قالت سليمى: اشتر لنا سويقا (99) وعن ابن عباس: ﴿ومن يطع الله﴾ في فرائضه ﴿ورسوله﴾ في سننه، ويخشى ﴿الله﴾ على ما مضى من ذنوبه ويتقه في المستقبل (100).
﴿وأقسموا بالله جهد أيمنهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون (53) قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلغ المبين (54) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (55)﴾
﴿جهد أيمنهم﴾ أصله: يجهدون الأيمان جهدا، فحذف الفعل وقدم المصدر فوضع موضعه مضافا إلى المفعول، كقوله: ﴿فضرب الرقاب﴾ (101)، وحكم هذا المنصوب حكم الحال، كأنه قال: جاهدين أيمانهم، وجهد يمينه مستعار من جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها، وذلك إذا بالغ في اليمين وبلغ غاية وكادتها، وعن ابن عباس: من قال: بالله، فقد جهد يمينه (102).
﴿لئن أمرتهم﴾ بالخروج في غزواتك ﴿طاعة معروفة﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: أمركم، والذي يطلب منكم طاعة معلومة لا يشك فيها كطاعة المخلصين لا أيمان تقسمون بها بأفواهكم وقلوبكم لا تطابقها، أو: مبتدأ محذوف الخبر أي: طاعة معلومة (103) أولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة ﴿إن الله خبير بما﴾ في ضمائركم يجازيكم عليه.
﴿فإن﴾ تتولوا عن طاعة الله ورسوله فإنما ضررتم أنفسكم، فإن الرسول ليس عليه إلا ما حمله الله وكلفه من أداء الرسالة، فإذا أدى فقد خرج عن العهدة ﴿وعليكم﴾ ما كلفتم من التلقي بالقبول والانقياد للطاعة، و ﴿البلغ﴾: التبليغ، كالأداء بمعنى التأدية، و ﴿المبين﴾ المقرون بالآيات والمعجزات.
﴿وعد الله﴾ المؤمنين المطيعين لله، ورسوله أن ينصر دين الإسلام على الكفر، ويورثهم الأرض، ويجعلهم خلفاء فيها كما فعل ببني إسرائيل إذ أهلك الجبابرة، وأورثهم أرضهم وأموالهم، وأن يمكن ﴿لهم دينهم الذي﴾ أمرهم أن يدينوا به، وتمكينه وتثبيته وتوطيده وإظهاره على الدين كله، كما قال (عليه السلام): " زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " (104).
وروى المقداد عنه (عليه السلام) أنه قال: " لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل، إما أن يعزهم الله فيجعلهم من أهلها، وإما أن يذلهم فيدينون لها " (105).
وقرئ: " كما استخلف " بضم التاء (106) ﴿وليبدلنهم﴾ من الأبدال ﴿يعبدونني﴾ استئناف أو حال من " وعدهم ".
وروي عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، أنه قال: " هم والله شيعتنا أهل البيت، يفعل ذلك بهم على يدي رجل منا، وهو مهدي هذه الأمة، وهو الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " (107).
وروي ذلك عن الباقر (عليه السلام) والصادق أيضا (عليه السلام).
﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون (56) لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير (57) يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلث عورا ت لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوا فون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (58) وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم (59) والقوا عد من النساء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم (60)﴾
﴿أقيموا﴾ معطوف على ﴿وأطيعوا الرسول﴾ وجاز وإن طال الفاصل بينهما، لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه.
وقرئ: " لا يحسبن " بالياء (108)، والوجه فيه أن يكون فاعله ضمير النبي (صلى الله عليه وآله) لتقدم ذكره، أو يكون أحد المفعولين محذوفا، أي: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين.
أمر سبحانه بأن يستأذن العبيد والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار ﴿ثلث مرا ت﴾ في اليوم والليلة: ﴿قبل صلاة الفجر﴾ لأنه وقت القيام عن المضاجع ولبس الثياب، وب? ﴿الظهيرة﴾ لأنه وقت وضع الثياب للقائلة، و ﴿بعد صلاة العشاء﴾ لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم، وسمى كل وقت من هذه الأوقات عورة لأن الناس يختل تحفظهم وتسترهم فيها.
والعورة: الخلل، ثم عذرهم في ترك الاستئذان في غير هذه الأحوال، وبين وجه العذر في ذلك بقوله: ﴿طوا فون عليكم﴾ أي: هم خدمكم يطوفون عليكم للخدمة، فلا يجدون بدا من دخولهم عليكم ﴿بعضكم على بعض﴾ أي: يطوف بعضكم وهم المماليك على الموالي.
