سورة العاديات

مختلف فيها (1)، إحدى عشرة آية.

في حديث أبي: " من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات في المزدلفة وشهد جمعا " (2).

وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأها وأدمن قراءتها بعثه الله مع أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم القيامة، وكان في حجره ورفقائه " (3).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿والعديت ضبحا (1) فالموريت قدحا (2) فالمغيرات صبحا (3) فأثرن به ى نقعا (4) فوسطن به ى جمعا (5) إن الانسن لربهى لكنود (6) وإنه على ذا لك لشهيد (7) وإنه لحب الخير لشديد (8) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور (9) وحصل ما في الصدور (10) إن ربهم بهم يومئذ لخبير (11)﴾

العاديات: الخيل تعدو في سبيل الله للغزو، والضبح: صوت أنفاسها إذا عدت، قال عنترة: والخيل تكدح حين تض?بح * في حياض الموت ضبحا (4) وانتصابه على: يضبحن ضبحا، أو بـ (العديت) كأنه قال: والضابحات، لأن " الضبح " يكون مع العدو.

(فالموريت) توري نار الحباحب، وهي ما تنقدح من حوافرها (قدحا) صاكات بحوافرها الحجارة، والقدح: الصك، والإيراء: إخراج النار، يقال: قدح فلان فأورى، وقدح فأصلد (5).

وانتصب (قدحا) بمثل ما انتصب به (ضبحا).

(فالمغيرت) تغير بفرسانها على العدو (صبحا) في وقت الصبح.

(فأثرن به نقعا) فهيجن بذلك الوقت غبارا.

(فوسطن به) أي: بذلك الوقت، أو: بالنقع، أي: وسطن النقع الجمع، أي: (جمعا) من جموع الأعداء.

ويجوز أن يراد بالنقع الصياح، من قوله (عليه السلام): " ما لم يكن نقع ولا لقلقة " (6)، وقول لبيد: فمتى ينقع صراخ صادق (7) أي: فهيجن في الإغارة عليهم صياحا وجلبة.

وعن ابن عباس: كنت جالسا في الحجر فجاءني رجل فسألني عن (العديت ضبحا) ففسرتها بالخيل، فذهب إلى علي (عليه السلام) وهو تحت سقاية زمزم فسأله فذكر له ما قلت، فقال: ادعه لي، فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به؟والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام - بدر - فما كان معنا إلا فرسان: فرس للزبير، وفرس للمقداد (والعديت ضبحا) الإبل من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى (8).

فإن صحت هذه الرواية فقد استعير " الضبح " للإبل، كما استعير " الباقر " للإنسان، و " البقر " للثور وما أشبه ذلك.

وقيل: الضبح بمعنى الضبع (9)، يقال: ضبحت الإبل وضبعت: إذا مدت أضباعها في السير.

و " جمع ": هو المزدلفة.

إنها (10) نزلت في غزوة ذات السلاسل لما أوقع علي (عليه السلام) بهم، وذلك بعد أن بعث عليهم من لم يغن شيئا ورجع (11).

وعطف قوله: (فأثرن) على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه، لأن المعنى: واللاتي عدون فأورين فأغرن.

والكنود: الكفور، يعني: أن الإنسان كفور لنعمة ربه خصوصا شديد الكفران.

(وإنه على ذلك) أي: وإن الإنسان على كنوده (لشهيد) يشهد على نفسه بالكفران والتفريط في شكر نعمة الله يوم القيامة، وقيل: معناه: وإن الله على كنوده لشاهد (12)، على سبيل الوعيد.

وإن الإنسان (لحب الخير) أي: لأجل حب الخير وهو المال، من قوله تعالى: (إن ترك خيرا) (13)، (لشديد) أي: بخيل ممسك، يقال: فلان شديد ومتشدد، قال طرفة: أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي * عقيلة مال الفاحش المتشدد (14) أو: أراد: وإنه لحب الخيرات غير هش منبسط، ولكنه شديد منقبض.

(بعثر) أي: بعث.

(وحصل) أي: ظهر محصلا مجموعا، وقيل: ميز بين خيره وشره (15).

ومعنى خبره بهم يوم القيامة: مجازاته لهم على مقادير أعمالهم.


1- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 517.

2- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 10 ص 398: مكية في قول ابن عباس والضحاك، وهي إحدى عشرة آية في الكوفي، وعشر في المدنيين، وثمان في البصري. وفي الكشاف: ج 4 ص 786: مكية، وآياتها (11)، نزلت بعد قريش.

3- الآية: 6.

4- الآية: 8.

5- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 791 مرسلا.

6- ثواب الأعمال للصدوق: ص 153 وفيه بعد لفظة " الدجال ": " أن يؤمن به "، وزاد في آخره: " إن شاء الله ".

7- أنظر مجمع الأمثال للميداني: ج 1 ص 441.

8- قاله قتادة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 677.

9- قاله ابن عباس. راجع المصدر المتقدم.

10- حكاه عنه الطبري في تفسيره المتقدم.

11- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 10 ص 401: مكية في قول ابن عباس والضحاك، وهي ثمان آيات بلا خلاف. وفي الكشاف: ج 4 ص 791: مكية، وآياتها |

12|، نزلت بعد التكاثر.

13- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 793 مرسلا.

14- ثواب الأعمال للصدوق: ص 153 وزاد في آخره: " وصلى معه في فريضته أربعون صفا من الملائكة إن شاء الله ".

15- وفي نسخة زيادة هنا: " وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من قرأ ألهاكم التكاثر عند النوم وقي من فتنة القبر ".