سورة يونس

بسم الله الرحمن الرحيم

من سورة يونس

1 - عن أبان بن عثمان عن محمد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اقرأ قلت: من أي شئ أقرأ قال أقرأ من السورة السابعة، قال: فجعلت التمسها، فقال: اقرأ سورة يونس فقرأت حتى انتهيت إلى (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) ثم قال: حسبك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انى لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (1)

2 - عن فضيل الرسان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة يونس في كل شهرين أو ثلاثة لم يخف أن يكون من الجاهلين، وكان يوم القيمة من المقربين (2)

3 - عن يونس عمن ذكره في قول الله: (وبشر الذين آمنوا) إلى آخر الآية قال الولاية (3)

4 - عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله (وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم) قال: الولاية (4)

5 - عن إبراهيم بن عمر عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم) قال: هو رسول الله صلى الله عليه وآله (5)

6 - عن أبي جعفر عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان الله خلق السماوات و الأرض في ستة أيام) فالسنة تنقص ستة أيام (6)

7 - عن الصباح بن سيابة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الله خلق الشهور اثنا عشر شهرا وهي ثلاثمائة وستون يوما، فخرج منها ستة أيام خلق فيها السماوات و الأرض، فمن ثم تقاصرت الشهور (7)

8 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان الله جل ذكره وتقدست أسماؤه خلق الأرض قبل السماء، ثم استوى على العرش لتدبير الأمور (8)

9 - عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التسبيح، فقال: هو اسم من أسماء الله ودعوى أهل الجنة (9)

10 - عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقائنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي ان أتبع الا ما يوحى إلى) قالوا: بدل كان على أبو بكر أو عمر اتبعناه (10)

11 - عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله (ائت بقرآن غير هذا أو بدله) يعنى أمير المؤمنين عليه السلام (11)

12 - عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (انى أخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم) حتى نزلت سورة الفتح، فلم يعد إلى ذلك الكلام (12)

13 - عن منصور بن يونس عن أبي عبد الله ثلاث يرجعن على صاحبهن: النكث والبغي والمكر، قال الله: (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) (13)

14 - عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك انا نتحدث ان لآل جعفر راية ولآل فلان راية، فهل في ذلك شئ؟فقال: اما لآل جعفر فلا، و اما راية بنى فلان فان لهم ملكان مبطئا يقربون فيه البعيد، ويبعدون فيه القريب وسلطانهم عسر ليس فيه يسر، لا يعرفون في سلطانهم من اعلام الخير شيئا، يصيبهم فيه فزعات (14) كل ذلك كل ذلك يتجلى عنهم حتى إذا أمنوا مكر الله وأمنوا عذابه وظنوا انهم قدر الكافر (15) صيح فيهم صيحة لم يكن فيها مناد يسمعهم ولا يجمعهم وذلك قول الله (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها) إلى قوله (لقوم يتفكرون) ألا انه ليس أحد من الظلمة الا ولهم بقيا الا آل فلان، فإنهم لا بقيا لهم قال: جعلت فداك أليس لهم بقيا؟قال: لا ولكنهم يصيبون منادما فيظلمهم نحن وشيعتنا ومن يظلمه نحن وشيعتنا فلا بقيا له (16).

15 - عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد اغرورقت عيناه (17) بمائها الا حرم الله ذلك الجسد على النار، وما فاضت عين من خشية الله الا لم يرهق ذلك الوجه قتر (18) ولا ذلة (19)

16 - عن محمد بن مروان عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما من شئ الا وله وزن أو ثواب الا الدموع، فان القطرة يطفى البحار من النار، فإذا أغر ورقت عيناه بمائها حرم الله عز وجل ساير جسده على النار، وان سالت الدموع على خديه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ولو أن عبدا بكى في أمة لرحمها الله (20)

17 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (كأنما غشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) قال: أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا من خارج فكذلك وجوههم تزداد سوادا (21)

18 - عن عمرو بن أبي القاسم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام وذكر أصحاب النبي عليه السلام ثم قرأ (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع) إلى قوله: (يحكمون) فقلنا: من هو أصلحك الله؟فقال: بلغنا ان ذلك علي عليه السلام (22).

19 - عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الأمور العظام الذي تكون مما لم يكن، فقال لم يأن (يكن خ ل) أوان كشفها بعد، وذلك قوله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) (23).

20 - عن حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأمور العظام من الرجعة وغيرها؟فقال: ان هذا الذي تسئلوني عنه لم يأت أوانه، قال الله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) (24).

21 - عن أبي السفاتج قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: آيتان في كتاب الله حصر (حظر خ ل) الله (25) الناس، ألا يقولوا ما لا يعلمون، قول الله: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب الا يقولوا على الله الا الحق) وقوله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) (26)

22 - عن إسحاق بن عبد العزيز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان الله خص هذه الأمة بآيتين من كتابه: ألا يقولوا ما لا يعلمون، وألا يردوا ما لا يعلمون، ثم قرأ: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب) الآية وقوله: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) إلى قوله: (الظالمين) (27).

