الفصل التاسع عشر.

الفصل التاسع عشر.

قال تعالى: ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً﴾.

(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ):

إنَّ هذه الآية قد تحدثت عن وجود فريق في الجنة، يهتم بشؤون هؤلاء الأبرار، ويقوم بخدمتهم، وهذا من شأنه أن يعطيهم سكينة نفسية، وفراغ بال، فلا مبرر للتخوف من مواجهة مشقة الخدمة، وتكليفهم بالوصول إلى حاجاتهم، والحصول عليها بأنفسهم.

كما أن ذلك يشعرهم بكرامتهم عند الله، وبرعايته لهم، وبرضاه عنهم، وذلك مما يسعدهم، بل هو غاية أمنياتهم ومنتهى آمالهم..ولعل السبب في اختيار التعبير بالتطواف.. فقال: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ). ولم يقل: (يخدمهم ولدان) الخ.. هو أن مهمة هؤلاء الولدان لا تنحصر بقضاء حاجات الأبرار، بل إنَّ نفس وجودهم يعطي الأبرار أنساً. وبهجةً وسروراً، بالإضافة إلى ما فيه من إعزاز وتكريم.

ولو كان الموضوع ينحصر بالتكريم، وبقضاء حاجات الأبرار، وتقريب البعيد لهم، لكان من الممكن أن تحضر حاجاتهم إليهم بوسائل غيبية وإعجازية.. يهيء الله لهم مبادئ تحريكها، ولو بمجرد خطورها في بالهم..

على أن خدمة الولدان لا تنحصر بما يدخل في سياق السعي للحصول على الكمالات الناشئة عن الإحساس بالنقص والحاجة، بسبب القصور في الوصول لمراداتهم وحاجتهم إلى تقريب البعيد لهم. حين يشعرون بضرورة ذلك.. لأن الجنة لا يصح أن يشعر المتنعمون فيها بالنقص، أو الحاجة إلى تقريب البعيد، لأن حاجاتهم تحضر لهم قبل أن يتكون لديهم ذلك الشعور الذي قد ينقص من درجة نعيمهم..

أضف إلى ذلك: أن هناك خدمات تهدف إلى رفع مستوى النعيم لأهل الجنة، بفعل اقتراحي يبتدئهم الله سبحانه به.. لماذا لم يقل: يخدمهم؟:

وأما لماذا لم يشر إلى موضوع الخدمة؟.. فلعله قد ظهر ذلك من البيان السابق، حيث قلنا إن الأمر لا يقتصر على الحاجات. بل لا توجد حاجات لهم في الجنة أساساً، فإن النعيم فيها إنما هو في نيلهم درجات تبدأ من مرحلة ما بعد قضاء الحاجات لهم، ورفع النقائص عنهم.

واللافت هنا: أن الله سبحانه لم يشر أبداً في القرآن الكريم إلى هذه الكلمة، أعني كلمة: الخدمة، ولا إلى أي شيء من اشتقاقاتها، وربما يكون ذلك لأجل تحاشي ما لها من إيحاء مكروه، وغير مناسب ولا منسجم مع الفطرة الصافية، ولا تألفه ولا تستسيغه الطبيعة البشرية، لبعده عن معنى الكرامة، والعزة، وخصوصاً في الجنة، حيث يصبح استبعاد هذه المفردات أكثر إلحاحاً.

فإنه تعالى لا يمكن أن يختار التعبير الذي يؤذي الروح، ولو بهذا المستوى من الإيحاء، لأنه يريد للجنة أن تكون نقية من الشوائب صافية صفاء أرواحهم، وقلوبهم، ووجدانهم، من كل الكدورات.

(وِلْدَانٌ) لا غلمان:

وكلمة ولدان تختزن في داخلها معانٍ رائعة وخلابة، تحرك المشاعر النبيلة بصورة عفوية، وهي وإن كانت مبهمة، ولكنها تتحرك لتتجسد بصورة عملية وواقعية، وتتبلور، ويصير لها حجم، وأثر ودور أصيل، وقوي وفاعل.

وقد ذكر سبحانه أنَّ الطائفين على الأبرار هم (وِلْدَانٌ) ولم يقل غلمان.. ربما ليستبعد إيحاءات كلمة غلام، التي تستعمل في الخادم وتطلق أيضاً على الشاب في بدايات شبابه، كما تطلق على الشيخ الكبيرأحياناً.. فهي من الأضداد.. أو أنها موضوعة لمعنى لا يأبى عن الانطباق على الشاب وعلى الشيخ على حد سواء.

(وِلْدَانٌ) أو أشخاص؟:

وكذا لم يقل سبحانه: (يطوف عليهم أشخاص)، أو نحو ذلك، ربما من أجل أن يؤنس الأبرار حين يشير لهم بكلمة (وِلْدَانٌ) إلى أن الذين يطوفون عليهم، فيهم نشاط وحيوية، وفتوة، وهم في مقتبل العمر.

ثم هو يشير أيضاً إلى الطراوة، والنضرة، وإلى البراءة.. وهي معانٍ يأنس بها الأبرار، ويرتاحون لالتماعاتها الهادئة.

(وِلْدَانٌ) جمع وليد:

وفي التعبير بكلمة (وِلْدَانٌ) إشارة إلى أمر آخر مهم وجليل أيضاً، وهو: أن هذه الكلمة هي جمع (وليد) وهو الصبي حين يولد، وهذا يعني:

أولاً: إن ثمة ولادة لهؤلاء الذين يكرم الله تعالى الأبرار بهم، وأنهم لم يرد الخلق عليهم بصورة إبداعية وابتدائية، فليس خلقهم مثل خلق آدم وحواء، وخلق الأرض والجبال، وما إلى ذلك، بل خلقهم هو بطريقة الحمل والولادة، كسائر أبناء آدم (ع)..

ثانياً: إن تطوافهم على الأبرار لا تعني عبوديتهم وذلهم، بل ذلك من موجبات نعيم ورضا وأنس أولئك الولدان.. كما أنه إكرام ونعيم لآبائهم ولذلك لم يقل: يخدمون.

ومن الواضح: أن رضا آبائهم يزيد أيضاً في بهجتهم ولذتهم. خصوصاً إذا كانوا على هذه الحالة الرائعة، من حيث إنهم ولدان يتمتعون بإشراق، وبنشاط وحيوية، ونضرة الشباب.

