كوبولد

كوبولد(1)

".. وذكرتُ ايضاً ما جاء في القرآن عن خلق العالم وكيف ان الله سبحانه وتعالى قد خلق من كل نوع زوجين، وكيف ان العلم الحديث قد ذهب يؤيد هذه النظرية بعد بحوث مستطيلة ودراسات امتدت اجيالاً عديدة"(2)

"ان اثر القرآن في كل هذا التقدم (الحضارى الاسلامي) لا ينكر، فالقرآن هو الذي دفع العرب الى فتح العالم، ومكنهم من انشاء امبراطورية فاقت امبراطورية الاسكندر الكبير، والامبراطورية الرومانية سعة وقوة وعمرانا وحضارة.."(3)

"الواقع ان جمل القرآن، وبديع اسلوبه امرّ لا يستطيع له القلم وصفاً ولا تعريفاً، ومن المقرر ان تذهب الترجمة بجماله وروعته وما ينعم به من موسيقى لفظية لست تجدها في غيره من الكتب. ولعل ما كتبه المستشرق جوهونسن بهذا الشأن يعبر كل التعبير عن رأي مثقفي الفرنجة وكبار مفكريهم قال: (اذا لم يكن شعراً، وهو امرّ مشكوك به، ومن الصعب ان يقول المرء بانه من الشعر او غيره، فانه في الواقع اعظم من الشعر، وهو الى ذلك ليس تاريخاً ولا وصفاً، ثم هو ليس موعظة كموعظة الجبل ولا هو يشابه كتاب البوذيين في شئ، قليل او كثير، ولا خطبا فلسفية كمحاورات افلاطون، ولكنه صوت النبوة يخرج من القلوب السامية، وان كان عالمياً في جملته، بعيد المعنى في مختلف سوره وآياته، حتى انه يردد في كل الاصقاع، ويرتل في كل بلد تشرق عليه الشمس"(4)

"اشار الدكتور ماردريل المستشرق الافرنسي الذي كلفته الحكومة الافرنسية بترجمة بعض سور القرآن، الى ما للقرآن الكريم من مزايا ليست توجد في كتاب غيره وسواه فقال: (اما اسلوب القرآن فانه اسلوب الخالق عز وجل وعلا، ذلك ان الاسلوب الذي ينطوي عليه كنه الكائن الذي صدر عنه هذا الاسلوب لا يكون الا الهياً. والحق والواقع ان اكثر الكتاب ارتياباً وشكاً قد خضعوا لتأثير سلطانه وسحره، وان سلطانه على ملايين المسلمين المنتشرين على سطح المعمور لبالغ الحدّ الذي جعل اجانب المبشرين يعترفون بالاجماع بعدم امكان اثبات حادثة واحدة محققة ارتد فيها احد المسلمين عن دينه الى الآن. ذلك ان هذا الاسلوب.. الذي يفيض جزالة في اتساق منسق متجانس. كان لفعله الاثر العميق في نفس كل سامع يفقه اللغة العربية، لذلك كان من الجهد الضائع الذي لا يثمر ان يحاول المرء (نقل) تأثير هذا النثر البديع الذي لم يسمع بمثله بلغة اخرى.."(5)

"الواقع ان للقرآن اسلوباً عجيباً يخالف ما كانت تنهجه العرب من نظم ونثر، فحُسنُ تأليفه، والتئامُ كلماته، ووجوه إيجازه، وجودة مقاطعه، وحسن تدليله، وانسجام قصصه، وبديع امثاله، كل هذا وغيره جعله في اعلى درجات البلاغة، وجعل لاسلوبه من القوة ما يملأ القلب روعة، لا يمل قارئه ولا يخلق بترديده.. قد امتاز بسهولة ألفاظه حتى قلّ ان تجد فيها غريباً، وهي مع سهولتها جزلة عذبة، والفاظه بعضها مع بعض متشاكله منسجمة لا تحسّ فيها لفظاً نابياً عن اخيه، فاذا اضفت الى ذلك سمّو معانيه ادركت بلاغته واعجازه"(6)


(1)اللادي ايفلين كوبولد ady E. Cobold: نبيلة انكليزية، اعتنقت الاسلام وزارت الحجاز، وحجت الى بيت الله، وكتبت مذكراتها عن رحلتها تلك في كتاب لها بعنوان: (الحج الى مكة)(لندن 1934) والذي ترجم الى العربية بعنوان: (البحث عن الله).

(2)البحث عن الله، ص 45.

(3)نفسه، ص51.

(4)نفسه، ص 111 - 112.

(5)نفسه، ص 112 - 113.

(6)نفسه، ص 113.