سورة الأعراف / 109 و 117

﴿فألقى﴾ موسى ﴿عصاه فإذا هي ثعبان مبين﴾ ظاهر أمره لا يشك في أنه ثعبان، وروي: أنه كان ثعبانا ذكرا أشعر (1) فاغرا فاه (2) بين لحييه كذا ذراعا، وضع لحيه الأسفل في الأرض ولحيه الأعلى على سور القصر، فوثب فرعون من سريره وهرب وأحدث (3) وصاح: يا موسى خذه وأنا أو من بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذه موسى فعاد عصا (4) ﴿ونزع يده فإذا هي بيضاء﴾ بياضا نورانيا غلب شعاعها شعاع الشمس، وكان موسى (عليه السلام) آدم فيما يروى (5) ﴿للناظرين﴾ أي: للنظارة هناك.

﴿قال الملا من قوم فرعون إن هذا لسحر عليم (109) يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون (110) قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حشرين (111) يأتوك بكل سحر عليم (112) وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين (113) قال نعم وإنكم لمن المقربين (114) قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون نحن الملقين (115) قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم (116)﴾ في سورة الشعراء ﴿قال للملا حوله﴾ (6) وهنا ﴿قال الملا﴾ ويمكن أن يكون قاله هو وقالوه هم فحكي قوله هنالك وقولهم هنا، أو قالوه عنه للناس على طريق التبليغ كما يفعله الملوك يبلغ خواصهم ما يرونه من الرأي إلى العامة، ويدل عليه أنهم أجابوه في قولهم: ﴿أرجه وأخاه﴾، وقوله: ﴿فماذا تأمرون﴾ من آمرته فأمرني بكذا: إذا شاورته فأشار عليك برأي ﴿قالوا أرجه﴾ أي: أخره ﴿وأخاه﴾ وأصدرهما عنك حتى ترى رأيك فيهما وتدبر أمرهما، وقرئ: " أرجئه " بالهمزة (7)، وأرجأه وأرجاه لغتان (8) ﴿قالوا إن لنا لاجرا﴾ أي: جعلا على الغلبة، وقرئ: ﴿إن لنا لاجرا﴾ على الإخبار (9) وإثبات الأجر العظيم وإيجابه كأنهم قالوا: لابد لنا من أجر، والتنكير للتعظيم، قالت العرب: إن له لإبلا، يقصدون الكثرة، وقوله: ﴿وإنكم لمن المقربين﴾ معطوف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب، أي: نعم إن لكم لأجرا وإنكم لمن المقربين، يعني لا اقتصر بكم على الأجر وحده وإن لكم مع الأجر ما يقل عنده الأجر وهو التبجيل والتقريب، وروي أنه قال لهم: تكونون أول من يدخل وآخر من يخرج (10).


1- أي كثير الشعر طويله. (القاموس المحيط: مادة شعر).

2- أي فاتحا فمه. (القاموس المحيط: مادة فغر).

3- أراد أنه تغوط من شدة ذعره وفزعه.

4- انظر تاريخ الطبري: ج 1 ص 286، والكشاف: ج 2 ص 138.

5- وهو ما يرويه مجاهد. راجع تفسير الطبري: ج 6 ص 17 ح 14931.

6- آية: 34.

7- قرأه ابن كثير والداحوني عن هشام ويحيى وابن عامر وأهل البصرة. راجع التبيان: ج 4 ص 494 - 495، وتفسير البغوي: ج 2 ص 186، وتفسير السمرقندي: ج 1 ص 559، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 287، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 421. ونسب النحاس في إعراب القرآن: ج 2 ص 142 هذه القراءة إلى عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء.

8- انظر الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 340.

9- قرأ أهل الحجاز (ابن كثير ونافع) وعاصم برواية حفص بهمزة واحدة على الخبر، وقرأ بهمزتين مخففتين ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم برواية أبي بكر، إلا أن الحلواني عن هشام يفصل بينهما بألف، وأبو عمرو ورويس بالمد ولا يفصل. راجع التبيان: ج 4 ص 498، وتفسير البغوي: ج 2 ص 187، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 289، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 472.

10- انظر تاريخ الطبري: ج 1 ص 287، وتفسير البغوي: ج 2 ص 187. .