سورة الكهف
مكية (1)، مائة وإحدى عشرة آية بصري، عشر كوفي، عد البصري ﴿عندها قوما﴾ (2).
في حديث أبي: " من قرأها فهو معصوم ثمانية أيام من كل فتنة، ومن قرأ الآية التي في آخرها حين يأخذ مضجعه كان له في مضجعه نورا يتلألأ إلى الكعبة، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم " (3).
الصادق (عليه السلام): " من قرأها في كل ليلة جمعة لم يمت إلا شهيدا، وبعثه الله مع الشهداء " (4).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا (1) قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا (2) ماكثين فيه أبدا (3) وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا (4) مالهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (5)﴾ علم سبحانه عباده كيف يحمدونه على أجل نعمه عليهم وهي ما أنزله ﴿على عبده﴾ محمد (صلى الله عليه وآله) من القرآن الذي هو سبب نجاتهم ﴿ولم يجعل له عوجا﴾ أي: شيئا من العوج، والعوج في المعاني كالعوج في الأعيان، والمراد به: نفي التناقض عن معانيه.
وانتصب ﴿قيما﴾ بمضمر وليس بحال من ﴿الكتاب﴾، لأن قوله: ﴿ولم يجعل له عوجا﴾ معطوف على ﴿أنزل﴾ فهو داخل في حيز الصلة، فمن جعله حالا من ﴿الكتاب﴾ يكون فاصلا بين الحال وذي الحال ببعض الصلة وذلك غير جائز، والتقدير: ولم يجعل له عوجا بل جعله ﴿قيما﴾ لأنه إذا نفي عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة، وجمع بينهما للتأكيد، وقيل: معناه: قيما بمصالح العباد وقيما على سائر الكتب شاهدا بصحتها (5) ﴿لينذر﴾ الذين كفروا ﴿بأسا شديدا﴾ فاقتصر على أحد المفعولين ﴿من لدنه﴾ أي: صادرا من عنده، والأجر الحسن: الجنة.
﴿ماكثين﴾ أي: لابثين ﴿فيه﴾ مؤبدين.
﴿مالهم به من علم﴾ لأنه ليس مما يعلم لاستحالته ﴿كلمة﴾ نصب على التمييز وفيه معنى التعجب، كأنه قال: ما أكبرها كلمة، وقيل: ﴿كبرت﴾ مثل " نعمت " (6)، و ﴿كلمة﴾ تفسير لفاعل ﴿كبرت﴾، و ﴿تخرج﴾ صفة لموصوف محذوف، والتقدير: كبرت الكلمة كلمة خارجة ﴿من أفواههم﴾ والكلمة هي قولهم: ﴿اتخذ الله ولدا﴾ سميت كلمة كما سموا القصيدة كلمة.
﴿فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا (6) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا (7) وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا (8)﴾
﴿باخع﴾ أي: قاتل ﴿نفسك﴾ وجدا وأسفا ﴿إن لم يؤمنوا﴾ بالقرآن، شبهه برجل فارقه أعزته فهو يتحسر ﴿على آثارهم﴾ ويبخع نفسه تلهفا على فراقهم، و ﴿أسفا﴾ حال أو مفعول له، والأسف: المبالغة في الحزن والغضب، ورجل أسف وأسيف.
﴿ما على الأرض﴾ يعني: ما يصلح أن يكون ﴿زينة﴾ وحلية للأرض ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها ﴿لنبلوهم﴾ أي: لنختبرهم ﴿أيهم أحسن عملا﴾ وهو من كان أزهد فيها.
ثم زهد سبحانه فيها بقوله: ﴿وإنا لجاعلون ما عليها﴾ من هذه الزينة ﴿صعيدا جرزا﴾ أي: مثل أرض بيضاء لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء مؤنقة (7) في زوال بهجته وذهاب رونقه وحسنه.
﴿أم حسبت أن أصحب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا (9) إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (10) فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا (11) ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا (12)﴾
﴿الكهف﴾ الغار الواسع في الجبل، واختلف في ﴿الرقيم﴾: فقيل: هو لوح من رصاص رقمت فيه أسماؤهم جعل على باب الكهف (8)، وقيل: هو اسم الوادي الذي كان فيها الكهف (9)، وقيل: هم النفر الثلاثة الذين دخلوا في غار فانسد عليهم فدعا كل واحد منهم بما عمله لله خالصا ففرج عنهم (10) ﴿كانوا﴾ آية عجبا ﴿من آياتنا﴾ وصفا بالمصدر، أو ذات عجب.
﴿آتنا من لدنك رحمة﴾ أي: رحمة من خزائن رحمتك، وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء ﴿وهيئ لنا من أمرنا﴾ الذي نحن فيه ﴿رشدا﴾ حتى نكون بسببه راشدين، أو: اجعل أمرنا رشدا كله كقولك: رأيت منك أسدا (11).
﴿فضربنا على آذانهم﴾ حجابا من أن تسمع، يعني: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم منها الأصوات، فحذف المفعول الذي هو الحجاب، كما قالوا: بنى على امرأته، يعنون: بنى عليها القبة ﴿سنين عددا﴾ أي: ذوات عدد أي: سنين كثيرة.
﴿ثم بعثناهم﴾ أي: أيقظناهم من نومهم ﴿أي الحزبين﴾ فيه معنى الاستفهام، ولذلك علق عنه ﴿لنعلم﴾ فلم يعمل فيه، و ﴿أحصى﴾ فعل ماض ومعناه: أي الحزبين من المؤمنين والكافرين من قوم أصحاب الكهف ضبط أمدا لأوقات لبثهم، ولا يكون ﴿أحصى﴾ من أفعل التفضيل في شئ، لأنه لا يبنى من غير الثلاثي المجرد، ولم يزل سبحانه عالما بذلك، وإنما أراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيمانا، وقيل: يعني بالحزبين: أصحاب الكهف وأنهم لما استيقظوا اختلفوا في مقدار لبثهم (12).
﴿نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى (13) وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا (14) هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا (15) وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا (16)﴾
﴿وزدناهم هدى﴾ بالتوفيق والألطاف المقوية لدواعيهم.
﴿وربطنا على قلوبهم﴾ أي: قويناها وشددنا عليها حتى صبروا على هجر الأوطان والفرار بالدين إلى بعض الغيران ﴿إذ قاموا﴾ بين يدي ملكهم الجبار: دقيانوس من غير مبالاة به ﴿فقالوا ربنا﴾ الذي نعبده ﴿رب السماوات والأرض﴾، ﴿شططا﴾ أي: قولا ذا شطط، وهو الإفراط في الظلم، من شط: إذا بعد.
﴿هؤلاء﴾ مبتدأ و ﴿قومنا﴾ عطف بيان وخبره ﴿اتخذوا﴾ وهو إخبار في معنى الإنكار ﴿لولا يأتون عليهم﴾ أي: هلا يأتون على عبادتهم ﴿بسلطان بين﴾ بحجة ظاهرة، وهو تبكيت (13) لأن الإتيان بالحجة على ذلك محال، وفيه دلالة على فساد التقليد ﴿افترى على الله كذبا﴾ بنسبة الشريك إليه.
﴿وإذ اعتزلتموهم﴾ خطاب من تمليخا - وهو رئيس أصحاب الكهف - لأصحابه ﴿وما يعبدون﴾ في محل النصب للعطف على الضمير، يعني: وإذ اعتزلتموهم واعتزلتم معبوديهم ﴿إلا الله﴾ يجوز أن يكون استثناء متصلا على أنهم كانوا يعترفون بالله ويشركون معه، وأن يكون منقطعا، وقيل: هو اعتراض ومعناه: الإخبار من الله تعالى أنهم لم يعبدوا غير الله (14) ﴿مرفقا﴾ قرئ بفتح الميم (15) وكسرها، وهو ما يرتفق به أي: ينتفع.
﴿وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا (17) وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم بسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا (18) وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا (19) إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا (20)﴾ قرئ: ﴿تزاور﴾ بالتخفيف والتشديد (16)، فالتخفيف لحذف التاء، والتشديد للإدغام، وقرئ: " تزور " على وزن " تحمر " (17) وكلها من الزور وهو الميل، و ﴿ذات اليمين﴾: جهة اليمين، وحقيقتها الجهة المسماة باليمين ﴿تقرضهم﴾ تقطعهم لا تقربهم، من معنى القطيعة والصرم ﴿وهم في فجوة منه﴾ أي: في متسع من الكهف، ومعناه: أنهم لا تصيبهم الشمس في طلوع نهارهم ولا في غروبها مع أنهم في مكان واسع منفتح من غارهم، ينالهم فيه برد النسيم وروح الهواء ﴿ذا لك من آيات الله﴾ وهو ما صنعه بهم من ازورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة، وقوله: ﴿من يهد الله فهو المهتد﴾ ثناء عليهم بأنهم جاهدوا في الله فلطف بهم، وأرشدهم إلى نيل تلك الكرامة.
﴿وتحسبهم﴾ خطاب لكل أحد، والأيقاظ: جمع يقظ، أي: ﴿وهم﴾ نيام وعيونهم مفتحة، فيحسبهم من ينظر إليهم ﴿أيقاظا﴾ وقيل: لكثرة تقلبهم (18)، وقرأ الصادق (عليه السلام): " وكالبهم " (19) أي: صاحب كلبهم ﴿بسط ذراعيه﴾ حكاية حال ماضية، لأن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا كان بمعنى المضارع، ولا يعمل (20) إذا كان في معنى الماضي، والوصيد: الفناء، وقيل: العتبة (21)، والرعب: الخوف الذي يرعب الصدر، أي: يملؤه، وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة، وقيل: لطول أظفارهم وشعورهم (22)، وقيل: لوحشة مكانهم (23).