وقرئ: " ثلاث عورات " بالنصب (109) بدلا عن ﴿ثلث مرات﴾ أي: أوقات ثلاث عورات، وإذا رفعت ﴿ثلث عورات﴾ كان قوله: ﴿ليس عليكم﴾ في محل الرفع على الوصف، والمعنى: هن ثلاث عورات مخصوصة بالاستئذان، وإذا نصبت كان ﴿ليس عليكم﴾ كلاما مستأنفا مقررا للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة، و ﴿بعضكم﴾ مبتدأ، والتقدير: بعضكم طائف على بعض، فحذف لأن ﴿طوا فون﴾ يدل عليه.
﴿بلغ الأطفال منكم﴾ الأحرار دون المماليك، والمعنى: أن الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في الأحوال الثلاث، فإذا خرجوا من حد الطفولية ﴿فليستئذنوا﴾ في جميع الأوقات كالرجال الكبار.
وعن ابن مسعود: عليكم أن تستأذنوا على آبائكم وأمهاتكم وأخواتكم وإخوانكم (110).
القاعد: التي قعدت عن الحيض والولد لكبرها ﴿لا يرجون نكاحا﴾ لا يطمعن فيه، والمراد بالثياب: الثياب الطاهرة (111) كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار، وفي قراءة أهل البيت (عليهم السلام): " أن يضعن من ثيابهن غير متبرجات بزينة " (112) غير مظهرات زينة بوضع ثيابهن.
وحقيقة التبرج: تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه، واختص بأن تنكشف المرأة للرجال بإبداء زينتها، وإظهار محاسنها، والاستعفاف بلبس الجلابيب ﴿خير لهن﴾ وإن سقط الحرج عنهن فيه.
﴿ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخوا تكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون (61) إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم (62)﴾ كان المؤمنون يذهبون بالضعفاء وذوي العاهات إلى بيوت أزواجهم وأولادهم، وإلى بيوت أقربائهم وأصدقائهم فيطعمونهم منها، فخافوا أن يلحقهم فيه حرج فقيل: " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على أنفسكم " يعني: ليس عليكم وعلى من في مثل حالكم من المؤمنين ﴿حرج﴾ في ذلك، وقيل: كان هؤلاء يتوقون مجالسة الناس ومؤاكلتهم لما عسى أن يلحقهم من الكراهة من قبلهم (113).
وقيل: كانوا يخرجون إلى الغزو ويخلفون الضعفاء في بيوتهم ويدفعون إليهم المفاتيح ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرجون، فقيل: ليس على هؤلاء الضعفاء حرج فيما تحرجون عنه ولا عليكم ﴿أن تأكلوا﴾ من هذه البيوت (114)، ولم يأت ذكر الأولاد لأن ذكرهم قد دخل في قوله: ﴿من بيوتكم﴾ لأن ولد الرجل بعضه، وحكمه حكم نفسه.
وفي الحديث: " إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " (115).
وملك المفاتيح: كونها في يده وحفظه، و " الصديق " يكون واحدا أو (116) جمعا، وكذلك العدو، والمعنى: أو بيوت أصدقائكم، وعن أئمة الهدى (عليهم السلام) قالوا: " لا بأس بالأكل لهؤلاء من بيوت من ذكره الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف " (117).
وعن الحسن: أنه دخل داره فإذا حلقة من أصدقائه وقد استلوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم يأكلون، فتهلل وجهه سرورا وقال: هكذا وجدناهم - يريد كبراء الصحابة - وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب، فيسأل جاريته كيسه فيأخذ ما شاء، فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها سرورا بذلك (118).
وعن جعفر الصادق (عليه السلام): " من عظم حرمة الصديق أن جعله الله من الأنس والثقة والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والابن " (119).
﴿جميعا أو أشتاتا﴾ أي: مجتمعين أو متفرقين، كانوا لا يأكلون إلا مع ضيفهم، ويتحرج الرجل أن يأكل وحده، و ﴿إذا دخلتم بيوتا﴾ من هذه البيوت فابدأوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم دينا وقرابة ﴿تحية من عند الله﴾ ثابتة بأمره، مشروعة من لدنه، ولأن التسليم طلب سلامة للمسلم عليه، والتحية طلب حياة للمحيى من عند الله، ووصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن، يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق.
ومنه قوله (عليه السلام): " سلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك " (120) و ﴿تحية﴾ منصوبة ب? " سلموا " لأنها في معنى " تسليما "، كما تقول: حمدت شكرا.
