الآيات 31-50

قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿31﴾ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴿32﴾ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ ﴿33﴾ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿34﴾ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿35﴾ قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿36﴾ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴿37﴾ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴿38﴾ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ ﴿39﴾ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴿40﴾ فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴿41﴾ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿42﴾ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ﴿43﴾ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴿44﴾ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴿45﴾ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴿46﴾ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿47﴾ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴿48﴾ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿49﴾ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴿50﴾

المعنى:

﴿قال﴾ فرعون لموسى ﴿فأت به إن كنت من الصادقين﴾ أي هات ما ادعيت من المعجزات إن كنت صادقا ﴿فألقى﴾ حينئذ موسى ﴿عصاه فإذا هي ثعبان﴾ أي حية عظيمة وقيل الثعبان الذكر من الحيات ﴿مبين﴾ ثعبان لا شبهة فيه ﴿ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين﴾ أي وأخرج يده من كمه أو جيبه على ما روي فإذا هي بيضاء بياضا نوريا كالشمس في إشراقها للناظرين إليها ﴿قال﴾ فرعون ﴿للملأ﴾ الأشراف من قومه ﴿حوله إن هذا﴾ يعني موسى ﴿لساحر عليم﴾ بالسحر والحيل ﴿يريد أن يخرجكم من أرضكم﴾ ودياركم ويتغلب عليها ﴿بسحره فما ذا تأمرون﴾ في بابه وإنما شاور قومه في ذلك مع أنه كان يقول لهم أنه إله لأنه يجوز أن يكون ذهب عليه وعلى قومه إن الإله لا يجوز أن يشاور غيره كما ذهب عليهم أن الإله لا يجوز أن يكون جسما محتاجا فاعتقدوا إلهيته مع ظهور حاجته ﴿قالوا أرجه وأخاه﴾ قد مر تفسيره واختلاف القراء فيه في سورة الأعراف ﴿وابعث في المدائن حاشرين﴾ يحشرون الناس من جميع البلدان ﴿يأتوك بكل سحار عليم﴾ وفي الكلام حذف تقديره أنه أنفذ الحاشرين في البلدان فحشروهم ﴿فجمع السحرة لميقات يوم معلوم﴾ أي لوقت يوم بعينه اختاروه وعينوه وهو يوم عيدهم يوم الزينة ﴿وقيل للناس﴾ أي لأهل مصر ﴿هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين﴾ لموسى وأخيه ﴿فلما جاء السحرة﴾ وحضروا بين يدي فرعون ﴿قالوا﴾ له ﴿أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين﴾ أي هل لنا أجرة وجزاء على غلبتنا إياه إن نحن غلبناه ﴿قال﴾ فرعون ﴿نعم﴾ لكم على ذلك الأجر الجزيل ﴿وإنكم﴾ مع ما تعطون من الجزاء والأجر ﴿إذا لمن المقربين﴾ والمقرب المدني من مجلس الكرامة ﴿قال لهم﴾ أي للسحرة ﴿موسى ألقوا ما أنتم ملقون﴾ هذا بصورة الأمر والمراد به التحدي ﴿فألقوا حبالهم وعصيهم﴾ أي طرحوا ما كان معهم من الحبال والعصي ﴿وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون﴾ والعزة القوة التي يمتنع بها من لحاق ضيم لعلو منزلتها وهذا القول قسم منهم وإن كان غير مبرور ﴿فألقى﴾ عند ذلك ﴿موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون﴾ أي أن العصا تتناول جميع ما موهوا به في أوجز مدة من الزمان ﴿فألقي السحرة ساجدين﴾ لما بهرهم ما أظهره موسى (عليه السلام) من قلب العصا حية وتلقفها جميع ما أتعبوا به نفوسهم فيه وعلموا إن ذلك من عند الله إذ أحد من البشر لا يقدر عليه ﴿قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون﴾ فعند ذلك ﴿قال﴾ فرعون مهددا لهم ﴿آمنتم﴾ أي صدقتم له فيما يدعو إليه ﴿قبل أن آذن لكم﴾ أي أنا في تصديقه ﴿أنه لكبيركم﴾ أي أستاذكم وعالمكم ﴿الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون﴾ فيما بعد ما أفعله بكم عقوبة لكم على تصديقكم إياه ثم فسر ذلك بقوله ﴿لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف﴾ يعني قطع اليد من جانب والرجل من الجانب الآخر كقطع اليد اليمني والرجل اليسرى ﴿ولأصلبنكم أجمعين﴾ مع ذلك على الجذوع ولا أترك أحدا منكم لا تناله عقوبتي ﴿قالوا﴾ في جوابه عن ذلك ﴿لا ضير﴾ أي لا ضرر علينا فيما تفعله يقال ضاره يضيره ضيرا وضره يضره ضررا ﴿إنا إلى ربنا منقلبون﴾ أي إلى ثواب ربنا راجعون فيجازينا على إيماننا وصبرنا بالنعيم الدائم الذي لا ينقضي ولا يضرنا قطعك وصلبك فإنه ألم ساعة عن قريب ينقضي قال الحسن لم يصل فرعون إلى قتل واحد منهم ولا قطعه وقيل إن أول من قطع الأيدي والأرجل فرعون.