﴿و﴾ كما أنمناهم تلك النومة ﴿بعثناهم﴾ منها ﴿ليتساءلوا بينهم﴾ أي: ليسأل بعضهم بعضا، ويتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم، فيعتبروا ويستدلوا على معرفة صانعهم، ويزدادوا يقينا إلى يقينهم ﴿قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم﴾ لأنهم دخلوا الكهف غدوة وانتبهوا بعد الزوال فظنوا أنهم في يومهم، فلما نظروا إلى طول أظفارهم وشعورهم ﴿قالوا ربكم أعلم بما لبثتم﴾ أي: ربكم أعلم بذلك، لا طريق لكم إلى علمه، فخذوا في شئ آخر مما يهمكم، وقرئ: ﴿بورقكم﴾ بكسر الراء وسكونها (24) وهو الفضة ﴿أيها﴾ أي: أي أهلها، فحذف، مثل: ﴿وسل القرية﴾ (25)، ﴿أزكى طعاما﴾ أي: أطيب وأحل وأكثر وأرخص ﴿وليتلطف﴾ أي: وليتكلف اللطف في أمر البيع أو في أمر التخفي حتى لا يعرف ﴿ولا يشعرن بكم أحدا﴾ أي: لا يخبرن بمكانكم أحدا من أهل المدينة ﴿إنهم إن﴾ يعلموا بمكانكم ويطلعوا ﴿عليكم﴾ يقتلوكم بالرجم وهي أخبث القتلة ﴿أو﴾ يدخلوكم ﴿في ملتهم﴾ بالعنف ويصيروكم إليها ﴿ولن تفلحوا﴾ إن دخلتم في دينهم ﴿أبدا﴾.
﴿وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنينا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا (21) سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا (22) ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا (23) إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا (24)﴾
﴿و﴾ كما أنمناهم وبعثناهم لما في ذلك من الحكمة أطلعنا (26) ﴿عليهم﴾ ليعلم الذين أطلعناهم (27) على حالهم ﴿أن وعد الله﴾ الذي هو البعث ﴿حق﴾ لأن حالهم في نومهم وانتباههم (28) كحال من يموت ثم يبعث، و ﴿إذ يتنازعون﴾ يتعلق ب? ﴿أعثرنا﴾ أي: أعثرناهم عليهم حين ﴿يتنازعون بينهم﴾ أمر دينهم، ويختلفون في البعث، فكان يقول بعضهم: يبعث الأرواح دون الأجساد، ويقول بعضهم: يبعث الأجساد مع الأرواح حتى يرتفع الخلاف ويتبين أن الأجساد تبعث حية حساسة فيها أرواحها كما كانت قبل الموت ﴿فقالوا﴾ حين توفي الله أصحاب الكهف: ﴿ابنوا﴾ على باب كهفهم ﴿بنينا﴾ كما يبنى المقابر ﴿قال الذين غلبوا على أمرهم﴾ من المسلمين وملكهم: ﴿لنتخذن﴾ على باب الكهف ﴿مسجدا﴾ يصلي فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم ﴿ربهم أعلم بهم﴾ أأحياء نيام هم أم أموات؟فقد قيل: إنهم ماتوا (29)، وقيل: إنهم لا يموتون إلى يوم القيامة (30).
﴿سيقولون﴾ الضمير لمن خاض في قصتهم في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أهل الكتاب والمسلمين، و ﴿ثلاثة﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: هم ثلاثة، وكذلك ﴿خمسة﴾ و ﴿سبعة﴾، و ﴿رابعهم كلبهم﴾ جملة من مبتدأ وخبر وقعت صفة ل? ﴿ثلاثة﴾، وكذلك ﴿سادسهم كلبهم﴾ و ﴿ثامنهم كلبهم﴾، وأما الواو الداخلة على الجملة الثالثة فإنها دخلت على الجملة الواقعة صفة للنكرة كما تدخل على الجملة الواقعة حالا عن المعرفة، تقول: جاءني رجل ومعه آخر، وجاءني زيد ومعه غلامه، وفائدة الواو تأكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر، فهذه الواو تؤذن بأن قول الذين قالوا: ﴿سبعة وثامنهم كلبهم﴾ قول صادر عن علم لا عن رجم ظن كقول غيرهم، ومعنى قوله: ﴿رجما بالغيب﴾: رميا بالخبر الخفي وإتيانا به، نحو قوله: ﴿ويقذفون بالغيب﴾ (31) أي: يأتون به، أو وضع الرجم موضع الظن كأنه قال: ظنا بالغيب، قال زهير: وما هو عنها بالحديث المرجم (32) أي: المظنون، وعن ابن عباس: حين وقعت الواو انقطعت العدة، يعني: لم يبق بعدها عدة عاد يلتفت إليها، وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم على القطع (33)، ويدل عليه أنه سبحانه أتبع القولين قوله: ﴿رجما بالغيب﴾ وأتبع القول الثالث قوله: ﴿ما يعلمهم إلا قليل﴾، وقال ابن عباس: أنا من أولئك القليل (34) ﴿فلا تمار فيهم﴾ أي: فلا تجادل أهل الكتاب في أمر أصحاب الكهف ﴿إلا﴾ جدالا ﴿ظهرا﴾ بحجة ودلالة تقص عليهم ما أوحى الله إليك، وهو كقوله: ﴿وجد لهم بالتي هي أحسن﴾ (35)، ﴿ولا تستفت﴾ ولا تسأل ﴿أحدا﴾ منهم عن قصتهم.
﴿ولا تقولن ل?﴾ أجل ﴿شئ﴾ تعزم عليه: ﴿إني فاعل ذلك﴾ الشئ ﴿غدا﴾ أي: فيما يستقبل من الأوقات.
﴿إلا أن يشاء الله﴾ متعلق بالنهي لا بقوله: ﴿إني فاعل﴾ لأنه لو قال: إني فاعل كذا إلا أن يشاء الله كان معناه: إلا أن تعترض مشيئة الله دون فعله، وذلك ما لا مدخل فيه للنهي، وتعلقه بالنهي على وجهين: أحدهما: لا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله بأن يأذن لك فيه، والثاني: لا تقولن ذلك إلا بأن يشاء الله أي: بمشيئة الله، وهو في موضع الحال يعني: إلا ملتبسا (36) بمشيئة الله، قائلا: إن شاء الله ﴿واذكر ربك﴾ أي: مشيئة ربك وقل: إن شاء الله ﴿إذا﴾ اعتراك نسيان لذلك، يعني: ﴿إذا نسيت﴾ كلمة الاستثناء ثم ذكرت فتداركها، وعن ابن عباس: ولو بعد سنة (37)، وعن الصادق (عليه السلام): " ما لم ينقطع الكلام "، وقيل: معناه: واذكر ربك إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسي (38) ﴿وقل عسى أن﴾ يهديني ﴿ربى﴾ بشئ آخر بدل هذا المنسي أقرب منه ﴿رشدا﴾ وأدنى خيرا ومنفعة، وقيل: معناه: لعل ربي يؤتيني من البينات على أني نبي ما هو أعظم في (39) الدلالة من نبأ أصحاب الكهف (40)، وقد فعل سبحانه ذلك حيث قص عليه أخبار الأنبياء وأنبأه من الغيوب بما هو أعظم من ذلك.
﴿ولبثوا في كهفهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا (25) قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع مالهم من دونه من ولى ولا يشرك في حكمه أحدا (26) واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلمته ولن تجد من دونه ملتحدا (27) واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا (28) وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظلمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا (29)﴾
﴿ولبثوا في كهفهم﴾ الآية بيان لما أجمل في قوله: ﴿فضربنا على آذانهم﴾ الآية (41)، و ﴿سنين﴾ عطف بيان ل? ﴿ثلث مائة﴾، وقرئ: " ثلاث مائة سنين " مضافا (42)، على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز، كما قال سبحانه: ﴿بالأخسرين أعمالا﴾ (43)، ﴿وازدادوا تسعا﴾ أي: تسع سنين، لأن ما قبله دل عليه.
﴿قل الله أعلم بما لبثوا﴾ يريد أنه أعلم من الذين اختلفوا فيهم بمدة لبثهم، والحق ما أخبرك به.
وروي: أن يهوديا سأل عليا (عليه السلام) عن مدة لبثهم، فأخبر بما في القرآن، فقال: إنا نجد في كتابنا (44) ثلاثمائة، فقال (عليه السلام): " ذاك بسني الشمس وهذا بسني القمر " (45).
ثم ذكر اختصاصه بما غاب في ﴿السماوات والأرض﴾ وأنه العالم بذلك، ثم جاء بما دل على التعجب من إدراكه المسموعات والمبصرات للدلالة على أن أمره في الإدراك خارج عن حد ما عليه إدراك كل سامع ومبصر، لأنه يدرك ألطف الأشياء وأصغرها ﴿مالهم﴾ الضمير لأهل السماوات والأرض ﴿من ولى﴾ أي: متول لأمورهم ﴿و﴾ ليس ﴿يشرك في﴾ قضائه ﴿أحدا﴾ منهم، قرئ: " ولا تشرك " بالتاء والجزم على النهي (46).
﴿لا مبدل لكلمته﴾ لا يقدر أحد على تبديل أحكام كلماته وتغييرها ﴿و﴾ لا ﴿تجد من دونه ملتحدا﴾ (47) وموئلا، يقال: التحد إلى كذا: إذا مال إليه.
