الخطاب للشخص الواحد

ثم انه تعالى قال: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ مخاطباً الشخص الواحد. ولم يقل قولوا: نعوذ.. مخاطباً الناس - كجماعة - ولعله من أجل أن يبعد هذا المستعيذ عن الشعور بالقوة، وبالاستغناء؛ حين يكون مع غيره، حيث يضعف في نفسه الشعور بكونه مستهدفاً بالضرر والخطر، بل قد يتخيل أن المستهدف به هو الآخرون دونه، لكنه يردد ما يرددون، ويقول ما يقولون.

أما حين يتوجه إليه بالخطاب مباشرة، فإنه يشعره انه هو المحتاج للاستعاذة. لأنه هو المستهدف بالشر والضرر بما له من حيِّز ومساحة معينة، عليه أن يدافع عنها. والإنسان بحاجة إلى هذا التأكيد على شخصه، لأن وسوسة الشيطان وخطورة الدور الذي يقوم به، هو من الأمور الخفية التي لا يشعر بها الإنسان عادة. بل ربما يحس معها بالأنس واللذة، إذا كانت تداعب مشاعره، وتوقظ أحلامه وتتناغم مع غرائزه وأهوائه. الأمر الذي يتطلب مزيداً من العناية في مجال إشعاره بالأخطار الجسام التي تحدق به من جرّاء ذلك، و أنه المستهدف مباشرة.