سورة الأعراف / 23 و 95
أي: ﴿و﴾ قلنا: ﴿يا آدم﴾، ﴿فوسوس لهما الشيطان﴾ أي: تكلم كلاما خفيا يكرره ومنه " وسوس الحلي "، وهو فعل غير متعد، ورجل موسوس بكسر الواو ولا يقال: موسوس بالفتح ولكن موسوس له أو إليه، ومعنى " وسوس له " فعل الوسوسة لأجله، و " وسوس إليه " ألقاها إليه ﴿ليبدي لهما﴾ جعل ذلك غرضا له ليسوءهما إذا رأيا ما يؤثران ستره مكشوفا، وفيه دليل على أن كشف العورة لم يزل مستقبحا في العقول، والمواراة: جعل الشئ وراء ما يستره، ولم يهمز الواو المضمومة في " ووري " كما همز واو " أو يصل " لأن الواو الثانية مدة (1) ﴿إلا أن تكونا﴾ إلا كراهة أن تكونا ﴿ملكين﴾ أوهمهما أنهما إذا أكلا من هذه الشجرة تغيرت صورتهما إلى صورة الملك (2) ﴿أو تكونا من الخلدين﴾ من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ﴿وقاسمهما﴾ وأقسم لهما: ﴿إني لكما لمن الناصحين﴾ أي: المخلصين النصيحة في دعائكما إلى التناول من هذه الشجرة، ولذلك تأكدت شبهتهما إذ ظنا أن أحدا لا يقسم بالله كاذبا ﴿فدلاهما بغرور﴾ من تدلية الدلو وهو إرسالها في البئر، أي: نزلهما إلى الأكل من الشجرة بما غرهما به من القسم بالله عز وجل، وعن قتادة: وإنما يخدع المؤمن بالله (3)، وعن ابن عمر: أنه كان إذا رأى من عبده حسن صلاة أعتقه، فقيل له: إنهم يخدعونك، فقال: من خدعنا بالله انخدعنا له (4) ﴿فلما ذاقا الشجرة﴾ وجدا طعمها آخذين في الأكل منها ﴿بدت لهما سوءا تهما﴾ ظهرت لهما عوراتهما ﴿وطفقا﴾ يقال: طفق يفعل كذا بمعنى جعل يفعل ﴿يخصفان﴾ ورقة فوق ورقة على عوراتهما (5) كما يخصف النعل ﴿من ورق الجنة﴾ قيل: كان ورق التين (6) ﴿ألم أنهكما﴾ عتاب من الله وتنبيه على الخطأ حيث لم يحذرا ما حذرهما الله من عداوة إبليس ومكره.
﴿قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (23) قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتع إلى حين (24) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (25)﴾ سميا خطأهما ظلما لأنفسهما وقالا: ﴿لنكونن من الخاسرين﴾ وإن كان ذلك تركا للمندوب عندنا، لأن الأنبياء معصومون منزهون عن ارتكاب القبائح على عادة أولياء الله في استعظام الصغير من الزلات واستصغار العظيم من الحسنات (7) ﴿اهبطوا﴾ الخطاب لآدم وحواء وإبليس (8)، و ﴿بعضكم لبعض عدو﴾ في محل النصب على الحال، أي: متعادين (9) يعاديهما إبليس ويعاديانه ﴿ولكم في الأرض مستقر﴾ أي: موضع استقرار، أو استقرار (10) ﴿ومتع إلى حين﴾ وانتفاع بعيش إلى انقضاء آجالكم ﴿قال﴾ الله سبحانه ﴿فيها﴾ في الأرض ﴿تحيون﴾ تعيشون ﴿وفيها تموتون ومنها تخرجون﴾ عند البعث.
﴿يا بني ادم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون (26) يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يريكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشيطين أولياء للذين لا يؤمنون (27)﴾ سورة الأعراف / 26 و 27 جعل ما في الأرض منزلا من السماء لأنه ثم قضي وكتب، ومنه (11): ﴿وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج﴾ (12)، والريش: لباس الزينة استعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته، والمعنى: ﴿أنزلنا عليكم﴾ لباسين: ﴿لباسا يوارى﴾ عوراتكم، ولباسا يزينكم ﴿ولباس التقوى﴾ وهو الورع والخشية من الله، وهو مبتدأ وخبره الجملة التي هي ﴿ذلك خير﴾ (13)، كأنه قيل: هو خير، لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر، وقيل: لباس التقوى خبر مبتدأ محذوف أي: وهو لباس التقوى، ثم قيل: ﴿ذلك خير﴾ (14)، وقيل: المراد بلباس التقوى ما يلبس من الدروع والمغافر وغيرهما مما يتقى به في الحرب (15)، وقرئ: " ولباس التقوى " بالنصب (16) عطفا على ﴿لباسا﴾ و ﴿ريشا﴾، ﴿ذلك من آيات الله﴾ الدالة على فضله ورحمته على عباده، يعني: إنزال اللباس عليهم ﴿لعلهم يذكرون﴾ فيعرفوا عظيم النعمة فيه، وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوآت إظهارا لنعمته فيما خلق من اللباس ﴿لا يفتننكم الشيطان﴾ أي: لا يضلنكم عن الدين ولا يصرفنكم عن الحق بأن يدعوكم إلى المعاصي التي تميل إليها نفوسكم، ولا يمحننكم بأن لا تدخلوا الجنة كما محن أبويكم بأن أخرجهما منها ﴿ينزع عنهما لباسهما﴾ في موضع نصب على الحال، أي: أخرجهما نازعا لباسهما عنهما بأن كان السبب في نزع لباسهما عنهما ﴿إنه يريكم هو﴾ تعليل للنهي والتحذير من فتنة الشيطان بأنه بمنزلة العدو المداجي (17) الذي يكيدكم من حيث لا تشعرون ﴿وقبيله﴾ وجنوده من الشياطين ﴿من حيث لا ترونهم﴾ عن ابن عباس: إن الله تعالى جعلهم يجرون من بني آدم مجرى الدم، وصدور بني آدم مساكن لهم (18)، وعن قتادة: والله إن عدوا يراك ولا تراه لشديد المؤونة إلا من عصمه الله (19) ﴿إنا جعلنا الشيطين أولياء للذين لا يؤمنون﴾ أي: خلينا بينهم وبينهم، لم نكفهم عنهم حتى تولوهم وأطاعوهم فيما سولوا لهم من مخالفة الله.
﴿وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون (28) قل أمر ربى بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون (29) فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضللة إنهم اتخذوا الشيطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون (30)﴾ سورة الأعراف / 29 - 31 أي: ﴿وإذا فعلوا﴾ معصية كبيرة اعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها، وبأن الله أمرهم بأن يفعلوها، وكلاهما عذر باطل، لأن أحدهما تقليد والآخر كذب وافتراء على الله ﴿قل إن الله لا يأمر بالفحشاء﴾ لأنه لا يفعل القبيح فكيف يأمر بفعله ﴿أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾ إنكار لإضافتهم القبيح إليه وشهادة عليهم بالجهل ﴿قل أمر ربى بالقسط﴾ أي: بالعدل (20) وبما يشهد العقل أنه مستقيم حق حسن، وقيل بالتوحيد (21)، ﴿وأقيموا وجوهكم﴾ أي وقل: أقيموا وجوهكم، أي: اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها ﴿عند كل مسجد﴾ في كل وقت سجود (22)، أو في كل مكان سجود وهو الصلاة (23) ﴿وادعوه﴾ واعبدوه ﴿مخلصين له الدين﴾ أي: الطاعة مبتغين بها وجهه خالصا ﴿كما بدأكم تعودون﴾ كما أنشأكم ابتداء يعيدكم فيجازيكم على أعمالكم فأخلصوا له العبادة ﴿فريقا هدى﴾ وهم المؤمنون وفقهم للإيمان ﴿وفريقا حق عليهم الضللة﴾ أي: الخذلان إذ لم يقبلوا الهدى ولم يكن لهم لطف فهم يضلون ولا يهتدون، وانتصب قوله: ﴿وفريقا﴾ بفعل مضمر يفسره ما بعده، والتقدير: وخذل فريقا (24) ﴿حق عليهم الضللة إنهم﴾ إن الفريق الذين حق عليهم الضلالة ﴿اتخذوا الشيطين أولياء﴾ أطاعوهم فيما أمروهم به.
﴿يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31) قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيمة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (32) قل إنما حرم ربى ألفوا حش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (33)﴾ أي: ﴿خذوا﴾ ثيابكم التي تتزينون بها ﴿عند كل﴾ صلاة.
سورة الأعراف / 33 - 36 وروي: أن الحسن بن علي (عليهما السلام) كان إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له في ذلك، فقال: إن الله جميل يحب الجمال فأتجمل لربي، وقرأ الآية (25).