أما تطوافهم على الأبرار فهي ليست فقط لا تغيظ آباءهم، بل هي تفرحهم وتسرّهم، لأنهم يرضون لرضا الله سبحانه، ويختارون ما يختاره.. ولم تعد علاقتهم بأبنائهم علاقة أرضية محدودة، بل هي علاقة سامية إلهية، حتى إن من يكون ولده ضالاً. كنوح مثلاً، يكون نعيمه ولذته بانتقام الله سبحانه من ولده الكافر، وبتعذيبه بسبب ما جناه من هتك لحرمة المولى سبحانه.

ثالثاً: إن درجات النعيم تختلف وتتفاوت، بحسب تأثير الأعمال في إعطاء القدرة على الاستفادة من نعيم الجنة، فقد يكون الإنسان في محضر رسول الله صلى الله عليه وآله في عليين، ولكن درجة إحساسه بالنعيم تختلف عن درجة إحساس الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله به.

وهكذا الحال بالنسبة للولدان، والأبرار، فإن لذة الأبرار هي في الاتكاء على الأرائك، وفي دنوّ القطوف لهم، وأن يروا الرسول و..و.. أما لذة الولدان فهي كونهم في خدمة أولئك الأبرار..وكذلك تجد بعض الحسنات توجب إعطاء قصرٍ في الجنة، وبعضها يوجب غرس شجرة، وبعضها تكون مثوبته الحور العين، أو بستان، أو ما إلى ذلك..رابعاً: بما أن الولادة والتناسل إنما تكون في الدنيا.. فذلك يقرّب لنا صحة الرواية التي رواها الكراجكي رحمه الله في تفسير هذه الآية، قال رحمه الله:

(قوله تعالى: ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾، عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: الولدان هم أولاد أهل الدنيا، لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها، ولا سيئات فيعاقبون عليها، فأنزلوا هذه المنزلة)(1).

ولكن هل مراده عليه السلام هو أطفال المشركين؟ أو المراد أطفال المؤمنين؟ أو هما معاً؟! هناك عدة طوائف من الروايات.

وسنرى أنَّ الراجح هو أنهم أطفال وأسقاط المؤمنين، حيث تربيهم السيدة الزهراء (عليها السلام)، والنبي إبراهيم (ع) وزوجته، ليكونوا في خدمة الأبرار، وتكون هذه الخدمة من مظاهر إكرام آبائهم، ومن أسباب نعيمهم وأنسهم، وتقر بذلك أعينهم..وعلى كل حال، فإن هذه الروايات على طوائف، هي التالية:

الطائفة الأولى:

ما صرح من تلك الروايات بأن أطفال المشركين في الجنة: فقد روي عن النبي (ص): أنه سئل عن أطفال المشركين، فقال: خدم أهل الجنة على صورة الولدان، خلقوا لخدمة أهل الجنة(2).

الطائفة الثانية:

الروايات التي دلت على أن أطفال المؤمنين في الجنة، ولم تشر إلى أطفال المشركين، مثل:

1. ما روي عن الإمام الكاظم (ع)، عن آبائه (ع)، قال: قال رسول الله (ص): "لا تزوجوا الحسناء الجميلة العاقرة، فإني أباهي فيكم الأمم يوم القيامة، أو ما علمت أن الولدان تحت عرش الرحمن يستغفرون لآبائهم، يحضنهم إبراهيم، وتربيهم سارة، في جبل من مسك، وعنبر، وزعفران؟!"(3).

2. وقال الصدوق رحمه الله: في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (ع) قال: "إن الله تبارك وتعالى يدفع إلى إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين، يغذوانهم بشجرة في الجنة، لها أخلاف كأخلاف البقر، في قصر من الدر، فإذا كان يوم القيامة ألبسوا، وطيّبوا، وأهدوا إلى آبائهم، فهم ملوك في الجنة مع آبائهم، وهو قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ..﴾"(4).

3. وروى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المختصر من بصائر الدرجات، لسعد بن عبد الله، عن كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن: بإسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن علي بن مهران، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن الباقر عليه السلام قال: لما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء، وانتهى إلى السماء السابعة، ولقي الأنبياء عليهم السلام.

(قال: أين إبراهيم عليه السلام؟قالوا له: هو مع أطفال شيعة علي.فدخل الجنة، فإذا هو تحت شجرة لها ضروع كضروع البقر، فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فردّ عليه.. الخ)(5).

4. عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "إن أطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمة (عليها السلام)، قوله: ﴿ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾(6)، قال: يهدون إلى آبائهم يوم القيامة"(7).

5. وقال الصدوق أيضاً: في الصحيح، روى أبو زكريا، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (ع): "إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى منادي في ملكوت السماوات والأرض: ألا إنَّ فلان بن فلان قد مات، فإن كان مات والداه، أو أحدهما، أو بعض أهل بيته من المؤمنين، دفع إليه يغذوه، وإلا دفع إلى فاطمة (عليها السلام) تغذوه حتى يقدم أبواه، أو أحدهما، أو بعض أهل بيته، فتدفعه إليه"(8).

قال المجلسي: "يمكن الجمع بين الخبرين، بأن بعضهم تربِّيه فاطمة (عليها السلامٍ)، وبعضهم إبراهيم وسارة (عليهما السلام) على اختلاف مراتب آبائهم، أو تدفعه فاطمة إليهما" (9).

6. وقال الطبرسي: روى زاذان عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن المؤمنين وأولادهم في الجنة، ثم قرأ هذه الآية" (10).

7. وروي عن الإمام الصادق (ع) قال: "أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة" (11).

8. وروى الكليني عن العدة، عن سهل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾(12) قال: فقال: (قصرت الأبناء عن عمل الآباء، فالحقوا الأبناء بالآباء، لتقر بذلك أعينهم).

وروى الصدوق عن أبي بكر الحضرمي مثله(13).

الطائفة الثالثة:

الروايات التي صرحت بأن أطفال المشركين مع آبائهم في النار، فقد:

1. قال المجلسي: في حديث آخر: "أما أطفال المؤمنين، فإنهم يلحقون بآبائهم، وأولاد المشركين يلحقون بآبائهم، وهو قول الله عز وجل: ﴿ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾" (14).

2. قال الصدوق: روى وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: قال علي عليه السلام: "أولاد المشركين مع آبائهم في النار، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة" (15).

3. وقال الصدوق أيضاً: في الصحيح، روى جعفر بن بشير، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أولاد المشركين، يموتون قبل أن يبلغوا الحنث؟.

(قال: كفار، والله أعلم بما كانوا عاملين، يدخلون مداخل آبائهم)(16).

