جنود إبليس

وقد يقال : إنه ربما يستشعر من الآيات أنها تستبعد الشيطان مباشرة، وتتجه نحو الاستعاذة من جنوده وأتباعه، من الجنة والناس. وكأنَّ إبليس لا يقدر على ممارسة عمله أو دوره إلا من خلال الجنة والناس، والجواب: أن جنود إبليس الذين وصلوا إلى درجة الشيطانية هم الذين يقومون بإغواء البشر، لأن إبليس في نهاية المطاف حين يريد أن يعمل على تنفيذ ما يريد، فإنه سوف يعمل على إيجاد الوسائل التي توصله إلى ما يريد الوصول إليه، فيغوى بعضاً من الجن والإنس، ويصيرهم شياطين، ويجندهم لتنفيذ ما يطلبه منهم، وقد أشار تعالى إلى هؤلاء الجنود ﴿وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ (الشعراء/95)، وقال: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف/27)، ولا يجب أن يأتي إبليس بنفسه، لإغواء الناس، فإن من يرسلهم لهذه المهمات لهم شخصية إبليسية أيضاً.

كلمة الختام:

إن ما تقدم حصيلة جولة أرجو أن تكون موفقة في آفاق السورة المباركة.. الناس. وربما يكون القارئ قد شعر: أن هذه الجولة لا تشتمل على أقوال المفسرين وشروحاتهم، كما أنها لم تلتزم بطرح الأفكار بطريقة منهجية وأكـاديمية، وإنما التزمت خط العفوية، سواء في التعبير، أو في المنهج.. وهذا ما يدعونا إلى تجديد طلب العذر من القارئ الكريم الذي قد لا يروق له هذا المنحى كثيراً؛ لما قد يسببه له من متاعب في ملاحقة الفكرة بصورة دقيقة وعميقة.

والله نسأل أن يوفقنا لأن نقول التي هي أحسن، وأن يعطينا ثواب من أحسن عملا، بفضله ومنّه وكرمه، إنه جواد كريم، ورؤوف بعباده رحيم، والحمد لله رب العالمين.

جعفر مرتضى العاملي