للمطالعة (اعتقادنا في الجنة)
اعتقادنا في الجنّة أنّها دار البقاء ودار السلامة، لا موت فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا آفّة ولا زمانة ولا غمّ ولا همّ ولا حاجة ولا فقر، وأنّها دار الغناء والسعادة، ودار المقامة والكرامة، لا يمسّ أهلها فيها نصب ولا لغوب، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وهم فيها خالدون، وأنّها دارٌ أهلها جيران الله وأولياؤه وأحبّاؤه وأهل كرامته، وهم أنواع على مراتب: منهم المتنعّمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته، ومنهم المتنعّمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والأرائك وحور العين، واستخدام الولدان المخلّدين، والجلوس على النمارق والزرابي ولباس السندس والحرير، كلٌّ منهم إنّما يتلذّذ بما يشتهي ويريد حسب ما تعلّقت عليه همّته، ويُعطى ما عبد الله من أجله. وقال الصادق (ع): إنّ الناس يعبدون الله على ثلاثة أصناف: صنف منهم يعبدونه رجاء ثوابه فتلك عبادة الخدّام، وصنف منهم يعبدونه خوفاً من ناره فتلك عبادة العبيد، وصنف منهم يعبدونه حبّاً له فتلك عبادة الكرام(1).
قال الشيخ المفيد رحمه الله:
الجنّة دار النعيم لا يلحق من دخلها نصبٌ ولا يلحقهم فيها لغوبٌ، جعلها الله داراً لمن عرفه وعبده، ونعيمها دائم لا انقطاع له، والساكنون فيها على أضرب: فمنهم من أخلص لله تعالى فذلك الّذي يدخلها على أمان من عذاب الله تعالى، ومنهم من خلط عمله الصالح بأعمال سيّئة كان يسوِّف منها التوبة فاخترمته المنيّة قبل ذلك، فلحقه ضرب من العقاب في عاجله وآجله، أو في عاجله، دون آجله، ثمّ سكن الجنّة بعد عفو أو عقاب، ومنهم من يتفضّل عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا وهم الولدان المخلّدون الّذين جعل الله تعالى تصرّفهم لحوائج أهل الجنّة ثواباً للعاملين، وليس في تصرّفهم مشاقّ عليهم و لا كلفة، لانّهم مطبوعون إذ ذاك على المسارّة بتصرّفهم في حوائج أهل الجنّة، وثواب أهل الجنّة الابتذال بالمآكل والمشارب والمناظر والمناكح وما تُدركه حواسّهم ممّا يطبعون على الميل إليه ويدركون مرادهم بالظفر به(2).
1- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج8، ص 200.
2- م.ن. ص 201.