الطائفة الرابعة:

الروايات التي دلت على أنهم تؤجّج لهم نار، ويؤمرون بدخولها، فمن دخلها كان في الجنة، ومن أبى كان مصيره إلى النار، ومن هذه الروايات:

1. ما رواه الصدوق عن علي عليه السلام قال: "يؤجج لهم ناراً، فيقال لهم: ادخلوها. فإن دخلوها كانت عليهم برداً وسلاماً، وإن أبوا قال لهم الله عز وجل: هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني. فيأمر الله عز وجل بهم إلى النار" (17).

2. وروى الصدوق أيضاً، عن الحسين بن يحيى بن الضريس، عن أبيه، عن محمد بن عمارة السكري، عن إبراهيم بن عاصم، عن عبد الله بن هارون الكرخي، عن أحمد بن عبد الله بن يزيد، عن أبيه يزيد بن سلام، عن أبيه سلام بن عبيد الله، عن أخيه عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: أخبرني أيعذب الله عز وجل خلقاً بلا حجة؟ قال: معاذ الله.

فقلت: فأولاد المشركين في الجنة، أم في النار؟!

فقال: الله تبارك وتعالى أولى بهم. إنه إذا كان يوم القيامة - وساق الحديث إلى أن قال -: فيأمر الله عز وجل ناراً يقال له: الفلق، أشد شيء في نار جهنم عذاباً..

(ثم ذكر في الحديث صفة تلك النار، وأنه تعالى يأمرها فتنفخ في وجه الخلائق، وما يصيب الخلائق من هذه النفخة، ثم يقول): فيأمر الله تعالى أطفال المشركين أن يلقوا بأنفسهم في تلك النار، فمن سبق له في علم الله عز وجل أن يكون سعيداً ألقى نفسه فيها، فكانت عليه برداً وسلاماً، كما كانت على إبراهيم عليه السلام، ومن سبق له في علم الله تعالى أن يكون شقياً امتنع فلم يلق نفسه في النار، فيأمر الله تعالى النار فتلتقطه؛ لتركه أمر الله، وامتناعه من الدخول فيها، فيكون تبعاً لآبائه في جهنم)(18).

الطائفة الخامسة:

وهناك روايات تحدثت عن مصير مطلق الأطفال، وعن الأصم والأبكم والأبله، ولم تحدد كونهم أطفال مسلمين أو غير مسلمين. وذكرت أن هؤلاء تؤجّج لهم نار ويؤمروا بالدخول فيها..ونذكر من هذه الروايات ما يلي:

1. الصدوق: عن أبيه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن علي بن إسماعيل عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: "إذا كان يوم القيامة احتج الله عز وجل على خمسة: على الطفل، والذي مات بين النبيَِّين، والذي أدرك النبي وهو لا يعقل، والأبله، والمجنون الذي لا يعقل والأصم والأبكم. فكل واحد منهم يحتج على الله عز وجل، قال: فيبعث إليهم رسولاً، فيؤجج لهم ناراً، فيقول لهم: ربكم يأمركم أن تثبوا فيها.فمن وثب فيها، كانت عليه برداً وسلاماً، ومن عصى سيق إلى النار" (19).

وروى ما يقرب منه في معاني الأخبار، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة.

وفي الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد.

2. وروى الكليني في العدة، عن س-هل، عن غير واحد، رفعه: أنه س-ئل عن الأطفال، فقال: "إذا كان يوم القيامة جمعهم، وأجج ناراً، وأمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها.. إلى أن قال: فيقولون (أي الذين يؤمر بهم إلى النار): يا ربنا تأمر بنا إلى النار، ولم يجر علينا القلم؟ فيقول الجبار. قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني، فكيف لو أرسلت رسلي بالغيب إليكم" (20).

3. وروى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه سئل عمَّن مات في الفترة، وعمن لم يدرك الحنث والمعتوه، فقال: "يحتج الله عليهم، يرفع لهم ناراً، فيقول لهم: ادخلوها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن أبى قال: ها أنا قد أمرتكم فعصيتموني" (21).

وبهذا الإسناد قال: "ثلاثة يحتج عليهم: الأبكم، والطفل، ومن مات في الفترة، فيرفع لهم ناراً.. إلخ.." (22).

التكليف في دار الجزاء:

بقي الكلام في أنه هل يكون في دار الجزاء تكليف أم لا؟..

فقد قال المجلسي: (قال الصدوق رضي الله عنه: إن قوماً من أصحاب الكلام ينكرون ذلك، ويقولون: إنه لا يجوز أن يكون في دار الجزاء، تكليف. ودار الجزاء للمؤمنين إنما هي الجنة. ودار الجزاء للكافرين إنما هي النار. وإنما يكون هذا التكليف من الله عز وجل في غير الجنة والنار، فلا يكون كلفهم في دار الجزاء، ثم يصيِّرهم إلى الدار التي يستحقونها بطاعتهم أو معصيتهم، فلا وجه لإنكار ذلك)(23).

فيلاحظ: أن الصدوق رحمه الله قد جمع بين الأخبار التي تقول تارة: إن أطفال المشركين، مع آبائهم في النار، وأخرى بأنهم يؤمرون بدخول نار تضرم لهم. بأن المراد بكونهم مع آبائهم في النار، هو نار البرزخ، ولكنها لا تصيبهم من حرها، لتكون الحجة عليهم أوكد، فإذا جاء يوم القيامة. فإن النار التي يؤمرون بدخولها تؤجج لهم.. فتكون نار البرزخ حجة عليهم، ودليلاً لهم(24).

غير أننا نقول: إن من الواضح: أن طريق الجمع ليس منحصراً فيما ذكره الشيخ الصدوق رحمه الله.

فإن من الممكن أن يكون ذلك جارياً وفق علم الله سبحانه بما يكون منهم.. بأن يكون تعالى قد علم أن جميع أولاد الكفار سوف يرفضون دخول النار التي تؤجَّج لهم، وبذلك يستحقون دخول جهنم. فأخبرت طائفة من الروايات عن علم الله تعالى بما سيكون عليه حالهم.

وقد ذكر المجلسي جمعاً آخر غير ما ذكرناه وذكره الصدوق رحمه الله. وهو أنه عليه السلام حين أجاب بأنهم كفار، أو نحو ذلك، فإنما قصد أنهم محكومون بالكفر في الدنيا تبعاً لآبائهم، ولذلك يحكم بنجاستهم، وعدم التغسيل والتكفين، والصلاة، والتوارث وغير ذلك.

وأما دخولهم في النار مع آبائهم، فإنما يكون بعد رفضهم الدخول في النار التي تضرم لهم.

ثم ذكر أيضاً: أن الظاهر هو أن هذه الروايات قد وردت مورد التقية فراجع(25).

ونحن، لا نوافق على هذا القول الأخير، إذ إن الروايات والآراء في هذه المسألة عند أهل السنة مختلفة أيضاً. فلا معنى لحمل الأخبار على التقية في أمر مختَلَفٍ فيه عندهم، في الرأي أم في الرواية معاً.

وقد ذكر المجلسي نفسه اختلافاتهم في ذلك؛ في نفس الموضع من الجزء والصفحة المشار إليها آنفاً.. فراجع.

إلا أن يقال: إن الاختلاف بين أهل السنة قد تأخر عن زمان صدور الرواية، فلا بد من إثبات ذلك.. كما أنه لا بد من إثبات: أن أهل السنة ومن يخشى منه فيهم، لا بد أن يكون لديهم تعصب وحساسية، تجاه كل من خالفهم في خصوص هذا الرأي، إذ كل مورد خالفهم فيه يكون لديهم اندفاع نحو البطش به، ليكون مضطراً إلى التقية..

هل يقبح تعذيب غير المكلف؟!:

(هذا.. وقد ذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار، فهم إما يدخلون الجنة، أو يسكنون الأعراف. وذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة، من تكليفهم في القيامة بدخول النار المؤججة لهم)(26).

واستدل المتكلمون منا على ما ذهبوا إليه؛ بقبح تعذيب غير المكلف(27).

ونقول:

أولاً: إن المشكلة التي وقف عندها المتكلمون يمكن أن تحلّ.. فإن الأخبار قد دلّت على أنهم يكلفون بدخول نار تضرم لهم.. فإذا امتنعوا وعوقبوا فلا يكون ذلك تعذيباً لغير المكلف، بل هو تعذيب لمكلف قد عصى.. وليس تعذيب العاصي قبيحاً.

وفي جميع الأحوال، فإن أخبار تكليفهم تدل على أن إدراكهم في تلك النشأة يختلف عنه في الحياة الدنيا.. وربما يكون الله تعالى قد زادهم من عنده ما يؤهلهم للخطاب والتكليف رحمة منه بهم..

ثانياً: وأمّا قول المتكلمين: إنَّه لا تكليف في يوم القيامة، فهو مردود:

أ. بأن هذه الروايات قد دلت على وجود تكليف في الآخرة أيضاً.. والأمر في ذلك بيد الله سبحانه، وطريق معرفته هو السمع.. وهذه الروايات هي ذلك السمع المثبت لذلك..

وأمّا ما دل على عدم وجود تكليف في الآخرة، فيحمل على أن المقصود به خصوص من كُلِّفوا في دار الدنيا، دون من عداهم.

ب. لو سلمنا أنه لا تكليف في الآخرة مطلقاً، فإننا نقول: إننا إذا راجعنا الآيات القرآنية الشريفة، وكذلك الروايات، فسنجد فيها الكثير مما يشير إلى التصرف الإلهي في المكان والزمان على حدٍ سواء..

فلعل الله سبحانه يتصرف في الآخرة في الزمان والمكان، فيجعل لحظة من لحظات الآخرة، التي لا تعد من عمر الآخرة - يجعلها - مليارات من الأحقاب، ويتصرف أيضاً في ذرة لا تدخل في عداد الأمكنة، فيجعل منها سماوات، وأرضين، وأفلاكاً، يعيش فيها هؤلاء، ويكون لهم التبشير والإنذار، ويكون منهم الهدى والضلال، والخير والشر.

ثم يبعثون، فيدخل المطيع الجنة، ويدخل العاصي منهم النار، قبل أن يحصل في المحشر أي جديد..والتصرف الإلهي في الزمان والمكان، قد دلت عليه النصوص أيضاً.

ونذكر فيما يلي طائفة من الآيات والروايات التي دلت على ذلك..

فنقول:

التصرف في المكان:

إن مما أشار إلى التصرف في المكان قوله تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ / وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ / وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ﴾(28).

وقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾(29).

وقوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾(30).

وقال تعالى: ﴿ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾(31). ولعل المراد رجوعها إلى خزائن الغيب.

وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾(32).

وقال سبحانه: ﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ﴾(33).

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾(34).

وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾(35).

وقال عز وجل: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً﴾(36).

وقال تعالى: ﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾(37).

ونذكر من الروايات، ما يلي:

1. عن أبي الحسن الأول في تفسير آية ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾(38). قال عليه السلام: "وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال، وتقطع به البلدان، ويحيى به الموتى" (39).

2. روى الكليني بسنده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: "إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به، فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس، حتى تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة العين" (40).

وبهذا المعنى روي أيضاً عن أبي الحسن الهادي عليه السلام فراجع. وفيه: فانخرقت له الأرض(41).

وفي نص آخر: عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام: "فانخسفت الأرض ما بينه وبين السرير، والتقت القطعتان، وجعل من هذه على هذه" (42).

وقريب منه ما عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: (ثم تناول السرير بيده)(43).

وراجع: ما رواه السيد الرضي في الخصائص من أنَّ أمير المؤمنين (ع) قال: ما يقرب من ذلك أيضاً(44).

3. وجاء في حديث آخر عن الإمام الباقر عليه السلام: دعا آصف، فغار العرش من مكانه بمأرب، ثم نبع عند مجلس سليمان بالشام بقدرة الله(45).

4. وعن علي بن إبراهيم: "دعا الله عز وجل باسمه الأعظم، فخرج السرير من تحت كرسي سليمان" (46).

5. وعن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: ما زاد صاحب سليمان.. إلى أن قال: بإصبعه هكذا، فإذا هو قد جاء بعرش صاحبة سبأ.

فقال له حمران: كيف هذا أصلحك الله؟!

فقال: إن أبي كان يقول: إن الأرض طويت له. إذا أراد طواها) (47).

6. حديث دفن الإمام السجاد لأبيه في كربلاء، حيث إنه عليه السلام كان في الكوفة، فطويت له الأرض في مجيئه إلى كربلاء، فدفن أجساد الشهداء، وعاونه بنو أسد، ثم عاد إلى سجنه في الكوفة بطي الأرض أيضاً(48).

7. حديث مجيء الإمام علي عليه السلام من المدينة المنورة في الحجاز إلى المدائن قرب بغداد، حيث غسل وكفن وصلى على سلمان المحمدي (الفارسي) ودفنه، ثم رجع إلى المدينة وإنما قطع تلك المسافات ذهاباً وإياباً بطي الأرض أيضاً(49).

