هل الوسواس خاص بفريق دون فريق؟

ولكن هل كلمة: ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ تختص بخطاب المذكرين أو تشمل المذكر و المؤنث على حد سواء؟ الجواب: إننا نلاحظ أن القرآن ?باستثناء موارد قليلة? يتحدث بالصيغ الخاصة بالمذكرين، مثل: يعقلون.. يتقون.. هدى للمتقين.. يتفكرون.. خالدون.. ينظرون.. وكذلك: يا أيها الذين آمنوا، وغير ذلك كثير جداً.. مع أن هذه الموارد تعم الرجال والنساء على حد سواء.

وسبب ذلك هو أن كلمة المتقين والظالمين ونحوها وصف يستند إلى موصوف؛ فلابد إذن من ملاحظة طبيعة الموصوف، فالموصوف الـذي تقدره له، هو الذي يجري الوصف ? بالتقوى مثلاً ? عليه، لأن معنى كلمة المتقين هو الذات التي لها صفة التقوى، أو الأشخاص المتقون، أو الناس أو الرجال المتقون.. وهكذا. فالصفة تابعة لموصوفها. والموصوف هنا يشمل الذكور والإناث على حد سواء، لأن كلمة شخص، وكلمة الناس تنطبق على الرجل وعلى المرأة، وهكذا الحال في سائر الصيغ مثل: يا أيها الذين آمنوا، أي يا أيها الناس، أو الرجال، أو الأشخاص الذين آمنوا. فالوصف تابع لموصوفه الذي يعرف نوعه وسنخه من سياق الكلام.

فقوله : ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ ليس خاصاً بالذكور ولا بالإناث؛ إذ يلاحظ فيه الموصوف الذي تقدره حسب ما يقتضيه المقام، وسياق الكلام؛ فتقدر كلمة الشخص، أو المخلوق، أو الموجود، أو أي شيء آخر ينسجم مع السياق، فهي ككلمة القاتل، والضارب، والعالم، التي يراد بها الشخص القاتل، والضارب، والعالم، فالوسواس إذن لا تختص بذكر ولا بأنثى، ولا بكبير أو صغير. وقد أتى بوصف الوسوسة ليشير به إلى علة لزوم الاستعاذة أو الأمر بها، لأن المستعاذ منه يتسبب بحصول شر يصل إلينا من خلال وسوسته.