هذه السورة وحديث سحر النبي (ص)

إننا قبل أن نشرع في تفسير آيات هذه السورة المباركة نشير إلى أن بعض الروايات التي لا تثبت أمام النقد العلمي قد زعمت أن النبي (ص) قد سُحِر من قبل لبيد بن الأعصم اليهودي. وأن هذا السحر قد أثّر على تصرفاته (ص) بطريقة سلبية، فنزلت سورتا الفلق والناس لأجل ذلك، ومن الواضح: أن هذه الروايات وأمثالها مجعولة من قبل أعداء الإسلام لتصديق قول المشركين: ﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا﴾ (الإسراء/47)، ولم يكن السحر ليؤثر على تصرفاته (ص) من خلال تأثيره في قلبه وروحه، وعقله وفكره. وإن كان قد يترك أثراً مادياً، كإحساسه (ص) بثقل وتعب في جسده، كتأثير أيّ شيء ضار آخر على جسده الشريف، كالسم أو الحر أو البرد أو ما إلى ذلك.

ولو كـان بمقدور اليهود أن يؤثروا بسحرهم على رسول الله (ص)، لاستطاعـوا أن يصدوه عن أهدافه، وأن يتلاعبوا بـه، إلى درجـة يفقد الناس الثقة بـه (ص)، وبما جاء به، أضف إلى ما تقدم: أن هذه السورة مكية، وقضية سحر اليهود لـه (ص) على يـد لبيد بن الأعصم إنما كانت في المدينة.