﴿واصبر نفسك﴾ أي: احبسها ﴿مع﴾ المؤمنين ﴿الذين﴾ يداومون على الدعاء عند الصباح والمساء، وقيل: المراد ب? ﴿الغداة والعشي﴾: صلاة الفجر والعصر (48) وقرئ: " بالغدوة " (49) ﴿ولا تعد عيناك عنهم﴾ أي: لا تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا ﴿تريد زينة الحياة الدنيا﴾ في مجالسة أهل الغنى، وهي جملة في موضع الحال، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) حريصا على إيمان عظماء المشركين طمعا في إيمان أتباعهم، فأمر بالإقبال على فقراء المؤمنين كخباب وعمار وأبي ذر وغيرهم، وأن لا يرفع بصره عنهم ﴿من أغفلنا قلبه﴾ أي: جعلنا قلبه غافلا بالخذلان، أو وجدناه غافلا ﴿عن ذكرنا﴾، أو: لم نسمه بالذكر ولم نجعله من الذين كتبنا في قلوبهم الإيمان، من أغفل إبله: إذا تركها بغير وسم ﴿واتبع هواه﴾ في أفعاله ومشتهياته ﴿فرطا﴾ أي: إفراطا وتجاوزا للحد، ونبذا للحق وراء ظهره، من قولهم: فرس فرط أي: متقدم للخيل.
﴿وقل الحق من ربكم﴾: ﴿الحق﴾ خبر مبتدأ محذوف، والمعنى: جاء الحق وزاحت العلل فلم يبق إلا اختياركم لنفوسكم ما شئتم من الأخذ في طريق النجاة أو في طريق الهلاك ﴿اعتدنا﴾ أي: أعددنا وهيأنا للذين ظلموا أنفسهم بعبادة غير الله، وشبه سبحانه ما يحيط ﴿بهم﴾ من النار من جوانبهم بالسرادق ﴿يغاثوا بماء كالمهل﴾ وهو كل شئ أذيب كالنحاس والصفر، وقيل: هو دردي (50) الزيت (51)، وروي: أنه كعكر (52) الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة رأسه (53) ﴿يشوى الوجوه﴾ إذا قدم ليشرب انشوى الوجه من حرارته ﴿بئس الشراب﴾ ذلك ﴿وساءت﴾ النار ﴿مرتفقا﴾ متكأ، من المرفق، وهو يشاكل قوله: ﴿وحسنت مرتفقا﴾ (54).
﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا (30) أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا (31)﴾ وقع قوله: ﴿من أحسن عملا﴾ موقع الضمير العائد إلى اسم ﴿إن﴾، ﴿أولئك﴾ استئناف كلام، ويجوز أن يكون ﴿أولئك﴾ خبر ﴿إن﴾ و ﴿إنا لا نضيع﴾ اعتراضا.
و ﴿من﴾ في ﴿من أساور﴾ لابتداء الغاية، وفي ﴿من ذهب﴾ للتبيين، والسندس: مارق من الديباج، والإستبرق: ما غلظ منه ﴿متكئين فيها على الأرائك﴾ أي: متنعمين في تلك الجنات على السرر في الحجال، لأن الاتكاء هيئة أهل التنعم من الملوك وغيرهم.
﴿واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا (32) كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا (33) وكان له ثمر فقال لصحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا (34) ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (35) وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا (36)﴾ مثل سبحانه حال المؤمنين والكافرين بحال ﴿رجلين﴾ متجاورين كان ﴿لأحدهما﴾ بستانان أجنهما الأشجار ﴿من أعناب﴾ وهما محفوفتان ﴿بنخل﴾ تطيف (55) النخل بهما، وبين البستانين مزرعة، وعن ابن عباس: كانا ابني ملك في بني إسرائيل ورثا مالا جزيلا، فأخذ المؤمن منهما حقه وتقرب به إلى الله تعالى، وأخذ الآخر حقه فتملك به الجنتين والضياع والأموال (56).
﴿كلتا الجنتين آتت أكلها﴾ أي: كل واحدة من البستانين أعطت غلتها، و ﴿آتت﴾ محمولة على اللفظ، لأن لفظ ﴿كلتا﴾ مفرد ﴿ولم تظلم منه شيئا﴾ أي: لم تنقص ﴿وفجرنا﴾ أي: وشققنا وسط الجنتين ماء جاريا.
﴿وكان له ثمر﴾ أي: أنواع من المال، من ثمر ماله: إذا كثره، وقرئ: " ثمر " و " بثمره " (57) بضمتين (58) وبسكون الميم أيضا (59) في الموضعين، ويجوز أن يكون " ثمر " جمع " ثمرة " أو جمع " ثمار " ثم يخفف ويقال: " ثمر " مثل: " كتب "، وقرئ: بفتح الثاء والميم وهو جمع ثمرة: ما يجتني من ذي الثمرة، و ﴿أعز نفرا﴾ يعني: أنصارا وحشما، وقيل: أولادا ذكورا لأنهم ينفرون معه (60)، و ﴿يحاوره﴾: يراجعه الكلام، من حار يحور: إذا رجع.
﴿ودخل جنته﴾ آخذا بيد صاحبه المسلم يطوف به ويريه أملاكه ويفاخره بأمواله ﴿وهو ظالم لنفسه﴾ أي: معجب بما أوتي، مفتخر به، كافر لنعمة ربه.
﴿ولئن رددت إلى ربى﴾ أقسم على أنه إن رد إلى ربه على سبيل التقدير كما يزعم صاحبه ليجدن في الآخرة ﴿خيرا﴾ من جنته في الدنيا، وقرئ: " خيرا منهما " (61) بعود الضمير إلى ﴿الجنتين﴾، ﴿منقلبا﴾ مرجعا وعاقبة، وانتصابه على التمييز.
﴿قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا (37) لكنا هو الله ربى ولا أشرك بربي أحدا (38) ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا (39) فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا (40) أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا (41) وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا (42) ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا (43) هنالك الولية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا (44)﴾
﴿خلقك﴾ أي: خلق أصلك ﴿من تراب﴾ لأن خلق أصله سبب في خلقه، فكأن خلقه خلق له ﴿ثم سواك﴾ أي: عدلك وأكملك إنسانا معتدل الخلق بالغا مبلغ الرجال.
﴿لكنا﴾ أصله: " لكن أنا " فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون " لكن " فالتقت النونان فأدغم، و ﴿هو﴾ ضمير الشأن، أي: الشأن ﴿الله ربى﴾، والجملة خبر " أنا " والراجع منها إليه ياء الضمير، وقرئ بحذف ألف " أنا " في الوصل (62)، وقرئ أيضا بإثباتها في الوصل والوقف جميعا (63)، وحسن ذلك وقوع الألف عوضا من حذف الهمزة، يقول لصاحبه: أنت كافر بالله لكني مؤمن موحد.
﴿ما شاء الله﴾: ﴿ما﴾ موصولة مرفوعة المحل على خبر الابتداء، والتقدير: الأمر ما شاء الله، أو شرطية منصوبة المحل والجزاء محذوف، والتقدير: أي شئ شاء الله كان، والمعنى هلا ﴿قلت﴾ عند دخول ﴿جنتك﴾: الأمر ما شاء الله اعترافا بأنها حصلت لك بمشيئة الله وفضله، وأن أمرها بيده إن شاء حال بينك وبينها ونزع بركتها عنك ﴿لا قوة إلا بالله﴾ إقرار بأن قوته على عمارتها بمعونته، إذ لا يقوى أحد في بدنه وما يملكه إلا بالله، و ﴿أنا﴾ فصل و ﴿أقل﴾ مفعول ثان ل? ﴿ترن﴾، وفي قوله: ﴿وولدا﴾ دلالة على أن النفر في قوله: ﴿وأعز نفرا﴾ المراد به الأولاد، والمعنى: ﴿إن﴾ ترني أفقر ﴿منك﴾ فأنا أتوقع من صنع الله ﴿أن﴾ يرزقني ﴿خيرا من جنتك﴾ ويسلبك نعمه، ويخرب جنتك لإيماني وكفرانك، و " الحسبان " مصدر بمعنى الحساب، أي: مقدارا قدره الله وحسبه وهو الحكم بتخريبها، وقيل: ﴿حسبانا﴾: مرامي من عذابه: حجارة أو صاعقة (64) ﴿صعيدا﴾ أرضا مستوية لا نبات عليها، يزلق عنها القدم لملاستها، و ﴿زلقا﴾ و ﴿غورا﴾ كلاهما وصف بالمصدر.
﴿وأحيط﴾ به عبارة عن الهلاك، وأصل الإحاطة: إدارة الحائط على الشئ، وتقليب الكفين عبارة عن الندم والتحسر، لأن النادم يفعل ذلك، فكأنه قال: فأصبح يندم ﴿على ما أنفق فيها﴾ أي: في عمارتها ﴿وهي خاوية على عروشها﴾ يعني: سقطت عروش كرومها على الأرض وسقطت فوقها الكروم، قالوا: أرسل الله عليها نارا فأهلكتها (65) وغار ﴿ماؤها﴾ ثم تمنى لو لم يكن مشركا حتى لا يهلك الله بستانه، ويجوز أن يكون توبة من الشرك ودخولا في الإيمان.