﴿وإذا كانوا﴾ مع النبي (صلى الله عليه وآله) ﴿على أمر جامع﴾ يقتضي الاجتماع عليه والتعاون فيه، من حضور حرب أو مشورة في أمر أو صلاة جمعة وما أشبهها ﴿لم يذهبوا حتى يستأذنوه﴾ جعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله مع تصدير الجملة ب? ﴿إنما﴾، وإيقاع " المؤمنين " مبتدأ مخبرا عنه بموصول يحيط صلته بذكر الإيمانين، ثم أكد ذلك بأن أعاد ذكره على أسلوب آخر فقال: ﴿إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله﴾ ضمنه شيئا آخر، وهو أنه جعل الاستئذان كالمصداق لصحة الإيمانين، ثم خيره (صلى الله عليه وآله) بين أن يأذن وبين أن لا يأذن، وهكذا حكم من قام مقامه من الأئمة (عليهم السلام).
﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم (63) ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم (64)﴾ أي: ﴿لا تجعلوا﴾ تسميته ونداءه ﴿بينكم﴾ كما يسمي بعضكم بعضا ويناديه باسمه، فلا تقولوا: يا محمد (صلى الله عليه وآله)، ولكن: يا نبي الله، ويا رسول الله، مع التوقير والتعظيم والتواضع وخفض الصوت، أو: لا تقيسوا دعاء (121) إياكم على ﴿دعاء بعضكم بعضا﴾ ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي، فإن في القعود عن أمره قعودا عن أمر الله تعالى، أو: لا تجعلوا ﴿دعاء الرسول﴾ لكم أو عليكم مثل دعائكم، فإن دعوته مستجابة مسموعة ﴿يتسللون منكم﴾ قليلا ﴿لواذا﴾ أي: ملاوذة، يلوذ هذا بذاك وذاك بهذا، المعنى: يتسللون عن الجماعة في الخفية، يستتر بعضهم ببعض.
و ﴿لواذا﴾ حال، أي: ملاوذين، وقيل: نزلت في حفر الخندق وكان قوم يتسللون بغير إذن (122)، وقيل: كانوا يتسللون عن الجهاد يرجعون عنه (123)، وقيل: عن خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة (124).
يقال: خالفه إلى الأمر: إذا ذهب هو إليه دونه، ومنه قوله تعالى: ﴿وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهكم عنه﴾ (125) وخالفه عن الأمر: إذا صد عنه دونه، ومعناه: الذين يصدون عن أمره دون المؤمنين، والمفعول محذوف، والضمير في ﴿أمره﴾ لله أو للرسول، والمعنى: عن طاعة الله ودينه ﴿أن تصيبهم فتنة﴾ أي: محنة في الدنيا تظهر نفاقهم أو بلية.
وعن جعفر بن محمد (عليهما السلام): " يسلط عليهم سلطانا جائرا، وعذابا أليما في الآخرة " (126)، وهذا يدل على أن أوامر النبي (صلى الله عليه وآله) على الوجوب.
أدخل ﴿قد﴾ ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة، وتوكيد العلم لتوكيد الوعيد، وذلك أن " قد " إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى " ربما "، فوافقت " ربما " في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قوله: فإن تمس مهجور الغناء فربما * أقام به بعد الوفود وفود (127) ونحوه قول زهير: أخي ثقة لا تهلك الخمر ماله * ولكنه قد يهلك المال نائله (128) ﴿ألا إن لله ما في السماوات والأرض﴾ قد اختص جميعها به، خلقا وملكا وعلما، فكيف يخفي عليه أحوال المنافقين وإن كانوا يجتهدون في سترها عن العيون وإخفائها، وس? ﴿ينبئهم﴾ يوم القيامة بما أبطنوه ويجازيهم عليه.
والخطاب والغيبة في قوله: ﴿قد يعلم ما أنتم عليه﴾، ﴿ويوم يرجعون إليه﴾ يجوز أن يكونا معا (129) للمنافقين على طريق الالتفات، ويجوز أن يكون ﴿ما أنتم عليه﴾ عاما و ﴿يرجعون﴾ خاصا.(130)1- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 403: مدنية بلا خلاف، وهي أربع وستون آية في البصري والكوفي، واثنتان في المدنيين. وفي الكشاف: ج 3 ص 208: مدنية، وهي اثنتان وستون آية، وقيل: أربع وستون، نزلت بعد الحشر. وفي تفسير الآلوسي: ج 18 ص 74 ما لفظه: مدنية كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير، وحكى أبو حيان الإجماع على مدنيتها ولم يستثن الكثير من آيها شيئا، وعن القرطبي أن آية * (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم) * الخ مكية.
2- رواه الزمخشري في كشافه: ج 3 ص 261 مرسلا.
3- ثواب الأعمال للصدوق: ص 135.