23 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية (لكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون) قال: تفسيرها بالباطن ان لكل قرن من هذه الأمة رسولا من آل محمد يخرج إلى القرن الذي هو إليهم رسول، وهم الأولياء وهم الرسل، واما قوله: (فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط) قال: معناه ان الرسل يقضون بالقسط وهم لا يظلمون كما قال الله (28)

24 - عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله (إذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) قال: هو الذي سمى لملك الموت عليه السلام في ليلة القدر (29)

25 - عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه في قول الله: (ويستنبئونك أحق هو قل أي وربى) فقال: يستنبئك يا محمد أهل مكة عن علي بن أبي طالب اماما هو؟قل أي وربى انه لحق (30)

26 - عن حماد بن عيسى عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن قول الله: (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) قال: قيل له: وما ينفعهم اسرار الندامة وهم في العذاب؟قال: كرهوا شماتة الأعداء (31)

27 - عن السكوني ان أبى عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: شكى رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وجعا في صدره، فقال: استشف بالقرآن لان الله يقول: (وشفاء لما في الصدور) (32)

28 - عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) قال: فليفرح شيعتنا هو خير مما أعطى عدونا من الذهب و الفضة (33)

29 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) فقال: الاقرار بنبوة محمد عليه وآله السلام والايتمام بأمير المؤمنين عليه السلام هو خير مما يجمع هؤلاء في دنياهم (34)

30 - عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن بعض الفقهاء قال: قال: أمير المؤمنين (ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ثم قال: تدرون من أولياء الله؟قالوا: من هم يا أمير المؤمنين؟فقال: هم نحن وأتباعنا، فمن تبعنا من بعدنا طوبى لنا طوبى لنا وطوبا لهم، وطوباهم أفضل من طوبانا، قيل: ما شأن طوباهم أفضل من طوبانا؟ألسنا نحن وهم على امر؟قال: لا لأنهم حملوا ما لم تحملوا عليه واطاقوا ما لم تطيقوا (35)

31 - عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي بن الحسين عليهما السلام (الا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) قال: إذا أدوا فرايض الله، وأخذوا بسنن رسول الله صلى الله عليه وآله وتورعوا عن محارم الله، وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا، و رغبوا فيما عند الله، واكتسبوا الطيب من رزق الله، لا يريدون به التفاخر والتكاثر ثم انفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا ويثابون على ما قدموا لآخرتهم (36).

32 - عن عبد الرحيم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إنما أحدكم حين يبلغ نفسه هاهنا فينزل عليه ملك الموت، فيقول له: اما ما كنت ترجوا فقد أعطيته، واما ما كنت تخافه فقد أمنت منه، ويفتح له باب إلى منزله من الجنة، ويقال له: انظر إلى مسكنك من الجنة، وانظر هذا رسول الله وعلى والحسن والحسين عليهم السلام رفقاؤك وهو قول الله (الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة) (37).

33 - عن عقبة بن خالد قال: دخلت أنا والمعلى على أبى عبد الله عليه السلام فقال: يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيمة الا هذا الدين الذي أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينيه الا ان يبلغ نفسه إلى هذه وأومأ بيده إلى الوريد (38) ثم اتكأ وغمزني المعلى (39) أن سله فقلت: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بلغت نفسه إلى هذه فأي شئ يرى؟فقال: يرى، فقلت له بضع عشر مرة: أي شئ.

يرى؟فقال في آخرها: يا عقبة! فقلت: لبيك وسعديك، فقال: أبيت الا أن تعلم؟فقلت: نعم يا بن رسول الله إنما ديني مع دمى فإذا ذهب ديني كان ذلك (40).

فكيف بك يا بن رسول الله كل ساعة وبكيت فرق لي، فقال: يراهما والله، فقلت: بابى وأمي من هما؟فقال: رسول الله وعلي عليه السلام، يا عقبة لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى يراهما، قلت: فإذا نظر اليهما المؤمن أيرجع إلى الدنيا؟قال: لا مضى امامه إذا نظر اليهما مضى امامه فقلت له: يقولان له شيئا جعلت فداك؟فقال: نعم فيدخلان جميعا على المؤمن فيجلس رسول الله صلى الله عليه وآله عند رأسه وعلي عليه السلام عند رجليه فيكب عليه رسول الله صلى الله عليه وآله (41) فيقول: يا ولى الله أبشر باني رسول الله، انى خير لك مما تترك من الدنيا، ثم ينهض رسول الله عليه وآله السلام فيقوم علي عليه السلام حتى يكب عليه فيقول: يا ولى الله ابشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبني، اما لأنفعنك ثم قال: اما ان هذا في كتاب الله، قلت: جعلت فداك أين في كتاب الله؟قال: في يونس: (الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة) إلى قوله: (العظيم) (42)

