الوسوسة في الصدور

ويلاحظ هنا: أن الله تعالى يتحدث عن أن الوسوسة تكون في الصدور.. وهذا بالذات هو ما تحدثت عنه الآيات والروايات، ولا ننسى أن نذكّر القارئ الكريم هنا بحقيقة هامة، وهي : أن القرآن الكريم يركز في آياته على أن القلوب التي في الصدور هي مركز إدراك الإنسان: قال تعالى: ﴿لهم قلوب لا يعقلون بها﴾. وقال: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ..﴾ (الحج/46)، وهكذا الحال بالنسبة إلى الوسوسة، والخشوع، والخوف، والقسوة، واللين، وما إلى ذلك. بل إن العلم أيضاً كما في الروايات نور يقذفه الله في القلب.

على أن الله سبحانه وتعالى قد شرح مفهوم الوسواس بشكل عملي وواقعي، حين ركز على أن المستعاذ منه هو الشر الذي يصدر عن ذلك المخلوق، الذي يتعاطى مع الناس، من موقع الوسوسة، والخنوس، والمكر بهم، ثم بين وشرح أن هذه الوسوسة هي حركة وفعل يصدر ويجري في الواقع الخارجي على صفحة الزمان باختيار من فاعله، ولم يقتصر على شرح المفهوم بصورة ذهنية وتجريدية، وإنما شرحه بطريقة تشير إلى صدوره المستمر، والى حركة تحققه على صفحة الوجود، فقال: ﴿.. يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾.