الآيات 48-52

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿48﴾ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴿49﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ﴿50﴾ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿51﴾ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿52﴾

اللغة:

الوعد خبر بما يعطى من الخير والوعيد خبر بما يعطى من الشر هذا إذا فصل فإن أجمل وقع الوعد على الجميع والنفع هو اللذة والسرور وما أدى إليهما أو إلى واحد منهما والضرر الألم والغم وما أدى إليهما أو إلى واحد منهما والأجل هو الوقت المضروب لوقوع أمر كأجل الدين وأجل الإنسان.

الإعراب:

متى سؤال عن الزمان وأين سؤال عن المكان.

بياتا منصوب على الظرف وقوله ﴿ماذا يستعجل﴾ يجوز أن يكون ما في موضع رفع وذلك إذا كان ذا بمعنى الذي والمعنى ما الذي يستعجل منه المجرمون فيكون ما مبتدأ والذي خبره ويجوز أن يكون في موضع نصب وذلك إذا جعلت ما وذا اسما واحدا والمعنى أي شيء يستعجل منه المجرمون من العذاب أو من الله فيكون مفعول يستعجل وجواب إن أتاكم محذوفا وتقدير الكلام أرأيتم ما ذا يستعجل من العذاب المجرمون إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا أو وقع أن أتاكم في وسط الكلام موقع الاعتراض ومعنى ماذا يستعجل هاهنا الإنكار أي ليس في العذاب شيء يستعجل به وجاء في صيغة الاستفهام لأنه لا جواب لصاحبه يصح له وقوله ﴿ثم﴾ دخلت ألف الاستفهام على ثم التي للعطف لتدل على أن معنى الجملة الثانية بعد الأولى مع أن للألف صدر الكلام والعامل في إذا قوله ﴿آمنتم به﴾ وقوله ﴿آلآن وقد كنتم به تستعجلون﴾ تقديره آلآن به تؤمنون.

المعنى:

لما وعد سبحانه المكذبين بين عقيبه أنهم إذا استعجلوا ذلك على سبيل التكذيب والرد فقال ﴿ويقولون﴾ أي ويقول هؤلاء المشركون ﴿متى هذا الوعد﴾ الذي تعدنا به من البعث وقيام الساعة وقيل من العذاب ﴿إن كنتم صادقين﴾ في ذلك ﴿قل﴾ يا محمد جوابا لهم ﴿لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا﴾ أي لا أقدر لنفسي على ضر أو نفع ﴿إلا ما شاء الله﴾ أن يملكني أو يقدرني عليه فكيف أقدر لكم لأني إذا لم أقدر على ذلك كنت عن إنزال العذاب وعن معرفة وقته أعجز أو يكون معناه إذا لم أملك لنفسي شيئا من ذلك إلا ما ملكنيه الله تعالى فكيف أملك تقديم القيامة وتعجيل العقوبة قبل الوقت المقدر له ﴿لكل أمة أجل﴾ أي لكل أمة في عذابها على تكذيب الرسل وقت معلوم ﴿إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ فلا يتأخرون عن ذلك الوقت ولا يتقدمون عليه بل يهلكهم في ذلك الوقت بعينه ﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء المكذبين المستعجلين بالعذاب ﴿أرأيتم﴾ أي أ علمتم ﴿إن أتاكم عذابه﴾ أي عذاب الله ﴿بياتا﴾ أي ليلا ﴿أو نهارا ما ذا يستعجل منه المجرمون﴾ وهذا استفهام معناه التقطيع والتهويل كما يقول الإنسان لمن هو في أمر يستوخم عاقبته ما ذا تجني على نفسك وهذا جواب لقولهم متى هذا الوعد وقال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) يريد بذلك عذابا ينزل من السماء على فسقة أهل القبلة في آخر الزمان ونعوذ بالله منه ﴿أثم إذا ما وقع آمنتم به﴾ هذا استفهام معناه الإنكار وتقديره أ حين وقع بكم العذاب المقدر الموقت آمنتم به أي بالله في وقت اليأس وقيل بالقرآن وقيل بالعذاب الذي كنتم تنكرونه فيقال لكم آلآن تؤمنون وقد اضطررتم لحلوله ﴿وقد كنتم به﴾ أي بالعذاب ﴿تستعجلون﴾ من قبل مكذبين مستهزئين وقال الحسن معناه ثم إنكم ستؤمنون به عند وقوع العذاب فلا ينفعكم إيمانكم ونظيره آلآن وقد عصيت قبل ﴿ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد﴾ أي ثم يقال يوم القيامة للذين ظلموا أنفسهم ذوقوا عذاب الدوام في الآخرة بعد عذاب الدنيا ﴿هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون﴾ معناه أنكم قد دعيتم وهديتم وبين لكم الأدلة وأزيحت عنكم العلة فأبيتم إلا التمادي في الكفر والانهماك في الغي فذوقوا جزاء أعمالكم وإنما شبهوا بالذائق وهو الذي يطلب الطعم بالفم لأنه أشد إحساسا وقيل لأنهم يتجرعون العذاب بدخوله أجوافهم.