34 - عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يصنع بأحد عند الموت قال: اما والله يا با حمزة ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منا يقر به عينه الا ان يبلغ نفسه ها هنا، ثم أهوى بيده إلى نحره، الا أبشرك يا با حمزة فقلت: بلى جعلت فداك، فقال: إذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام معه، قعد عند رأسه فقال له إذا كان ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله: أما تعرفني؟أنا رسول الله هلم الينا فما امامك خير لك مما خلفت، اما ما كنت تخاف فقد أمنته، واما ما كنت ترجو فقد هجمت عليه، أيتها الروح أخرجي إلى روح الله ورضوانه، ويقول له علي عليه السلام مثل قول رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: يا با حمزة الا أخبرك بذلك من كتاب الله؟قوله: (الذين آمنوا وكانوا يتقون) الآية (43).

35 - عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قالا: ان الله خلق الخلق وهي أظلة فأرسل رسوله محمد صلى الله عليه وآله، فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه، ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن في الأظلة وجحده من جحد به يومئذ، فقال: (ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) (44).

36 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم) إلى (بما كذبوا به من قبل) قال: بعث الله الرسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك، ومن كذب حينئذ كذب بعد ذلك (45).

37 - عن عبد الله بن محمد الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان الله خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب وكان ما أحب ان يخلقه من طينة من الجنة، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض ان خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال، فقلت: وأي شئ الظلال؟فقال: اما ترى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ، ثم بعث فيهم النبيين يدعونهم إلى الاقرار بالله فأقر بعضهم وانكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقروا لله بها من أحب الله وأنكرها من أبغض، وهو قوله: (وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) ثم قال أبو جعفر: كان التكذيب من قبل ثم (46)

38 - عن زرارة وحمران ومحمد بن سلم عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام عن قوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) قال: لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا (47)

39 - عن أبي رافع قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله خطب الناس فقال: أيها الناس ان الله امر موسى وهارون ان يبيتا لقومهما بمصر بيوتا وأمرهما ان لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء الا هارون وذريته، وان على منى بمنزلة هارون وذريته من موسى فلا يحل لاحد ان يقرب النساء في مسجدي ولا يبيت فيه جنبا الا على وذريته فمن سائه ذلك فهاهنا وأشار بيده نحو الشام (48)

40 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بين قوله (قد أجيبت دعوتكما) وبين أن أخذ فرعون أربعين سنة (49)

41 - عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا يرفعه قال: لما صار موسى في البحر اتبعه فرعون وجنوده، قال فتهيب فرس فرعون ان يدخل البحر، فتمثل له جبرئيل على رمكة (50) فلما رأى فرس فرعون الرمكة اتبعها فدخل البحر هو وأصحابه فغرقوا (51)

42 - عن محمد بن سعيد الأزدي ان موسى بن محمد بن الرضا عليه السلام أخبره ان يحيى بن أكثم كتب إليه يسئله عن مسائل أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى (فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) من المخاطب بالآية فإن كان المخاطب فيها النبي صلى الله عليه وآله ليس قد شك فيما أنزل الله، وإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذا أنزل الكتاب؟قال موسى: فسألت أخي عن ذلك قال: فاما قوله: (فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) فان المخاطب بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يك في شك مما انزل الله ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الينا نبيا من الملائكة انه لم يفرق.

بينه وبين نبيه في الاستغناء في المأكل والمشرب والمشي في الأسواق، فأوحى الله إلى نبيه (فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) بمحضر الجهلة هل بعث الله رسولا.

قبلك الا و هو يأكل الطعام ويشرب ويمشي في الأسواق، ولك بهم أسوة، وإنما قال: (فان كنت في شك) ولم يكن ولكن ليتبعهم كما قال له عليه السلام (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) ولو قال: تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيئون للمباهلة، وقد عرف ان نبيكم مؤد عنه رسالته، وما هو من الكاذبين، وكذلك عرف النبي عليه وآله السلام انه صادق فيما يقول، ولكن أحب أن ينصف من نفسه (52)

43 - عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) قال لما اسرى بالنبي صلى الله عليه وآله ففرغ من مناجاة ربه رد إلى البيت المعمور وهو بيت في السماء الرابعة بحذاء الكعبة، فجمع الله النبيين والرسل والملائكة، وأمر جبرئيل فاذن وأقام، فتقدم فصلى بهم فلما فرغ التفت إليه فقال: (فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) إلى قوله: (من الممترين) (53).