وقرئ: ﴿لم تكن﴾ بالتاء والياء (66) و ﴿ينصرونه﴾ محمول على المعنى دون اللفظ، والمعنى: ﴿لم تكن له﴾ جماعة تقدر على نصرته ﴿من دون الله﴾ أي: هو سبحانه وحده القادر على نصرته، لا يقدر أحد غيره أن ينصره، إلا أنه لم ينصره لأنه استوجب الخذلان ﴿وما كان منتصرا﴾ أي: ممتنعا بقوته عن انتقام الله.
قرئ: ﴿الولية﴾ بفتح الواو وكسرها (67)، والفتح بمعنى النصرة، والكسر بمعنى السلطان والملك، و ﴿هنالك﴾ أي: في ذلك المقام وتلك الحال النصرة ﴿لله﴾ وحده لا يستطيعها أحد سواه، أو: السلطان لله لا يمتنع منه، أو: في مثل تلك الحال الشديدة يتولى الله ويؤمن به كل مضطر، يعني: أن قوله: ﴿يا ليتني لم أشرك﴾ كلمة ألجأته الضرورة إليها، و ﴿الحق﴾ قرئ بالرفع (68) صفة ل? ﴿الولية﴾، وبالجر صفة لله ﴿هو خير ثوابا﴾ لأوليائه و ﴿خير عقبا﴾ أي: عاقبة، يعني: عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره، وقرئ بضم القاف (69) وسكونها.
﴿واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الريح وكان الله على كل شئ مقتدرا (45) المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا (46) ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا (47) وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا (48) ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا (49)﴾
﴿فاختلط به نبات الأرض﴾ أي: تكاثف بسببه حتى خالط بعضه بعضا ﴿فأصبح هشيما﴾ متهشما متحطما ﴿تذروه الريح﴾ فتنقله من موضع إلى موضع، وقرئ: " تذروه الريح " (70) شبه حال الدنيا في نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك بحال النبات يكون أخضر ثم يهيج فتطيره الرياح.
﴿والباقيات الصالحات﴾ هي الطاعات والحسنات يبقى ثوابها أبدا، وقيل: هي الصلوات الخمس (71) ﴿خير... ثوابا﴾ يعني: ما يتعلق بها من الثواب، وما يتعلق بها من الأمل، لأن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب الله ونصيبه في الآخرة.
وقرئ: " تسير " (72) من سيرت و ﴿نسير﴾ من سيرنا، وتسييرها: قلعها من أماكنها وجعلها هباء منثورا، أو تسييرها في الجو ﴿بارزة﴾ ليس عليها ما يسترها مما كان عليها ﴿وحشرناهم﴾ جمعناهم إلى الموقف، ويقال: غادره وأغدره أي: تركه، ومنه الغدير: ما غادره السيل، وشبهت حالهم بحال الجنود يعرضون على الملك.
﴿صفا﴾ مصطفين ظاهرين، ترى جماعتهم كما يرى كل واحد منهم ﴿لقد جئتمونا﴾ على إرادة القول، والمعنى: قلنا لهم: لقد بعثناكم ﴿كما﴾ أنشأناكم ﴿أول مرة﴾، وقيل: جئتمونا عراة لا شئ معكم (73) ﴿موعدا﴾ أي: وقتا لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الرسل من البعث.
و ﴿الكتاب﴾ للجنس، يعني: صحائف الأعمال ﴿يا ويلتنا﴾ ينادون هلكتهم الخاصة من بين الهلكات (74) ﴿صغيرة ولا كبيرة﴾ عبارة عن الإحاطة بالجميع ﴿إلا أحصيها﴾ أي: عدها وضبطها ﴿ووجدوا ما عملوا حاضرا﴾ في الصحف، أو وجدوا جزاء ما عملوا ﴿ولا يظلم ربك أحدا﴾ أي: لا ينقص ثواب محسن، ولا يزيد في عقاب مسئ.
﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظلمين بدلا (50) ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا (51) ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا (52) ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا (53) ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شئ جدلا (54) وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا (55)﴾
﴿كان من الجن﴾ كلام مستأنف، والفاء للتسبيب، جعل كونه من الجن سببا في فسقه، ومعنى " فسق ": خرج عما أمره به ربه من السجود، أو صار فاسقا كافرا بسبب ﴿أمر ربه﴾ الذي هو قوله: ﴿اسجدوا﴾، ﴿أفتتخذونه﴾ الهمزة للإنكار والتعجب، أي: أبعد ما وجد منه تتخذونه ﴿وذريته أولياء من دوني﴾ وتستبدلونهم بي ؟! ﴿بئس﴾ البدل من الله إبليس لمن استبدله.
وقرئ: " ما أشهدناهم " (75) أي: ما أحضرت إبليس وذريته ﴿خلق السماوات والأرض﴾ أي: اعتضادا بهم ﴿ولا﴾ أشهدت بعضهم ﴿خلق﴾ بعض، وهو كقوله: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾ (76)، ﴿وما كنت متخذ المضلين عضدا﴾ وضع ﴿المضلين﴾ موضع الضمير ذما لهم بالإضلال، أي: فما لكم تتخذونهم شركاء لي (77) في العبادة.
وقرئ: ﴿يقول﴾ بالياء والنون (78)، وأضاف " الشركاء " إليه على زعمهم توبيخا لهم يريد الجن، والموبق: المهلك، من وبق يبق: إذا هلك، ويجوز أن يكون مصدرا أي: ﴿وجعلنا بينهم﴾ واديا من أودية جهنم، هو مكان الهلاك والعذاب الشديد مشتركا يهلكون فيه جميعا، وعن الفراء: البين: الوصل، أي: جعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكا يوم القيامة (79)، ويجوز أن يريد بالشركاء: الملائكة وعزيرا وعيسى، وبالموبق: البرزخ البعيد، أي: جعلنا بينهم أمدا بعيدا.
﴿فظنوا﴾ أي: فأيقنوا ﴿أنهم مواقعوها﴾ مخالطوها واقعون في عذابها ﴿مصرفا﴾ أي: معدلا (80).
﴿أكثر شئ جدلا﴾ أي: أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل إن فصلتها، جدلا: خصومة ومماراة في الباطل، وانتصابه على التمييز.
﴿أن﴾ الأولى نصب، والثانية رفع وقبلها مضاف محذوف، والتقدير: ﴿وما منع الناس﴾ الإيمان والاستغفار ﴿إلا﴾ انتظار ﴿أن تأتيهم سنة الأولين﴾ وهي الإهلاك ﴿أو﴾ انتظار أن ﴿يأتيهم﴾ عذاب الآخرة " قبلا " (81) عيانا، وقرئ: ﴿قبلا﴾ أنواعا.
﴿وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجدل الذين كفروا بالبطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا (56) ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا (57) وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا (58) وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا (59)﴾ جدالهم: قولهم للأنبياء: ﴿ما أنتم إلا بشر مثلنا﴾ (82)، ﴿ولو شاء الله لأنزل ملائكة﴾ (83) ونحو ذلك ﴿ليدحضوا﴾ أي: ليزيلوا ويبطلوا، من إدحاض القدم وهو إزلاقها ﴿وما أنذروا﴾: ﴿ما﴾ موصولة والعائد إليها من الصلة محذوف، أي: وما أنذروه من البعث والجزاء، أو مصدرية بمعنى: وإنذارهم ﴿هزوا﴾ أي: موضع استهزاء.
﴿بآيات ربه﴾ بالقرآن، ولذلك عاد الضمير إليه مذكرا في قوله: ﴿أن يفقهوه﴾ أي: لا أحد أظلم ممن ذكر بالقرآن فلم يتذكر حين ذكر، و ﴿أعرض﴾ عنه جانبا ﴿ونسي﴾ عاقبة ﴿ما قدمت يداه﴾ من الكفر والمعاصي غير مفكر فيها، ثم علل إعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع ﴿على قلوبهم﴾، وجمع بعد الإفراد للحمل على لفظ " من " ومعناه، ﴿فلن يهتدوا﴾ أي: فلا يكون منهم اهتداء البتة، و ﴿إذا﴾ جواب وجزاء يعني: أنهم جعلوا ما كان يجب أن يكون سبب الاهتداء سببا في انتفائه.
و ﴿الغفور﴾: البليغ المغفرة ﴿ذو الرحمة﴾ الموصوف بالرحمة فلا ﴿يؤاخذهم﴾ عاجلا مع استحقاقهم العذاب ﴿بل لهم موعد﴾ يعني: يوم القيامة، وقيل: يوم بدر (84) ﴿لن يجدوا من دونه موئلا﴾ ملجأ ومنجى، يقال: وأل إليه: إذا لجأ إليه، ووأل: إذا نجى.
﴿وتلك القرى﴾ إشارة إلى قرى عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم، و ﴿القرى﴾ صفة ل? ﴿تلك﴾ و ﴿تلك﴾ مبتدأ و ﴿أهلكنا هم﴾ خبره، ويجوز أن يكون ﴿تلك القرى﴾ نصبا بفعل مضمر يفسره " أهلكنا "، والمعنى: وتلك أصحاب القرى أهلكناهم ﴿لما ظلموا﴾ مثل ظلم قريش " وجعلنا لمهلكهم " (85) أي: لإهلاكهم أو لوقت إهلاكهم، وقرئ: ﴿لمهلكهم﴾ ومعناه: لهلاكهم، أو لوقت هلاكهم ﴿موعدا﴾ معلوما، والموعد: وقت أو مصدر.
﴿وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا (60) فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61) فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62) قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا (64)﴾
﴿فتاه﴾ يوشع بن نون، وسماه فتاه لأنه كان يخدمه ويتبعه ليأخذ منه العلم.
وفي الحديث: " ليقل أحدكم: فتاي وفتاتي، ولا يقل: عبدي وأمتي " (86).