وقيل: هو أمر بلبس الثياب في الصلاة والطواف، وكانوا يطوفون عراة وقالوا: لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها (26)، وقيل: أخذ الزينة هو التمشط عند كل صلاة (27) ﴿وكلوا واشربوا ولا تسرفوا﴾ عن ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة (28) (29)، ﴿قل من حرم زينة الله﴾ أي: من حرم الثياب التي يتزين بها الناس وكل ما يتجمل به مما أخرجه الله من الأرض ﴿لعباده والطيبات من الرزق﴾ المستلذات من المآكل والمشارب، ومعنى الاستفهام إنكار تحريم هذه الأشياء ﴿قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا﴾ غير خالصة لهم لأن المشركين يشركونهم فيها ﴿خالصة يوم القيمة﴾ لهم لا يشركهم فيها أحد، ولم يقل: هي للذين آمنوا ولغيرهم في الحياة الدنيا، لينبه على أنها خلقت للذين آمنوا وأن الكافرين تبع لهم، وقرئ: ﴿خالصة﴾ بالنصب على الحال وبالرفع (30) على أنها خبر بعد خبر ﴿إنما حرم ربى ألفوا حش﴾ أي: لم يحرم ربي إلا الفواحش، والفاحشة: ما تزايد قبحه ﴿ما ظهر منها وما بطن﴾ ما علن منها وما خفي ﴿والاثم﴾ عام في كل ذنب، وقيل: شرب الخمر (31) ﴿والبغي﴾ الظلم والكبر ﴿بغير الحق﴾ تأكيد ﴿وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا﴾ فيه تهكم، لأنه لا يجوز أن ينزل سلطانا وبرهانا بأن يشرك به غيره ﴿وأن تقولوا﴾ أي: تتقولوا على الله وتفتروا الكذب من التحريم وغيره.
﴿ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (34) يا بني ادم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون (35) والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحب النار هم فيها خلدون (36) فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كفرين (37)﴾ ﴿ولكل أمة أجل﴾ وعيد لكفار قريش بالعذاب النازل في أجل معلوم عند الله كما نزل بالأمم قبلهم ﴿يا بني ادم﴾ خطاب لجميع المكلفين من بني آدم ﴿إما يأتينكم﴾ إن يأتكم ﴿رسل﴾ من جنسكم، وإنما ضمت " ما " إلى " إن " الشرطية توكيدا لمعنى الشرط، ولذلك لزمت فعلها النون الثقيلة أو الخفيفة، وجزاء الشرط الفاء وما بعده من الشرط والجزاء (32)، والمعنى: ﴿فمن اتقى﴾ منكم، ﴿والذين كذبوا﴾ منكم ﴿فمن أظلم﴾ أي: فمن أشنع ظلما ﴿ممن﴾ قال ﴿على الله﴾ ما لم يقله ﴿أو كذب﴾ ما قاله ﴿أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب﴾ أي: مما كتب لهم من الأعمار (33) والأرزاق ﴿حتى إذا جاءتهم رسلنا﴾: ﴿حتى﴾ غاية لنيلهم نصيبهم واستيفائهم إياه، أي: إلى وقت وفاتهم وهي التي يبتدأ بعدها الكلام، والمستأنف هنا الجملة الشرطية، و ﴿يتوفونهم﴾ حال من الرسل، والمراد بالرسل هنا: ملك الموت وأعوانه ﴿قالوا﴾ أي: الرسل ﴿أين﴾ الآلهة اللاتي كنتم تدعونها ﴿قالوا ضلوا عنا﴾ أي: غابوا عنا فلا نراهم ولا ننتفع بهم، اعترافا منهم بأنهم لم يكونوا على شئ فيما كانوا عليه.
﴿قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخريهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فاتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون (38) وقالت أوليهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون (39)﴾ سورة الأعراف / 38 - 40 أي: يقول الله جل جلاله للكفار يوم القيامة: ﴿ادخلوا في أمم﴾ أي: كائنين في جملة ﴿أمم﴾ وفي غمارهم (34) مصاحبين لهم، والمعنى: ادخلوا في النار مع أمم ﴿قد خلت من قبلكم﴾ وتقدم زمانهم زمانكم ﴿كلما دخلت أمة﴾ من هذه الأمم النار ﴿لعنت أختها﴾ التي ضلت بالاقتداء بها ﴿حتى إذا اداركوا﴾ أي: تداركوا ﴿فيها﴾ بمعنى: تلاحقوا واجتمعوا في النار ﴿قالت أخراهم﴾ منزلة وهي الأتباع والسفلة ﴿لأولاهم﴾ منزلة وهي القادة والرؤساء، ومعنى ﴿لأولاهم﴾ لأجل أولاهم، لأن خطابهم مع الله لا معهم ﴿ربنا هؤلاء أضلونا﴾ أي: دعونا إلى الضلال وحملونا عليه ﴿فاتهم عذابا ضعفا﴾ أي: مضاعفا ﴿قال لكل ضعف﴾ أي: لكل من رؤساء الضلالة وأتباعهم عذاب مضاعف، لأن جميعهم كانوا ضالين مضلين ﴿ولكن لا تعلمون﴾ قرئ بالتاء والياء (35) ﴿وقالت أوليهم لأخراهم﴾ أي: وقال الرؤساء للأتباع: ﴿فما كان لكم علينا من فضل﴾ عطفوا هذا الكلام على قول الله سبحانه للأتباع: ﴿لكل ضعف﴾ أي: فقد ثبت أن لافضل ﴿لكم علينا﴾ فإنا قد استوينا في استحقاق الضعف ﴿فذوقوا العذاب﴾ من قول الرؤساء أو من قول الله لكلا الفريقين جميعا ﴿بما كنتم تكسبون?﴾ - ه باختياركم لا باختيارنا لكم.
﴿إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبوا ب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزى المجرمين (40) لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزى الظالمين (41) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحب الجنة هم فيها خلدون (42) ونزعنا ما في صدورهم من غل تجرى من تحتهم الأنهر وقالوا الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدينا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون (43)﴾ ﴿لا تفتح لهم أبوا ب السماء﴾ أي: لا يصعد لهم عمل صالح، ونحوه ﴿إليه يصعد الكلم الطيب﴾ (36)، وقيل: لا تصعد أرواحهم إذا ماتوا كما تصعد أرواح المؤمنين (37)، وقيل: لا تنزل عليهم البركة ولا يغاثون (38) كما قال: ﴿ففتحنا أبوا ب السماء﴾ (39)، وقرئ: ﴿لا تفتح﴾ بالتشديد والتخفيف والتاء والياء (40)، ﴿ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط﴾ (41) أي: لا يدخلون الجنة حتى يكون مالا يكون أبدا من ولوج الجمل الذي لا يلج إلا في باب واسع في ثقب الإبرة، والخياط والمخيط: ما يخاط به وهو الإبرة ﴿وكذلك﴾ أي: ومثل ذلك الجزاء الفظيع ﴿نجزى﴾ سائر ﴿المجرمين﴾ وقد كرره فقال: ﴿وكذلك نجزى الظالمين﴾ عن ابن عباس: يريد الذين أشركوا به واتخذوا من دونه إلها (42)، سورة الأعراف / 43 و 44 والمهاد: الفراش، والغواشي: الأغطية ﴿لا نكلف نفسا إلا وسعها﴾ جملة معترضة بين المبتدأ والخبر للترغيب في اكتساب ما لا يبلغه وصف الوصاف من النعيم الدائم (43) مع الإجلال والتعظيم بما هو في الوسع وهو الإمكان الواسع غير الضيق من الإيمان والعمل الصالح ﴿ونزعنا ما في صدورهم﴾ قلوبهم ﴿من غل﴾ على إخوانهم في الدنيا، فسلمت قلوبهم وطهرت من الحقد والحسد والشحناء ولم يكن بينهم إلا التعاطف والتراحم والتواد ﴿الحمد لله الذي هدينا لهذا﴾ أي: وفقنا لموجب هذا الفوز العظيم والذخر الجسيم ﴿وما كنا لنهتدي﴾ اللام لتأكيد النفي، أي: وما كان يصح لنا أن نهتدي ﴿لولا﴾ هداية الله وتوفيقه، وقرئ: " ما كنا لنهتدي " بغير واو (44) على أنها جملة موضحة للأولى ﴿لقد جاءت رسل ربنا بالحق﴾ من جهة الله تعالى ونبهونا على الاهتداء فاهتدينا باتباع قولهم، يقولون ذلك سرورا واغتباطا بما نالوا وتلذذا بالتكلم به لا تعبدا ﴿ونودوا أن تلكم الجنة﴾: ﴿أن﴾ مخففة من الثقيلة، تقديره: ﴿ونودوا﴾ بأنه تلكم الجنة، والضمير ضمير الشأن، ويجوز أن يكون بمعنى " أي " لأن المناداة من القول كأنه قيل: وقيل لهم: أي تلكم الجنة (45) ﴿أورثتموها﴾ بسبب أعمالكم.
﴿ونادى أصحب الجنة أصحب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين (44) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كفرون (45)﴾ ﴿أن﴾ في قوله: ﴿أن قد وجدنا﴾ يحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة وأن تكون مفسرة كالتي ذكرت قبل (46)، وكذلك ﴿أن لعنة الله على الظالمين﴾، وإنما قالوا لهم ذلك ابتهاجا واغتباطا بحالهم وشماتة بأصحاب النار، ولتكون هذه الحكاية لطفا لمن سمعها، وكذلك قول المؤذن بينهم: ﴿أن لعنة الله على الظالمين﴾، وقيل: هو مالك خازن النار يأمره الله تعالى بذلك فينادي نداء يسمع أهل الجنة وأهل النار (47).