44 - عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين عليه السلام قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل عليه السلام حدثه ان يونس بن متى عليه السلام بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلثين سنة، وكان رجلا يعتريه الحدة (54) وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم، عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار النبوة وأعلامها وانه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله (55) وانه أقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله والتصديق به وأتباعه ثلثا وثلثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه الا رجلان، اسم أحدهما روبيل واسم الآخر تنوخا وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة، وكان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا منهمكا في العبادة (56) وليس له علم ولا حكم، وكان روبيل صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل وحكمته وقديم صحبته فلما رأى يونس ان قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون ضجر وعرف من نفسه قلة الصبر، فشكى ذلك إلى ربه وكان فيما يشكى ان قال: يا رب انك بعثتني إلى قومي ولى ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الايمان بك والتصديق برسالاتي وأخوفهم عذابك ونقمتك ثلثا وثلثين سنة، فكذبوني ولم يؤمنوا بي، وجحدوا نبوتي، واستخفوا برسالاتي وقد تواعدوني وخفت أن يقتلوني فأنزل عليهم عذابك فإنهم قوم لا يؤمنون.

قال: فأوحى الله إلى يونس أن فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين، وأنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبى لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يا يونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي وفى عيلتي أحب أن أتأناهم (57) وأرفق بهم وانتظر توبتهم، وإنما بعثتك إلى قومك لتكون حيطا عليهم (58) تعطف عليهم لسخاء (59) الرحمة الماسة منهم، وتأنأهم برأفة النبوة فاصبر معهم بأحلام الرسالة، وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوى العالم بمداواة الدواء، فخرقت بهم (60) ولم تستعمل قلوبهم بالرفق ولم تسسهم بسياسة المرسلين، ثم سألتني عن سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك وعبدي نوح كان أصبر منك على قومه، وأحسن صحبة وأشد تأنيا في الصبر عندي، وأبلغ في العذر فغضبت له حين غصب لي، وأجبته حين دعاني.

فقال يونس: يا رب إنما غضبت عليهم فيك، وإنما دعوت عليهم حين عصوك فوعزتك لا أتعطف عليهم برأفة أبدا ولا أنظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم و تكذيبهم إياي، وجحدهم نبوتي، فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا.

فقال الله: يا يونس انهم مائة ألف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي ان أتأناهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك، وأنت المرسل وأنا الرب الحكيم وعلمي فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا يعلم ما منتهاه، وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له، يا يونس قد أجبتك إلى ما سئلت من إنزال العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي، ولا أجمل لشأنك، وسيأتيهم العذاب في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس فأعلمهم ذلك.

قال فسر ذلك يونس ولم يسوئه ولم يدر ما عاقبته وانطلق يونس إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم، وقال له: انطلق حتى اعلمهم بما أوحى الله إلي من نزول العذاب، فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم (61) ومعصيتهم حتى يعذبهم الله، فقال له يونس: بل نلقى روبيل فنشاوره فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس فقال له: ما ترى انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك، فقال له روبيل: ارجع إلى ربك رجعة نبي حكيم ورسول كريم، واسئله أن يصرف عنهم العذاب فإنه غنى عن عذابهم و هو يحب الرفق بعباده وما ذلك بأضر لك عنده، ولا أسوأ لمنزلتك لديه، ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوما فصابرهم وتأناهم، فقال له تنوخا: ويحك يا روبيل على ما أشرت على يونس وأمرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيه وتكذيبهم إياه واخراجهم إياه من مساكنه، وما هموا به من رجمه فقال روبيل لتنوخا: اسكت فإنك رجل عابد لا علم لك.

ثم اقبل على يونس فقال: أرأيت يا يونس إذا أنزل الله العذاب على قومك أنزله فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقى بعضا؟فقال له يونس: بل يهلكهم الله جميعا وكذلك سألته ما دخلتني لهم رحمة تعطف فأرجع الله فيهم وأسئله ان يصرف عنهم فقال له روبيل: أتدري يا يونس لعل الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به، ان تتوبوا إليه ويستغفروه فيرحمهم فإنه أرحم الراحمين ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله انه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء فتكون بذلك عندهم كذابا.