4- قرأه عيسى بن عمرو كما في شواذ القرآن لابن خالويه: ص 101.
5- في نسخة: " أو " بدل " أي ".
6- قرأه ابن كثير وأبو عمرو. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 565.
7- وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وعاصم برواية أبي بكر وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 272.
8- قرأه ابن كثير. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 565.
9- قاله عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم. راجع التبيان: ج 7 ص 406.
10- تفسير التبيان: ج 7 ص 406، تفسير الطبري: ج 9 ص 258.
11- في جميع النسخ: " الثاني "، والصحيح ما أثبتناه.
12- ليس في نسخة: " وحرم الزنا ".
13- انظر الكافي: ج 7 ص 397 ب 18 شهادة القاذف والمحدود.
14- كتاب الام للشافعي: ج 7 ص 45.
15- رواه الطبري في تفسيره: ج 9 ص 273.
16- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم برواية أبي بكر، راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 452.
17- وهي قراءة نافع ويعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 566.
18- الظاهر من عبارة المصنف أنه اعتمد على قراءة الرفع هنا كما لا يخفي.
19- في نسخة: " يدفع "، وأخرى: " يرفع ".
20- تفسير ابن كثير: ج 3 ص 260.
21- قرأه حميد ومجاهد وأبو البرهم ويعقوب وابن قطيب وأبو جعفر المدني. راجع التبيان: ج 7 ص 415، وشواذ القرآن لابن خالويه: ص 102.
22- الحجرات: 11.
23- النور: 61.
24- قاله مجاهد. راجع التبيان: ج 7 ص 416.
25- في نسخة: " تقبيح ".
26- في نسخة: واو بدل " أو ".
27- قرأه الحسن وأبو جعفر المدني وزيد بن أسلم و عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 102، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 440.
28- معاني القرآن: ج 4 ص 36.
29- قاله ابن بحر كما في تفسير الماوردي: ج 4 ص 83.
30- قاله ابن عباس والضحاك كما في تفسير البغوي: ج 3 ص 334.
31- وبالياء قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 454.
32- الأحزاب: 53.
33- كأن رحلي وقد زال النهار بنا * بذي الجليل على مستأنس وحد وهو من قصيدة نظمها في مدح النعمان بن المنذر، وفيه يصف حاله كحال المسافر يجد في السير بعد الزوال ليصل إلى منزل يجد فيه رفيقا مؤنسا وعلفا لدابته. ديوان النابغة: ص 21.
34- أخرجه ابن ماجة في السنن: ج 2 ص 1221 ح 3707.
35- في نسخة: " تلجوا ".
36- قاله عطاء. راجع التبيان: ج 7 ص 427.
.
37- انظر معاني القرآن للأخفش: ج 1 ص 272.
38- انظر كتاب سيبويه: ج 4 ص 224.
39- الكافي: ج 2 ص 36 ح 1 قطعة.
40- أخرجه الترمذي في سننه: ج 5 ص 102 ح 2778.
41- قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج 7 ص 429.
42- وهو قول سعيد بن جبير والحسن وعطاء والأوزاعي. راجع تفسير الطبري: ج 9 ص 304، وتفسير الماوردي: ج 4 ص 91.
43- تفسير القمي: ج 2 ص 101 برواية أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام).
44- حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 23 ص 207.
45- قرأه ابن كثير وحمزة والكسائي وابن عامر وابن ذكوان والأعشى. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 330، وتفسير البغوي: ج 1 ص 161.
46- الآية: 27.
47- قرأه ابن كثير وابن عامر والكسائي. راجع التبيان: ج 7 ص 140.
48- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 231.
49- وهو قول أم سلمة وعائشة كما في تفسير البغوي: ج 3 ص 339.
50- وهي قراءة ابن عامر وأبي بكر وأبي جعفر. راجع التذكرة في القراءات: ج 2 ص 567.
51- قاله السدي. راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 438.
52- وهي قراءة ابن عامر. راجع التبيان: ج 7 ص 429.
53- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 233 مرسلا.
54- أخرجه البيهقي في سننه: ج 7 ص 78.
55- الكشاف: ج 3 ص 234.
56- أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال: ج 16 ص 276 ح 44436 نقلا عن مسند الفردوس.
57- الكافي: ج 5 ص 330 ح 5.
58- قاله مجاهد. راجع تفسير الطبري: ج 9 ص 314.
59- البقرة: 177.
60- أسباب النزول للواحدي: ص 273.
61- مسند أحمد: ج 2 ص 496.
62- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 242.
63- في نسخة: " زهورها " و " الزهور ".
64- في نسخة: " زهورها " و " الزهور ".