8.حديث مجيء الإمام الجواد عليه السلام من المدينة المنورة في الحجاز إلى خراسان ليغسل، ويكفّن، ويصلي على أبيه الإمام الرضا عليه السلام ويدفنه.. ثم رجع، وكان ذلك بطي الأرض كما هو معلوم(50).

9. وهناك الحديث الذي يقول: إن الإمام الكاظم عليه السلام خرج من سجنه ببغداد إلى المدينة المنورة ليعهد إلى ولده الإمام الرضا عليه السلام؛ وقد جاء فيه: "ثم قال: إني أدعو الله عز وجل باسمه العظيم، الذي دعا به آصف حتى جاء بعرش بلقيس، ووضعه بين يدي سليمان عليه السلام، قبل ارتداد طرفه إليه، حتى يجمع بيني وبين ابني علي بالمدينة.

قال المسيب فسمعته يدعو، ففقدته عن مصلاه، فلم أزل قائماً على قدميَّ حتى رأيته قد عاد إلى مكانه، وأعاد الحديد إلى رجله إلخ.." (51).

10. وحول طي الأرض للأئمة عليهم السلام عقد في بصائر الدرجات باباً فيه خمسة عشر حديثاً..

وحول طي الأرض لمن شاء من أصحابه عقد باباً فيه أحاديث كثيرة، بالإضافة إلى أبواب أخرى ذكر فيها أحاديث كثيرة، تفيد أن الله قد أعطاهم عليه السلام قدرات عظيمة في هذا المجال وفي غيره فراجع(52).

التصرف في الزمان:

وبعد ما قدمناه عن التصرف في المكان، نجد أننا في غنىً عن السعي لجمع الشواهد الدالة على وقوع التصرف في الزمان أيضاً.. بل يكفينا اعتقادنا المستند إلى الدليل بإطلاق قدرة الله سبحانه.

ومع ذلك، نقول: قد روى أبو سعيد الخدري في تفسير قوله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾(53) قال:

قيل: يا رسول الله، ما أطول هذا اليوم!!

فقال: والذي نفس محمد بيده، إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا(54).

وعن الإمام الرضا عليه السلام في حديث: الأئمة اثنا عشر، جاء قوله: "وليس بعزيز أن يجمع هذه الأمة يوماً أو نصف يوم، وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون"..(55).

بل قد يستفاد التصرف بالزمان من نفس قضية دفن الإمام السجاد عليه السلام للأجساد الطاهرة في كربلاء، ومن الإتيان بعرش بلقيس حسبما تقدم..

خلاصة لأجل التوطئة:

وبناء على ذلك نقول: قد تقدم أن الرواية ذكرت: أن الولدان المخلدين هم أطفال المؤمنين، يُهدَون لآبائهم ليسرّهم الله بهم. وأن فاطمة عليها السلام هي التي تربيهم، أو تدفعهم إلى سارة وإبراهيم عليهما السلام..

وورد أيضاً: أن السقط من المؤمنين يقف محبنطئاً على باب الجنة، ويقول: لا أدخل حتى يدخل أبواي، أو نحو ذلك(56).

وأما أطفال المشركين والكفار، فتضرم لهم نار، ويؤمرون بالدخول فيها، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار..

وذكرنا أيضاً: أنه لو كان لا بد من الإصرار على عدم وجود تكليف في الآخرة حتى لهؤلاء الأطفال والأسقاط، فإنه لاشيء يمنع من حصول تصرف إلهي في الزمان والمكان، على النحو الذي ذكرناه، ليصبح من الممكن تكليفهم بالطاعة وبالمعصية. فإنكار ذلك يصبح غير ظاهر الوجه..

سؤال تقف وراءه أسئلة:

وهنا سؤال، تقف وراءه أسئلة.. هو التالي: إنه إذا كان هذا هو حال الطفل، والأبله، والمجنون، والأصم، والأبكم، وأمثال هؤلاء.. فكيف تكون حال المكلفين الجاهلين؟

ويتبع هذا السؤال أسئلة كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال:

السؤال عن حكم:

1. الجاهل القاصر، أو الغافل من المشركين والملحدين، الذي لو علم لعمل.

2. الجاهل القاصر أو الغافل من أهل الكتاب الذي يحب أن ينال رضا الله تعالى، ويحب أن يصل إليه، ولا عناد لديه.

3. الجاهل القاصر أو الغافل من أهل الخلاف، الذي يعتقد أن ما هو عليه يوصله إلى الله، ولو علم أن غير ذلك هو الذي يوصله، لأخذه، وعمل به.

4. الجاهل المقصر من الصنف الأول..

5. ثم من الصنف الثاني..

6. ثم من الصنف الثالث..

7. وإذا كان هذا الجاهل القاصر، أو المقصر من أهل الخلاف، واستشهد في سبيل الدفاع عن الدين بحسب اعتقاده، فهل يدخل الجنة؟!

8. وكيف يدخل الجنة، مع وجود أحاديث تدل على أن من لا يوالي علياً عليه السلام فليس له في الجنة من نصيب، حتى لو صام نهاره، وقام ليله، وحج دهره..

إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي تدخل في هذا السياق..

ونجيب على هذه الأسئلة باختصار شديد، بما يلي:

الناس أصناف مختلفة، فمنهم:

أ. كتابي، أو مخالف، أو مشرك، ولكنه عالم مطلع، وملتفت، ومصر على ما هو عليه، كعلماء أهل الأديان الباطلة، وعلماء الفرق المختلفة.. أو كالذين رأوا الآيات الباهرة بأم أعينهم كأبي جهل، وعتبة، وشيبة، وأضرابهم..

ب. وهناك كتابي أو مخالف، أو مشرك، راضٍ بما هو عليه، لا يقبل بأن يفكر، وأن يناقش، بحجة أنه لا يريد أن يشغل باله بمثل هذه الأمور، التي لا يرى لها ذات أهمية، فهو يقدم راحة باله، وتفرغه لشؤونه على أي شيء آخر..

ج. وهناك مشرك، أو كتابي، أو مخالف يريد أن ينجو بنفسه من كل خطر، وهو مستعد لقبول الحق، والالتزام به، والعمل بمقتضاه.

ولكنه غافل عن وجود شيء سوى ما هو عليه..