فقال له تنوخا: ويحك يا روبيل لقد قلت عظيما يخبرك النبي المرسل ان الله أوحى إليه بان العذاب ينزل عليهم فترد قول الله وتشك فيه وفى قول رسوله ؟! اذهب فقد حبط عملك، فقال روبيل لتنوخا: لقد فشل رأيك (62) ثم اقبل على يونس فقال: انزل الوحي والامر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من انزال العذاب عليهم، وقوله الحق، أرأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم وخربت قريتهم أليس يمحو الله اسمك من النبوة وتبطل رسالتك وتكون كبعض ضعفاء الناس، ويهلك على يديك مائة ألف أو يزيدون من الناس، فأبى يونس أن يقبل وصيته فانطلق ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد، ورجع يونس إلى قومه فأخبرهم ان الله أوحى إليه انه منزل العذاب (63) عليكم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فردوا عليه قوله فكذبوه وأخرجوه من قريتهم اخراجا عنيفا (64) فخرج يونس ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد وأقاما ينتظران العذاب، واقام روبيل مع قومه في قريتهم حتى إذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل (65) بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم انا روبيل شفيق عليكم الرحيم بكم إلى ربه قد أنكرتم عذاب الله هذا شوال قد دخل عليكم وقد دخل عليكم وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم ان الله أوحى إليه ان العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس، ولن يخلف الله وعده رسله، فانظروا ما أنتم صانعون فأفزعهم كلامه ووقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب، فأجفلوا نحو روبيل (66) وقالوا له: ماذا أنت مشير به علينا يا روبيل؟فإنك رجل عالم حكيم لم نزل نعرفك بالرقة (الرأفة خ ل) علينا والرحمة لنا، وقد بلغنا ما أشرت به على يونس فينا: فمرنا بأمرك واشر علينا برأيك، فقال لهم روبيل: فانى أرى لكم وأشير عليكم ان تنظروا وتعمدوا إذا طلع الفجر يوم الأربعاء وسط الشهر ان تعزلوا الأطفال عن الأمهات في أسفل الجبل في طريق الأودية، وتقفوا النساء في سفح الجبل (67) وكل المواشي جميعا عن أطفالها ويكون هذا كله قبل طلوع الشمس فإذا رأيتم ريحا صفراء أقبلت من المشرق فعجوا عجيج الكبير منكم والصغير (68) بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله والتوبة إليه والاستغفار له، وارفعوا رؤوسكم إلى السماء وقولوا: ربنا ظلمنا أنفسنا وكذبنا نبيك وتبنا إليك من ذنوبنا، وان لمن تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين المعذبين، فاقبل توبتنا وارحمنا يا أرحم الراحمين ثم لا تملوا من البكاء والصراخ والتضرع إلى الله والتوبة إليه حتى توارى الشمس بالحجاب أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك.

فأجمع رأى القوم جميعا على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل، فلما كان يوم الأربعاء الذي توقعوا فيه العذاب تنحى روبيل عن القرية حيث يسمع صراخهم و يرى العذاب إذا نزل، فلما طلع الفجر يوم الأربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به فلما بزغت الشمس (69) أقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة لها صرير وحفيف و هدير (70) فلما رأوها عجوا جميعا بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله وتابوا إليه واستغفروه وصرخت الأطفال بأصواتها تطلب أمهاتها، وعجت سخال البهايم (71) تطلب الثدي وعجت الانعام تطلب الرعى، فلم يزالوا بذلك ويونس وتنوخا يسمعان ضجيجهم (صيحتهم خ ل) وصراخهم ويدعوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم، وروبيل في موضعه يسمع صراخهم وعجيجهم ويرى ما نزل وهو يدعو الله بكشف العذاب عنهم.

فلما ان زالت الشمس وفتحت أبواب السماء وسكن غضب الرب تعالى رحمهم الرحمن فاستجاب دعائهم وقبل توبتهم وأقالهم عثرتهم، وأوحى الله إلى إسرافيل عليه السلام ان اهبط إلى قوم يونس فإنهم قد عجوا إلى البكاء والتضرع وتابوا إلى واستغفروني فرحمتهم وتبت عليهم، وانا الله التواب الرحيم اسرع إلى قبول توبة عبدي التائب من الذنوب وقد كان عبدي يونس ورسولي سألني نزول العذاب على قومه وقد أنزلته عليهم، وأنا الله أحق من وفى بعهده وقد أنزلته عليهم، ولم يكن اشترط يونس حين سألني ان أنزل عليهم العذاب ان أهلكهم فأهبط إليهم فأصرف عنهم ما قد نزل بهم من عذابي، فقال إسرافيل: يا رب ان عذابك قد بلغ أكتافهم وكاد ان يهلكهم وما أراه الا وقد نزل بساحتهم فإلى أين أصرفه؟فقال الله: كلا انى قد أمرت ملائكتي ان يصرفوه (يوقفوه خ ل) فلا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمري فيهم وعزيمتي فاهبط يا إسرافيل عليهم واصرفه عنهم واصرف به إلى الجبل بناحية مفاوض العيون ومجاري السيول في الجبال العاتية (72) العادية المستطيلة على الجبال فأذلها به ولينها حتى تصير ملينة حديدا جامدا.

