للمطالعة (أدب تلاوة القرآن)
من وظائف القراءة من الأثر (الحديث) قول الصادق (ع): "من قرأ القرآن ولم يخضع له ولم يرقّ قلبه ولم ينشىء حزناً ووجلاً في سرّه، فقد استهان بعظيم شأن الله تعالى وخسر خسراناً مبيناً، فقارىء القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خال، فإذا خشع لله قلبه فرّ منه الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾(1). فإذا تفرغ نفسه من الأسباب تجرّد قلبه للقراءة فلا يعترضه عارض فيحرمه نور القرآن وفوائده، وإذا اتخذ مجلساً خالياً واعتزل عن الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الأوليين: (خضوع القلب وفراغ البدن) استأنس روحه بالله عزَّ وجلَّ، ووجد مخاطبات الله عباده الصالحين وعلم لطفه بهم ومقام اختصاصه لهم بفنون كراماته وبدائع إشاراته، فإذا شرب كأساً من هذا الشراب فحينئذٍ لا يختار على ذلك الحال حالاً ولا ذلك الوقت وقتاً، بل يؤثره على كلّ طاعة وعبادة، لأنّ فيه المناجاة مع الربّ بلا واسطة فانظر كيف تقرأ كتاب ربّك ومنشور ولايتك وكيف تجيب أوامره وتجتنب نواهيه وكيف تتمثّل حدوده فإنّه كتاب عزيز ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾(2)، فرتّله ترتيلاً وقف عند وعده ووعيده وتفكّر في أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده"(3).
1- سورة النحل، الآية: 98.
2- سورة فصلت، الآية: 42.
3- التفسير الأصفى، الفيض الكاشاني، ج1، ص73.