كما لو كان يعيش في صحراء، أو في غابة، ولا يعرف ما وراءها..د - وهناك من هو مستعد لقبول الحق، وعارف بوجود اختلافات بين الناس فيه، ولكنه عاجز عن الوصول إلى هذا الحق. إما لموانع قسرية انتهت بحجز حريته ضمن نطاق بعينه، أو لعدم قدرته الفكرية - في نفسه - على التمييز بين الحق والباطل، أو لوجود شبهات أو خدع أثَّرت على فهمه للأمور، ولو أنه اكتشف الزيف لرفضه، والتزم بالحق.

وبعدما تقدم نقول: إن من يكون عارفاً بالحق، لكنه يتعامى عنه، ويجحده، ويصر على الباطل، وهو القسم الأول، فلا ريب في أنه غير معذور، بل هو من الهالكين.. وهذا هو ما يحكم به العقل، ويقتضيه الحق والعدل.

ولو فرض أنه قد فعل ذرة من خير، فلا بد أن يكافئه الله عليها في الدنيا، وما له في الآخرة من خلاق.

وإن كان جاهلاً بالحق، وقد رضي بجهله، ولا يرضى بالنظر في الأمور رغم الطلب إليه، والإصرار عليه، كما هو الحال في الصنف الثاني، فإن كان هذا الشخص في دائرة الكفر والشرك، فلا مجال للبحث في أمر نجاته.. وأما إن كان في دائرة الإسلام، ولكنه لا يعتقد بولاية الإمام علي عليه السلام من دون أن يصل إلى درجة الجحود، فلا بد أن ينظر في عمل هذا الشخص، فإن كان فاسداً، لا يرضى الله تعالى به، ولا يقره عليه الشرع، بل هو عبارة عن جرائم وموبقات، فهو كسابقه..

وإن كان ذنب سابقه أعظم بسبب جحوده وطغيانه..

وأما إن كان عمله موافقاً للشرع الذي يدين الله به، فيمكن أن يتداركه الله سبحانه برحمته، لأجل شفاعة ولدٍٍ صحيح الإيمان، أو لأي سبب آخر. بحيث تفيده هذه الشفاعة في إفساح المجال له لتصحيح تلك الأعمال بعرض ولاية الإمام علي عليه السلام كما سيأتي في القسم التالي..وأما من يكون غافلاً، أو عاجزاً عن الوصول إلى الحق، أو مخدوعاً، واقعاً تحت تأثير شبهة فيه، غير أن كل همه وسعيه هو الحصول على رضا الله والوصول إليه.. فإن حكم هذا القسم يعلم بملاحظة القاعدة التي تضمنتها الآية المباركة: ﴿ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾(57)..

وقوله تعالى: ﴿ أَنِّي لاَ أضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أنْثَى﴾(58)..

ثم بملاحظة ما هو ثابت من أنه لا يدخل الجنة إلا من أقر بالولاية لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

أي أن عدل الله تعالى ولطفه يقتضيان أمرين قد يبدوان متخالفين:

أحدهما: أن لا يضيع عمل هذا الشخص.

والآخر: أن لا يدخل الجنة بدون إقرار منه بولاية الإمام علي وأهل بيته عليهم السلام.

ولكن الحقيقة هي أن هذا التخالف والاختلاف صوري، وليس بحقيقي، وذلك بملاحظة وجود أحاديث ذكرت أن ولاية الإمام علي عليه السلام سوف تعرض على نوع من الناس يوم القيامة. فمن قبلها، أصبحت أعماله السابقة التي هي خير وصلاح، صالحة وقادرة على التأثير في إدخال صاحبها إلى الجنة، فولاية الإمام علي عليه السلام تكون بمثابة الروح التي تدب في الجسد فتعطيه الحياة والقوة والحركة..

ولعل إلى هذا يشير قوله تعالى عن تبليغ ولاية الإمام علي عليه السلام: ﴿ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾(59).. فإن الرسالة في حقائقها، وأحكامها، وكل مضامينها بدون ولاية الإمام علي عليه السلام، تكون كالجسد بلا روح، فإذا جاءت الولاية تحركت اليد وصارت تبطش، وتدفع، وتقرب وتبعد، وصارت العين ترى، والأذن تسمع، واللسان يتكلم، الخ..ونقرب الفكرة أيضاً، بالتمثيل بالإجازة في العقد الفضولي.. فإن الإيجاب والقبول، وجميع عناصر العقد متوفرة، فإذا أجاز المالك البيع لاحقاً، فإن تلك العناصر تؤثر أثرها، ويحصل النقل والانتقال، وتتحقق الملكية للثمن وللمثمن..وعلى هذا الأساس نقول: إن الذين يُقتلون في ساحات الجهاد، وكان حالهم في القصور والغفلة، حال هؤلاء، فإنهم إذا كانوا يقاتلون في سبيل الله، لا لأجل الدنيا، وليس لإرضاء شخص، أو فئة، ولا تأييداً لخط انحرافي، أو طاعة لقوى الشر والضلال.. فإن عملهم يكون جاهزاً يوم القيامة، ولا يحتاج إلا إلى ولاية الإمام علي عليه السلام، لتكون هي الروح التي تدب فيه، وتحمل صاحبه إلى الجنة، وينال بذلك السعادة، فلا غرو أن يلطف الله سبحانه وتعالى به، ويتيح له هذه الفرصة، بعرض ولاية الإمام علي عليه السلام، فإن قبلها نال الجنان، وإن رفضها، فقد تمت عليه الحجة، ولا بد أن ينال جزاء جحوده لأمر الله سبحانه..

للغة تأثيرها القوي:

وبعد، فقد أشرنا غير مرة إلى أن اللغة العربية تختزن في داخلها طاقة تعبيرية كبيرة، وكماً كبيراً من الإشارات والإيحاءات، وهذا من شأنه أن يترك آثاراً متنوعة على نفسيات، ومشاعر، وانفعالات، ووجدان الناس، وعلى مفاهيمهم، وتربية ذهنياتهم، وإحداث ارتكازات لا شعورية لهم، وترويض وتدجين السمع والقلب على أمور ذات طابع معين..هذا بالإضافة إلى دورها الإيجابي في رفع مستوى الإنسان، والترقي بفكره، وبمفاهيمه، وبمشاعره إلى مستويات عالية ومرموقة، ونبيلة، ثم شحن روحه ووجدانه بقيم ومثل عليا، ما أشد حاجته إليها في حياته وفي مواقفه..فلا محل للتعجب إذا فهمنا من كلمة (وِلْدَانٌ) ذلك المعنى الذي ساقنا إلى مثل هذه القضايا..

