سورة الأعراف

مكية (1)، مائتان وست آيات كوفي، خمس بصري، عد الكوفي ﴿المص﴾ (2) و ﴿كما بدأكم تعودون﴾ (3)، وعد البصري ﴿مخلصين له الدين﴾ (4).

في حديث أبي: " من قرأ سورة الأعراف جعل الله بينه وبين إبليس سترا وكان آدم له شفيعا يوم القيامة " (5).

الصادق (عليه السلام): " من قرأها في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون، فإن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة " (6).

﴿المص (1) كتب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين (2) اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون(3) ﴾ أي: هو ﴿كتب أنزل إليك﴾ بأمر الله تعالى ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه﴾ أي: من تبليغه، والحرج: الضيق، لأنه (عليه السلام) كان يخاف تكذيب قومه له وإعراضهم عن قبول قوله وأذاهم له، فكان يضيق صدره من الأذاء (7) ولا ينبسط له، فأمنه الله سبحانه وأمره بترك المبالاة بهم ﴿لتنذر به﴾ تعلق ب? ﴿أنزل إليك﴾ أي: أنزل إليك لإنذارك به ﴿وذكرى﴾ يحتمل النصب على معنى: لتنذر به وتذكر تذكيرا فإن الذكرى في معنى التذكير، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو عطف على ﴿كتب﴾، والجر للعطف على محل " أن تنذر " أي: للإنذار والذكرى (8) ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم﴾ من القرآن والوحي ﴿ولا تتبعوا من دونه﴾ الضمير لـ ﴿ما أنزل﴾ أي: ولا تتبعوا من دون دين الله دين ﴿أولياء﴾ كم، أو لـ ﴿ربكم﴾ أي: ولا تتبعوا من دون الله أولياء، أي: ولا تتولوا من دونه من شياطين الإنس والجن فيحملوكم على الأهواء والبدع ويضلوكم عن دين الله وعما أمركم باتباعه، وعن الحسن: يا بن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة نبيه، والله ما أنزلت آية إلا ويجب أن تعلم فيما أنزلت وما معناها (9)، ﴿قليلا ما تذكرون﴾ أي: " تتذكرون " فأدغم (10)، وقرئ: ﴿تذكرون﴾ خفيفة الذال بحذف التاء، وقرئ: " يتذكرون " بياء وتاء (11) أي: يتذكرون تذكرا قليلا حيث يتركون دين الله ويتبعون غيره.


1- قال الماوردي: هي مكية كلها في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر، وقال ابن عباس وقتادة: مكية إلا خمس آيات وهي قوله: * (وسلهم عن القرية) * إلى آخر الخمس. وقال الشيخ الطوسي (قدس سره): قال قوم: هي محكمة كلها، وقال آخرون: حرفان منها منسوخان: أحدهما: قوله: * (خذ العفو) * يريد من أموالهم وذلك قبل الزكاة، والآخر: قوله: * (وأعرض عن الجهلين) * نسخ بآية السيف، وقال قوم: ليس واحد منهما منسوخا بل لكل منهما موضع والسيف له موضع، وهو الأقوى لأن النسخ يحتاج إلى دليل. راجع تفسير الماوردي: ج 2 ص 198، والتبيان: ج 4 ص 340، والناسخ والمنسوخ لابن الجوزي: ص 33، والناسخ والمنسوخ لابن البارزي: ص 33، والناسخ والمنسوخ في القرآن لابن حزم: ص 38، والناسخ والمنسوخ لابن العربي: ج 2 ص 221.

2- الآية: 1.

3- الآية: 29.

4- الآية: 29.

5- مصباح الكفعمي: ص 439، الكشاف: ج 2 ص 193، وأورده المصنف في مجمع البيان: ج 3 - 4 ص 393.

6- ثواب الأعمال للصدوق: ص 132 ح 1، تفسير العياشي: ج 2 ص 2 ح 1.

7- كذا في النسخ، والصحيح " الايذاء " إذ لم يرد في لسان العرب الأذاء مصدرا لأذى. قال ابن منظور: آذاه يؤذيه أذى وأذاة وأذية وتأذيت به، قال ابن البري: صوابه آذاني إيذاء فأما أذى فمصدر أذي أذى وكذلك أذاه وأذية يقال: أذيت بالشئ آذى أذى وأذاة وأذية فأنا إذ... إلى أن قال: والاسم الأذية والأذاة. انظر لسان العرب: مادة (أذي).

8- انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 266.

9- حكاه عنه الزمخشري في كشافه: ج 2 ص 86.

10- لا يخفى أن المصنف (قدس سره) قد اعتمد في تفسيره هذا على نسخة مصحف ليست على " قراءة عاصم برواية حفص " وهي القراءة المشهورة في بلاد الشام والعراق وبعض الجزيرة العربية، وهنا في نسخة مصحفه " ما تذكرون " فقال بعدها: أي تتذكرون فادغم. وتجدر الإشارة إلى أن " ما تذكرون " بتشديد الذال هي قراءة عاصم برواية أبي بكر.

11- وهي قراءة ابن عامر. راجع التبيان: ج 4 ص 343، وتفسير البغوي: ج 2 ص 148، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 278، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 417.