فهبط إسرافيل عليهم فنشر أجنحته فاستاق بها (73) ذلك العذاب حتى ضرب بها الجبال التي أوحي الله إليه أن يصرفه إليها، قال أبو جعفر عليه السلام: وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم، فصارت حديدا إلى يوم القيمة، فلما رأى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس الجبال وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما التي كانا فيه لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا، لما خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظران إلى ما صار إليه القوم فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة (74) والرعاة بأغنامهم ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين قال يونس لتنوخا: يا تنوخا كذبني الوحي (75) و وكذبت وعدي لقومي لا وعزة ربى لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه (76) ناحية بحر أيلة (77) متنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: يا كذاب، فلذلك قال الله: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) الآية ورجع تنوخا إلى القرية فلقى روبيل فقال له: يا تنوخا أي الرأيين كان أصوب وأحق ان يتبع رأيي أو رأيك؟فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب، ولقد كنت أشرت برأي الحكماء والعلماء، وقال له تنوخا: اما انى لم أزل أرى انى أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي، حتى استبان فضلك بفضل علمك وما أعطاك الله ربك من الحكمة مع أن التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم، فاصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما ومضى يونس على وجهه مغضبا لربه، فكان من قصته ما أخبر الله به في كتابه إلى قوله: (فآمنوا فمتعناهم إلى حين) قال أبو عبيدة قلت لأبي جعفر عليه السلام: كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟قال: أربعة أسابيع سبعا منها في ذهابه إلى البحر، وسبعا منها في رجوعه إلى قومه، فقلت له: وما هذه الأسابيع شهور أو أيام أو ساعات؟فقال: يا با عبيدة ان العذاب اتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال، و صرف عنهم من يومهم ذلك، فانطلق يونس مغاضبا، فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى البحر، وسبعة أيام في بطن الحوت، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء وسبعة أيام في رجوعه إلى قومه، فكان ذهابه ورجوعه مسير ثمانية وعشرين يوما ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه، فلذلك قال الله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي) (78).

45 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أظل قوم يونس العذاب دعوا الله فصرفه عنهم، قلت: كيف ذلك؟قال: كان في العلم انه يصرفه عنهم (79).

46 - عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم ووجوههم صفرة وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود، قال: و كان الله واعدهم ان يأتيهم العذاب فأتاهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها ولبسوا المسوح والصوف (80) ووضعوا الحبال في أعناقهم والرماد على رؤسهم وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا آمنا بإله يونس، قال: فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد (81) قال: وأصبح يونس وهو يظن أنهم هلكوا فوجدهم في عافية فغضب وخرج كما قال الله: (مغاضبا) حتى ركب سفينة فيها رجلان، فاضطربت السفينة فقال الملاح: يا قوم في سفينتي مطلوب، فقال يونس: أنا هو، وقام ليلقى نفسه فابصر السمكة وقد فتحت فاها فهابها، وتعلق به الرجلان، وقالا له: أنت وحدك ونحن رجلان فساهمهم فوقعت السهام عليه، فجرت السنة بان السهام إذا كانت ثلث مرات انها لا يخطى، فألقى نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار سبعة حتى صار إلى البحر المسجور وبه يعذب قارون، فسمع قارون دويا (82) فسأل الملك عن ذلك فأخبره انه يونس، وان الله قد حبسه في بطن الحوت فقال له قارون: أتأذن لي ان أكلمه فاذن له فسأله عن موسى فأخبره انه مات وبكى ثم سأله عن هارون فأخبره انه مات (83) فبكى وجزع جزعا شديدا وسأله عن أخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها ماتت فقال: وا أسفا على آل عمران قال: فأوحى الله إلى الملك الموكل به: ان ارفع عنه العذاب بقية الدنيا لرقته؟على قرابته (84).

47 - عن معمر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان يونس لما امره الله بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهائم وأولادها، ثم عجوا إلى الله وضجوا، فكف الله العذاب عنهم فذهب يونس مغاضبا فالتقمه الحوت فطاف به سبعة في البحر (85) فقلت له: كم بقي في بطن الحوت؟قال: ثلاثة أيام، ثم لفظه الحوت، وقد ذهب جلده وشعره فأنبت الله عليه شجرة من يقطين فأظلته، فلما قوى أخذت في اليبس، فقال: يا رب شجرة أظلتني يبست فأوحى الله إليه: يا يونس تجزع لشجرة أظلتك ولا تجزع لمائة ألف أو يزيدون من العذاب؟(86).

48 - عن علي بن عقبة عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم هذا الله ولا تجعلوا للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة ممرضة للقلب، ان الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله: يا محمد (انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) قال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ذروا الناس فان الناس اخذوا من الناس، وانكم أخذتم من رسول الله وعلى ولا سواء، انى سمعت أبي عليه السلام وهو يقول: ان الله إذا كتب إلى عبد ان يدخل في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (87).