(مُخَلَّدُونَ):

وحين نصل إلى قوله تعالى: ﴿ مُخَلَّدُونَ﴾.. فإننا:

1. سنشعر بأن هؤلاء الولدان سيكونون مع الأبرار دائماً.. فليس وجودهم معهم عارضاً، ولن يكون هذا الاهتمام بشأن الأبرار محدوداً بالأيام الأولى لدخولهم تلك الجنة..

2. وسنشعر أيضاً أن وصف الولدان بالمخلدين.. يشعرنا ببقاء صفة الفتوة والنُّضرة فيهم.. فلا خوف إذن من أن يصبحوا بتقادم الزمن شيوخاً، ولا سبيل لظهور سمات الهرم فيهم..

3. إن إعلام الأبرار بأن ثمة خلوداً في الجنة، وأن الوعد بالخلود، لابد أن يتحقق إذ هو مما تثبت الوقائع نظائر له، وتؤكد أنه حقيقة واقعة.. إن هذا لمما يزيد في طمأنينة الأبرار إلى هذا الوعد، على قاعدة: ﴿ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾(60).

ومما يزيد في سعادة الأبرار بهذا الخلود: أنه خلود لا يؤثر في المحيط من حولهم، تغيراً، وذبولاً، أو تشوهاً، أو حاجة، أو نقصاً، أو ما إلى ذلك. بل يبقى كل هذا النعيم في غاية التمام والكمال.. فلا يجدون إلا الصحة، والقوة، والشباب، والفتوة، والري، والشبع، والواجدية لكل ما تشتهي الأنفس، وتلذ الأعين. فهو إذن خلود لذيذ، ومحبوب، لأنه خالٍ من المتاعب، وليست فيه أية شوائب..

(إِذَا رَأَيْتَهُمْ):

1. وقد أشرنا أكثر من مرة إلى أن كلمة (إذا) إنما تستعمل في مقام الجزم واليقين، وقد جاءت هنا لتأكيد الحقيقة التي يراد للأبرار أن يعوها، وأن يلتذوا بتصورها..بالإضافة إلى أن هذا الجزم يستبطن الإغراء للآخرين بالعمل بهذا الاتجاه، ما دام أن الإقدام عليه لم يعتمد على مجرد احتمالات، أو ظنون. بل النتائج فيه يقينية، واليقين فيها مطابق للواقع جزماً، لأنه مستند إلى الإخبار الإلهي..

2. وهناك إشارة أخرى، ربما يقال: إنها تستفاد من كلمة (إذا)، وهي: أن هذه الكلمة تشير إلى أن ثمة يقيناً بحتمية الوصول إلى هذه النتائج إذا سار الإنسان بحسب ما تقتضيه فطرته، ويفرضه عليه التوازن الذي يعيشه في داخل شخصيته وفي كل حياته.

أي أن الإنسان إذا كان طبيعياً، ومنسجماً مع نفسه، ولا يعاني من أي خلل في شخصيته الإنسانية، فإنه لا بد أن يسير بحسب مقتضيات فطرته، ويخضع لأحكام عقله، وهي بدورها لا بد أن توصله إلى هذه النتيجة، وإلى هذا المقام، فكلمة (إذا) تشير إلى هذه اللابدية والحتمية، فإن من لا يصل إلى هذا المقام، يكون قد أخل بالمسار الطبيعي ولم يستجب لنداء فطرته وعقله. بل تأثر بعوامل الهوى، وغيرها مما أضعفه، وأخل بالمسار الطبيعي لشخصيته الإنسانية..فعدم الوصول إلى مقام الأبرار هو الاستثناء، وهو دليل خلل وضعف، وانحراف عن المسار العام، والوصول إليه هو الأمر المتوقع والطبيعي..

(إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ):

وقد اختار هنا الحديث عن الحالة، والشكل، والمنظر الظاهري للولدان..ولكنه حديث قد جاء بطريقة تختزن في داخلها وعي المضمون الذي يحتضنه ذلك الشكل العام.. وسنوضح ذلك إن شاء الله تعالى..ولكن قوله: ﴿ حَسِبْتَهُمْ﴾ يشير إلى وجود خطأ في إدراك أهل الجنة لحالات وحقيقة ما يحيط بهم..

فكيف يمكن تصور ذلك؟!

والجواب:

أولاً: إنه تعالى لم ينسب الحسبان لأهل الجنة، بل هو يقول: إن من يشرف عليهم ويراهم، هو الذي يقع في هذا الخطأ، خصوصاً إذا كان الخطاب في هذه الآية الكريمة لأهل الدنيا، الذين لا يملكون القدرات التي تمكنهم من إدراك الواقع الأخروي الذي هو أرقى بكثير مما عرفوه وألفوه، ووسائل الإدراك التي تمتلكونها تبقى قاصرة عنه.

ثانياً: لو سلمنا أن الخطاب هو للمؤمن الذي هو من أهل الجنة، والذي تكون لديه وسائل إدراك تتناسب مع الواقع الذي يتعاطى معه، فإننا نقول:

إن الخطأ على نحوين:

أحدهما: ما يكون بحيث ينشأ عنه فقدان أو فقل: تفويت حالة الكمال، أو الإضرار بها. وفقد الوصول إلى الخير والنفع، الذي يفيد في الترميم، وفي التقليم والتطعيم. وليس هذا هو المقصود هنا.. ولا تحصل هذه الحالة في الجنة أبداً..

ثانيهما: الخطأ الذي ينتج عنه كمال في المعرفة، وصحة فيها، وزيادة في إدراك الحقائق، ويوجب تكامل الفهم والوعي..

وهذا هو المقصود هنا، فإن خطأ الباصرة هنا: ﴿ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً﴾ لا يوجب نقصاً في المعرفة، ولا تفويت شيء من المعاني، والحالات التي يجب الاحتفاظ بها.

ولا هو إدراك لنقص موجود في الولدان، بل هو خطأ يوجب المزيد من إدراك درجات وتلمس حالات الحسن في الولدان، ومراتب الصفاء في ألوانهم، وإشراق، ونضرة وجوههم..وهذا معناه: أن هذا النوع من الحسبان قد جاء في صراط التكامل، وهو خطأ تنتج عنه صوابية في الإدراك، ودقة فيه، وهو من طرق التعبير عن الحقائق بوضوح، ومن وسائل الإيصال إليها.. فهو نظير الطريقة الحسابية، المعروفة بحساب الخطأين، الذي لا يوصل إلى النتيجة الصحيحة إلا بعد ذكر فرضيتين خاطئتين، وقد ذكر هذه الطريقة المرحوم الشيخ البهائي قدس سره، في كتابه: خلاصة الحساب.