و ﴿لا أبرح﴾ بمعنى: لا أزال، وخبره محذوف لدلالة الحال عليه، لأنها كانت حال سفر، فلو كان بمعنى: " لا أزول " لدل على الإقامة، فلابد أن يكون المعنى: ﴿لا أبرح﴾ أسير ﴿حتى أبلغ مجمع البحرين﴾ وهو المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر (عليهما السلام)، وهو ملتقى بحري فارس والروم، فبحر الروم مما يلي المغرب وبحر فارس مما يلي المشرق ﴿أو أمضى حقبا﴾ أو أسير زمانا طويلا، والحقب: ثمانون سنة، أو سبعون.
﴿نسيا حوتهما﴾ أي: نسيا تفقد أمره وما يكون منه مما جعل أمارة على وجدان البغية، وقيل: نسي يوشع أن يقدمه ونسي موسى أن يأمره فيه بشئ وكان سمكة مملوحة (87)، وقيل: إن يوشع حمل الحوت والخبز في المكتل فنزلا ليلة على شاطئ عين تسمى عين الحياة ونام موسى، فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده عاشت ووقعت في الماء (88)، وقيل: توضأ يوشع من تلك العين فانتضح الماء على الحوت فعاش ووثب في الماء (89) ﴿فاتخذ﴾ الحوت ﴿سبيله﴾ أي: طريقه ﴿في البحر سربا﴾ أي: مسلكا يذهب فيه، صار الماء عليه مثل الطاق وحصل من الماء في مثل السرب.
﴿فلما جاوزا﴾ الموعد وهو الصخرة لنسيان موسى تفقد أمر الحوت ونسيان يوشع أن يذكر لموسى ما رآه من حياته (90) ووقوعه في الماء ألقي على موسى النصب والجوع ولم يجع ولم يتعب قبل ذلك، فتذكر موسى الحوت وطلبه، وقوله: ﴿من سفرنا هذا﴾ إشارة إلى مسيرهما حين جاوزا الصخرة وسارا تلك الليلة والغد إلى الظهر، ولما طلب موسى الحوت ذكر يوشع ما رأى منه وما اعتراه من نسيانه إلى تلك الغاية، فدهش فطفق يسأل موسى عن سبب ذلك، فكأنه ﴿قال أرأيت﴾ ما دهاني ﴿إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت﴾ ونسيت حديثه، وقيل: معناه: تركت الحوت وفقدته (91)، و ﴿أن أذكره﴾ بدل من الهاء في ﴿أنسانيه﴾ أي: وما أنساني ذكره ﴿إلا الشيطان﴾ وقرأ حمزة (92): ﴿وما أنسانيه﴾ وفي الفتح ﴿عليه الله﴾ (93) بضم الهاء (94)، و ﴿عجبا﴾ مفعول ثان ل? ﴿اتخذ﴾ مثل ﴿سربا﴾، أي: واتخذ سبيله سبيلا عجبا وهو كونه مثل السرب، وقوله: ﴿وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره﴾ اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه.
و ﴿ذلك﴾ إشارة إلى اتخاذه سبيلا، أي: ذلك الذي ﴿كنا﴾ نطلب من العلامة ﴿فارتدا﴾ أي: رجعا في الطريق الذي جاءا منه يقصان آثارهما ﴿قصصا﴾، وقرئ: ﴿نبغ﴾ بغير ياء في الوصل (95) وإثباتها أحسن (96).
﴿فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمنه من لدنا علما (65) قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا (66) قال إنك لن تستطيع معي صبرا (67) وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا (68) قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا (69) قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا (70) فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا (71) قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا (72) قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا (73) فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (74) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا (75)﴾
﴿رحمة من عندنا﴾ هي الوحي والنبوة ﴿من لدنا﴾ مما يختص بنا من العلم وهو الإخبار عن الغيوب.
وقرئ: " رشدا " (97) ومعناه: علما ذا رشد أرشد به في ديني، و ﴿لن تستطيع﴾ نفي استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد كأنها مما لا يصح ثبوته، وعلل ذلك بأنه يأتي بما لا يعرف هو باطنه ولا يعلم حقيقته فظاهره عنده منكر، والخبر: العلم، و ﴿خبرا﴾ تمييز، أي: ﴿لم﴾ يحط ﴿به﴾ خبرك.
﴿ولا أعصى﴾ في محل نصب عطف على ﴿صابرا﴾ أي: ﴿ستجدني﴾ صابرا وغير عاص، وعلق صبره بمشيئة الله علما منه بشدة الأمر.
وقرئ: " فلا تسلني " بالنون الثقيلة (98)، والمعنى: أن من شرط اتباعك لي أن لا تسألني ﴿عن شئ﴾ أفعله مما تنكره علي إذ يخفي عليك وجه حسنه ﴿حتى﴾ أكون أنا مفسره ﴿لك﴾ وهذا من أدب المتعلم على العالم والمتبوع على التابع.
﴿فانطلقا﴾ على ساحل البحر يطلبان السفينة ﴿حتى إذا ركبا في السفينة﴾ أخذ الخضر الفأس فخرق السفينة بأن قلع لوحين مما يلي الماء منها، فحشاها موسى بثوبه وجعل يقول: ﴿أخرقتها لتغرق أهلها﴾، وقرئ: " ليغرق أهلها " (99)، ﴿لقد جئت شيئا إمرا﴾ أي: عظيما، من قولهم: أمر الأمر: إذا عظم.
﴿بما نسيت﴾ أي: بشئ نسيته، أو بالذي نسيته، أو بنسياني، أراد: أنه نسي وصيته ولا مؤاخذة على الناسي، وعن أبي: أنه لم ينس ولكنه من معاريض الكلام (100)، أراد: أنه أخرج الكلام في معرض النهي عن المؤاخذة بالنسيان يوهمه أنه قد نسي، ويجوز أن يريد بالنسيان: الترك، أي: ﴿لا تؤاخذني بما﴾ تركت من وصيتك أول مرة ﴿ولا ترهقني﴾ أي: لا تكلفني ﴿من أمري﴾ مشقة، وعاملني باليسير، ورهقه: غشيه، وأرهقه إياه، فكأنه قال: ولا تغشني ﴿عسرا﴾ من أمري وهو اتباعه إياه، وقرئ: " عسرا " بضمتين (101).
فخرجا من البحر وانطلقا يمشيان، ف? ﴿لقيا غلما فقتله﴾ الخضر، " زاكية " (102) أي: طاهرة من الذنوب، وقرئ: ﴿زكية﴾، ﴿بغير نفس﴾ أي: لم يقتل نفسا فيقتص (103) منها ﴿نكرا﴾ أي: فظيعا منكرا، وقرئ بضمتين (104)، وفي زيادة ﴿لك﴾ هنا زيادة العتاب على ترك الوصية.
﴿قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصحبني قد بلغت من لدني عذرا (76) فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا (77) قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا (78) أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا (79) وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا (80) فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما (81) وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صلحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا (82)﴾
﴿بعدها﴾ أي: بعد هذه المرة، أو بعد المسألة ﴿فلا تصحبني﴾ أي: فلا تتابعني على صحبتك وإن طلبتها، وقرئ: " فلا تصحبني " (105) أي: فلا تكن صاحبي ﴿قد بلغت من لدني عذرا﴾ أي: قد أعذرت فيما بيني وبينك إذ أخبرتني أن لا أستطيع معك صبرا.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " استحيا نبي الله موسى، فلو صبر لرأى ألفا من العجائب " (106).
وقرئ: " من لدني " بتخفيف النون (107).
﴿أهل قرية﴾ هي أنطاكية، وقيل: أيلة (108)، وقيل: قرية على ساحل البحر تسمى ناصرة (109) ﴿أن يضيفوهما﴾ أي: لم يضفهما أحد من أهلها، والتضييف والإضافة بمعنى، وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " كانوا أهل قرية لئاما " (110)، وقيل: شر القرى: التي لا يضاف الضيف فيها، ولا يعرف لابن السبيل حقه (111) ﴿يريد أن ينقض﴾ أي: أشرف على أن ينهدم، استعيرت الإرادة للمشارفة والقرب كما استعير الهم والعزم لذلك، قال: يريد الرمح صدر أبي براء * ويرغب عن دماء بني عقيل (112) وقال حسان: إن دهرا يلف شملي بجمل * لزمان يهم بالإحسان (113) وانقض: أسرع سقوطه، وهو انفعل مطاوع قضضته (114)، وقيل: هو افعل من النقض كاحمر من الحمرة (115) ﴿فأقامه﴾ بيده، وقيل: مسحه بيده فقام واستوى (116)، ولما أقام الجدار وكانت الحال حال افتقار إلى المطعم ولم يجدا مواسيا، لم يملك موسى نفسه أن ﴿قال لو شئت﴾ اتخذت ﴿عليه أجرا﴾ حتى نسد به جوعتنا (117)، وقرئ: " لاتخذت " (118) والتاء من " تخذت " أصل، " اتخذ " افتعل منه ك? " اتبع " من " تبع " وليس من الأخذ في شئ.
