الآيات 41-45

وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ﴿41﴾ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿42﴾ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿43﴾ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ ﴿44﴾ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ ﴿45﴾

الإعراب:

﴿إن ذلك لمن عزم الأمور﴾ جواب القسم الذي دل عليه قوله ﴿ولمن صبر وغفر﴾ كما قال سبحانه ﴿لئن أخرجوا لا يخرجون معهم﴾ وقيل بل هي جملة في موضع خبر المبتدأ الذي هو من صبر وغفر والتقدير إن ذلك منه لمن عزم الأمور وحسن الحذف لطول الكلام وقوله ﴿خاشعين﴾ منصوب على الحال من يعرضون ويعرضون في موضع النصب على الحال من تراهم.

المعنى:

ثم ذكر سبحانه المنتصر فقال ﴿ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل﴾ معناه من انتصر لنفسه وانتصف من ظالمة بعد ظلمه أضاف الظلم إلى المظلوم أي بعد أن ظلم وتعدى عليه فأخذ لنفسه بحقه فالمنتصرون ما عليهم من إثم وعقوبة وذم ومثله في إضافة المصدر إلى المفعول قوله من دعاء الخير ﴿إنما السبيل﴾ أي الإثم والعقاب ﴿على الذين يظلمون الناس﴾ ابتداء ﴿ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم﴾ أي موجع ﴿ولمن صبر﴾ أي تحمل المشقة في رضاء الله ﴿وغفر﴾ فلم ينتصر ف ﴿إن ذلك﴾ الصبر والتجاوز ﴿لمن عزم الأمور﴾ أي من ثابت الأمور التي أمر الله تعالى بها فلم تنسخ وقيل عزم الأمور هو الأخذ بأعلاها في باب نيل الثواب والأجر﴿و من يضلل الله﴾ أي ومن يضلله الله عن رحمته وجنته ﴿فما له من ولي﴾ أي معين ﴿من بعده﴾ أي سواه وقيل من عذبه الله عقوبة له على عناده وجحوده فما له من ولي يلي أمره ويدفع عذاب الله عنه ﴿وترى الظالمين لما رأوا العذاب﴾ أي ترى الظالمين يا محمد إذا شاهدوا عذاب النار ﴿يقولون هل إلى مرد﴾ أي رجوع ورد إلى دار الدنيا ﴿من سبيل﴾ تمنيا منهم لذلك ﴿وتراهم﴾ يا محمد ﴿يعرضون عليها﴾ أي على النار قبل دخولهم النار ﴿خاشعين من الذل﴾ أي ساكنين متواضعين في حال العرض ﴿ينظرون من طرف خفي﴾ أي خفي النظر لما عليهم من الهوان يسارقون النظر إلى النار خوفا منها وذلة في نفوسهم عن الحسن وقتادة وقيل خفي ذليل عن ابن عباس ومجاهد وقيل من عين لا تفتح كلها وإنما نظروا ببعضها إلى النار ﴿وقال الذين آمنوا﴾ لما رأوا عظيم ما نزل بالظالمين ﴿إن الخاسرين﴾ في الحقيقة هم ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ بأن فوتوها الانتفاع بنعيم الجنة ﴿وأهليهم﴾ أي وأولادهم وأزواجهم وأقاربهم لا ينتفعون بهم ﴿يوم القيامة﴾ لما حيل بينهم وبينهم وقيل وأهليهم من الحور العين في الجنة لو آمنوا ﴿ألا إن الظالمين في عذاب مقيم﴾ هذا من قول الله تعالى والمقيم الدائم الذي لا زوال له.