65- قرأه النحويان (أبو عمرو والكسائي). راجع التذكرة في القراءات: ج 2 ص 568.
66- وهي قراءة المفضل. راجع المصدر السابق.
67- قرأه حمزة والكسائي وأبو بكر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 568.
68- قاله ابن عباس. راجع تفسير القرطبي: ج 12 ص 258.
69- قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة وابن سيرين. راجع التبيان: ج 7 ص 438.
70- المقنأة: الموضع الذي لا تطلع عليه الشمس، وضده: المضحاة. (لسان العرب: مادة قنأ).
71- قاله السدي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 346.
72- تفسير الحسن البصري: ج 2 ص 160.
73- حكاه الرازي في تفسيره: ج 23 ص 237.
74- التوحيد للصدوق: ص 158.
75- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 242 ونسبه إلى علي (عليه السلام).
76- البقرة: 257.
77- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 242.
78- البقرة: 127.
79- قاله مجاهد. راجع تفسير القرطبي: ج 12 ص 265.
80- رواه الآلوسي في تفسيره: ج 18 ص 174 عن أنس وبريدة.
81- قرأه ابن عامر وأبو بكر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 568.
82- وصدره: إن الخليط أجدوا البين فانجردوا. والبيت منسوب لزهير بن أبي سلمى من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان، وقيل: للفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب. راجع ديوان زهير: 26.
83- الفرقان: 23.
84- الغاشية: 3.
85- الكهف: 104.
86- قرأه ابن محيصن والبزي عن ابن كثير. راجع تفسير القرطبي: ج 12 ص 284.
87- وهي قراءة قنبل. راجع المصدر السابق.
88- وتمام البيت: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل لامرئ القيس وهو مطلع معلقته المشهورة. انظر شرح المعلقات السبعة للزوزني: ص 4.
89- قرأه ابن عباس وابن مسعود والضحاك. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 104.
90- البقرة: 195.
91- تفسير القمي: ج 2 ص 107 وفيه عن الصادق (عليه السلام).
92- الرعد: 4.
93- قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 569.
94- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 248.
95- حكاه عنه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 450.
96- قرأه ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وورش وقالون وابن سعدان عن إسحاق المسيبي عن نافع. راجع التبيان: ج 7 ص 452.
97- قرأه قالون عن نافع والأعشى ويعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 570.
98- وهي قراءة أبي عمرو وأبي بكر وابن عامر ويحيى. راجع المصدر السابق.
99- وعجزه: وهات خبز البر أو دقيقا والبيت منسوب للعذافر الكندي، والسويق: ما تعمله العرب من الحنطة والشعير. انظر الكشاف: ج 3 ص 249.
100- تفسير ابن عباس: ص 298.
101- محمد (صلى الله عليه وآله): 4.
102- تفسير ابن عباس: ص 298.
103- في نسخة: " معروفة ".
104- سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1304 ح 3952.
105- رواه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 455.
106- قرأه أبو بكر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 571.
107- رواه الميرزا المشهدي في كنز الدقائق: ج 7 ص 109 عن العياشي.
108- قرأه ابن عامر وحمزة. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 571.
109- قرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 459.
110- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 254.
111- في نسخة: " الظاهرة ".
112- التبيان: ج 7 ص 461.
113- قاله ابن عباس والضحاك والكلبي. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 122.
114- قاله سعيد بن المسيب. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 357.
115- مسند أحمد: ج 6 ص 31 و 42، سنن البيهقي: ج 7 ص 480.
116- في نسخة: " و " بدل " أو ".
117- التبيان: ج 7 ص 463.
118- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 358.
119- رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 257.
120- أخرجه ابن كثير في تفسيره: ج 3 ص 295.
121- في نسخة: " دعاءه ".
122- قاله عروة ومحمد بن كعب القرظي. راجع الدر المنثور: ج 6 ص 229.
123- وهو قول مجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 128.
124- قاله الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 262.
125- هود: 88.
126- رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 260.
127- البيت منسوب لابن عطاء السندي من قصيدة نظمها في رثاء ابن هبيرة لما قتله المنصور الدوانيقي، يقول: فإن هجر الناس بيتك الآن فلا حزن، لأنه كثيرا ما اجتمعوا فيه في حياتك ومنحوا خيرا. راجع شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 62.
128- البيت من قصيدة يمدح بها حصن بن حذيفة بن بدر ويصفه بالكريم، يقول: إن ماله " لا يتلفه " شئ بقدر ما " يتلفه " عطاؤه المتواصل. راجع ديوان زهير: ص 68.
129- في نسخة: " عاما ".
130- في المخطوطة زيادة: بهم.