فايس

فايس(1)

"هكذا، بإلماح الى وعي الانسان وعقله ومعرفته بدأ تنزيل القرآن.."(2) "اصبحت السا (زوجتي)، شأني انا، اكثر تأثراً مع الوقت بذلك الالتئام الباطني بين تعاليم (القرآن) الاخلاقية وتوجيهاته العملية. ان لله بمقتضى القرآن، لم يطلب خضوعاً اعمى من جانب الانسان بل خاطب عقله: انه لا يقف بعيداً عن مصير الانسان بل انه (اقرب اليك من حبل الوريد) انه لم يرسم اي خط فاصل بين الايمان والسلوك الاجتماعي"(3)

".. لقد عرفت الآن، بصورة لا تقبل الجدل، ان الكتاب الذي كنت ممسكاً به في يدي كان كتاباً موحى به من الله. فبالرغم من انه وضع بين يدي الانسان منذ اكثر من ثلاثة عشر قرنا فانه توقع بوضوح شيئاً لم يكن بالامكان ان يصبح حقيقة الا في عصرنا هذا المعقد، الآلي. لقد عرف الناس التكاثر في جميع العصور والازمنة ولكن هذا التكاثر لم ينته قط من قبل الى ان يكون مجرد اشتياق الى امتلاك الاشياء والى ان يصبح ملهاة حجبت رؤية ايما شئ آخر.. اليوم اكثر من امس وغداً اكثر من اليوم.. لقد عرفت ان هذا 1 لم يكن مجرد حكمة انسانية من انسان عاش في الماضي البعيد في جزيرة العرب النائية فمهما كان هذا الانسان على مثل هذا القدر من الحكمة فانه لم يكن يستطيع وحده ان يتنبأ بالعذاب الذي يتميز به هذا القرن العشرون. لقد كان ينطق لي، من القرآن، صوت اعظم من صوت محمد"(4)


(1)ليوبولد فايس (محمد اسد) l. Weiss : مفكر، وصحفي نمساوي، اشهر إسلامه، وتسمى بمحمد اسد وحكى في كتابه القيم (الطريق الى مكة) تفاصيل رحلته الى الاسلام. وقد انشأ بمعاونة وليم بكتول، الذي اسلم هو الآخر، مجلة (الثقافة الاسلامية)، في حيدر آباد، الدكن (1927) وكتب فيها دراسات وفيرة معظمها في تصحيح اخطاء المستشرقين عن الاسلام. من آثاره: ترجم صحيح البخاري بتعليق وفهرس، والف (اصول الفقه الاسلامي)، و(الطريق الى مكة)، و(منهاج الاسلام في الحكم)، و(الاسلام على مفترق الطرق).

(2)الطريق الى مكة، ص 303.

(3)نفسه، ص 318.

(4)نفسه، ص 328 - 329.