وروي عن علي (عليه السلام) أنه قال: " أنا ذلك المؤذن " (48).
وقرئ: " أن " بالتشديد " لعنة الله " بالنصب (49)، وقرئ: " نعم " بكسر العين كل القرآن (50)، ولم يقل: " وعدكم ربكم " كما قيل: ﴿وعدنا﴾ وأطلق ليتناول كل ما وعد الله من البعث والحساب والثواب والعقاب، لأنهم كانوا مكذبين بذلك أجمع ﴿يصدون﴾ أي: يعرضون عن دين الله وشريعته أو يصرفون غيرهم عنها ﴿ويبغونها عوجا﴾ أي: يطلبون لها الاعوجاج بالشبه التي يتوهمون أنها قادحة فيها ﴿وهم ب?﴾ الدار ﴿الآخرة﴾ وهي القيامة جاحدون.
﴿وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحب الجنة أن سلم عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون (46) وإذا صرفت أبصرهم تلقاء أصحب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين (47)﴾ سورة الأعراف / 46 و 47 " وبين " الجنة والنار أو بين أهليهما ﴿حجاب﴾ أي: ستر، ونحوه: ﴿فضرب بينهم بسور﴾ (51)، ﴿وعلى الأعراف﴾ أي: وعلى أعراف الحجاب وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهي أعاليه، جمع عرف مستعار من عرف الفرس (52) والديك ﴿رجال﴾ الصادق (عليه السلام): الأعراف: كثبان (53) بين الجنة والنار يوقف عليها كل نبي وكل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده وقد سيق (54) المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه: انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سيقوا (55) إلى الجنة، فيسلم عليهم المذنبون، وذلك قوله: ﴿سلم عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون﴾ أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي والإمام، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون: ﴿ربنا لا تجعلنا﴾ إلى آخره (56)، وقيل: إنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضي الله فيهم ما شاء ويدخلهم الجنة (57) ﴿يعرفون كلا﴾ من زمر السعداء والأشقياء ﴿بسيماهم﴾ بعلامتهم التي أعلمهم الله بها ﴿وإذا صرفت أبصرهم تلقاء أصحب النار﴾ ورأوا ما هم فيه من العذاب استعاذوا بالله و ﴿قالوا ربنا لا تجعلنا﴾ معهم (58)، وفي هذا أن صارفا يصرف أبصارهم لينظروا فيستعيذوا (59)، الصادق (عليه السلام): وإذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا: عائذا بك أن تجعلنا مع القوم الظالمين (60)، وكذلك هو في مصحف عبد الله بن مسعود (61).
﴿ونادى أصحب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون (48) أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون (49)﴾ الصادق (عليه السلام): وينادي أصحاب الأعراف وهم الأنبياء والخلفاء ﴿رجالا﴾ من أهل النار ورؤساء الكفار يقولون لهم مقرعين: ﴿ما أغنى عنكم جمعكم﴾ واستكباركم ﴿أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة﴾ إشارة لهم إلى أهل الجنة الذين كان الرؤساء يستضعفونهم ويحتقرونهم لفقرهم، ويستطيلون عليهم بدنياهم، ويقسمون أن الله لا يدخلهم الجنة ﴿ادخلوا الجنة﴾ يقول أصحاب الأعراف لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله عز وجل لهم بذلك: ﴿ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون﴾ أي: لا خائفين ولا محزونين (62).
وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار " (63).
سورة الأعراف / 50 - 52 ﴿ونادى أصحب النار أصحب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين (50) الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون (51)﴾ ﴿أفيضوا علينا﴾ فيه دليل على أن الجنة فوق النار (64) ﴿أو مما رزقكم الله﴾ من الأطعمة والفواكه (65) ﴿قالوا إن الله حرمهما﴾ حرم شراب الجنة وطعامها ﴿على الكافرين الذين اتخذوا دينهم﴾ الذي كان يلزمهم التدين به ﴿لهوا ولعبا﴾ فحرموا ما شاءوا واستحلوا ما شاءوا ﴿فاليوم ننساهم﴾ أي: نعاملهم معاملة المنسي في النار فلا نجيب لهم دعوة ولا نرحم لهم عبرة ﴿كما نسوا لقاء يومهم هذا﴾ فلم يخطروه ببالهم ولم يهتموا به، و ﴿ما﴾ في الموضعين مصدرية، والتقدير: كنسيانهم وكونهم جاحدين ﴿بآياتنا﴾.
﴿ولقد جئنهم بكتب فصلنه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون (52) هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (53)﴾ ﴿بكتب﴾ يعني: القرآن ﴿على علم﴾ أي: عالمين، كيف نفصل أحكامه ومواعظه وجميع معانيه حتى جاء قيما غير ذي عوج، و ﴿هدى ورحمة﴾ حال من الهاء في ﴿فصلنه﴾ كما أن ﴿على علم﴾ حال من " نا " في ﴿فصلنه﴾ (66)، ﴿إلا تأويله﴾ إلا عاقبة أمره، وما يؤول إليه من تبين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد ﴿يوم يأتي﴾ عاقبة ما وعدوا به ﴿يقول الذين نسوه﴾ أي تركوا العمل به ترك الناسي له ﴿قد جاءت رسل ربنا بالحق﴾ اعترفوا بأنهم جاءوا بالحق ﴿فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا﴾ في إزالة العقاب (67) ﴿أو نرد﴾ أو هل نرد إلى الدنيا ﴿فنعمل غير الذي كنا﴾ نعمله، وارتفع ﴿نرد﴾ لوقوعه موقعا يصلح للاسم كما تقول ابتداء: هل يضرب زيد.
﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرا ت بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العلمين (54) ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين (55) ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين (56)﴾ سورة الأعراف / 54 - 56 ﴿إن﴾ سيدكم ومالككم ﴿الله الذي﴾ أنشأ ﴿السماوات والأرض﴾ وأوجدهما ﴿في ستة أيام﴾ في مقدار ستة أيام من أيام الدنيا، لأن إنشاء الشئ بعد الشئ على ترتيب أدل على كون فاعله عليما حكيما يدبره على مقتضى حكمته، أو لأنه أراد تعليم خلقه التثبت والتأني في الأمور ﴿يغشى اليل النهار﴾ وقرئ بالتخفيف، أي: يلحق الليل بالنهار والنهار بالليل بأن يأتي أحدهما عقيب الآخر ﴿يطلبه حثيثا﴾ بأن يأتي في أثره كما يأتي الشئ في أثر الشئ طالبا له، و ﴿حثيثا﴾ حال من الفاعل أو المفعول أو منهما جميعا (68)، ومثله ﴿تحمله﴾ في قوله: ﴿فأتت به قومها تحمله﴾ (69)، ﴿والشمس والقمر والنجوم مسخرا ت﴾ قرئ الجميع بالنصب حملا على ﴿خلق﴾ أي: خلقهن جاريات على حسب تدبيره، وقرئ - أيضا - جميعا بالرفع (70) على الابتداء والخبر ﴿بأمره﴾ أي: بمشيئته وتصريفه، وسمي ذلك أمرا على التشبيه كأنهن مأمورات بذلك ﴿ألا له الخلق والامر﴾ أي: هو الذي خلق الأشياء وهو الذي صرفها على حسب إرادته ﴿تضرعا وخفية﴾ نصب على الحال أي: ذوي تضرع وخفية، وكذا قوله: ﴿خوفا وطمعا﴾، والتضرع من الضراعة وهي الذل أي: تذللا وتملقا، وقرئ: " خفية " بكسر الخاء (71) وهما لغتان (72) ﴿إنه لا يحب المعتدين﴾ أي: المجاوزين الحد المرسوم في جميع العبادات والدعوات، وقيل: التضرع: رفع الصوت والخفية: السر أي: ادعوه علانية وسرا (73)، وقيل: معناهما تخشعا وسرا (74) ﴿ولا تفسدوا في الأرض﴾ بالعمل بالمعاصي ﴿بعد إصلحها﴾ بعد أن أصلحها الله بالكتب والرسل ﴿إن رحمت الله قريب من المحسنين﴾ إنما ذكر ﴿قريب﴾ على معنى الترحم (75)، أو لأنه صفة موصوف محذوف أي: شئ قريب (76)، أو لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي (77)، والمحسن: فاعل الإحسان.