49 - عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول لما اسرى برسول الله عليه وآله السلام أتاه جبرئيل عليه السلام: بالبراق فركبها فأتى بيت المقدس، فلقى من لقى من اخوانه من الأنبياء، ثم رجع فأصبح يحدث أصحابه انى أتيت بيت المقدس الليلة، ولقيت اخواني من الأنبياء، فقالوا: يا رسول الله وكيف أتيت بيت المقدس الليلة؟فقال: جاءني جبرئيل عليه السلام بالبراق فركبته، وآية ذلك انى مررت بعير لأبي سفيان على ماء بنى فلان وقد أضلوا جملا لهم وهم في طلبه، قال: فقال له القوم بعضهم لبعض: إنما جاء راكبا سريعا، ولكنكم قد اتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجارها قال: فسلوه فقالوا: يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها؟وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا سئل عن الشئ لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في وجهه، قال: فبينا هو كذلك إذ أتاه جبرائيل عليه السلام فقال: يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك فالتفت رسول الله عليه وآله السلام فإذا هو بالشام، وأبوابها و تجارها، فقال: أين السائل عن الشام؟فقالوا: أين بيت فلان ومكان فلان؟فأجابهم في كل ما سألوه عنه، قال: فلم يؤمن فيهم الا قليل، وهو قول الله: (وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) فنعوذ بالله ان لا نؤمن بالله ورسوله، آمنا بالله ورسوله، آمنا بالله وبرسوله (88)

50 - عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن شئ في الفرج، فقال: أوليس تعلم أن انتظار الفرج من الفرج ان الله يقول: (انتطروا انى معكم من المنتظرين) (89).

51 - عن مصقلة الطحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يمنعكم ان تشهدوا على من مات منكم على هذا الامر انه من أهل الجنة، ان الله يقول: (كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) (90)


1. البحار ج 19: 70. البرهان ج 2: 175 - 176. .

2. البحار ج 19: 70. البرهان ج 2: 175 - 176. .

3. البحار ج 9: 95. البرهان ج 2: 177. الصافي ج 1: 745 وقال الفيض رحمه الله: وهذا لان الولاية من شروط الشفاعة وهما متلازمان. .

4. البحار ج 9: 95. البرهان ج 2: 177. الصافي ج 1: 745 وقال الفيض رحمه الله: وهذا لان الولاية من شروط الشفاعة وهما متلازمان. .

5. البرهان ج 2: 177. البحار ج 9: 95. الصافي ج 1: 744. .

6. البرهان ج 2: 177. البحار ج 14: 21. .

7. البرهان ج 2: 177. .

8. البرهان ج 2: 177. .

9. البرهان ج 2: 180. الصافي ج 1: 476. .

10. البرهان ج 2: 180. البحار ج 9: 111. .

11. البرهان ج 2: 180. البحار ج 9: 111. .

12. البرهان ج 2: 181. الصافي ج 1: 749. .

13. البرهان ج 2: 181. الصافي ج 1: 749. .

14. وفى نسخة الأصل كنسخة البرهان (زرعات فزرعات ذلك الخ) والمختار هو الموافق لنسخة البحار. .

15. وفى نسخة البرهان هكذا (وظنوا فعلموا انهم قد زال المكافاة صيح فيهم الخ) وفى نسخة البحار (وظنوا انهم قد استقروا صيح الخ). .

16. البحار ج 11: 72. البرهان ج 2: 182. .

17. اغرورقت عيناه: دمعتا كأنهما غرقتا في دمعهما. .

18. رهق الشئ فلانا: غشيه ولحقه وقيل دنا منه سواء اخذه أم لم يأخذه. والقتر - محركة -: الغبار فيها سواد كالدخان. .

19. البحار ج 19: 47. البرهان ج 2: 184. .

20. البحار ج 19: 47. البرهان ج 2: 184. .

21. البحار ج 3: 246. البرهان ج 2: 184 الصافي ج 1: 751. .

22. البرهان ج 2: 186. .

23. البرهان ج 2: 186. البحار ج 1: 87. الصافي ج 1: 753. .

24. البرهان ج 2: 186. البحار ج 1: 87. الصافي ج 1: 753. .

25. وفى نور الثقلين (خص الله..) ولعله الأصح. .

26. البرهان ج 2: 186. البحار ج 1: 87. الصافي ج 1: 753. .

27. البرهان ج 2: 186. البحار ج 1: 87. الصافي ج 1: 753. .

28. البرهان ج 2: 186. البحار ج 7: 155. الصافي ج 1: 475. .

29. البرهان ج 2: 187. البحار ج 3: 131. الصافي ج 1: 755. .

30. البرهان ج 2: 187. .

31. البرهان ج 2: 187. البحار ج 3: 246. .

32. البرهان ج 2: 187 الصافي ج 1: 756. .

33. البرهان ج 2: 187 الصافي ج 1: 756. .

34. البرهان ج 2: 187 الصافي ج 1: 756. البحار ج 9: 80 .

35. البرهان ج 1: 190. الصافي ج 1: 757. البحار ج 15 (ج 1): 111 و 291 .

36. البرهان ج 1: 190. الصافي ج 1: 757. البحار ج 15 (ج 1): 111 و 291 .

37. البرهان ج 2: 190. الصافي ج 1: 758. البحار ج 3: 141. .

38. الوريد: عرق في العنق ويقال له حبل الوريد وقال الفراء: هو ينبض ابدا .

39. غمزه: عصره وكبسه بيده. .

40. وفى نسخة إنما ديني مع دينك وقوله كان ذلك أي ان ديني مقرون بحياتي فمع عدم الدين فكأني لست بحي. .