﴿قال هذا﴾ أي: الاعتراض سبب الفراق، والأصل: هذا فراق بيني وبينك، فأضاف المصدر إلى الظرف كما يضاف إلى المفعول به ﴿لمسكين﴾ لفقراء ﴿يعملون﴾ بها ﴿في البحر﴾ ويتعيشون بها ﴿وراءهم﴾ أمامهم كقوله: ﴿ومن ورائهم برزخ﴾ (119)، وقيل: خلفهم (120)، وكان طريقهم في رجوعهم عليه، وما كان عندهم خبره فأعلم الله به الخضر وهو جلندى (121)، وقرأ أبي و عبد الله (122): " كل سفينة صالحة غصبا " (123)، وقرأ أبي وابن عباس: " وأما الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين " (124) وكلاهما قراءة أهل البيت (عليهم السلام) (125)، ﴿فخشينا﴾ أي: فخفنا ﴿أن﴾ يغشي الوالدين المؤمنين ﴿طغيانا﴾ عليهما ﴿وكفرا﴾ لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه، ويلحق بهما بلاء، أو يعذبهما برأيه (126) فيحملهما على الطغيان والكفران.
وقرئ: ﴿يبدلهما﴾ بالتشديد (127) والتخفيف، والزكاة: الطهارة والنقاء من الذنوب، والرحم: الرحمة والعطف.
الصادق (عليه السلام): " إنهما أبدلا بالغلام المقتول جارية فولدت سبعين نبيا " (128).
واختلف في الكنز، فقيل: مال مدفون من الذهب والفضة (129)، وقيل: كتب علم مدفونة (130)، وقيل: لوح من ذهب مكتوب فيه: " عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (131).
الصادق (عليه السلام): " إنه كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء " (132).
﴿رحمة﴾ مفعول له، أو مصدر منصوب ب? ﴿أراد ربك﴾ لأنه في معنى " رحمهما "، ﴿وما فعلته﴾ ما رأيت ﴿عن أمري﴾ أي: عن اجتهادي ورأيي، وإنما فعلته بأمر الله، وفي قراءة علي (عليه السلام): " وما فعلته يا موسى عن أمري ".
﴿ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا (83) إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا (84) فأتبع سببا (85) حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا (86) قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا (87) وأما من آمن وعمل صلحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا (88) ثم أتبع سببا (89) حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا (90) كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا (91) ثم أتبع سببا (92)﴾
﴿ذي القرنين﴾ هو الإسكندر الذي ملك الدنيا، وقيل: ملك الدنيا مؤمنان: ذو القرنين وسليمان، وكافران: نمرود وبخت نصر (133).
واختلف فيه (134) فقيل: كان عبدا صالحا أعطاه الله العلم والحكمة وملكه الأرض (135)، وقيل: كان نبيا فتح الله على يديه الأرض (136).
وعن علي (عليه السلام): " كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات، ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله، فسمي ذا القرنين، وفيكم مثله " (137).
وقيل: سمي ذا القرنين لأنه قد بلغ قطري الأرض من المشرق والمغرب (138)، وقيل: كان لتاجه قرنان (139)، والسائلون: هم اليهود، سألوه على وجه الامتحان، وقيل: سأله أبو جهل وأشياعه (140) ﴿وآتيناه من﴾ أسباب ﴿كل شئ﴾ أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه ﴿سببا﴾ طريقا موصلا إليه، فأراد بلوغ المغرب " فاتبع سببا " يوصله إليه حتى بلغ، وكذلك أراد المشرق " فاتبع سببا " وأراد بلوغ السدين " فاتبع سببا " (141)، وقرئ: ﴿فأتبع﴾ بقطع الهمزة، أي: فأتبع أمره سببا، أو أتبع ما هو عليه سببا.
وقرئ: ﴿حمئة﴾ من حمئت البئر: إذا صارت فيها الحمأة (142)، و " حامية " (143) أي: حارة ﴿ووجد﴾ عند العين ناسا كانوا كفرة، فخيره الله بين أن يعذبهم بالقتل وأن يدعوهم إلى الإسلام فاختار دعوتهم واستمالتهم، ف? ﴿قال أما من﴾ دعوته فأبى إلا البقاء على أعظم الظلم وهو الكفر فذاك هو المعذب في الدارين ﴿وأما من آمن و﴾ أصلح " فله جزاء الحسنى " (144) أي: جزاء الفعلة الحسنى، وقرئ: ﴿جزاء﴾ بالنصب والتنوين، ومعناه: فله المثوبة الحسنى جزاء أي: مجزية، فهو مصدر وضع موضع الحال ﴿من أمرنا يسرا﴾ أي: لا نأمره بالصعب الشاق ولكن بالسهل المتيسر من الخراج وغير ذلك، وتقديره: ذا يسر.
وقرئ: ﴿مطلع﴾ بفتح اللام (145) وكسرها وهو مصدر، والمعنى: ﴿بلغ﴾ مكان مطلع الشمس ﴿على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا﴾ لم يكن بها جبل ولا شجر ولا بناء، وعن كعب: كان أرضهم لا تمسك الأبنية وبها أسراب، فإذا طلعت الشمس دخلوها، فإذا غربت تصرفوا في أمورهم ومعايشهم (146)، وقيل: الستر: اللباس (147)، وعن مجاهد: من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض (148).
﴿كذلك﴾ أي: أمر ذي القرنين كذلك، أي: كما وصفناه تعظيما لأمره ﴿وقد أحطنا بما لديه﴾ من الجنود والآلات وأسباب الملك ﴿خبرا﴾ أي: علما تكثيرا لذلك، وقيل: يريد ﴿بلغ مطلع الشمس﴾ مثل ذلك أي: كما بلغ مغربها (149)، وقيل: تطلع على قوم مثل ذلك القبيل الذي تغرب عليهم (150)، ومعناه: أنهم كفرة مثلهم، وحكمهم مثل حكمهم في تعذيبه لمن بقي منهم على الكفر وإحسانه إلى من آمن منهم.
﴿حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا (93) قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا (94) قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما (95) آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا (96) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا (97) قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا (98)﴾ السدان: جبلان سد ذو القرنين ما بينهما، وقرئ: بالضم (151) والفتح، وقيل: ما كان من عمل العباد فهو مفتوح، وما كان من خلق الله فهو مضموم، لأنه فعل بمعنى مفعول فعله الله وخلقه، والمفتوح مصدر فهو حدث يحدثه الناس (152)، و ﴿بين﴾ انتصب على أنه مفعول به، كما انجر بالإضافة في قوله: ﴿هذا فراق بيني وبينك﴾ (153)، وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق ﴿من دونهما قوما﴾ قيل: هم الترك (154) ﴿لا يكادون يفقهون قولا﴾ أي: لا يكادون يفهمونه إلا بجهد ومشقة من إشارة ونحوها، وقرئ: " يفقهون " (155) أي: لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبينونه، لأن لغتهم غريبة مجهولة.
﴿يأجوج ومأجوج﴾ اسمان أعجميان، وقرئا: بالهمزة ﴿مفسدون في الأرض﴾ قيل: كانوا يأكلون الناس (156)، وقيل: كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون شيئا أخضر إلا أكلوه ولا يابسا إلا احتملوه (157) (158).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) في صفتهم: " أنه لا يموت أحد منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح " (159).
وقيل: إنهم صنفان: طوال مفرطو الطول وقصار مفرطو القصر (160).
وقرئ: ﴿خرجا﴾ و " خراجا " (161) أي: جعلا نخرجه من أموالنا، ونظيرهما النول والنوال.
﴿ما مكنى... ربى﴾ أي: ما جعلني ربي فيه مكينا من كثرة المال واليسار ﴿خير﴾ مما تبذلونه من الخراج فلا حاجة بي إليه، وقرئ: بالإدغام وفكه (162) ﴿فأعينوني بقوة﴾ أي: برجال وصناع يحسنون البناء وبالآلات ﴿ردما﴾ أي: حاجزا حصينا، والردم: أكبر من السد، قيل: حفر الأساس حتى بلغ الماء، وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب، والبنيان من ﴿زبر الحديد﴾ بينهما الحطب والفحم ﴿حتى﴾ سد ما ﴿بين﴾ الجبلين إلى أعلاهما، ثم وضع المنافيخ ﴿حتى إذا﴾ صارت كالنار صب النحاس المذاب على الحديد المحمى فالتصق بعضه ببعض وصار جبلا صلدا (163)، والصدفان بفتحتين: جانبا الجبلين، لأنهما يتصادفان أي: يتقابلان، وقرئ: " الصدفين " بضمتين (164) وبضمة وسكون (165)، والقطر: النحاس المذاب، و ﴿قطرا﴾ منصوب ب? ﴿أفرغ﴾ وتقديره: ﴿آتوني﴾ قطرا أفرغ عليه قطرا، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وقرئ: " قال ائتوني " (166) جيئوني.
﴿فما اسطاعوا﴾ بحذف التاء للخفة، وقرئ: " فما اصطاعوا " بقلب السين صادا (167) ﴿أن يظهروه﴾ أن يعلوه، أي: لا حيلة لهم في صعوده لارتفاعه وملاسته، ولا في نقبه لصلابته وثخانته.
﴿هذا﴾ إشارة إلى السد، أي: هذا السد نعمة ﴿من﴾ الله و ﴿رحمة﴾ على عباده ﴿فإذا جاء وعد ربى﴾ أي: دنا مجئ يوم القيامة جعل السد " دكا " (168) أي: مدكوكا مبسوطا مسوى بالأرض، وكل ما انبسط بعد ارتفاع فقد اندك، وقرئ: ﴿دكاء﴾ بالمد، أي: أرضا مستوية ﴿وكان وعد ربى حقا﴾ هذا آخر حكاية قول ذي القرنين.