﴿وهو الذي يرسل الريح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون (57) والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون (58)﴾ سورة الأعراف / 57 - 59 قرئ: " نشرا " (78) مصدر " نشر "، لأن " أرسل " و " نشر " متقاربان فكأنه قال: ينشر الرياح نشرا، ويجوز أن يكون واقعا موقع الحال بمعنى " منتشرات " (79)، و " نشرا " (80) جمع نشور، و " نشرا " بتخفيفه (81) كرسل ورسل، وقرئ: " بشرا " (82) جمع بشيرة و ﴿بشرا﴾ بتخفيفه ﴿بين يدي رحمته﴾ أمام نعمته وهي الغيث الذي هو من أحسن النعم أثرا وأجلها قدرا ﴿حتى إذا أقلت﴾ أي: حملت ورفعت ﴿سحابا ثقالا﴾ بالماء جمع سحابة ﴿سقناه﴾ الضمير للسحاب على اللفظ ﴿لبلد ميت﴾ لأجل بلد ليس فيه حيا (83) ولسقيه ﴿فأنزلنا به﴾ بالبلد أو بالسحاب ﴿الماء فأخرجنا به﴾ بهذا الماء ﴿من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى﴾ أي: مثل ذلك الإخراج وهو إخراج الثمرات نحيي الأموات بعد موتها ﴿لعلكم تذكرون﴾ فيؤديكم التذكر إلى أنه لافرق بين الإخراجين، إذ كل واحد منهما إعادة للشئ بعد إنشائه ﴿والبلد الطيب﴾ الأرض العذاة (84) الكريمة التربة ﴿يخرج نباته﴾ زرعه خروجا زاكيا ناميا بأمر ﴿ربه والذي خبث﴾ وهو السبخة التي لا تنبت ما ينتفع به ﴿لا يخرج﴾ نباته ﴿إلا نكدا﴾ فحذف المضاف الذي هو النبات وأقيم المضاف إليه مقامه فاستكن في الفعل، أو يكون التقدير: ونبات الذي خبث (85)، والنكد: العسر الممتنع من الخروج ﴿كذلك﴾ أي: مثل ذلك التصريف (86) ﴿نصرف الآيات﴾ نرددها ونكررها ﴿لقوم يشكرون﴾ نعمة الله تعالى.
﴿لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (59) قال الملا من قومه إنا لنريك في ضلل مبين (60) قال يقوم ليس بي ضللة ولكني رسول من رب العلمين (61) أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون (62) أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون (63) فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين (64)﴾ ﴿لقد أرسلنا﴾ جواب قسم محذوف، هو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس النبي (عليه السلام)، وقرئ: " غيره " بالجر (87) على اللفظ وبالرفع على محل سورة الأعراف / 63 - 65 ﴿من إله﴾، وقوله: ﴿مالكم من إله غيره﴾ بيان لوجه اختصاصه بالعبادة، وقوله: ﴿إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم﴾ بيان للداعي إلى عبادته بأنه هو الذي يحذر عقابه دون من كانوا يعبدونه من دونه، واليوم العظيم: هو يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم (88)، و ﴿الملا﴾: السادة والأشراف ﴿في ضلل﴾ أي: ذهاب عن الحق والصواب، والمراد بالرؤية رؤية القلب الذي هو العلم، وقيل: رؤية البصر أي: نراك بأبصارنا على هذه الحال (89) ﴿ليس بي ضللة﴾ أي: ليس بي شئ من الضلال ﴿أبلغكم﴾ بيان لكونه رسول رب العالمين، وهي جملة مستأنفة ﴿رسالات ربى﴾ ما أوحي إلي في الأوقات المتطاولة، وفي المعاني المختلفة من الأوامر والنواهي ﴿وأنصح لكم﴾ في زيادة اللام دلالة على إمحاض النصيحة للمنصوح له ﴿وأعلم من الله﴾ أي: من صفاته وأحواله وشدة بطشه على أعدائه ﴿ما لا تعلمون﴾، ﴿أوعجبتم﴾ الهمزة للإنكار والواو للعطف والمعطوف عليه محذوف (90)، كأنه قال: أكذبتم وعجبتم من ﴿أن جاءكم ذكر﴾ أي: موعظة ﴿من ربكم على رجل﴾ على لسان رجل ﴿منكم﴾ مثل قوله: ﴿ما وعدتنا على رسلك﴾ (91) وذلك أنهم تعجبوا من نبوة نوح وقالوا: ﴿ما هذا إلا بشر مثلكم﴾ (92)، ﴿لينذركم﴾ ليحذركم عاقبة الكفر ﴿ولتتقوا﴾ ولتوجد منكم التقوى وهي خشية الله بسبب الإنذار ﴿ولعلكم ترحمون﴾ ولترحموا بالتقوى إن وجدت منكم ﴿فأنجيناه والذين معه﴾ وكانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة، وقيل: كانوا عشرة (93): بنوه: سام وحام ويافث وستة ممن آمن به (94)، وتعلق قوله ﴿في الفلك﴾ ب? ﴿معه﴾ كأنه قال: والذين استقروا معه في الفلك أو صحبوه فيه، أو ب? " أنجيناه " أي: أنجيناهم في السفينة من الطوفان ﴿قوما عمين﴾ أي: عمي القلوب غير مستبصرين.
﴿وإلى عاد أخاهم هودا قال يقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون (65) قال الملا الذين كفروا من قومه إنا لنريك في سفاهة وإنا لنظنك من الكذبين (66) قال يقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العلمين (67) أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين (68) أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (69)﴾ ﴿أخاهم﴾ في النسب يعني واحدا منهم من قولك: " يا أخا العرب " للواحد منهم، وإنما جعل واحدا منهم ليكونوا به أسكن وبحاله أعرف في صدقه وأمانته، وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وعطف ﴿أخاهم﴾ على ﴿نوحا﴾ (95)، و ﴿هودا﴾ (96) عطف بيان له، وحذف العاطف من قوله: ﴿قال يقوم﴾ لأنه على تقدير سؤال سائل سأل فقال: ما قال لهم هود؟فقيل: ﴿قال يقوم اعبدوا الله﴾، وكذلك قوله: ﴿قال الملا الذين كفروا﴾، والسفاهة: خفة الحلم وسخافة العقل، وصفوه بالسفه حيث هجر دينهم إلى دين الله، وقالوا: ﴿في سفاهة﴾ وجعلوا السفاهة ظرفا على طريق المجاز، يريدون أنه متمكن فيها غير خال عنها، وفي إجابة نوح وهود وغيرهما من الأنبياء (عليهم السلام) من نسبوهم إلى الضلالة والسفاهة بالكلام الصادر عن الإغضاء والمجاملة - مع علمهم بأن خصومهم أضل الخلق وأسفههم - أدب حسن، وحكاية الله ذلك تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء ويدارونهم ﴿وأنا لكم ناصح﴾ فيما أدعوكم إليه من توحيد الله وطاعته ﴿أمين﴾ ثقة مأمون في تأدية الرسالة فلا أكذب ولا أغير ﴿إذ جعلكم﴾ أي: وقت جعلكم ﴿خلفاء من بعد قوم نوح﴾ أي: خلفتموهم في الأرض من بعد هلاك قوم نوح بالعصيان ﴿وزادكم في الخلق بصطة﴾ فيما خلق من أجرامكم ذهابا في الطول والبدانة، قال الباقر (عليه السلام): " كانوا كالنخل الطوال، وكان الرجل منهم ينحو الجبل بيده فيهد (97) منه قطعة " (98) ﴿فاذكروا آلاء الله﴾ في استخلافكم وبسطة أجسامكم وما سواهما من نعمه، وواحد الآلاء إلي (99) ونحوه: إني وآناء (100).
سورة الأعراف / 70 - 72 ﴿قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصدقين (70) قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطن فانتظروا إني معكم من المنتظرين (71) فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين (72)﴾ أنكروا اختصاصه لله بالعبادة وتركه دين آبائهم في ترك عبادة الأصنام إلفا منهم بما نشأوا عليه ﴿فأتنا بما تعدنا﴾ استعجال منهم بالعذاب ﴿قال قد وقع عليكم﴾ أي: وجب عليكم أو نزل عليكم، فجعل المتوقع بمنزلة الواقع (101) ﴿رجس﴾ أي: عذاب، من الارتجاس وهو الاضطراب ﴿أتجادلونني في أسماء سميتموها﴾ أي: في أشياء ما هي إلا أسماء ليس تحتها مسميات، لأنكم سميتموها آلهة ومعنى الإلهية فيها معدوم، ونحوه قوله: ﴿ما يدعون من دونه من شئ﴾ (102)، ﴿فانتظروا﴾ عذاب الله فإنه نازل بكم ﴿إني معكم من المنتظرين﴾ لنزوله بكم ﴿وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي: دمرناهم واستأصلناهم عن آخرهم.
