الآيات 31-35

وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ﴿31﴾ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴿32﴾ وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴿33﴾ إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿34﴾ وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿35﴾

القراءة:

قرأ أهل الكوفة غير عاصم ويعقوب لننجينه خفيفة الجيم ساكنة النون والباقون ﴿لننجينه﴾ بالتشديد وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة غير حفص ويعقوب إنا منجوك بالتخفيف والباقون بالتشديد وقرأ ابن عامر منزلون بالتشديد والباقون ﴿منزلون﴾ بالتخفيف.

الحجة:

قال أبو علي حجة ومن قرأ لننجينه وإنا منجوك قوله ﴿فأنجيه الله من النار﴾ وحجة من ثقل قوله ﴿نجينا شعيبا والذين آمنوا﴾ يقال نجا زيد ونجيته وأنجيته مثل فرحته وأفرحته وكذلك قولك نزل إذا عديته قلت نزلته وأنزلته.

المعنى:

ثم بين سبحانه أنه استجاب دعاء لوط وبعث جبرائيل ومعه الملائكة لتعذيب قومه بقوله ﴿ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى﴾ أي يبشرونه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴿قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية﴾ يعنون قرية قوم لوط (عليه السلام) وإنما قالوا هذا لأن قريتهم كانت قريبة من قرية قوم إبراهيم ﴿إن أهلها كانوا ظالمين﴾ أي مشركين مرتكبين للفواحش ﴿قال﴾ إبراهيم ﴿إن فيها لوطا﴾ فكيف تهلكونها ﴿قالوا﴾ في جوابه ﴿نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله﴾ أي لنخلصن لوطا من العذاب بإخراجه منها ولنخلصن أيضا أهله المؤمنين منهم ﴿إلا امرأته﴾ فإنها تبقى في العذاب لا تنجو منه وذلك قوله ﴿كانت من الغابرين﴾ أي من الباقين في العذاب ﴿ولما إن جاءت رسلنا لوطا﴾ أن هذه مزيدة ﴿سيء بهم﴾ معناه سيء لوط بالملائكة أي ساءه مجيئهم لما رآهم في أحسن صورة لما كان يعلمه من خبث فعل قومه عن قتادة وقيل معناه سيء بقومه لما علم من عظيم البلاء النازل بهم ﴿وضاق بهم ذرعا﴾ أي ضاق قلبه وقيل ضاقت حيلته فيما أراد من حفظهم وصيانتهم عن الجبائي فلما رأى الملائكة حزنه وضيق صدره ﴿قالوا لا تخف﴾ علينا وعليك ﴿ولا تحزن﴾ بما نفعله بقومك وقيل لا تخف ولا تحزن علينا فإنا رسل الله لا يقدرون علينا ﴿إنا منجوك وأهلك﴾ من العذاب ﴿إلا امرأتك﴾ الكافرة ﴿كانت من الغابرين﴾ أي الباقين في العذاب ﴿إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا﴾ أي عذابا من السماء ﴿بما كانوا يفسقون﴾ أي يخرجون من طاعة الله إلى معصيته أي جزاء بفسقهم ﴿ولقد تركنا منها آية بينة﴾ أي تركنا من تلك القرية عبرة واضحة ودلالة على قدرتنا قال قتادة هي الحجارة التي أمطرت عليهم وقال ابن عباس هي آثار منازلهم الخربة وقال مجاهد هي الماء الأسود على وجه الأرض ﴿لقوم يعقلون﴾ ذلك ويبصرونه ويتفكرون فيه ويتعظون به فيزجرهم ذلك عن الكفر بالله واتخاذ شريك معه في العبادة.