﴿وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا (99) وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا (100) الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا (101) أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا (102) قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا (104) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعملهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا (105) ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا (106)﴾
﴿وتركنا بعضهم﴾ أي: وجعلنا بعض الخلق يوم خروج يأجوج ومأجوج ﴿يموج في بعض﴾ أي: يضطربون ويختلطون إنسهم وجنهم حيارى، أو يكون الضمير ليأجوج ومأجوج وأنهم يموجون حين يخرجون مما وراء السد مزدحمين في البلاد.
وقد روي: أنهم يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الشجر ومن ظفروا به ممن لم يتحصن منهم من الناس، ثم يبعث الله نغفا (169) في أقفائهم فتدخل آذانهم فيهلكون بها (170).
﴿وعرضنا جهنم﴾ وأبرزناها لهم فرأوها وشاهدوها.
﴿عن ذكرى﴾ عن آياتي والتفكر فيها، ونحوه: ﴿صم بكم عمى﴾ (171).
﴿وكانوا لا يستطيعون سمعا﴾ أي: وكانوا صما عنه.
وقراءة أمير المؤمنين (عليه السلام): " أفحسب الذين كفروا " (172) أي: أفكافيهم ومحسبهم ﴿أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء﴾ وهم الملائكة، فهو مبتدأ وخبر، أو بمنزلة الفعل والفاعل، لأن اسم الفاعل إذا اعتمد على الهمزة ساوى الفعل في العمل، كقولك: أقائم الزيدان، والمعنى: أن ذلك لا يكفيهم ولا ينفعهم عند الله كما حسبوا.
وأما القراءة المشهورة فمعناها: أفحسبوا أن يتخذوهم من دوني أربابا ينصرونهم، أي: لا يكونون لهم أولياء ناصرين، والنزل: ما يقام للنزيل وهو الضيف، ونحوه: ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ (173).
﴿الذين ضل سعيهم﴾ أي: ضاع وبطل عملهم، وهم الرهبان ﴿وهم﴾ يظنون ﴿أنهم﴾ محسنون، وأن أفعالهم طاعة وقربة.
وعن علي (عليه السلام): هو كقوله: ﴿عاملة ناصبة﴾ (174) وقال: " منهم أهل حروراء " (175) (176).
﴿فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا﴾ أي: لا يكون لهم عندنا وزن ومقدار، ونزدري بهم (177).
﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا (107) خالدين فيها لا يبغون عنها حولا (108) قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمت ربى ولو جئنا بمثله مددا (109) قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صلحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا (110)﴾ الحول: التحول (178)، يقال: حال عن مكانه حولا، كما قالوا: عادني حبها عودا، أي: لا يطلبون تحولا ﴿عنها﴾ إلى موضع آخر لكمال طيبها.
المداد: اسم ما يمد به الدواة، والمعنى: ﴿لو﴾ كتبت كلمات علم الله وحكمته و ﴿كان البحر مدادا﴾ لها، والمراد بالبحر: الجنس ﴿لنفد البحر قبل أن تنفد﴾ ال? ﴿كلمت﴾، ﴿ولو جئنا﴾ بمثل البحر مدادا لنفد أيضا والكلمات لا تنفد، و ﴿مددا﴾ تمييز، كقولك: لي مثله رجلا، والمدد مثل المداد: وهو ما يمد به، وقرئ: " ينفد " بالياء (179).
﴿فمن كان يرجوا﴾ أي: يأمل حسن ﴿لقاء ربه﴾ وأن يلقاه لقاء رضا وقبول، أو: فمن كان يخاف سوء لقائه، والمراد بالنهي عن الإشراك بالعبادة: أن لا يرائي بعمله، وأن لا يبتغي به إلا وجه ربه خالصا لا يريد به غيره.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه برئ، فهو للذي أشرك " (180).
وعن الصادق (عليه السلام): " ما من أحد يقرأ آخر الكهف عند النوم إلا تيقظ في الساعة التي يريدها " (181) (182).
1- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 3: قال مجاهد وقتادة: هي مكية، وهي مائة وعشر في الكوفي، واحدى عشرة في البصري، وخمس في المدنيين. وقال الماوردي البصري في تفسيره: ج 3 ص 283: مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة: إلا آية منها وهي قوله تعالى: * (واصبر نفسك) *. وقال القرطبي في تفسيره: ج 10 ص 346: وهي مكية في قول جميع المفسرين، وروي عن فرقة: أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله: * (جرزا) *، والأول أصح. وقال الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 702: مكية إلا آية 38 ومن آية 83 إلى غاية آية 101 فمدنية، وآياتها 110 نزلت بعد الغاشية.
2- الآية 86.
3- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 751 مرسلا.
4- ثواب الأعمال للصدوق: ص 134.
5- قاله الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 133.
6- قاله الفارسي وإليه ذهب أكثر النحاة على ما حكاه الآلوسي في تفسيره: ج 15 ص 204.
7- يقال: آنقني الشئ أي: أعجبني. (الصحاح: مادة أنق).
8- قاله سعيد بن جبير. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 145.
9- وهو قول الضحاك. راجع تفسير ابن كثير: ج 2 ص 72.
10- وهو ما رواه ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله). راجع صحيح مسلم: ج 4 ص 2099 ح 2743، ومسند أحمد 2: 116.
11- في نسخة: رشدا.
12- قاله مجاهد. راجع تفسير الرازي: ج 21 ص 84.
13- التبكيت: هو التعنيف واللوم، يقال: فلان بكت فلانا: إذا عنفه ولامه. (الصحاح: مادة بكت).
14- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 707.
15- قرأه نافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 388.
16- وقراءة التشديد هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 388.
17- قرأه ابن عامر ويعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 508.
18- قاله الزجاج على ما حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 21 ص 101.
19- حكاه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 709.
20- في بعض النسخ زيادة: إلا.
21- قاله عطاء. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 154.
22- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 709، والرازي في تفسيره: ج 21 ص 101.
23- حكاه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 155.
24- وهي قراءة أبي عمرو وحمزة وأبي بكر وروح. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 508.
25- يوسف: 82.
26- في بعض النسخ: اطلعنا، اطلعناهم.
27- في بعض النسخ: اطلعنا، اطلعناهم.
28- في نسخة زيادة: حالهم.
29- وهو قول الطبري في تفسيره: ج 8 ص 202.
30- حكاه الرازي في تفسيره: ج 21 ص 105.
31- سبأ: 53.
32- وصدره: وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم. والبيت من معلقته التي مطلعها: أمن أم أوفي دمنة لم تكلم * بحومانة الدراج فالمتثلم وفيها يخاطب قبيلة ذبيان وأحلافهم ويحرضهم على الصلح مع بني عمهم بني عبس، ويخوفهم من الحرب، فإنهم قد علموا شدائدها في حرب داحس، فيقول لهم: ما الحرب إلا ما جربتم وذقتم مرارتها فإياكم أن تعودوا إلى مثلها. انظر ديوان زهير بن أبي سلمى: ص 81.
33- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 297.
34- كما حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 156.
35- النحل: 125.
36- في بعض النسخ: متلبسا.
37- حكاه عنه ابن كثير في تفسيره: ج 3 ص 78.
38- قاله عكرمة. راجع التبيان: ج 7 ص 29.
39- في بعض النسخ: " من ".
40- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 3 ص 278.
41- الآية: 11.
42- قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 508.
43- الآية: 103.
44- في نسخة: كتبنا.
45- رواه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 158.
46- وهي قراءة ابن عامر وحده. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 509.
47- في بعض النسخ زيادة: أي ملتجأ.
48- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 717.
49- قرأه ابن عامر وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 390.
50- دردي الزيت: ما يبقى في أسفله. (الصحاح: مادة درد).
51- قاله ابن عباس. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 303.
52- العكر: هو دردي الزيت وغيره. (الصحاح: مادة عكر).
53- وهو ما رواه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 719 عن النبي (صلى الله عليه وآله) مرسلا.
54- الآية: 31.
55- في بعض النسخ: يطيف.
56- انظر تفسير ابن عباس: ص 247.
57- من الآية: 42.
58- قرأه ابن كثير ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي. كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 390.
59- وهي قراءة أبي عمرو. راجع التبيان: ج 7 ص 38.
60- قاله مقاتل. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 162.
61- وهي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 509.
62- وهي قراءة أبي عمرو رواية على ما حكاه ابن خالويه في شواذ القرآن: ص 83.
63- قرأه ابن عامر والمسيبي ورويس. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 509، والكشف عن وجوه القراءات السبع للقيسي: ج 2 ص 61.
64- قاله قتادة والقتيبي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 163.
65- في بعض النسخ: أهلكها.
66- وبالياء قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 510.
67- وقراءة الكسر هي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 392.
68- قرأه أبو عمرو والكسائي. راجع المصدر السابق.
69- وهي قراءة أبي عمرو والكسائي ونافع وابن كثير وابن عامر. راجع المصدر نفسه.
70- قرأه طلحة بن مصرف. راجع تفسير القرطبي: ج 10 ص 413.
71- وهو قول سعيد بن جبير ومسروق وإبراهيم. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 165.
72- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر. راجع المصدر السابق.
.
73- وهو ما روته عائشة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا... "، وما رواه ابن عباس عنه (صلى الله عليه وآله) بلفظ: " قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيبا بموعظة فقال: يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده... ". انظر صحيح مسلم: ج 4 ص 2194 ح 2859، وسنن الترمذي: ج 4 ص 615 ح 2423.
74- في نسخة: المهلكات.
75- وهي قراءة يزيد بن القعقاع والسجستاني وعون العقيلي. راجع شواذ القرآن: ص 83.
76- النساء: 29.
77- في بعض النسخ: شركائي.