﴿وإلى ثمود أخاهم صلحا قال يقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (73) واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (74)﴾ أي: ﴿و﴾ أرسلنا ﴿إلى ثمود﴾ قرئ بمنع الصرف على تأويل القبيلة (103)، وهو ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وصالح من ولد ثمود ﴿قد جاءتكم بينة﴾ أي: دلالة معجزة وآية ظاهرة شاهدة على صحة نبوتي ﴿هذه ناقة الله﴾ كأنه قيل: ما هذه البينة؟فقال: ﴿هذه ناقة الله﴾ أضافها إلى ﴿الله﴾ لأنه خلقها بلا واسطة، وخرجت من صخرة ملساء تمخضت بها تمخض النتوج (104) بولدها، ثم انصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء (105) لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله عظما وهم سورة الأعراف / 74 و 75 ينظرون، ثم نتجت ولدا مثلها في العظم، وكان لها شرب يوم تشرب فيه ماء الوادي كله، وتسقيهم اللبن بدله، ولهم شرب يوم يخصهم لاتقرب فيه ماءهم، و ﴿آية﴾ نصب على الحال، والعامل فيها مادلت عليه اسم الإشارة التي هي ﴿هذه﴾ من معنى الفعل، كأنه قيل: أشير إليها آية، و ﴿لكم﴾ بيان لمن هي له آية موجبة عليه الإيمان خاصة وهم ثمود، لأنهم عاينوها وسمع غيرهم خبرها وليس الخبر كالمعاينة، فكأنه قال: لكم خصوصا ﴿فذروها تأكل في أرض الله﴾ أي: الأرض أرض الله والناقة ناقة الله فذروها تأكل في أرض ربها، فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات من إنباتكم ﴿ولا تمسوها بسوء﴾ أي: بعقر أو نحر أو شئ من الأذى إكراما لآية الله ﴿واذكروا إذ جعلكم خلفاء... في الأرض﴾ بأن مكنكم فيها ﴿من بعد عاد وبوأكم﴾ ونزلكم وجعل لكم فيها مساكن تأوون إليها ﴿تتخذون من سهولها قصورا﴾ أي: تبنونها من سهولة الأرض بما تعملون منها من اللبن والآجر ﴿وتنحتون الجبال بيوتا﴾ تسكنونها في الشتاء، و ﴿بيوتا﴾ نصب على الحال كما يقال: خط هذا الثوب قميصا، وهي من الحال المقدرة (106) لأن الجبل لا يكون بيتا في حال النحت، ولا الثوب قميصا في حال الخياطة (107) ﴿فاذكروا آلاء الله﴾ أي: نعمه عليكم بما أعطاكم من القوة والتمكن في الأرض ﴿ولا تعثوا﴾ أي: ولا تبالغوا في الفساد.
﴿قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صلحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون (75) قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كفرون (76) فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يصلح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين (77) فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (78) فتولى عنهم وقال يقوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين (79)﴾ قرأ ابن عامر (108) " وقال الملا " بإثبات الواو (109)، و ﴿الذين استكبروا﴾ أي: تعظموا وأنفوا (110) من اتباع الرسول الداعي إلى الله ﴿للذين استضعفوا﴾ للذين استضعفوهم واستذلوهم، و ﴿لمن آمن منهم﴾ بدل من ﴿للذين استضعفوا﴾، والضمير في ﴿منهم﴾ يعود إلى ﴿قومه﴾ (111) أو إلى " الذين استضعفوا " (112)، ﴿أتعلمون أن صلحا مرسل من ربه﴾ إنما قالوه على سبيل السخرية ﴿فعقروا الناقة﴾ أسند العقر إلى جميعهم لأنه كان برضاهم وإن لم يعقرها إلا بعضهم وهو قدار بن سالف مع أصحابه، وكان أحمر أزرق قصيرا، وكانوا تسعة رهط.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي من أشقى الأولين؟قال: الله ورسوله أعلم، قال (عليه السلام): عاقر الناقة، أتدري من أشقى الآخرين؟قال: الله ورسوله أعلم، قال: الذي يخضب هذه من هذا، وأشار إلى لحيته ورأسه (113).
سورة الأعراف / 79 - 81 ﴿وعتوا عن أمر ربهم﴾ تولوا عنه واستكبروا عن امتثاله عاتين، وأمر ربهم هو ما أمر به على لسان صالح من قوله: ﴿فذروها تأكل في أرض الله﴾ (114) أو شأن ربهم وهو دينه (115) ﴿ائتنا بما تعدنا﴾ أي: من العذاب، وإنما استعجلوه لتكذيبهم به، ولذلك علقوه بما كانوا به كافرين وهو كونه ﴿من المرسلين﴾، ﴿فأخذتهم الرجفة﴾ أي: الصيحة التي زلزلت لها الأرض واضطربوا لها ﴿فأصبحوا في دارهم﴾ (116) أي: في بلادهم ومساكنهم ﴿جاثمين﴾ أي: ميتين هامدين (117) لا يتحركون، يقال: الناس جثم، أي: قعود لا حراك بهم ﴿فتولى عنهم﴾ تولي متحسر على ما فاته من إيمانهم متحزن لهم ﴿وقال يقوم لقد﴾ بذلت فيكم وسعي ولم آل جهدا في النصيحة لكم، والظاهر يدل على أنه كان مشاهدا لما جرى عليهم، وأنه تولى عنهم بعد ما أبصرهم موتى صرعى.
﴿ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العلمين (80) إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون (81) وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (82) فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (83) وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عقبة المجرمين (84)﴾ أي: ﴿و﴾ أرسلنا ﴿لوطا﴾ (118)، و ﴿إذ﴾ ظرف لـ " أرسلنا "، ﴿أتأتون الفاحشة﴾ أتفعلون السيئة المتمادية في القبح وهي إتيان الرجال في أدبارهم ﴿ما سبقكم بها﴾ أي: ما عملها قبلكم أحد، والباء للتعدية ومنه قوله (عليه السلام): " سبقك بها عكاشة " (119)، و ﴿من﴾ في ﴿من أحد﴾ مزيدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، و ﴿من﴾ الثانية للتبعيض (120) أ ﴿إنكم لتأتون الرجال﴾ من أتى المرأة: إذا غشيها ﴿شهوة﴾ مفعول له أي: للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلا مجرد الشهوة من غير داع آخر، ويجوز أن يكون حالا أي: مشتهين تابعين للشهوة (121) ﴿من دون النساء﴾ في موضع الحال أيضا، أي: تاركين إتيان النساء اللاتي أباح الله إتيانهن ﴿بل أنتم قوم مسرفون﴾ متجاوزون الحد في الفساد حتى تجاوزتم المعتاد إلى غير المعتاد ﴿وما كان جواب قومه إلا أن قالوا﴾ يعني: ما أجابوا لوطا عما كلمهم به بما يكون جوابا ولكنهم جاءوا بما لا يتعلق بكلامه ونصيحته من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم ﴿إنهم أناس يتطهرون﴾ من الفواحش والخبائث ﴿فأنجيناه﴾ أي: فخلصنا لوطا ﴿وأهله﴾ المختصين به من الهلاك ﴿إلا امرأته كانت من الغابرين﴾ الذين غبروا في ديارهم أي: بقوا فيها فهلكوا (122)، أو (123) كانت كافرة موالية لأهل سدوم ﴿وأمطرنا عليهم مطرا﴾ أي: أرسلنا عليهم الحجارة إرسال المطر نحو قوله: ﴿وأمطرنا عليها حجارة من سجيل﴾ (124)، والمعنى: وأمطرنا عليهم نوعا من المطر عجيبا، ونحوه قوله: ﴿فسآء مطر المنذرين﴾ (125).
سورة الأعراف / 85 ﴿وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين (85) ولا تقعدوا بكل صرا ط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عقبة المفسدين (86) وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحكمين (87)﴾ ﴿و﴾ أرسلنا ﴿إلى مدين أخاهم شعيبا﴾ وكان يقال لشعيب: " خطيب الأنبياء " لحسن مراجعته قومه (126)، وكانوا أهل بخس للمكيال والميزان ﴿قد جاءتكم بينة من ربكم﴾ أي: معجزة شاهدة بصحة نبوتي أوجبت عليكم الإيمان بي (127) ﴿فأوفوا الكيل والميزان﴾ أريد بالكيل آلة الكيل وهو المكيال، أو سمي ما يكال به بالكيل كما قيل: العيش لما يعاش به، أو أريد أوفوا الكيل ووزن الميزان، أو يكون الميزان بمعنى المصدر كالميعاد والميلاد (128) ﴿ولا تبخسوا﴾ ولا تنقصوا، وإنما قيل: ﴿أشياءهم﴾ لأنهم كانوا يبخسون الناس كل شئ في مبايعاتهم ﴿بعد إصلاحها﴾ بعد الإصلاح فيها، أي: ﴿لا تفسدوا﴾ فيها ﴿بعد﴾ ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء وأتباعهم، فيكون هذه الإضافة (129) كما في قوله: ﴿بل مكر اليل والنهار﴾ (130) أي: مكركم في الليل والنهار، أو بعد إصلاح أهلها على حذف المضاف (131) ﴿ذلكم﴾ إشارة إلى ما ذكر من الوفاء بالكيل والميزان وترك البخس والإفساد في الأرض ﴿خير لكم﴾ في الإنسانية وحسن الأحدوثة وما تطلبونه من الربح، لأن الناس إذا عرفوا منكم النصفة والأمانة رغبوا في متاجرتكم ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ مصدقين لي في قولي ﴿ولا تقعدوا بكل﴾ منهج من مناهج الدين مقتدين بالشيطان في قوله: ﴿لاقعدن لهم صراطك المستقيم﴾ (132) تتوعدون من آمن بالله ﴿وتصدون عن سبيل الله﴾ وكانوا يجلسون على الطرق فيقولون لمن يمر بها: إن شعيبا كذاب فلا يفتننكم عن دينكم، كما كان يفعل قريش بمكة ﴿وتبغونها عوجا﴾ أي: وتطلبون لسبيل الله عوجا، والمعنى: تصفونها للناس بأنها سبيل معوجة غير مستقيمة لتصدوهم عن سلوكها والدخول فيها ﴿واذكروا إذ كنتم قليلا﴾: ﴿إذ﴾ مفعول به غير ظرف، أي: واذكروا على وجه الشكر وقت كونكم قليلا عددكم، قالوا: إن مدين بن إبراهيم الخليل سورة الأعراف / 88 و 89 تزوج بنت لوط فولدت له فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء فكثروا (133)، ويجوز: إذ كنتم فقراء مقلين فجعلكم أغنياء مكثرين (134) ﴿وانظروا كيف كان عقبة﴾ من أفسد قبلكم كقوم نوح وهود وصالح ولوط وكانوا قريبي العهد بهم ﴿وإن كان﴾ جماعة ﴿منكم آمنوا﴾ وصدقوا ﴿بالذي أرسلت به﴾ وقبلوا قولي وجماعة لم يصدقوني ﴿فاصبروا﴾ فتربصوا وانتظروا ﴿حتى يحكم الله﴾ بين الفريقين بأن ينصر المحق على المبطل، وهذا وعيد للكافرين.
