لماذا بدون حرف عطف

ويلاحظ: أنه تعالى قال: ﴿مَلِكِ النَّاسِ..﴾ ولم يعطفها بواسطة حرف عطف فلم يقل "وملك.." "وإله"، ولعل ذلك: لأنه تعالى أراد أن يفهمنا: أن ثمة استقلالية في التأثير، في إعاذة المستعيذ به؛ فهو تعالى يعيذه من موقع ربوبيته بصورة مستقلة، ثم هو يعيذه من موقع سلطته، وحاكميته، بصورة مستقلة أيضاً، ثم من موقع ألوهيته كذلك، وذلك في عين وحدة الذات الإلهية مع صفاتها، وفي عين وحدة الصفات أيضاً فهو تعالى ملك من حيث هو إله وهو إله من حيث هو عالم وهكذا ولا يعارض ذلك كونه تعالى يعيذ من إستعاذ به بصورة مستقلة في كل صفة من صفاته.

وخلاصة الأمر: أن الإنسان إنما يستعيذ مـن أجل أن يحفظ نفسه مما يخاف منه، والمالك، والمهيمن، والمسيطر هو الأولى والأحق بأن يستعاذ به؛ لأنه يملك أن يعيذ من استعاذ به من موقع هيمنته، وسلطته، وحاكميته، وهذا سبب مستقل في العوذ غير سببية الربوبية له، وغير سببية الألوهية، ولو أتى بالواو فلربما يتخيل أن هناك تشريكاً في السببية، بمعنى أن الربوبية جزء سبب، والمالكية جزء سبب آخر، يضاف إليه، فيتكامل أحدهما بالآخر، وهما معاً يتكاملان مع مقام الألوهية، ليمكن تحقيق الإعانة للمستعيذ، بل ربما يتوهم متوهم أن رب الناس غير ملك الناس وأنه غير إله الناس، مع أن الأمر ليس كذلك، بل كل من هذه الثلاثة سبب مستقل في التأثير، ولديه القدرة الكافية على ذلك.