المقدّمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث، رحمةً للعالمين سيّد المرسلين محمّد المذكّر بالقرآن الّذي عجزت عن الإتيان بمثله الإنسُ والجانّ؛﴿بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾(1)،﴿لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(2) والصلاة والسلام على آله الكرام تراجمة القرآن والهادين إلى الرحمن.
يقول تعالى في كتابه المجيد ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ إشارةً منه تعالى إلى أنّ الطريق إلى الاستقامة تمرّ عبر القرآن، فهو الوسيلة الناجعة لمن أراد الفلاح والنجاح، وهو السلاح الفعّال أمام مكائد الدهر ومعضلات العصر، يقوى به المؤمنون وينجو به الموحّدون، لا يبلى مع مرور الزمن، ولا يخذل أمام المحن؛ "ظاهره أنيق وباطنه عميق. لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تُكشف الظلمات إلّا به"(3).
ونحن مهما حاولنا أن نحيط بفضل القرآن فإنّ هممنا تضعف وتتثاقل أمام عظيم مقامه ورفيع شأنه، الّذي يحتّم علينا أن نفرد بعضاً من أوقاتنا وأيّامنا للدراسة فيه وللبحث عن كنوزه البلاغيّة والمعنويّة والإيمانيّة والتربويّة، ولا شكّ أنّنا إذا قمنا بذلك فإنّ مقداراً عظيماً من المعارف والعلوم سيكون بمتناول أيدينا ما يتيح لنا أن نكون فعّالين في هذه الدنيا، مستفيدين خيرها والآخرة.
ولأجل هذا كلّه فقد قام مركز نون للتأليف والترجمة في جمعيّة المعارف الإسلاميّة الثقافيّة بإعداد هذا الكتاب المبارك وفيه عرض لبعض ما ورد في فضل القرآن وآداب تلاوته، وتعرّض لبعض مقاصده الشريفة، ثمّ تفسير عددٍ من صغار السور.
سائلين المولى سبحانه وتعالى أن يجعل فيه الفائدة لإخواننا وأخواتنا الطلبة الباحثين عن المعارف القرآنيّة، الّذين قال بحقّهم رسول الله (ص): "حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنّة يوم القيامة"(4).
اللّهمّ تقبّل منّا هذا العمل واجعله لنا ذخراً في الدنيا والآخرة، إنّك أنت السميع العليم، والحمد لله ربّ العالمين.
مركز نون للتأليف والترجمة
1- سورة آل عمران، الآية: 138.
2- سورة الأنفال، الآية: 42.
3- من كلام للأمير عليه السلام، نهج البلاغة، ج1، ص55.
4- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج6، ص167.