الآية 217
واما قوله ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ فإنه كان سبب نزولها انه لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة تتعرض لغير قريش، حتى بعث عبد الله ابن جحش في نفر من أصحابه إلى نخلة، وهي بستان بني عامر ليأخذوا عير قريش حين أقبلت من الطائف عليها الزبيب والأدم والطعام، فوافوها وقد نزلت العير وفيهم عمر بن عبد الله الحضرمي وكان حليفا لعتبة بن ربيعة، فلما نظر الحضرمي إلى عبد الله بن جحش وأصحابه فزعوا وتهيئوا للحرب وقالوا هؤلاء أصحاب محمد، فأمر عبد الله بن جحش أصحابه ان ينزلوا ويحلقوا رؤسهم، فنزلوا فحلقوا رؤسهم فقال ابن الحضرمي هؤلاء قوم عباد ليس علينا منهم باس، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح حمل عليهم عبد الله بن جحش فقتل ابن الحضرمي وأفلت أصحابه واخذوا العير بما فيها وساقوها إلى المدينة وكان ذلك في أول يوم من رجب من اشهر الحرم، فعزلوا العير وما كان عليها ولم ينالوا منها شيئا، فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إنك استحللت الشهر الحرام وسفكت فيه الدم واخذت المال وكثر القول في هذا، وجاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله أيحل القتل في الشهر الحرام فأنزل الله " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير.. الخ " قال القتال في الشهر الحرام عظيم ولكن الذي فعلت قريش بك يا محمد صلى الله عليه وآله من الصد عن المسجد الحرام والكفر بالله وإخراجك منها هو أكبر عند الله والفتنة يعني الكفر بالله أكبر من القتل ثم أنزلت " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "(1).
1- والحال انها قبل " يسألونك عن الشهر الحرام.. الخ ".