(لُؤْلُؤاً):

وأما اختيار تشبيه الولدان المخلدين باللؤلؤ المنثور فلعله من أجل الإلماح إلى عدة أمور تكون فيه، هي:

1. صفاء اللؤلؤ..

2. إشراقه ورونقه..

3. شفافيته..

4. تلألؤ وتشعشع غير عادي..

5. البريق، وانعكاس النور..

6. الجمال..

7. الظهور..

8. الانتشار..

9. التوهج الذي يعني أن يكون في الولدان حيوية، وشباب، وفتوة، وطراوة، وتوهج..

(مَنْثُوراً):

وبعدما تقدم نقول: إن قوله (مَنْثُوراً) يفرض علينا الالتفات إلى الأمور التالية:

أولاً: إذا تعددت حبات اللؤلؤ المجتمعة، في مجال واحد، وتحركت في اتجاهات مختلفة، فإن تشعشعها، ولمعانها، وانعكاسات نورها، سوف تزداد ظهوراً، وتتداخل بصورة رائعة.. وهذا هو حال الولدان المخلدين في الجنة، الذين يكونون في حركة دائمة، وهم يطوفون على الأبرار..

ثانياً: إن اللؤلؤ قد يكون منثوراً، وقد يكون منظوماً في خيط يجمع بعضه إلى بعض.. ولا يمكن نظم اللؤلؤ إلا بعد ثقبه. والمنظوم من اللؤلؤ أقل صفاء، وإشراقاً، ولمعاناً، وتلؤلؤاً من غير المنظوم..بالإضافة إلى أنه حين ينظم، فسوف يوجب ذلك حصر جانب من أشعته، وتوجيه تلألؤه في جهات معينة ومحدودة باتجاهات معينة، بحسب ما يوجبه اتجاه الخيط الذي نظمت فيه..بخلاف اللؤلؤ المنثور، فإنه يمكن أن يتحرك في كل اتجاه، كما أنه لم يَعْرُض عليه ما يوجب التقليل من إشراقه، وتلألؤه، ولمعانه، وصفائه..على أن انتشار اللؤلؤ نفسه، يزيد من درجة تشعشعه، لا سيما حين تكون الحركة في مختلف الاتجاهات، لأن النور إذا جاء من زوايا مختلفة، ووقع بعضه على بعض، فإن انعكاساته سوف تختلف بحسب اختلاف تلك الزوايا..اللؤلؤ المكنون..

أم المنثور؟!

وعلينا أن لا ننسى: أن الله سبحانه حين وصف الحور العين باللؤلؤ، قال: ﴿ وَحُورٌ عِينٌ / كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾(61).. ولكنه هنا قد وصف الولدان باللؤلؤ المنثور..ولعل السبب في ذلك: أن المطلوب في الحور العين هو الستر، والخدر، والاختصاص، والحرص، والكمون، والحفظ..أما بالنسبة للولدان، فالمطلوب هو الحضور، والظهور، والانتشار، والحركة، والانتقال، والكثرة، والتفرق..


1- البحار ج5 ص291 عن كنز الفوائد للكراجكي.

2- البحار ج5 ص291 عن كنز الفوائد للكراجكي.

3- البحار ج5 ص293 عن نوادر الراوندي.

4- البحار ج5 ص293 و 294 عن من لايحضره الفقيه ص239.

5- البحار ج5 ص294.

6- سورة الطور الآية21.

7- البحار ج5 ص289 عن تفسير القمي.

8- البحار ج5 ص293، عن من لا يحضره الفقيه ص439.

9- البحار ج5 ص294.

10- البحار ج5 ص289 عن مجمع البيان.

11- البحار ج5 ص289 عن مجمع البيان.

12- سورة الطور الآية21.

13- البحار ج5 ص292 عن الكافي ج1 ص68، وعن من لا يحضره الفقيه.

14- البحار ج5 ص292 عن الكافي ج1 ص68.

15- البحار ج5 ص294 عن من لا يحضره الفقيه.

16- البحار ج5 ص295 عن من لا يحضره الفقيه.

17- البحار ج5 ص295 عن من لا يحضره الفقيه.

18- البحار ج5 ص291 عن كتاب التوحيد للشيخ الصدوق رحمه الله.

19- البحار ج5 ص289 و290 عن كتاب الخصال ص136.

20- البحار ج 5 ص 291 / 292 عن الكافي ج1 ص68.

21- البحار ج5 ص293 عن الكافي ج1 ص68.

22- المصدر السابق عنه.

23- البحار ج5 ص290.

24- البحار ج5 ص295.

25- راجع: البحار ج5 ص295 و 296.

26- البحار ج5 ص296 و 297.

27- راجع: البحارج5 ص297.

28- سورة الإنشقاق، الآيات 1/3.

29- سورة إبراهيم الآية48.

30- سورة الرعد الآية 41، ونظيرها في سورة الأنبياء الآية 44.

31- سورة الزمر الآية 67.

32- سورة الأنبياء الآية 104.

33- سورة الأعراف الآية 171.

34- سورة الرعد الآية 32.

35- سورة الكهف الآية 47.

36- سورة النبأ الآية 20.

37- سورة القارعة الآية5.

38- سورة الرعد الآية31.

39- تفسير الميزان ج11 ص370 عن الكافي.

40- تفسير البرهان ج3 ص203 عن الكليني، وعن بصائر الدرجات، ونور الثقلين ج4 ص88 و89 و90.

41- تفسير البرهان ج3 ص203 و204، ونور الثقلين ج4 ص90.

42- تفسير البرهان ج3 ص204 عن بصائر الدرجات، ونور الثقلين ج4 ص88.

43- البرهان ج3 ص204 ونور الثقلين ج4 ص88.

44- تفسير البرهان ج3 ص305.

45- تفسير نور الثقلين ج4 ص87.

46- تفسير البرهان ج3 ص206 وراجع تفسير نور الثقلين ج4 ص91 عن تفسير مجمع البيان.

47-.

48-.

49-.

50-.

51- راجع: تفسير نور الثقلين ج4 ص89 عن عيون الأخبار.

52- راجع: بصائر الدرجات ص397 ـ 410 والكافي.

53- سورة المعارج الآية 4.

54- مجمع البيان ج10 ص120 وتفسير البرهان ج4 تفسير سورة المعارج.

55- عيون أخبار الرضا ج1 ص51.

56- الكافي ج5 ص334 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص383 والتوحيد للصدوق ص395.

57- سورة الزلزلة الآية7.

58- سورة آل عمران الآية195.

59- سورة المائدة الآية67.

60- سورة البقرة الآية260.

61- سورة الواقعة الآية 23.