﴿قال الملا الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين (88) قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجينا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شئ علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفتحين (89)﴾ أي: ﴿قال﴾ الذين رفعوا أنفسهم فوق مقدارها من قوم شعيب: ليكونن أحد الأمرين: إما إخراجكم من بلدتنا أو عودكم في الكفر، وقد يكون العود بمعنى الصيرورة (135) كما في قول الشاعر: تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا (136) ﴿قال﴾ شعيب: ﴿أولو كنا كارهين﴾ الواو واو الحال والهمزة للاستفهام (137)، أي: أتعيدوننا في ملتكم وتردوننا إليها في حال كوننا كارهين للدخول فيها؟يريد أنا مع كراهتنا لذلك لما عرفناه من بطلانه لا نرجع (138)، أو أنكم لا تقدرون على ردنا إلى دينكم على كره منا، فيكون ﴿كارهين﴾ على هذا بمعنى: مكرهين ﴿قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم﴾ معناه: إن عدنا في ملتكم ﴿بعد إذ نجينا الله منها﴾ بأن أقام لنا الدلائل على بطلانها وأوضح الحق لنا فقد افترينا على الله كذبا فيما دعوناكم إليه (139) ﴿وما يكون لنا﴾ أي: وما ينبغي لنا وما يصح لنا ﴿أن نعود فيها إلا أن يشاء الله﴾ خذلاننا ومنعنا الألطاف بأن يعلم أنها لا تنفع فينا فيكون فعلها بنا عبثا والله عز اسمه متعال عن فعل العبث، ويدل على هذا قوله: ﴿وسع ربنا كل شئ علما﴾ أي: هو عالم لذاته، يعلم كل شئ مما كان ويكون، فهو يعلم أحوال عباده كيف تتحول وقلوبهم كيف تتقلب ﴿على الله توكلنا﴾ في أن يثبتنا على الإيمان ويوفقنا لازدياد الإيقان (140)، ويجوز أن يكون قوله: ﴿إلا أن يشاء الله﴾ تعليقا لما لا يكون بما علم أنه لا يكون على وجه التبعيد، لأن مشيئة الله لعودهم في الكفر محال خارج عن الحكمة (141) ﴿ربنا افتح بيننا﴾ أي: احكم بيننا ﴿وبين قومنا بالحق﴾ والفتاحة: الحكومة (142)، أو أظهر أمرنا حتى ينفتح ما بيننا وبين قومنا وينكشف بأن تنزل عليهم عذابا يتبين معه أنا على الحق وأنهم على الباطل (143) ﴿وأنت خير الفتحين﴾ الحاكمين.
سورة الأعراف / 90 - 95 ﴿وقال الملا الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون (90) فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (91) الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين (92) فتولى عنهم وقال يقوم لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كفرين (93) وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون (94) ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (95)﴾ أي: ﴿قال﴾ أشراف ﴿الملا الذين كفروا من قومه﴾ للذين دونهم يثبطونهم عن الإيمان: ﴿لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون﴾ لاستبدالكم الضلالة بالهدى، وقيل: تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف، لأنه ينهاكم عنهما ويحملكم على الإيفاء والتسوية (144)، واللام في ﴿لئن اتبعتم﴾ موطئة للقسم، وجواب القسم ﴿إنكم إذا لخاسرون﴾ وقد سد مسد جواب الشرط (145) ﴿الذين كذبوا شعيبا﴾ مبتدأ وخبره ﴿كأن لم يغنوا فيها﴾ وكذلك ﴿كانوا هم الخاسرين﴾، وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص، كأنه قيل: الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بالهلاك والاستئصال كأن لم يقيموا في دارهم، لأن الذين اتبعوا شعيبا أنجاهم الله ﴿الذين كذبوا شعيبا﴾ هم المخصوصون بالخسران العظيم دون أتباعه لأنهم الرابحون، وفي هذا الابتداء والتكرير تسفيه لرأي الملا ورد لمقالتهم ومبالغة في ذلك ﴿فتولى عنهم﴾ شعيب لما رأى إقبال العذاب عليهم ﴿وقال يقوم لقد﴾ أعذرت إليكم في النصيحة وإبلاغ الرسالة والتحذير مما حل بكم فلم تصدقوني ﴿فكيف آسى﴾ أي: فكيف أحزن ﴿على قوم﴾ ليسوا بأهل للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم العذاب النازل بهم، والبأساء: البؤس والفقر، والضراء: الضر والمرض ﴿لعلهم يضرعون﴾ أي: ليتضرعوا ويتوبوا ويتذللوا ﴿ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة﴾ أي: رفعنا السيئة يعني: ما كانوا فيه من البلاء والمحنة، ووضعنا الحسنة مكانها يعني: الرخاء والسعة والصحة ﴿حتى عفوا﴾ أي: كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم من قولهم: عفا النبات وعفا الشحم والوبر: إذا كثرت، ومنه قوله (صلى الله عليه وآله): " واعفوا اللحى " (146) ﴿وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء﴾ يريد أبطرتهم النعمة وأشروا فقالوا: هذه عادة الدهر يعاقب في الناس بين الضراء والسراء وقد مس آباءنا نحو ذلك فلم ينتقلوا عما كانوا عليه، فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم كذلك ﴿فأخذناهم بغتة﴾ فجاءة عبرة لمن بعدهم ﴿وهم لا يشعرون﴾ أن العذاب نازل بهم إلا بعد حلوله.
﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (96) أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بيتا وهم نائمون (97) أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون (98) أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون (99)﴾ سورة الأعراف / 97 - 99 اللام في ﴿القرى﴾ إشارة إلى القرى التي دل عليها قوله: ﴿وما أرسلنا في قرية من نبي﴾ (147) فكأنه قال: ﴿ولو أن أهل﴾ تلك ﴿القرى﴾ الذين كذبوا وأهلكوا ﴿آمنوا﴾ بدل كفرهم ﴿واتقوا﴾ الشرك والمعاصي ﴿لفتحنا عليهم بركت﴾ أي: خيرات نامية ﴿من السماء والأرض﴾ بإنزال المطر وإخراج النبات، والمعنى: لآتيناهم بالخير من كل وجه ﴿ولكن كذبوا فأخذناهم﴾ بسوء كسبهم، ومعنى " فتح البركات ": تيسيرها عليهم كما ييسر أمر الأبواب المغلقة بفتحها، ومنه قولهم: فتحت على القارئ: إذا تعذرت عليه القراءة فيسرتها عليه بالتلقين ﴿أفأمن أهل القرى﴾ المكذبون لنبينا ﴿أن يأتيهم﴾ عذابنا ﴿بيتا﴾ أي: بائتين أو وقت بيات، ويجوز أن يكون البيات بمعنى التبييت كالسلام بمعنى التسليم فيكون - أيضا - حالا أو ظرفا (148)، و ﴿ضحى﴾ نصب على الظرف وهو في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت، والفاء والواو في ﴿أفأمن﴾ و ﴿أو أمن﴾ حرفا عطف دخلت عليهما همزة الإنكار، والمعطوف عليه قوله: ﴿فأخذناهم بغتة﴾ (149) وما بينهما اعتراض أي: ﴿أ﴾ بعد ذلك ﴿أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بيتا﴾ وأمنوا ﴿أن يأتيهم بأسنا ضحى﴾ (150)، وقرئ: " أو أمن " بسكون الواو (151) على العطف ب? " أو "، ﴿وهم يلعبون﴾ أي: يشتغلون بما لا ينفعهم كأنهم يلعبون، وقوله: ﴿أفأمنوا مكر الله﴾ تكرير لقوله: ﴿أفأمن أهل القرى﴾، و ﴿مكر الله﴾ استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر ولاستدراجه إياه بالصحة والسلامة وظاهر النعمة، وعن الربيع بن خيثم (152) أن ابنته قالت له: مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟قال: يا بنتاه إن أباك يخاف البيات (153) ﴿فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون﴾ فيه تنبيه على ما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف لعقاب الله، فيكون كالمحارب الذي يخاف من أعدائه البيات والغيلة، ليسارع إلى الطاعة واجتناب المعصية، ولا يستشعر الأمن من ذلك فيكون قد خسر دنياه وآخرته بالوقوع في المعاصي.
1- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 281.
2- قال الشيخ في التبيان: ج 4 ص 370: واستدل جماعة من المعتزلة بهذه الآية على أن الملائكة أفضل من البشر، والأنبياء منهم. وهذا ليس بشئ، لأنه لم يجر هاهنا ذكر لكثرة الثواب وأن الملائكة أكثر ثوابا من البشر بل كان قصد إبليس أن يقول لآدم: ما نهاك الله عن أكل الشجرة الا أن تكونا ملكين، فإن كنتما ملكين فقد نهاكما، وحيث لستما من الملائكة فما نهاكما الله عن أكلها، فتلخيص الكلام أن المنهي من اكل الشجرة هم الملائكة فقط، ومن ليس منهم فليس بمنهي، ولا تعلق لذلك بكثرة الثواب ولا بقلته.
3- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 95، والبغوي في تفسيره: ج 2 ص 153.
4- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 95.
5- وفيه دلالة على أن ستر العورة كان واجبا في ذلك الزمان.
6- قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص 125، وتفسير الماوردي: ج 2 ص 211، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 181.
7- انظر تنزيه الأنبياء للسيد المرتضى: ص 3 - 9، وقصص الأنبياء للجزائري: في بيان عصمة الأنبياء ص 13 - 25.
8- وهو قول السدي والجبائي وابن الأخشيد كما حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 4 ص 375.
9- في نسخة: متعادين.
10- وهو اختيار الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 97، والهمداني في الفريد في إعراب القرآن: ج 2 ص 285.
11- في نسخة: مثله.
12- الزمر: 6. .
13- وهو اختيار الفراء في معاني القرآن: ج 1 ص 375، والنحاس في إعراب القرآن: ج 2 ص 120، والزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 97.
14- انظر الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 286.
15- قاله زيد بن علي (عليه السلام) كما حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 155، والقرطبي في تفسيره: ج 7 ص 185 واستحسنه.
16- وهي قراءة نافع وأهل المدينة وابن عامر والكسائي. راجع التبيان: ج 4 ص 377، وتفسير البغوي: ج 2 ص 155، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 280، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 185.
17- المداجاة: المداراة، يقال: داجيته إذا داريته، كأنك ساترته العداوة. (الصحاح: مادة دجا).
18- انظر تفسير ابن عباس: ص 125.
19- أورده المصنف في مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 409، وفي معظم التفاسير أن القائل مالك بن دينار. راجع على سبيل المثال تفسير البغوي: ج 2 ص 155، والكشاف: ج 2 ص 98.
20- وهو قول مجاهد والسدي وأكثر المفسرين كما حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 4 ص 383، والبغوي في تفسيره: ج 2 ص 156، واختاره الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 330.
21- قاله الضحاك. راجع تفسير البغوي: ج 2 ص 156.
22- وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 330.
23- انظر الكشاف: ج 2 ص 100.
24- راجع تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 288 - 289.
25- تفسير العياشي: ج 2 ص 14 ح 29.
26- وهو قول ابن عباس وعطاء وإبراهيم والحسن وقتادة وسعيد بن جبير وطاووس. راجع التبيان: ج 4 ص 386، وتفسير الماوردي: ج 2 ص 218، والكشاف: ج 2 ص 100، واختاره الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 332.
27- وهو القول المنسوب إلى الصادق (عليه السلام). راجع تفسير العياشي: ج 2 ص 13 ح 25، وعنه تفسير البرهان: ج 2 ص 10 ح 11، والبحار: ج 18 ص 317.
28- المخيلة: الكبر. (القاموس المحيط: مادة خيل).
29- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 157، والقرطبي في تفسيره: ج 7 ص 191.
30- قرأه ابن عباس ونافع. راجع التبيان: ج 4 ص 387، وتفسير البغوي: ج 2 ص 157، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 418، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 199.
31- وهو قول الحسن وعطاء. راجع تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 376، وزاد المسير لابن الجوزي: ج 3 ص 191.
32- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 4 ص 102، والفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 294.
33- في نسخة: الأعمال.
34- بضم الغين وفتحها: جماعتهم. (القاموس المحيط: مادة غمر).
35- وهي قراءة أبي بكر عن عاصم. راجع التبيان: ج 4 ص 398، وتفسير البغوي: ج 2 ص 159، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 418، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 296.
36- فاطر: 10.
37- قاله ابن عباس والسدي. راجع التبيان: ج 4 ص 400، وتفسير الماوردي: ج 2 ص 222، وتفسير البغوي: ج 2 ص 160، واختاره الفراء في معاني القرآن: ج 1 ص 379، والزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 337.
38- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 103، والرازي في تفسيره: ج 14 ص 76.
39- القمر: 11.
40- قرأ أبو عمرو بالتاء والتخفيف، وحمزة والكسائي وخلف بالياء والتخفيف. انظر التبيان: ج 4 ص 399، وتفسير البغوي: ج 2 ص 160، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 280.
41- ما بين المعقوفتين ليس في النسخ، أضفناها لضرورة إتمام سياق الجملة.
42- راجع تفسير ابن عباس: ص 127.
43- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 301 - 302.
44- قرأه ابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 280، والتذكرة لابن غلبون: ج 2 ص 419، وتفسير البغوي: ج 2 ص 161، والتبيان: ج 4 ص 403 وقال: وكذلك هي في مصاحف أهل الشام.
45- انظر إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 126، والفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 302 - 303.
46- وهي الآية: 43 فراجع.
47- قاله الزمخشري في كشافه: ج 2 ص 106.
48- معاني الأخبار للصدوق: ص 59 ح 9، ورواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: ج 1 ص 202 باسناده عن محمد بن الحنفية عنه (عليه السلام).
49- وهي قراءة حمزة والكسائي وابن عامر وابن كثير برواية شبل والبزي. راجع التبيان: ج 4 ص 406، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 281، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 419، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 210.
50- وهي قراءة الأعمش والكسائي. راجع التبيان: ج 4 ص 406، وتفسير البغوي: ج 2 ص 161، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 281، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 419، وإعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 127، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 209.
51- الحديد: 13.
52- عرف الفرس: شعر عنقه. (القاموس المحيط: مادة عرف).
53- جمع كثيب وهو تل من الرمل. (القاموس المحيط: مادة كثب).
54- في بعض النسخ: سبق.
55- في بعض النسخ: سبقوا.
56- تفسير القمي: ج 1 ص 231 - 232.
57- وهو قول ابن مسعود. راجع تفسير الماوردي: ج 2 ص 226.
58- في نسخة: منهم.
59- وهو قول الزمخشري أيضا في الكشاف: ج 2 ص 107.
60- تفسير القمي: ج 1 ص 231 - 232.
61- أوردها المصنف في مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 424.
62- انظر تفسير القمي: ج 1 ص 231 - 232.
63- تفسير فرات: ص 49، شواهد التنزيل: ج 1 ص 198 ح 256، وعنه إحقاق الحق: ج 14 ص 396 - 397.
64- وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 108.
65- قال الزجاج: فأعلم الله عز وجل أن ابن آدم غير مستغن عن الطعام والشراب وإن كان معذبا. معاني القرآن: ج 2 ص 344.
66- انظر إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 417، والفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 308.
67- في بعض النسخ: العذاب.
68- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 312 - 313.
69- مريم: 27.
70- وهي قراءة ابن عامر. راجع التبيان: ج 4 ص 421، وتفسير البغوي: ج 2 ص 165، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 282، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 221.
71- قرأه أبو بكر عن عاصم. راجع التبيان: ج 4 ص 424، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 283.
72- حكاهما الأخفش كما في الفريد في إعراب القرآن: ج 2 ص 314، وانظر معاني القرآن: ج 2 ص 491.
73- قاله ابن عباس والحسن وابن جريج. راجع تفسير ابن عباس: ص 129، وتفسير الحسن البصري: ج 1 ص 380، والتبيان: ج 4 ص 424، والكشاف: ج 2 ص 111.
74- حكاه ابن كثير في تفسيره: ج 2 ص 212 ونسبه إلى ابن جرير، وراجع تفسير الطبري: ج 5 ص 514.
75- واختاره الفراء في معاني القرآن: ج 1 ص 380، والزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 111.
76- وهو مذهب أبي عبيدة. راجع مجاز القرآن: ج 1 ص 216.
77- ذهب إليه الأخفش في معاني القرآن: ج 2 ص 519، والزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 344.
78- قرأه حمزة والكسائي والأعمش. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 133، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 283، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 420.
79- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 315.
80- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع. راجع التبيان: ج 4 ص 427، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 283، وتفسير القرطبي: ج 7 ص 229.
81- وهي قراءة الحسن وقتادة وابن عامر. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 133، وكتاب السبعة في القراءات: ص 283.
82- وهي قراءة ابن عباس والسلمي وعاصم بخلاف. راجع المحتسب لابن جني: ج 1 ص 255، وانظر إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 133.
83- الحيا - بالقصر -: الخصب. (القاموس المحيط: مادة حيا)، وفي بعض النسخ: حياة.
84- الأرض الطيبة البعيدة عن الماء والوخم. (القاموس المحيط: مادة عذا).
85- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 319.
86- في بعض النسخ: التصرف.