78- وبالنون قرأه حمزة وحده. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 511.
79- معاني القرآن للفراء: ج 2 ص 147.
80- في نسخة: معزلا.
81- الظاهر أن القراءة المعتمدة لدى المصنف هنا بكسر القاف وفتح الباء تبعا للزمخشري.
82- يس: 15.
83- المؤمنون: 24.
84- قاله الطبري في تفسيره: ج 8 ص 243.
85- يظهر أن القراءة المعتمدة لدى المصنف هنا بضم الميم وفتح اللام التي بعدها وهي قراءة الجمهور سوى عاصم على المشهور.
86- رواه أحمد في مسنده: ج 2 ص 496، وفي صحيح مسلم: ج 4 ص 1764 ح 2249 بلفظ: " لا يقولن أحدكم... ".
87- قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج 7 ص 67.
88- وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 154.
89- قاله الكلبي. راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 305.
90- في نسخة: حوته.
91- قاله البغوي في تفسيره: ج 3 ص 172.
92- كذا في جميع النسخ، لكن لم نعثر فيما توفرت لدينا من مصادر عن قراءة كهذه منسوبة لحمزة، بل هي متواترة عن حفص وحده وقد، نسب هذه القراءة - في الموضعين - إلى حفص في مجمع البيان: ج 5 - 6 ص 479.
93- الآية: 10.
94- انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 394.
95- وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 392.
96- والكسائي وحده أثبتها في الوصل. راجع المصدر السابق.
97- قرأه أبو عمرو وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 394.
98- وهي قراءة نافع وابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 512.
99- قرأه الحسن وأبو رجاء. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 84.
100- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 8 ص 258.
101- قرأه عيسى ويحيى بن وثاب وأبو جعفر المدني. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 84.
102- يبدو أن المصنف قد اعتمد على هذه القراءة بالألف هنا تبعا للكشاف.
103- في نسخة: فتقتص.
104- قرأه نافع برواية الأصمعي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم وابن ذكوان عن ابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 513، والتبيان: ج 7 ص 73.
105- وهي قراءة عيسى وابن عامر في رواية. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 84.
106- رواه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 75.
107- وهي قراءة نافع والأعشى. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 513.
108- قاله قتادة وابن سيرين. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 175، وتفسير الماوردي: ج 3 ص 330 وفيه: " الأبلة ".
109- ذكره القرطبي في تفسيره: ج 11 ص 24 ونسبه إلى الثعلبي.
110- أخرجه السيوطي في الدر: ج 5 ص 427 وعزاه إلى الديلمي عن أبي بن كعب عنه (صلى الله عليه وآله).
111- وهو قول قتادة. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 175.
112- لم نعثر على قائله فيما توفرت لدينا من مصادر معتمدة، إلا صاحب مجاز القرآن فقد نسبه إلى الحارثي ولم يبين من هو، ومعناه واضح. راجع مجاز القرآن لأبي عبيدة: ج 1 ص 410.
113- وفيه تشبيه الزمان بانسان يصح منه إرادة الإحسان على طريق المكنية، والهم في هذا البيت تخييل أو هو من باب المجاز العقلي. انظر ديوان حسان بن ثابت: ج 1 ص 517.
114- في نسخة: نقضته.
115- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 739 - 740.
116- قاله سعيد بن جبير على ما حكاه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 175.
117- في بعض النسخ: جوعنا.
118- وهي قراءة ابن كثير والبصريين. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 514.
119- المؤمنون: 100.
120- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 3 ص 305.
121- وجلندى: اسم ملك عمان. انظر الصحاح: مادة " جلد ".
122- والمراد به عبد الله بن مسعود بن غافل، أبو عبد الرحمن، من أكابر الصحابة والسابقين في الاسلام، أمره عثمان على الكوفة في خلافته ثم عزله وأمره بالرجوع إلى المدينة، ثم جعله القيم على بيت المال، ثم استعفاه لخلاف حدث بينه وبينه فأعفاه وأخذ منه مفاتيح بيت المال، توفي في خلافة عثمان - أثر كسر ضلع حدث به بعد أن داسه الخليفة برجليه - عن نحو ستين عاما. انظر الإصابة: ج 2 ص 368 - 369، والاستيعاب: ج 3 ص 987 - 994.
123- حكاه عنهما الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 80.
124- حكاها الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 334، والبغوي في تفسيره: ج 3 ص 176 وفيهما: وكان أبواه.
125- انظر تفسير العياشي: ج 2 ص 335 و 336 ح 54 و 55.
126- في بعض النسخ: بدائه.
127- وهي قراءة نافع وأبي عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 397.
128- تفسير العياشي: ج 2 ص 336 - 337 ح 60 و 61.
129- قاله عكرمة وقتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 336.
130- قاله ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 336.
131- وهو قول ابن عباس وعكرمة وعمر مولى غفرة والحسن، ورواه عثمان بن عفان وأنس عن النبي (صلى الله عليه وآله). راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 336، وتفسير القرطبي: ج 11 ص 38. وفي تفسير القمي: ج 2 ص 40 باسناده عن معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام).
132- حكاه عنه (عليه السلام) الرازي في تفسيره: ج 21 ص 162.
133- قاله مجاهد في تفسيره: ص 450.
134- أي بذي القرنين.
135- وهو قول علي (عليه السلام) على ما حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 337.
136- وهو قول عكرمة ومجاهد عن ابن عمر وابن العاص. راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 310.
137- حكاه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 743، والرازي في تفسيره: ج 21 ص 164.
138- وهو قول الزهري. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 337.
139- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 743.
140- وهو ما رواه القمي في تفسيره: ج 2 ص 31 و 40 بإسناده عن الصادق (عليه السلام)، وإليه ذهب محمد بن إسحاق على ما حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 21 ص 82 و 164.
141- الظاهر أن القراءة المعتمدة عند المصنف هنا بوصل الهمزة وتشديد التاء المفتوحة.
142- الحمأة: الطين الأسود. (الصحاح: مادة حمأ).
143- وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 398.
144- يبدو جليا أن المصنف (رحمه الله) قد اعتمد هنا على هذه القراءة أي بالرفع من غير تنوين.
145- قرأه ابن كثير برواية شبل وعيسى وابن محيصن. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 85.
146- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 745.
147- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 252.
148- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 745.
149- قاله السمرقندي في تفسيره: ج 2 ص 311.
150- وهو قول الزجاج في معاني القرآن: ج 3 ص 309.
151- قرأه حمزة والكسائي ونافع وعاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 399.
152- وهو قول عكرمة وأبي عبيدة. راجع مجاز القرآن لأبي عبيدة: ج 1 ص 414، والتبيان: ج 7 ص 89.
153- الآية: 78.
154- قاله السدي والضحاك. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 180.
155- وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع العنوان في القراءات السبع لابن خلف: ص 124.
156- قاله سعيد بن جبير. راجع التبيان: ج 7 ص 91، وفي تفسير الطبري: ج 8 ص 279 نسبه إلى سعيد بن عبد العزيز.
157- في نسخة: حملوه.
158- قاله الكلبي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 181 و 182.
159- أخرجه الطبري في تفسيره: ج 8 ص 284 باسناده عن أبي سعيد الخدري عنه (صلى الله عليه وآله) باختلاف يسير لا يضر.
160- حكاه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 181 ونسبه إلى علي (عليه السلام).
161- وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 400.
162- قرأ ابن كثير وحده بالتفكيك - أي: بنونين - والباقون بالادغام. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 516.
163- انظر تفسير البغوي: ج 3 ص 182.
164- قرأه ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. راجع الكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 2 ص 79.
165- وهي قراءة عاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 401.
166- قرأه حمزة وعاصم برواية أبي بكر. راجع المصدر السابق.
167- وهي قراءة الأعشى على ما حكاه عنه ابن غلبون في تذكرته: ج 2 ص 518.
168- يبدو واضحا أن المصنف اعتمد هنا على القراءة بالقصر تبعا للكشاف، وهي قراءة المشهور غير الكوفيين.
169- النغف: نوع من الدود يكون في أنوف الإبل والغنم. (الصحاح: مادة نغف).
170- قاله وهب. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 184.
171- البقرة: 18.
172- حكاه الطوسي في التبيان: ج 7 ص 96، وابن خالويه في شواذ القرآن: ص 85.
.
173- آل عمران: 21.
174- الغاشية: 3.
175- حروراء: هو موضع على ميلين من الكوفة، نزل به الخوارج الذين خالفوا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فنسبوا إليها. وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوه (عليه السلام). انظر معجم البلدان للحموي: ج 2 ص 246.
176- التبيان: ج 7 ص 97 وزاد: وسأله ابن الكوا عن ذلك، فقال (عليه السلام): أنت وأصحابك منهم.
177- وفي بعض النسخ زيادة: أعينهم.
178- في نسخة زيادة: الحول والتحول بمعنى.
179- وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 402.
180- صحيح مسلم: ج 4 ص 2289 ح 2985 وفيه بعد " غيري ": تركته وشركه، سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1405 ح 4202.
181- أصول الكافي: ج 2 ص 540 ح 17.
182- إلى هنا يتم الجزء الأول من الكتاب حسب تجزئة المصنف (قدس سره) على ما يبدو من النسخ، حيث ورد في بعضها: " تم الجلد الأول من تفسير الجامع للشيخ الجليل أمين الاسلام الفضل ابن الحسن الطبرسي روح الله روحه "، وفي بعضها " تم الجلد الأول من تفسير جوامع الجامع... الخ "، وفي بعضها زيادة: " والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين " قبل عبارة: " تم الجلد الأول... الخ ".