تفسير قوله تعالى: ﴿مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ﴾

إن الله سبحانه وتعالى قد بدأ بتعليم الإنسان بأن يتعوذ برب الناس، فذكر الربوبية أولاً كما تقدم، ثم ذكر الملك، فأمر بالتعوذ بـ ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾ ثم ذكر الألوهية فقال: ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾، وذلك لأنه تعالى أراد أن يعلم الإنسان أن ما يستعيذ به جامع لكل الصفات التي تجعل من هذه الاستعاذة إستعاذة حقيقية، ليس فيها أي ضعف أو عجز؛ لأنها استعاذة بمن يريد أن يعيذهم ويحفظهم، من موقع ربوبيته التي تستدعي أن يكون هناك رعاية مباشرة، من موقع المحبة والحكمة، ومن موقع التدبير، وإرادة التكامل، والتنامي في صفته الإنسانية والبشرية، ويريد أن يحفظهم ويعيذهم من حيث كونه ملكاً، مهيمناً، وحاكماً، يملك القدرة المادية والمعنوية، لأن لديه أدوات الملك، ولديه هيبته وسلطته، أما الألوهية فهي تعني جامعيته لكل صفات الكمال والجلال، فهو تعالى حي، قيوم، غني بذاته، قادر، حكيم، عليم رحيم الخ.. بذاته أيضاً، ومن يكون كذلك فإنه هو الذي يعيذ من يلجأ إليه على الحقيقة.