41. أكب عليه: اقبل إليه ولزمه .

42. البحار ج 3: 143. البرهان ج 2: 190. الصافي ج 1: 760. .

43. البحار ج 3: 141. البرهان ج 2: 191 .

44. البحار ج 3: 71. البرهان ج 2: 192 .

45. البحار ج 3: 71. البرهان ج 2: 192 .

46. البرهان ج 2: 192. البحار ج 3: 68. .

47. البرهان ج 2: 192. الصافي ج 1: 761. .

48. البرهان ج 2: 192. الصافي ج 1: 762. وقوله صلى الله عليه وآله فمن سائه اه أي فمن سائه فهيهنا مقره أي البرهوت أو الشام مثل قوله فمن سائه ففي السقر أو في جهنم (عن هامش الصافي). .

49. البرهان ج 2: 195. البحار ج 5: 255. الصافي ج 1: 762. .

50. الرمك - محركة -: الفرس والبرذونة تتخذ للنسل. .

51. البحار ج 5: 255. البرهان ج 2: 196. الصافي ج 1: 762. .

52. البحار ج 6: 214. البرهان ج 2: 197 - 198. الصافي ج 1: 766. .

53. البحار ج 6: 214. البرهان ج 2: 197 - 198. الصافي ج 1: 766. .

54. أي يصيبه البأس والغضب. .

55. فسخ الرجل: ضعف. .

56. انهمك في الامر: جد فيه ولج. .

57. من التأني بمعنى الرفق والمداراة. .

58. وفى نسخة الصافي (حفيظا عليهم) .

59. وفى نسخة الصافي (لسجال الرحمة) والسجل كفلس: الدلو العظيمة إذا كان فيها ماء قل أو كثر وهو مذكر ولا يقال لها فارغة سجل وقولهم سجال عطيتك من هذا المعنى. .

60. وفى نسخة الصافي (فخرجت بهم) وقوله فخرقت بهم أي لم تتصرف فيهم حسن التصرف ويمكن أن يكون مصحف (حزقت) بالزاي المعجمة من حزق الوتر: جذبه وشده. .

61. أي في جهلهم وغفلتهم. .

62. فشل الرجل: ضعف وجبن وتراخى عند حرب أو شدة وفى نسخة الصافي (فسد) بدل (فشل) وهو الظاهر. .

63. وفى نسخة البرهان (انى منزل اه) وفى البحار (انه ينزل اه). .

64. العنف ضد الرفق والعنيف: الشديد من القول والسير. .

65. صرخ صراخا: صاح شديدا. .

66. أي اسرعوا نحوه بالذهاب. .

67. السفح: عرض الجبل المنبسط أو أسفله .

68. عج الرجل عجا وعجيجا: صاح ورفع صوته. .

69. بزغ الشمس: طلعت. .

70. الصرير: الصوت الشديد. وحفيف الريح: صوتها في كل ما مرت به و الهدير بمعناه. .

71. السخال جمع السخلة: ولد الشاة. .

72. الجبال العاتية: الكبيرة الطويلة. .

73. استاق الماشية: حثها على السير من خلف. عكس قادها. .

74. الحمارة: أصحاب الحمير في السفر وفى بعض النسخ (الحماة) .

75. أي باعتقاد القوم كما قاله المجلسي رحمه الله. .

76. أي على قومه لربه تعالى. أي كان غضبه لله تعالى لا للهوى، أو خائفا عن تكذيب قومه لما تخلف عنه من وعد ربه (قاله المجلسي رحمه الله). .

77. أيلة: جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع، وبلد بين ينبع ومصر. .

78. البحار ج 5: 425. البرهان ج 2: 200. الصافي ج 1: 767. .

79. البحار ج 5: 424. البرهان ج 2: 202. .

80. المسوح جمع المسح - بالكسر -: الكساء من شعر كثوب الرهبان. .

81. قال الحموي: آمد - بكسر الميم -: أعظم ديار بكر. .

82. الدوى: الحفيف وقد مر معناه آنفا فراجع. .

83. وفى نسخة البرهان هكذا (فقال يا يونس: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟فأخبره انه مات، قال: فما فعل الرؤوف العطوف على قومه هارون بن عمران؟فأخبره انه مات). .

84. البحار ج 5: 427. البرهان ج 2: 203. .

85. وفى نسخة البحار (سبعة أبحر) وهو الظاهر. .

86. البحار ج 5: 427. البرهان ج 2: 203. .

87. البحار ج 3: 58. البرهان ج 2: 204. والوكر. عش الطائر أين كان في جبل أو شجر وان لم يكن فيه، ويقال له بالفارسية (آشيانه). .

88. البحار ج 6: 332. البرهان ج 2: 205. .

89. البرهان ج 2: 205. البحار ج 13: 137. الصافي ج 1: 775. .

90. البرهان ج 2: 205. البحار ج 15 (ج 1): 131. الصافي ج 1: 775. .