87- وهي قراءة أبي جعفر والكسائي والأعمش وابن وثاب. راجع التبيان: ج 4 ص 434، وتفسير البغوي: ج 2 ص 168، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 320.
88- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 113، والرازي في تفسيره: ج 14 ص 149.
89- انظر التبيان: ج 4 ص 436، والفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 321.
90- انظر الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 322، وإعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 135.
91- آل عمران: 194.
92- المؤمنون: 24 و 33.
93- في نسخة: تسعة، وكذا في الكشاف.
94- قاله ابن إسحاق على ما حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 5 ص 522، وراجع الكشاف: ج 2 ص 115.
95- الآية: 59.
96- قال الهمداني: فإن قلت: " هود " أعجمي أو عربي؟قلت: قد جوز أن يكون أعجميا وأن يكون عربيا من هاد يهود. فإن قلت: إذا جعل أعجميا فلم صرف وفيه العجمة والتعريف؟قلت: لخفته كنوح ولوط. الفريد في إعراب القرآن: ج 2 ص 324، وراجع إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 136.
97- الهد: الهدم الشديد والكسر. (القاموس المحيط: مادة هد).
98- التبيان: ج 4 ص 436.
99- الآلاء: النعم، واحدها إلي وألو وألي وألى وإلى. (القاموس المحيط: مادة إلى).
100- الأني ويكسر والأناء والإنو بالكسر: الوهن والساعة من الليل أو ساعة ما منه، والإني كإلي وعلي: كل النهار جمع آنار. (القاموس المحيط: مادة أنى).
101- قال الهمداني: والوقوع والسقوط والنزول نظائر في اللغة. الفريد في إعراب القرآن: ج 2 ص 325. .
102- العنكبوت: 42.
103- وثمود اسم قبيلة، وقد جاء مصروفا وغير مصروف، فمن صرفه فعلى انه اسم لحي مذكر، ومن ترك الصرف فعلى انه اسم قبيلة كما في قوله تعالى: * (ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود) * فصرف الأول ولم يصرف الثاني. انظر إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 136.
104- نتجت الناقة: حان نتاجها فهي نتوج. (القاموس المحيط: مادة نتج).
105- العشراء من النوق: التي مضى لحملها عشرة أشهر أو ثمانية أو هي كالنفساء من النساء، وجوفاء: ذو الجوف الواسع مؤنث أجوف، ووبراء مؤنث أوبر: ماله وبر أي صوف. (القاموس المحيط: مادة عشر وجوف ووبر).
106- الحال المقدرة: حال لم يكن صاحبه متلبسا به في حال الإخبار، بل يقدر وقوعه نحو " صائدا " في مثل " جاء زيد معه صقر صائدا به غدا "، ومنه * (فادخلوها خلدين) * و * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) *. انظر مغني اللبيب: ص 605 - 606.
107- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 327.
108- هو عبد الله بن عامر اليحصبي، إليه انتهت مشيخة الإقراء بالشام، وأحد القراء السبعة، كان عالما متقنا، روى عنه القراءة عرضا يحيى بن الحارث الزماري، وأخوه عبد الرحمن بن عامر وخلاد بن يزيد وغيرهم، تولى إمامة الجامع بدمشق وائتم به الخليفة عمر بن عبد العزيز، توفي سنة 118 ه?. (تاريخ الاسلام للذهبي: ج 2 ص 266، الأعلام للزركلي: ج 4 ص 95).
109- راجع التبيان: ج 4 ص 451 وقال: وكذلك في مصاحف أهل الشام، وتفسير البغوي: ج 2 ص 174، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 284، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 421.
110- في بعض النسخ: اتقوا.
111- وهو مذهب الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 123.
112- انظر الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 328.
113- كنز العمال: ج 13 ص 196 ح 36587، الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 3 ص 35.
114- وهو اختيار الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 123. والآية: 73.
115- وهو قول الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 351.
116- قال الماوردي: قال محمد بن مروان السدي: كل ما في القرآن من " دارهم " فالمراد به مدينتهم، وكل ما فيه من " ديارهم " فالمراد به مساكنهم. انظر تفسيره: ج 2 ص 236.
117- في نسخة: خامدين.
118- زعم بعض أهل اللغة: لوط مشتق من لطت الحوض إذا ملسته بالطين. قال الزجاج: وهذا غلط، لأن لوطا من الأسماء الأعجمية ليس من العربية، والعجمي لا يشتق من العربي. انظر معاني القرآن: ج 2 ص 351.
119- مجمع الزوائد للهيثمي: ج 10 ص 407.
120- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 329.
121- انظر الكشاف: ج 2 ص 125.
122- وهو اختيار الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 126، والهمداني في الفريد في إعراب القرآن: ج 2 ص 330.
123- كذا في النسخ، والظاهر أن الأنسب " و " لسياق الجملة.
124- هود: 82.
125- الشعراء: 173، والنمل: 58.
126- روى الطبري بإسناده قال: قال ابن إسحاق: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة إذا ذكره قال: ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه. راجع تاريخ الطبري: ج 1 ص 229.
127- زعم الفراء في معانيه: ج 1 ص 385 أن لم يكن لشعيب آية إلا النبوة. قال الزجاج: وهذا غلط فاحش، قال تعالى: * (قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل) * فجاء بالفاء جوابا للجزاء، فكيف يقول: قد جاءتكم بينة من ربكم ولم يكن له آية إلا النبوة ؟! فإن كان مع النبوة آية فقد جاءهم بها، وقد أخطأ القائل بقوله: لم تكن له آية، ولو ادعى مدع النبوة بغير آية لم تقبل منه، ولكن القول في شعيب أن آيته كما قال بينة، إلا أن الله جل ثناؤه ذكر بعض آيات الأنبياء في القرآن وبعضهم لم يذكر آيته، فمن لم تذكر آيته لا يقال: لا آية له، وآيات محمد النبي (صلى الله عليه وآله) لم تذكر كلها في القرآن ولا أكثرها وإن كانت له آيات كثيرة، ولم يوجب ذلك نفيها. انظر معاني القرآن: ج 2 ص 353 - 354، والتبيان: ج 4 ص 462.
128- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 2 ص 127.
129- وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 354، والزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 127.
130- سبأ: 33.
131- انظر الكشاف: ج 2 ص 127.
132- الأعراف: 16.
133- حكاه القرطبي في تفسيره: ج 7 ص 247 ونسب هذا القول إلى مكي.
134- وهو قول الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 355.
135- انظر معاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 355، والكشاف: ج 2 ص 129.
136- البيت لامية بن أبي الصلت الثقفي، أراد أن لقومه مآثر ومكارم ليست عند غيرهم ثم قال: هذه هي المكارم لا ما يفتخر به غيرهم من السماحة والضيافة بلبن ممزوج بالماء الذي يصير بعد ذلك أبوالا. انظر دلائل النبوة للبيهقي: ج 1 ص 296.
137- وهو اختيار الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 130.
138- وهو قول الشيخ الطوسي في التبيان: ج 4 ص 466.
139- وهو قول القرطبي في تفسيره: ج 7 ص 250.
140- وإليه ذهب الزجاج في معاني القرآن: ج 2 ص 356، والزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 130.
141- انظر التبيان: ج 4 ص 467.
142- وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي كما حكاه عنهم الشيخ في التبيان: ج 4 ص 468، وهو اختيار أبي عبيدة والفراء. انظر تفسير ابن عباس: ص 133، وتفسير الحسن البصري: ج 1 ص 382، ومجاز القرآن: ج 1 ص 220، ومعاني القرآن: ج 1 ص 384.
143- انظر الكشاف: ج 2 ص 130.
144- وهو قول الشيخ في التبيان: ج 4 ص 469 - 470، والبغوي في تفسيره: ج 2 ص 182.
145- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 333.
146- مسند أحمد: ج 2 ص 366 و 378، مسند أبي عوانة: ج 1 ص 188، سنن البيهقي: ج 1 ص 149، الترغيب والترهيب للمنذري: ج 3 ص 435، الكشاف: ج 2 ص 132، قال في النهاية: مادة عفا: هو أن يوفر شعرها ولا يقص كالشوارب.
147- الأعراف: 94.
148- انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج 2 ص 133.
149- الأعراف: 95.
150- انظر الكشاف: ج 2 ص 134.
151- وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 287، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 421، وفي تفسير البغوي: ج 2 ص 184: هي قراءة أهل الحجاز والشام.
152- هو الربيع بن خيثم بن عبد الله بن موهب بن منقذ الثوري، أبو يزيد الكوفي، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) مرسلا وعن ابن مسعود وأبي أيوب وغيرهم، وعنه ابنه عبد الله ومنذر الثوري والشعبي وإبراهيم النخعي وغيرهم، وقال منذر الثوري: شهد مع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) صفين، وعن غير واحد أنه تخلف عن قتال علي (عليه السلام) مع معاوية وشك في جواز ذلك، فاسترخصه فرخص (عليه السلام) له. مات بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) سنة 63 ه?. (تهذيب التهذيب لابن حجر: ج 3 ص 242، كتاب الجرح والتعديل: ج 3 ص 459، معجم رجال الحديث: ج 7 ص 168).
153- الكشاف: ج 2 ص 134.