الآيات 51-55

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿51﴾ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴿52﴾ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴿53﴾ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿54﴾ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴿55﴾

اللغة:

أصل التوصيل من وصل الحبال بعضها ببعض قال امرؤ القيس:

درير كخذروف الوليد أمره

تتابع كفيه بخيط موصل

أي موصول بعضه ببعض وهو في الكلام أن يصير بعضه يلي بعضا والدرء الدفع.

النزول:

نزل قوله ﴿الذين آتيناهم الكتاب﴾ وما بعده في عبد الله بن سلام وتميم الداري والجارود العبدي وسليمان الفارسي فإنهم لما أسلموا نزلت فيهم الآيات عن قتادة وقيل نزلت في أربعين رجلا من أهل الإنجيل كانوا مسلمين بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل مبعثه اثنان وثلاثون من الحبشة أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) وقت قدومه وثمانية قدموا من الشام منهم بحيراء وأبرهة والأشرف وعامر وأيمن وإدريس ونافع وتميم.

المعنى:

ثم بين سبحانه صفة القرآن فقال ﴿ولقد وصلنا لهم القول﴾ أي فصلنا لهم القول وبينا عن ابن عباس ومعناه أتينا بآية بعد آية وبيان بعد بيان وأخبرناهم بأخبار الأنبياء والمهلكين من أممهم ﴿لعلهم يتذكرون﴾ أي ليتذكروا ويتفكروا فيعلموا الحق يتعظوا ﴿الذين آتيناهم الكتاب من قبله﴾ أي من قبل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿هم به﴾ أي بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿يؤمنون﴾ لأنهم وجدوا نعته في التوراة وقيل معناه من قبل القرآن وهم بالقرآن يصدقون والمراد بالكتاب التوراة والإنجيل يعني الذين أوتوا الكتاب ﴿وإذا يتلى﴾ القرآن ﴿عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله﴾ أي من قبل نزوله ﴿مسلمين﴾ به وذلك أن ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فهؤلاء لم يعاندوا ثم أثنى الله سبحانه عليهم فقال ﴿أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا﴾ مرة بتمسكهم بدينهم حتى أدركوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فآمنوا به ومرة بإيمانهم به وقيل بما صبروا على الكتاب الأول وعلى الكتاب الثاني وإيمانهم بما فيهما عن قتادة وقيل بما صبروا على دينهم وعلى أذى الكفار وتحمل المشاق ﴿ويدرءون بالحسنة السيئة﴾ أي يدفعون بالحسن من الكلام الكلام القبيح الذي يسمعونه من الكفار وقيل يدفعون بالمعروف المنكر عن سعيد بن جبير وقيل يدفعون بالحلم جهل الجاهل عن يحيى بن سلام ومعناه يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم وروي مثل ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) ﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾ مر معناه ﴿وإذا سمعوا اللغو﴾ أي السفه من الناس والقبيح من القول والهزء الذي لا فائدة فيه ﴿أعرضوا عنه﴾ ولم يقابلوه بمثله ﴿وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم﴾ أي لا نسأل نحن عن أعمالكم ولا تسألون عن أعمالنا بل كل منا يجازى على عمله وقيل معناه لنا ديننا ولكم دينكم وقيل لنا حلمنا ولكم سفهكم ﴿سلام عليكم﴾ أي أمان منا لكم أن نقابل لغوكم بمثله وقيل هي كلمة حلم واحتمال بين المؤمنين والكافرين وقيل هي كلمة تحية بين المؤمنين عن الحسن ﴿لا نبتغي الجاهلين﴾ أي لا نطلب مجالستهم ومعاونتهم وإنما نبتغي الحكماء والعلماء وقيل معناه لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه عن مقاتل وقيل لا نبتغي دين الجاهلين ولا نحبه عن الكلبي.